مقالات
أخر الأخبار

عمار طعمة يعلّق على بيان مجلس القضاء الأعلى

كتب عمار طعمة.. نستغرب كثيرا مما تناقلته وسائل الاعلام من بيان صادر عن مجلس القضاء الاعلى يعلن فيه رفضه تأسيس معهد القضاء الشرعي معللاً ذلك بمخالفة المادة (٩١) من الدستور ، ونورد تعليقنا على بيانهم بالتالي :

 

1. ان الحوزة العلمية الدينية في النجف الاشرف وعلى مدى مئات السنين وفي أشد ظروف التقية وتضييق الانظمة المستبدة عليها كانت تمارس عملياً نفس مضامين وظيفة معهد القضاء الشرعي من تدريس علومه وموضوعاته بأدق تفاصيلها ، ويحرص مراجع الدين الكرام على تعميق بحوثهم الدراسية العالية بموضوع القضاء وصلاحيات ومؤهلات التصدي للقضاء الشرعي ، بل ان فقهاء الشيعة يتفقون على ان القدر المتيقن من وظائف المجتهد الجامع للشرائط هو الفتوى والتصدي للقضاء والفصل بين الخصومات .

2. ان مهمة معهد القضاء الشرعي -الذي اعترض مجلس القضاء عليه – هي اعداد قضاة يحكمون على طبق الشريعة في قضايا الاحوال الشخصية كالمواريث والطلاق والزواج والوصية والوقف وامثالها من الموضوعات التي تنحصر في الشؤون الشخصية .

3. نفس مجلس القضاء الاعلى في بيان سابق له بتاريخ (٢٠٢٤/٩/٢٢) اعلن عن تأييده لتشريع قانون احوال شخصية يستند لاحكام الشريعة ونقتبس هنا نصاً من بيانهم ( أن أساس فكرة تعديل قانون الأحوال الشخصية النافذ، تستند ابتداء الى نص المادة (41) من الدستور العراقي، التي تنص على ((العراقيون احرار في الالتزام باحوالهم الشخصية حسب دياناتهم او معتقداتهم او اختيارهم وينظم ذلك بقانون))، لذا  فأن الموضوع المتعلق بالاحوال الشخصية، هو خيار للشخص ولكن وفقا لقانون يصدر من مجلس النواب”.)

4. ونفس مقترح قانون الاحوال الشخصية يتضمن مصادقة محاكم الاحوال الشخصية على عقود الزواج التي يبرمها من لديه تخويل شرعي او قانوني بابرام عقود الزواج بعد التأكد من اركان وشروط العقد وانتقاء موانعه ، ومن الواضح ان المخول الشرعي لابد ان يكون قد درس دراسة تفصيلية لاحكام الشريعة حتى يتمكن من تطبيقها دون خطأ او خلل ، وهذا ما يتكفل به معهد القضاء الشرعي ، فلماذا الاعتراض اذن !؟

5. وتعليل مجلس القضاء الاعلى رفضه لتأسيس معهد قضاء شرعي يدرس الاحكام الشرعية المختصة بموضوعات الاحوال الشخصية بانه مخالف للمادة (٩١) من الدستور ليس في محله ، لان معهد القضاء الشرعي ليس وجودا موازيا لتشكيلات مجلس القضاء وليس يمارس فصل الخصومات المحكومة بقوانين العقوبات العامة وما شابهها ، بل هو مؤسسة تعّد مخولين شرعيين نص عليهم مقترح تعديل قانون الاحوال الشخصية الذي اصدر مجلس القضاء الاعلى بيانا اعلن فيه تأييده وانسجامه مع الدستور.

6. ومن غريب ما تضمنه بيان مجلس القضاء الاعلى قوله ( أنه سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية بحق من يمارس مهام القضاء بأي صيغة كانت.) وهذا التعبير المتسرع والمنفعل فيه قفز واضح على الحقائق التاريخية ، فمتى يجيز العقل والقانون العادل اتخاذ اجراء بحق من يختار بكامل حريته ان يعرض خصومته هو وخصمه وبرضاهم لقاضي يتراضون عليه وفي موضوع شخصي لا يتعلق بشؤون عامة للمجتمع ، وكما هو معلوم فان هذا حق للفرد يستطيع ان يتنازل عنه ويستطيع ان يعمله وبالكيفية التي يتفق عليها كلا الخصمين مادام ان ذلك لايمس بالشؤون العامة .

7. ومن يراجع تجارب الدول العربية يتضح له ان معاهد القضاء الشرعي ليس بدعاً من القول ، واشتملت دول مثل الاردن وسلطنة عمان وغيرها على هذه الممارسة والتأسيس .

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى