اخبار اسلامية
أخر الأخبار

مكتب المرجعية في النجف الأشرف يصدر العدد 242 من نشرة الصادقين

أعلن المكتب الإعلامي لسماحة المرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي دام ظله في النجف الأشرف، اليوم السبت، العدد المائتان والاثنان والأربعون من نشرة الصادقين.

وفيما يلي مضمون الصفحة الأولى {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا* إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا}، وتلقت “النعيم نيوز” نسخة منها”:

سُنّةٌ من السُنّن الإلهية الثابتة والقوانين الجارية في عباده، فيها وعدٌ صادقٌ من الله تبارك وتعالى مؤكّد بـ(إنّ)، وهو يتضمن بشرى لعباده بأن ما يتعرض له الإنسان من ابتلاءات ومِحن يصعب عليه تحملّها والاستمرار بها فأن أمرها سيتيسّر ويهون ويتبدّل العسر إلى يُسر، وقد ذكر الله تعالى هذ القانون الإلهي في آيةِ أخرى قال تعالى: {سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا} [الطلاق: 7]، ويتضمن معنى اليُسر لغةً: السهولة والتوسعة والمساعدة والرخاء والرفاه، ويقابله العُسر متضمناً المشقة والضيق والصعوبة والشدة.

       وقد أكدت آيةٌ أخرى أن الله تعالى لا يريدُ لعباده إلا اليُسر قال تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185]، فلا عسر من قبل الله تعالى، وأن العُسر حالة طارئة غير متجذرة ناتجة من فعل العباد، قال تعالى: {وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى* وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى* فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} [الليل: 8-10]، أي أنه بفعله واختياره توجّه نحو العسر.

       وقد تقدّمت على الآية عدّة مصاديق لليسر بعد العسر من حياة النبي (صلى الله عليه وآله) قال تعالى:{أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ * وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ * الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ * وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} [الانشراح: 1 – 4] وفي سورة الضحى {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى * وَوَجَدَكَ ضَالّاً فَهَدَى * وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى} [الضحى: 6 – 8] فقد ولِد النبي (صلى الله عليه وآله) يتيم الأب ثم تُوفيت أمه وهو رضيع فكفله جدّه عبد المطلب ولمّا تُوفي كفله عمه أبو طالب وكانت قريش تُسميه يتيم أبي طالب، فعاش اليُتم والفقر في مجتمع جاهلي غارق في الموبِقات والرذائل كالشِرك بالله تعالى وعبادة الأصنام والزِنا وشُرب الخمر وقَتل البنات وظلم الضعيف واستعباد الناس وغيرها فكان قلبه يتألم لهذا الواقع الفاسد ويضيق صدره وهو النقي الطاهر فكان يصعب عليه ما يراه من قومه، فمنّ الله تعالى عليه أن شَرَحَ صدره بالإيمان وعَصَمه من الذنوب وزوّجه بسيدةٍ طاهرةٍ كريمةٍ وأغناه وحماه من كيدِ الأعداء إلى أن بعثه بالنبوّة وحمّله أعظم الرسالات فكان سيدَ المرسلين وأفضلَ الخلقِ أجمعين، فيكون بيان هذه النِعم تمهيداً لذكرِ هذه السُنّة الإلهية {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} وتأكيداً لها، وارتباطها بالفاء يجعلها كالتعليل لسبوغ تلك النِعم.

       وقد نزلت سورة الانشراح في مكة والنبي (صلى الله عليه وآله) والمسلمون يُعانون من ظُلم قريش واضطهادهم وحصارهم وتجويعهم وتعذيبهم بأقسى العقوبات فكان من أغراضها تسلية النبي (صلى الله عليه وآله) وتخفيف معاناته وهو يحمل أعباء أثقل مسؤولية {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً} [المزمل: 5] ويتعرض لأبشع أنواع الأذى (ما أوذي نبي بمثل ما أوذيت)[2] وهكذا حملت السور القرآنية صوراً من العُسر والمشقة والشدة التي تعرّض لها الأنبياء السابقون كنوح وإبراهيم ويوسف وموسى وعيسى (صلوات الله عليهم أجمعين) ثم أتاهم الفرج والنصر واليسر وفي ذلك تسليه لرسول الله (صلى الله عليه وآله) حيث وصلت بعض معاناة الرسل إلى حد اليأس وفقدان الأمل {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ} [يوسف: 110].

       وتحمل الآية الكريمة أيضاً بشارةً للمسلمين وتثبيتاً لقلوبهم بأن هذا العُسر الذي تئنون من وطأته سيبدّله الله تعالى يُسراً ويزول عنكم هذا العَنَت والمشقة وهو ما حصل بالهجرة إلى المدينة المنورة.

       والدرس المستفاد من الآية الكريمة: أن على المؤمنين أن لا يضعفوا أو ييأسوا أو يشعروا بالإحباط، وأن يكون شعارهم دائماً قوله تعالى: {وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ} [يوسف: 87] وقوله تعالى: {لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} [الزمر: 53]، فالأمل بانفراج الأزمات وزوال المعاناة موجود دائماً {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا* إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} وإن نفس هذا الأمل هو يُسر كاشف للعُسر، قال أمير المؤمنين (عليه السلام) :(توقّع الفرج إحدى الراحتين)[3].

 وعليهم أن يشكروا الله تعالى على حسن صنيعه بهم إذ أبدل خوفهم أمناً وفقرهم يساراً وضيقهم انشراحاً وضلالهم إيماناً وجهلهم علماً وبعدهم قرباً وتفرّقهم وحدة، وهكذا.. ولا أريد الإطالة في ذكر المصاديق من حياة كل فردٍ منا وهو ما اختصره دعاء الافتتاح (فكم يا إلهي من كربةٍ قد فرّجتها وهمومٍ قد كشفتها وعثرة قد أقلتها ورحمةٍ قد نشرتها وحلقةِ بلاءٍ قد فككتها) وفي موضع آخر منه (فكم من موهبة هنيئة قد أعطاني وعظيمة مَخوفةٍ قد كفاني وبهجةٍ مونقةٍ قد أراني فأثني عليه حامداً وأذكره مسبِّحاً)[4].

       وقد كرّر الله تعالى اليُسر بعد العُسر مرتين تأكيداً، فالعُسر واحد لأنه مُعرَّف واليُسر متعدد ومطلق أي أنه مفتوح بجميع الاتجاهات، وفي ذلك أمل كبير بالله تعالى لا نفاد له، وواسع لا حدود له لكل من يمرّ بضيقِ أو شدةِ او مُعاناةِ ماديةِ أو معنويةِ، روى في مجمع البيان خرج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يوماً مسروراً فرحاً، وهو يضحك، ويقول: (لن يغلب عسرٌ يُسرين): (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا*إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا)[5].

       وعنه (صلى الله عليه وآله): (لو جاء العُسر فدخل هذا الجحر، لجاء اليُسر فدخل عليه فأخرجه)[6].

ومن شعر الموعظة:

إذا ضاقت بك الدنيا
تفكَّر في ألم نشرح
تجد يسرين بعد العُسِر
إن فكرتّه تنجـح

       وقد ذكرت الآية {مَعَ الْعُسْرِ} وليس بعد العُسر، وإن كانت دالة على ذلك كما فُهِمَ منها، ولعل النكتة فيها أن حالة العُسر تَستبطن معها حالة اليُسر وتكون سبباً لها لما تتضمنه من الانكسار وتقطّع الأسباب والحاجةِ إلى الله تعالى وهي من موجبات استجابة الدعاء ورفع البلاء {وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا} [يونس: 12] حيث ينقطع العبد إلى ربِّه {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ} [النمل: 62].

 وقد علمّنا اللهُ تعالى طريقَ استجلاب اليُسر قال تعالى {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى* وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى*فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى} [الليل: 5-7] وعلّمنا وسيلة دفع العُسر والشدّة والضيق، قال تعالى: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ* فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ} [الحجر : 97-98]، وقال تعالى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ} [البقرة: 45] ولم يُذكر مورد الاستعانة على ماذا لتكون مطلقةً سواء لطلبِ الرزقِ أو العافية أو الولد أو التوفيق أو حلِّ مشكلةٍ معينةٍ أو إصلاح حال خاص أو عام أو خروج من مأزقٍ وغير ذلك.

وقد دلّت الروايات الشريفة على أن العُسر والضيق كلما يشتد فإنه يكون أقرب لليُسر والفرج قال أمير المؤمنين (عليه السلام): (أضيق ما يكون الحرج أقرب ما يكون الفرج)[7] وقال (عليه السلام): (عند تناهي الشدة تكون الفُرجة وعند تضايق حَلَق البلاء يكون الرخاء)[8] وقال (عليه السلام): (ما أشتدَّ ضيق إلا قرّب الله فرجه)[9]

       روي أن امرأة جاءت إلى الإمام الصادق (عليه السلام) تشكو له سجن ولدها فأمرها بالصبر والدعاء ولما لم يُطلق ولدها رجعت إلى الإمام بنفس الطلب وهكذا عدة مرات إلى أن قالت له: ليس لدي طاقة على الصبر فلقد ضِقت بما نزل بي فقال لها الإمام (عليه السلام): ارجعي إلى الدار ستجدين ولدك، وهكذا كان، فسألته عن كيفية معرفته فقال (عليه السلام): لأن الفرج يجيء عند الشدة.

       وأذكرُ لكم شاهداً على العُسر بعد اليُسر من سيرة النبي (صلى الله عليه وآله):

       وقّع النبي (صلى الله عليه وآله) صلح الحديبية مع المشركين وكان من بنوده أن من يأتي للنبي (صلى الله عليه وآله) مسلماً على النبي (صلى الله عليه وآله) أن يرجعه إلى قومه أما من يترك النبي (صلى الله عليه وآله) من المسلمين ويعود إلى المشركين فلا يرجعوه إلى المدينة، وسبّب هذا الشرط تشكيكاً لدى بعض المسلمين[10] بصواب ما فعله رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ففرَّ أحد المسلمين المستضعفين من حبسه في مكة يدعى أبو بصير عتبة بن أسيد وقصد النبي (صلى الله عليه وآله) فلما وصل المدينة كتب رؤساء المشركين إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) يطالبونه به وبعثوا لجلبه رَجُلاً مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ، وَمَعَهُ مَوْلىً لَهُمْ، فَقَدِمَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَ (آله) وسَلَّمَ بِكِتَابِ الأَزْهَرِ وَالأَخْنَسِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَ(آله) وسَلَّمَ: يَا أَبَا بِصَيْرِ إنَّا قَدْ أَعْطَيْنَا هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ مَا قَدْ عَلِمْتَ، وَلَا يَصْلُحُ لَنَا فِي دِينِنَا الْغَدْرُ، وَإِنَّ اللَّهَ جَاعِلٌ لَكَ وَلِمَنْ مَعَكَ مِنْ الْمُسْتَضْعَفِينَ فَرْجاً وَمَخْرَجاً، فَانْطَلِقْ إلَى قَوْمِكَ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتَرُدُّنِي إلَى الْمُشْرِكِينَ يَفْتِنُونَنِي فِي دِينِي؟ قَالَ: يَا أَبَا بِصَيْرِ، انْطَلِقْ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَيَجْعَلُ لَكَ وَلِمَنْ مَعَكَ مِنْ الْمُسْتَضْعَفِينَ فَرْجاً وَمَخْرَجاً.

       فَانْطَلَقَ مَعَهُمَا، حَتَّى إذَا كَانَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ، جَلَسَ إلَى جِدَارٍ، وَجَلَسَ مَعَهُ صَاحِبَاهُ، فَقَالَ أَبُو بَصِيرٍ: أَصَارِمٌ سَيْفُكَ هَذَا يَا أَخَا بَنِي عَامِرٍ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، قَالَ: أَنَظَرَ إلَيْهِ؟ قَالَ: اُنْظُرْ، إنْ شِئْتُ. قَالَ: فَاسْتَلَّهُ أَبُو بَصِيرٍ، ثُمَّ عَلَاهُ بِهِ حَتَّى قَتَلَهُ، وَخَرَجَ الْمَوْلَى سَرِيعاً حَتَّى أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَ (آله) وسَلَّمَ وَهُوَ جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ، فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَ(آله) وسَلَّمَ طَالِعاً، قَالَ: إنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ رَأَى فَزعاً، فَلَمَّا انْتَهَى إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَ (آله) وسَلَّمَ، قَالَ: وَيحك! مَالك؟ قَالَ: قَتَلَ صَاحبكُم صَاحِبي. فو الله مَا بَرِحَ حَتَّى طَلَعَ أَبُو بَصِيرٍ مُتَوَشِّحاً بِالسَّيْفِ، حَتَّى وَقَفَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَ (آله) وسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَفَتْ ذِمَّتُكَ، وَأَدَّى اللَّهُ عَنْكَ، أَسْلَمْتنِي بِيَدِ الْقَوْمِ وَقَدْ امْتَنَعْتُ بِدِينِي أَنْ أُفْتَنَ فِيهِ، أَوْ يُعْبَثَ بِي. قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَ (آله) وسَلَّمَ: وَيْلُ أُمِّهِ مِحَشَّ[11] حَرْبٍ لَوْ كَانَ مَعَه رجال!.

       ثُمَّ خَرَجَ أَبُو بَصِيرٍ حَتَّى نَزَلَ الْعِيصَ، مِنْ نَاحِيَةِ ذِي الْمَرْوَةِ، عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ، بِطَرِيقِ قُرَيْشٍ الَّتِي كَانُوا يَأْخُذُونَ عَلَيْهَا إلَى الشَّامِ، وَبَلَغَ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ كَانُوا اُحْتُبِسُوا بِمَكَّةَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي بِصَيْرِ: (وَيْلُ أُمِّهِ مِحَشَّ حَرْبٍ لَوْ كَانَ مَعَهُ رِجَالٌ)!، فَخَرَجُوا إلَى أَبِي بِصَيْرِ بِالْعِيصِ، فَاجْتَمَعَ إلَيْهِ مِنْهُمْ قَرِيبٌ مِنْ سَبْعِينَ رَجُلاً، وَكَانُوا قَدْ ضَيَّقُوا عَلَى قُرَيْشٍ، لَا يَظْفَرُونَ بِأَحَدِ مِنْهُمْ إلَّا قَتَلُوهُ، وَلَا تَمُرُّ بِهِمْ عِيرٌ إلَّا اقْتَطَعُوهَا، حَتَّى كَتَبَتْ قُرَيْشٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَ (آله) وسَلَّمَ تَسْأَلُ بِأَرْحَامِهَا إلَّا آوَاهُمْ، فَلَا حَاجَةَ لَهُمْ بِهِمْ، فَآوَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَ (آله) وسَلَّمَ، فَقَدِمُوا عَلَيْهِ الْمَدِينَةَ[12].

       حكي أن ملكاً أصبح ذات يوم كئيباً حزيناً ضيّقَ الصدرِ فأستدعى ندماءه ليؤنسوه ويزيلوا غمّه فقدّموا كل ما لديهم من أحاديث طريفة وحركات مثيرة فلم يفلحوا وأخيراً نصحوه بأن يقوم بسفرةٍ في البحر عسى أن تنجلي همومه برؤية المناظر المدهشة، وهناك في عرض البحر سمع صوت شخص ينادي (يا غياث المستغيثين أغثني) فطلب من رجاله النزول إلى البحر بسرعة ومعرفة مصدر الصوت فوجدوا رجلاً مشرفاً على الهلاك ينازع أمواج البحر المتلاطمة فأنقذوه وجاؤوا به إلى ظهر السفينة وبعد معالجته واستقرار حالته سأله الملك عن حاله فقال: إنهم كانوا في سفينة فتعرضت لحادث وغرقت وجميع الركاب فبقي يصارع الأموات وفقد كل أمل إلا بالله تعالى فأخذ يكرّر نداء الاستغاثة، فعرف الملك سرَّ ما جرى له وكيف دفعه الله تعالى بهذه الطريقة لإنقاذ الغريق.

       ولا بد من الالتفات إلى أن العُسر قد يكون مادياً كالفقر والمرض والسجن والغربة والحرمان من الأهل والولد وقد يكون معنوياً كضيقِ الصدرِ والقلق والاكتئاب والوسوسة والحرمان من الهداية والتوفيق والتورط بالذنوب وفي مقابلها يكون اليُسر، كما أن اليُسر الموعود قد لا يكون من جنس العُسر كأن يعطي مالاً للفقير أو صحةً للمريض بل يعطيه شيئاً آخر كالهدايةِ والتوفيق وغفران الذنوب والصبر على المصيبة وربما الشكر وراحة البال وقرّة العين في الأهل والولد والعلم والبصيرة وتأسّي الآخرين وتأثرّهم به، مضافاً إلى كل ذلك الفوز بالجنة والنجاة من النار وحسن الجزاء في الآخرة، ولعل في تكرار اليُسر مع العُسر في الآية للإشارة إلى أنه قد يكون من جنسه وقد يكون من غيره أو هما معاً.

نسأل الله تعالى ان ييسّرنا للحسنى والصلاح والسعادة والرضا في الدنيا والآخرة.

اما في الصفحة الثانية {وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ} -وفيما يلي مضمونها، وتلقت “النعيم نيوز” نسخة منها”:

ليس لله تعالى مع أحد قرابة

قال لله تبارك وتعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ} [المائدة: 18].

تعالج الآية الكريمة ظاهرة جاهلية تسقط فيها المجتمعات عندما تكبر أنانيتها ولا تستشعر العبودية لله تعالى، وهي الشعور بالاستعلاء والتميّز عن بقية الناس لا لكمالٍ حازوه أو فضيلة اتصفوا بها، وإنما لمجرد انتمائهم إلى عقيدة معينة أو جنس بشري أو اتجاه فكري أو عشيرة أو مدينة معينة ونحو ذلك من أشكال التعصب للانتماء بحيث تشعر الجماعة أنهم شعب الله المختار، وأنهم الجنس البشري الأرقى والأفضل لمجرد هذا الانتماء من دون عمل صالح يستحقون به التقدم على الآخرين.

 ولكي تميّز مثل هذه الجماعة نفسها فإنها تشرِّع لنفسها أحكاماً خاصة بها، كما كانت قريش تسمي نفسها بالحُمُس في الجاهلية فلا تزّوِج نساءها إلى غيرهم لكنهم يتزوجون من الآخرين وغير ذلك، وجرت على ذلك بعض القبائل إلى اليوم.

ولقد فضح القرآن الكريم العقائد المنحرفة لليهود والنصارى التي كانوا يروّجونها ليقنعوا الآخرين بتفوقهم عليهم وأن لهم الكلمة العليا، وعلى الآخرين أن يتّبعوهم، وهم يعلمون قبل غيرهم بطلان هذه الاعتقادات، لكنهم يراهنون على تجهيل الناس للوصول إلى هدفهم وهو تحصيل المزيد من المكاسب الدنيوية والاستئثار بخيرات الناس وإخضاعهم لأهوائهم، وقد تصطدم مصالحهما فيزيّف كل منهما عقيدة الآخر {وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ} [البقرة: 113].

فتنقل الآية الكريمة عن اليهود والنصارى أنهم لم يكتفوا بجعل العزير والمسيح ابنين لله سبحانه وتعالى عما يصفون {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ} [التوبة: 30] وإنما وصفوا أنفسهم أيضاً بأنهم أبناء الله وأحباؤُه، سواء على النحو الذي قالوه في أنبيائهم، أو على نحو الكناية للتعبير عن شرفهم ومنزلتهم الرفيعة وقربهم من الله تعالى، وهو الظاهر، ويكون حينئذٍ قوله تعالى: {وَأَحِبَّاؤُهُ} عطفاً تفسيرياً، وبذلك فإن لهم خصوصية لا يشاركهم فيها أحد كالحصانة من القانون وعدم المحاسبة على أفعالهم مطلقاً لأنهم أبناءٌ مدلّلون محبوبون، فلا يعاملون كسائر الناس، وذكرت كتبهم المقدسة ذلك في مواضع عديدة[2].

وقد أكدت الروايات تبنّيهم هذه الدعوة، فقد روى السيوطي بسنده عن ابن عباس قال: (أتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ابن أبيّ، وبحري بن عمرو وشاس بن عدي، فكلمهم وكلموه ودعاهم إلى الله وحذرهم نقمته، فقالوا: ما تخوّفنا يا محمد، نحن والله أبناء الله وأحباؤه كقول النصارى، فأنزل الله فيهم {وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى ..} إلى آخر الآية[3].

وفي هذا منتهى الغطرسة والاستعلاء لأن معنى ذلك أنهم أفضل من أنبيائهم الذين حينما نسبوهم إلى الله تعالى كانوا معصومين من الخطأ والخطيئة ومع ذلك تحملوا البلاءات الشديدة، أما هؤلاء فوصفوا أنفسهم بالبنوّة وهم غارقون في المعاصي واتباع الشهوات وملوثون بأنواع الموبقات والجرائم كقتل الأنبياء وتحريف الكتاب السماوي والتمرد على أنبيائهم، فهم أكرم على الله تعالى من أنبيائهم كما في الرواية الآتية عن الإمام الرضا (عليه السلام) مع أخيه زيد، فهم إذن يريدون بهذه الدعوى خداع أنفسهم بأنهم لا يُحاسَبون ولا يعذَّبون لأنهم فوق القانون وأن لهم الجنة خالصة دون غيرهم {وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى} [البقرة: 111] وإذا أراد الله أن يعذب أحداً منهم فلزمن بسيط {وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 80]، وهكذا ادعى النصارى أن المسيح افتداهم من العذاب بالصلب فلا يعاقبون على ذنوبهم.

فردَّ الله تعالى دعواهم بجوابين: نقضي وحلّي بحسب المصطلح.

أما النقضي فقوله تعالى: {قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ} [المائدة: 18] إن كنتم أبناء الله وأحباءه فالمفروض أن لكم عند الله تعالى كرامة وخصوصية تقيكم العذاب، وقد عذّب الله تعالى في الدنيا اسلافهم ولعنهم وضرب عليهم الذلة والمسكنة وسلّط عليهم عباده وجعل منهم القردة والخنازير كما تفيد الآيات الكريمة، وكذلك هم، وأقسى أنواع العذاب هو خذلانهم وحرمانهم من التوفيق حتى ارتكبوا الذنوب الكبيرة، فتكون الباء بيانية وليست سببية، فلا ميزة لكم على الناس وإنكم تحاسبون كبقية الناس {بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ} [المائدة : 18] وفي آية أخرى {قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [الجمعة: 6] وقال تعالى في غيرها: {قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [البقرة: 94] فمقتضى دعواكم أن لكم النعيم المقيم في الآخرة فلماذا أنتم حريصون على الدنيا وتخافون الموت؟.

والجواب الحلّي ببيان أن الله ليس له قرابة مع أحد ولا يجامل أحداً وأن مقياس التكريم هو تقوى الإنسان وعمله الصالح {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13] وقال تعالى: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ} [آل عمران: 31]، فمن أراد التوفيق ليكون حبيباً عند الله تعالى فلْيُطع الرسول وليلتزم بما جاء به ليكون حبيب الله حقاً و ليحظى بالكرامة لديه، ويقيه عذاب النار، روى السيوطي بسنده عن أنس قال: (مرَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم في نفر من أصحابه وصبيّ في الطريق، فلما رأت أمّه القوم خشيت على ولدها أن يوطأ، فأقبلت تسعى وتقول: ابني ابني.. فأخذته، فقال القوم: يا رسول الله، ما كانت هذه لتلقي ابنها في النار! فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ولا الله يلقي حبيبه في النار)[4].

وإنما يجازى كل إنسان بعمله خيراً كان أو شراً {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ* وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: 7- 8] ويخبرهم في آية أخرى بأنّ ما تدّعونه هو مجرد أماني مستحيلة التحقق {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا} [النساء: 123].

وتنتهي الآية الكريمة بقوله تعالى: {وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ} فالله تعالى مالك كل شيء وهو المهيمن على كل شيء، فمِن الحماقة والجهل أن يطلقوا هذه الدعاوى وكأنهم يفرضون على الله تعالى ما يجب فعله، ويريدون تحديد تصرفات الله تبارك وتعالى.

 وحينما تكشف الآيات الكريمة هذه الدعاوى وترد عليها بقوة البرهان فإن الهدف لا يقتصر على فضح هؤلاء المدّعين المتاجرين بالدين من أجل الدنيا، وإنما تهدف أيضاً إلى تحذير المسلمين من الوقوع في مثل هذه الاعتقادات الجاهلية، فقيدت قوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: 110] بسبب التفضيل وهو {تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [آل عمران: 110]، ولمجرد أنكم مسلمون بالاسم والكلام من دون أفعال.

وقد حرص الأئمة المعصومون (عليهم السلام) على تحذير شيعتهم من الاغترار بما ورد في فضل الموالين لأهل البيت (عليهم السلام) ومنزلتهم عند الله تعالى كالذي ورد في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ} [البينة: 7] بأنهم علي وشيعته[5] وهكذا في غيرها من الآيات الكريمة، فمن وصية الإمام الباقر (عليه السلام) لجابر: (يا جابر، أيكتفي مَن ينتحل التشيّع أن يقول بحبّنا أهل البيت، فوالله ما شيعتنا إلا من اتقى الله وأطاعه) إلى أن قال (عليه السلام): (يا جابر، لا تذهبَنَّ بك المذاهب، حسِب الرجل أن يقول: أُحبُّ علياً وأتولاه ثم لا يكون مع ذلك فعّالاً؟ فلو قال: إني أحبُّ رسول الله -فرسول الله (صلى الله عليه وآله) خيرٌ من علي (عليه السلام) – ثم لا يتّبع سيرته ولا يعمل بسنته: ما نفعه حبّه إياه شيئاً، فاتقوا الله واعملوا لما عند الله، ليس بين الله وبين أحدٍ قرابة، أحبُّ العباد إلى الله عز وجل وأكرمهم عليه أتقاهم وأعمَلهم بطاعته، يا جابر فوالله ما يتقرب إلى الله تبارك وتعالى إلا بالطاعة وما معنا براءة من النار ولا على الله لأحد من حجة، مَن كان لله مطيعاً فهو لنا ولي ومن كان لله عاصياً فهو لنا عدو، وما تُنال ولايتنا إلا بالعمل والورع)[6].

وروى الشيخ الكليني (رضوان الله تعالى عليه) بسنده عن الإمام الباقر (عليه السلام) أيضاً: (والله ما معنا من الله براءة ولا بيننا وبين الله قرابة ولا لنا على الله حجة ولا نتقرب إلى الله إلا بالطاعة، فمَن كان منكم مطيعاً لله تنفعه ولايتنا، ومن كان منكم عاصياً لله لم تنفعه ولايتنا، ويحكم لا تغتروا، ويحكم لا تغتروا)[7].

فالمقياس هو العمل ولا بد من تقييد الإطلاقات الدالّة على فضل الشيعة أو مَن زار الإمام الحسين (عليه السلام) أو مَن بكى عليه ونحو ذلك بهذا القيد، وهو صريح قوله تعالى: {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ} [الأنبياء: 28].

أشفق طاووس اليماني –وهو من كبار فقهاء التابعين- لمّا رأى كثرة عبادة الإمام السجاد (عليه السلام) وبكائه وتشديده على نفسه فقال له مخففاً: (ما هذا الجزع والفزع؟ ونحن يلزمنا أن نفعل مثل هذا ونحن عاصون جانون، أبوك الحسين بن علي وأمك فاطمة الزهراء، وجدّك رسول الله صلى الله عليه وآله!؟ قال: فالتفت إليَّ وقال: هيهات هيهات يا طاووس دعْ عني حديث أبي وأمي وجدي، خلق الله الجنة لمن أطاعه وأحسن، ولو كان عبداً حبشياً[8]، وخلق النار لمن عصاه ولو كان ولداً قرشياً، أما سمعت قوله تعالى {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءلُونَ} والله لا ينفعك غداً إلا تقدمة تقدّمها من عمل صالح)[9].

وكان الأئمة (عليهم السلام) أكثر تشديداً على من انتسب إليهم لأن ضررهم على الدين أخطر إن أساؤوا، روى الشيخ الصدوق في كتابه العيون بسنده عن الوشاء قال: (كنتُ بخراسان مع علي بن موسى الرضا عليه السلام في مجلسه وزيد بن موسى[10] حاضر قد أقبل على جماعة في المجلس يفتخر عليهم ويقول: نحن ونحن، وأبو الحسن عليه السلام مُقبل على قومٍ يحدّثهم، فسمع مقالة زيد فالتفت إليه فقال: يا زيد أغرّك قول ناقلي[11] الكوفة: أن فاطمة عليها السلام أحصنت فرجها فحرّم الله ذريتها على النار؟ فوالله ما ذاك إلا للحسن والحسين وولد بطنها خاصة، فأما أن يكون موسى بن جعفر عليهما السلام يطيع الله ويصوم نهاره ويقوم ليله وتعصيه أنت ثم تجيئان يوم القيامة سواء؟ لأنت أعز على الله عز وجل منه، إّن علي بن الحسين عليه السلام كان يقول: لِمُحسننا كِفلان من الأجر ولِمُسيئنا ضِعفان من العذاب)[12].

فيما تضمنت الصفحة الثالثة تتمة للصفحة الثانية في النشرة المكتبية.

أما الصفحة الرابعة فاحتوت على استفتاء كيفية أداء الحائض للحج والعمرة، وفيما يلي مضمونها، وتلقت “النعيم نيوز” نسخة منها”:

استفتاء: كيفية أداء الحائض للحج والعمرة

سماحة المرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي (دام ظله)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

س/ إذا علمت الحائض وهي في الميقات أن حيضها يستمر الى حين انتهاء فترة السفر مع عدم انتظار الرفقة الى ما بعد طهرها واغتسالها فهل يجوز لها الإحرام؟ وعلى فرض جوازه هل يجوز لها الاستنابة للطواف وصلاته؟ وهل يجري نفس الحكم إذا علمت بذلك وهي في بلدها؟

بسمه تعالى

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

قلنا في رسالة مناسك الحج أنه ينبغي للمرأة أن تراجع الطبيبة وتستشيرها في تناول العلاج الذي يقطع عنها الدورة الشهرية لكيلا تنغص عليها أداء مناسكها فإن أحكام الحائض في الحج أو العمرة ليست يسيرة وقد لا تؤديها كما يجب.

ونجيب على الأسئلة بنقاط:

1-    إذا علمت المرأة قبل سفرها بأن حالة الحيض ستستوعب كل الوقت المقرر لأداء المناسك وأن العلاج لا ينفع في إيقافها فعليها عدم السفر لأداء العمرة المفردة لإمكان أدائها في وقت آخر مع القدرة على الإتيان بما يجب عليها، أما الحج فقد لا تستطيع تركه لعدم التمكن من الاتيان به في وقت آخر لان الشخص يدخل القرعة مرة واحدة بحسب القوانين المتبعة.

2-    وإذا علمت بذلك في الميقات جاز لها الإحرام لعدم إمكان التخلّف في المدينة وعودة القافلة للرجوع معهم، واحتمال جواز دخولها إلى مكة من غير إحرام إذا علمت بتعذر أداء المناسك بنفسها طيلة الفترة المقررة لا يمكن المصير إليه لإمكان الاستنابة فيقدّم الأهم وهو وجوب دخول مكة محرماً.

3-    فإن كانت في عمرة مفردة انتظرت النقاء مع الاستمرار بأخذ العلاج المناسب لتحقيقه إن لم يكن فيه ضرر معتد به عليها فاذا لم تطهر حتى تضيق وقت السفر فتستنيب للطواف والصلاة أما السعي فتؤديه بنفسها إن أمكن الوصول إلى المسعى من غير طريق المسجد الحرام على المُحدِث بالأكبر.

4-    وإن كانت في حجٍّ احرمت لحج التمتع رجاءً لعلها تطهر بالاستمرار بأخذ العلاج في وقت يسع أداء عمرة التمتع، فاذا تضيق وقت الخروج الى عرفة ولم تطهر عدلت بالنية الى حج الافراد وتبقى كل هذه المدة على إحرامها ولا تدخل المسجد الحرام إلى حين خروجها إلى عرفة والمشعر الحرام وتؤدي أعمال منى فكلها غير مشروطة بالطهارة ثم إن نقت من الدم بلطف الله تعالى ورحمته أدت طواف الحج وصلاته وبقية ما يجب عليها ثم أدت العمرة المفردة، وإن لم تطهر أستنابت.

محمد اليعقوبي

لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا على تلغرامالنعيم نيوز

لمتابعتنا على فيسبوك يرجى الضغط على الرابط التاليالنعيم نيوز

كما يمكنك الاشتراك على قناتنا على منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا علىقناة النعيم الفضائية

كما يمكنك أيضا الاشتراك بقناتنا على الانستغرامالنعيم نيوز

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى