الواجهة الرئيسيةمحلي
أخر الأخبار

‘ما بين الأسباب والمعالجات‘.. عودة رائحة الكبريت إلى أجواء بغداد

بغداد_النعيم نيوز

خلال الأيام القليلة الماضية، هيمنت على أجواء العاصمة بغداد وضواحيها رائحة كبريت كريهة، وهي ليست المرة الأولى فهي غالباً ما تنتشر بشكل متكرر، وإلى جانب رائحة الكبريت غطى دخان كثيف خانق مناطق شمال بغداد وصولاً إلى شرقها وبعض المناطق المحيطة، مما أثار قلق المواطنين حول أسباب ومصدر الدخان، مطالبين بوضع حلول لهذه الظاهرة.

 

ما الأسباب؟.. وما علاقة محطات توليد الكهرباء؟

 

بالحديث عن أسباب انتشار رائحة الكبريت في سماء العاصمة بغداد، فقد عزى المتنبئ الجوي، صادق عطية، ذلك إلى عدة أسباب رئيسية، خصوصاً مع تحول الرياح نحو الاتجاه الجنوبي الشرقي وسكونها.

واعتبر عطية، بأن تواجد معامل الطابوق في جنوب وشرق بغداد، بالإضافة إلى تلك المنتشرة في مناطق عشوائية في مدن الفرات الأوسط والجنوب، يُسهم بشكل كبير في انبعاث هذه الروائح، حيث تستخدم هذه المعامل وسائل بدائية ضارة للبيئة في صناعاتها، كما أن حرق النفايات بصورة عشوائية يعد من العوامل الأخرى التي تسهم في انتشار الروائح الكريهة.

وبيّن، أن تواجد مصفى الدورة جنوب بغداد أيضاً، يُعتبر عاملاً مؤثراً في هذه الظاهرة.

فيما أرجعت وزارة البيئة، ظاهرة انتشار رائحة مشابهة لرائحة الكبريت وارتفاع في مستويات بعض الملوثات، خلال فترات الليل والفجر، بأنها قد تكون ناتجة عن تغيرات في جودة الهواء المحيط، بسبب الاحتراق غير التام للوقود عالي المحتوى الكبريتي، لعدد من الأنشطة وحرق النفايات في المطامر غير النظامية.

وعن سبب ازدياد هذه الحالة، صرح المتحدث الرسمي باسم الوزارة، لؤي المختار، للوكالة الرسمية، بأن هذه الحالة زادت مع بدء انخفاض درجات الحرارة، وزيادة التفاوت بين درجات الحرارة في الليل والنهار، حيث تندفع غازات الاحتراق إلى الأسفل، بدلاً من ارتفاعها إلى الأعلى وتخفيفها.

من جانبه، فقد اعتبر مرصد “العراق الأخضر” المتخصص بشؤون البيئة، أن الأسباب الكامنة وراء انتشار رائحة الكبريت في سماء العاصمة بغداد، بشكل متكرر، ناجم عن استخدام نفط عالي الكبريت، في محطات توليد الكهرباء، وهناك أكثر من 5 محطات لتوليد الطاقة الكهربائية في العاصمة، أبرزها في مناطق الدورة والزعفرانية، ترافقها مصافٍ لتكرير النفط الخام.

وتابع، أن هذه المحطات تعمل بطاقة قصوى خلال ساعات الصباح وحتى الظهيرة، ثم تنخفض كفاءتها تدريجياً خلال الليل، لافتاً إلى أنه ورغم انخفاض النشاط البشري ليلاً، تصبح رائحة الكبريت أكثر وضوحاً، مما يثير قلق السكان بشكل متزايد.

كما حذّر المرصد، من أن هواء بغداد، خاصة خلال الأيام الأخيرة، بات محمّلاً بمواد خطرة تهدد صحة الأطفال وكبار السن، مبيّناً أن بغداد تسجل لأول مرة نسبة تلوث في الهواء، تصل إلى 515%.

ويوم أمس السبت، أعلن موقع “IQAir” المتخصص بمراقبة جودة الهواء العالمية، أن العاصمة العراقية بغداد، تصدرت قائمة المدن الأكثر تلوثاً في العالم.

وتجاوزت مستويات التلوث في بغداد، مدن مثل لاهور في باكستان، القاهرة في مصر، ودلهي في الهند، التي تشتهر بارتفاع نسب التلوث فيها.

يشار إلى أن استنشاق ثاني أكسيد الكبريت، يزيد من خطر التّعرض لمشاكل صحية كالسكتة الدماغية، وأمراض القلب والربو وسرطان الرئة والوفاة المبكرة، كما أنه يؤدي إلى صعوبة في التنفس، وخاصةً للذين يعانون من حالات مزمنة.

تحركات رسمية

 

ولدراسة هذه الحالة، وجه رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني، بتشكيل لجنة متخصصة برئاسة مستشار وزارة البيئة، وعضوية كل من مستشار وزارة النفط وممثلين عن وزارة الكهرباء، والوكيل الفني لأمانة بغداد، ومدير عام دائرة حماية وتحسين البيئة في المنطقة الوسطى، لدراسة حالة التلوث وتكرار انبعاث رائحة الكبريت المنتشرة في بغداد والمحافظات المجاورة، وبيان أسبابها ومعالجتها.

وشدد السوداني، على وجوب وضع حلول جذرية للمشكلة، ودراسة الأمر من جميع جوانبه، على أن تقدم اللجنة تقريرها الخاص بالموضوع خلال يومين اثنين.

أما أمانة بغداد، فقد أوضحت في بيان لها، أنها تقوم بمعالجة الحرائق حال حدوثها، وتلاحق أي عمليات حرق للنفايات يقوم بها المواطنون، لمخالفة ذلك للأنظمة البيئية المعتمدة، وما له من خطورة على صحة الإنسان، وهي بذلك تستقبل أي إبلاغات بهذا الشأن من قبل المواطنين، لردع الظاهرة ومحاسبة أصحابها.

وتابعت، أنها تعتمد مواقع للطمر الصحي للنفايات وهي مواقع رسمية تم اختيارها وفق دراسة معينة، للتخلص من النفايات باعتماد طرق فنية وبيئية، وتقع هذه المعامل خارج حدود التصميم الأساس لمدينة بغداد.

وأشارت الأمانة، إلى أن معامل الإسفلت التابعة إلى أمانة بغداد، تقع خارج حدود مركز العاصمة بغداد، وأنها تخضع للرقابة، وتعمل وفق المواصفات الفنية المعتمدة.

وفي الثالث والعشرين من شهر أيلول الماضي، أعلن مجلس محافظة بغداد، أنه ناقش قضية انتشار رائحة الكبريت في سماء العاصمة، التي تتكرر بين حين وآخر، والتي أرجع سببها إلى معامل الطابوق وغيرها ممن تتواجد داخل الأحياء السكنية، وقريبة على تلك الأحياء في مناطق مختلفة من بغداد.

وقال عضو المجلس، علي المشهداني، إنه تم رفع توصيات بضرورة إخراج تلك المعامل إلى خارج العاصمة بغداد وتكون بمناطق بعيدة جداً عن الأحياء السكنية، كذلك الطلب من وزارتي الصحة والبيئة، بوضع فلاتر وعوامل أخرى تحددها هذه الوزارتين على أصحاب المعامل، لمنع انتشار مثل تلك الروائح، التي فيها مخاطر صحية كبيرة وخطيرة على صحة المواطنين، فهي تسبب الكثير من الأمراض.

حلول

 

ولتقليل من أضرار هذه المشكلة فقد قدم العديد من الخبراء والمتخصصين آراء متنوعة، حيث أشارت الباحثة في مجال التغيرات المناخية، بان فليح حسن، خلال تصريح لصحيفة “إندبندنت عربية”، إلى وجود عدد من التجارب الدولية الناجحة التي يمكن تطبيقها في بغداد والمحافظات، لتقليل انبعاثات غازات الكبريت والغازات الضارة الأخرى.

وبحسب الباحثة، هذه التجارب تعتمد على تقنيات متقدمة وسياسات بيئية فعّالة، تتبناها دول عدة للحد من التلوث الهوائي كـ: استخدام الوقود النظيف وخفض نسبة الكبريت فيه، حيث إن عدداً من الدول الأوروبية والولايات المتحدة تبنت سياسات لتقليل نسبة الكبريت، بما يُعرف بالوقود المنخفض الكبريت.

وأيضاً يمكن التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، للحد من الاعتماد على الوقود الأحفوري الملوث، واستخدام أنظمة (التنقية من الكبريت) التي تقوم بتنقية الغازات الناتجة من احتراق الوقود في المصانع ومحطات الطاقة، والتحكم بالانبعاثات الصناعية، تلك التقنيات تعمل على الحد من حرق الغاز المصاحب في الحقول النفطية، مما يقلل من انبعاثات غازات الكبريت بصورة كبيرة.

وركزت الباحثة على نقطة وهي وفقاً لقولها، “الأهم، هو المراقبة البيئية والتفتيش الدوري”، فمن وجهة نظرها، أن واحداً من أسباب استمرار التلوث وعدم السيطرة على تلك الانبعاثات، هو انعدام المراقبة بالكامل بما تشمله من مراقبة المصانع بكل ما تحويه، الهواء وجودته إضافة إلى استمرار توعية المواطنين.

وفي سياق متصل، قال رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان، فاضل الغراوي، إن العراق يعاني من تحولات مناخية وزيادة معدلات الاحتباس الحراري، وتدهور واقعه المائي والبيئي على وجه الخصوص.

وأشار الغراوي، في بيان، إلى أنه على الحكومة إطلاق مبادرة بناء المدن النباتية بدلاً من المدن الإسمنتية، وتعزيز الغطاء النباتي من خلال زراعة 15 مليار شجرة معمرة خلال 10 سنوات، وإنشاء معامل لتدوير النفايات في كافة المحافظات، واعتماد اليوم الأول من كل عام يوماً وطنياً لنقاوة الهواء).

ومن الجدير بالذكر أنه منذ أشهر تعاني أجواء العاصمة بغداد، من انتشار رائحة الكبريت، إلا أنها ازدادت بشكل ملحوظ خلال الأسابيع الماضية.

ووفقاً لآخر مسح عالمي أطلقته شركة “IQAir” السويسرية المختصة بتصنيع أجهزة تنقية الهواء العام 2023، فقد حل العراق بالمرتبة الثانية كأكثر دول العالم تلوثاً، حيث تدهورت جودة الهواء إلى 80.1 ميكروغراماً من جزيئات PM2.5 لكل متر مكعب من 49.7 ميكروغراماً في العام 2021.

وبحسب المسح، حلت العاصمة بغداد بالمرتبة 13 بين أكثر المدن تلوثاً في العالم، حيث تدهورت جودة الهواء إلى 86.7 ميكروغراما من جزيئات PM2.5 لكل متر مكعب من 49.7 ميكروغراما، كما سجلت مدينة أربيل نسبة تلوث بـ34 ميكروغراما من جزيئات PM2.5 لكل متر مكعب، وهي بذلك تعد بتقييم المتوسط لجودة الهواء فيها.

 

لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا على تلغرامالنعيم نيوز

لمتابعتنا على فيسبوك يرجى الضغط على الرابط التاليالنعيم نيوز

كما يمكنك الاشتراك على قناتنا على منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا علىقناة النعيم الفضائية

كما يمكنك أيضا الاشتراك بقناتنا على الانستغرامالنعيم نيوز

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى