كتب حسب الله يحيى: في المألوف، هناك حاجة إلى إرشاد القارئ إلى الكتاب الجيد والمفيد، إما أن يكون هناك دليل وإرشاد إلى الكتاب الرديء، فهو أمر غير مألوف وما بين المألوف واللا مألوف، هناك مساحة شاسعة، فما بين كتاب يبني عقل الإنسان ويغني حواسه ويمتع أوقاته، ويجمل عالمه.
وما بين كتاب يعمل على إشغال أوقات القارئ بما هو غير مجدٍ ولا يعمق ولا ينعش ولا ذاكرته ولامداركه ولا حواسه كلها، وبالتالي يعد مخرباً لعوالمه. نعم.. فمثلما هناك ممثل سيئ ولوحة رديئة وعزف غير متقن، هناك مجلة تخاطب الجهلاء من الناس وتغريهم بالصورة والكلام الثرثار. مثلما هناك كتاب لا يستحق الورق والحبر والطبع الذي بذل من أجل إصداره.
إذن لا بدَّ من إيجاد دليل يرشد القارئ إلى الكتاب الجيد والكتاب الرديء. وهذا الدليل، لا يفترض بكاتبه أن يكون حكماً أو حاكماً على ذائقة الناس، والتدخل في شؤون ما يقرؤون و لا يقرؤون. وإنما يراد به تقديم خدمة او رأي ـ يَعِد صاحبه ـ أنه مرشد، والإرشاد ليس إلزاماً بقدر ماهو رغبة مخلصة في تقديم خدمة للمتلقي. الذي له حق في قبول أو رفض هذا الدليل على وفق رؤيته وثقافته وإدراكه.
من هنا نضع المتلقي أمام نموذجين من الكتب الرديئة، صدرا عن دار المأمون في وزارة الثقافة مؤخراً.
الأول: (مدخل إلى فن القصة المصورة/تجارب ونماذج) اختيار وترجمة: هشام عمار أحمد.
يتناول فن القصة المصورة في بلدان العالم من دون أن يشير إلى أهمية القصة. سواء كانت مصورة أو غير مصورة.
والمعروف أن القصة المصورة تخاطب الصغار لا الكبار، بينما الكتاب يعمد إلى تجهيل القارئ لأية قصة غير مصورة. وكأن الصورة أساس القصة وليست أحداثها ولغتها وآفاقها ودلالات سردها. فهل يستحق مثل هذا الكتاب أن يطبع؟
أما الكتاب الثاني فهو: (مئة عام من الترجمة في العراق) تأليف: محمد عبد المجيد رؤوف، إشراق عبد العادل، ضمياء صبحي توفيق، عبد اللطيف الموسوي، أسمهان سهل الموسوي، زينب عبد اللطيف صالح.
وفيه مقالات متفرقة يغلب عليها طابع الإنشائية والمعلومات العابرة، إلى جانب ببلوغرافيا بأسماء المترجمين العراقيين.
وفي حصاد صفحات ما (أنجزه) التأليف السداسي، تبين أنهم يجهلون أسماء مترجمين عراقيين لهم حضورهم البارز ومنجزاتهم الواضحة. وعلى سبيل المثال ـ ماتتيحه الذاكرة ـ نشير إلى عدد من الأسماء الغائبة، علي الشوك، غانم حمدون، باقر جاسم محمد، رشيد غويلب، عبد الصاحب البطيحي، جودت جالي، سعيد الروضان، منى سعيد، د.محمد الجبوري، د. محمد سيف، د.عقيل مهدي، عدوية الهلالي، بدل رفو، زيد الشهيد، د.سوران قحطان، د.باسم يحيى جاسم، د سمير الشيخ… ومئات من الأسماء غيرهم، إلى جانب نشر صورة الروائي والمترجم المعروف ناطق خلوصي ووضعها بدلاً من صورة صفاء خلوصي.
ولو تجاوزنا هذه الملاحظات كلها، فإنه يبرز أمامنا سؤال ملح عن جدوى المعلومة السطحية التي أوردها الكاتب. وفي الإنترنت ما هو أغنى وأهم وأعمق مما ورد في صفحات هذا الكتاب العابر. كما أن دار المأمون نفسها قد اصدرت قبل سنوات قليلة كتاب (مترجمون عراقيون) لعلاء ابو الحسن ولم تتم الاستفادة منه.
إن حاجتنا ماسة وملحة إلى كتب نوعية ترفدنا بكل ما هو جديد وعميق ومؤثر وفعال. من دون إشغالنا بكتب هامشية لا ترقى إلى مستوى القراءة المعمقة والمفيدة والمؤثرة التي ندعو إليها.
الأمل أن يكون هذا الدليل محفزاً لدور النشر على رفض كل كتاب يسيء أو يستغفل قارءه. وأمام كل مؤلف أو مترجم أن يسأل نفسه عن جدوى وأهمية ما يقدمه للنشر، حتى نبني عقلاً نيراً ونقدم ذائقة جمالية راقية.
لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا في موقع التلغرام: النعيم نيوز
ولمتابعتنا على موقع فيسبوك يرجى الضغط أيضا على الرابط التالي: النعيم نيوز
كما يمكنك الاشتراك أيضا على قناتنا في منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية
ولا تنسى أيضا الاشتراك في قناتنا على موقع الانستغرام: النعيم نيوز