خطيب جمعة كربلاء يرد على شبهة يتغنى بها السطحيون ويتبجح بها الإنتهازيون
أقيمت صلاة الجمعة ،في كربلاء المقدسة بإمامة فضيلة الشيخ علي الجشعمي ، وأثارة بخطبته شبهةً يتغنى بها السطحيون ويتبجح بها الإنتهازيون وبيّن فضيلته الرد عليها من خلال خطابه المبارك
الشبهة تقول : أن الإسلام دين تواكل وارتجال (أي إنفعالي) يواجه الأمور بعفوية دون تدبر وتخطيط
الرد الاول على الشبهة :
وضح القرآن الكريم في سورة يوسف قول الله تعالى ( يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنا فِي سَبْعِ بَقَراتٍ سِمانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجافٌ وَ سَبْعِ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَ أُخَرَ يابِساتٍ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ * قالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً فَما حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلاَّ قَلِيلاً مِمَّا تَأْكُلُونَ *ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ سَبْعٌ شِدادٌ يَأْكُلْنَ ما قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلاَّ قَلِيلاً مِمَّا تُحْصِنُونَ * ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عامٌ فِيهِ يُغاثُ النَّاسُ وَ فِيهِ يَعْصِرُونَ )
فرسم الله عز وجل خارطة اقتصادية محكمة لسنوات أنقذ بها المصريين وأخرجهم من الأزمة التي كادت تأكل الأخضر واليابس
الرد الثاني :
أن القيادة الدينية عندها بصيرة وتخطيط استراتيجي يعجز عنه الآخرون
فحين ننظر إلى أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) ووصفهم له (عليه السلام) نعلم حجم التخطيط والتفكير في قيادته
حيث وصفوه : كان و الله بعيد المدى (اي صاحب فكر ونظر استراتيجي)
شديد القوى يقول فصلا ويحكم عدلا….الخ.
الرد الثالث :
تخطيط النبي (صلى الله عليه وآله) بعد دخوله المدينة المنورة
ا/ بناء مسجد قباء.
ب/ بناء مسجد النبوي
ج/ آخى بين المهاجرين والأنصار.
د/ وضع دستور المدينة.
ه/ التخطيط لحرب أعداء المسلمين..
وأوضح فضيلته آليات التخطيط الاستراتيجي بما يلي :
١/التخطيط المسبق ومعرفة الأهداف من أجل الوصول إليها.
٢/ معرفة بيئة العمل
أ- توفي البيانات
ب- أخذها من الثقات.
٣/ التضحية من أجل المشروع الرسالي.
ثم بعد ذلك بين الخطيب قول سماحة الشيخ المرجع محمد اليعقوبي( دوام ظله) ضرورة أن نكون قادة في المشروع الرسالي وليس جزء منه .
وبعد ذلك بين مفهوم التخطيط في الشريعة الإسلامية والقرآن الكريم بما يلي::
١/ الإعداد : (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة…
٢/ المكر : ( ويمكرون ويمكر الله)
٣/ التربص 🙁 فتربصوا إنا معكم متربصون) .
وان أهم شيئ نحصله من التخطيط هو التغير الإيجابي نحو الأفضل ومن المباديء الاساسية للتغير هي .
١/ تحديد الاهداف .
٢/ دراسة الأهداف والنتائج
٣/ نضع خطة عمل مناسبة
٤/ التدريب
٥/ الابتعاد عن السلبيات
ثم ذكر تعريف الفقهاء للتخطيط ( الإستعداد لمواجهة تحديات المستقبل بناء على تحسب لجميع الإحتمالات التي يمكن أن تحدث بدلاً من أن تترك الأمور لتسيرها الارتجالية والعشوائية). وهذا ما اكده سماحة المرجع الديني آية الله العظمى الشيخ محمد اليعقوبي ( دام ظله) في كثير من خطاباته.ومنها ( على مؤسساتنا أن تضع الخطط الإستراتيجية لعملها وأن لا تقتصر على القرارات الارتجالية وردود الأفعال فإن ذلك لا ينضج مشروعاً إصلاحيا تغيريا وهو ما تنتظره الأمة من الكيانات الإسلامية)
ثم تطرق بخطبه المباركة إلى ذكرى مولد النبي الأعظم (صل الله عليه وآله)
وكيف تأصلت العلاقة بين الدين والأخلاق حيث يقول الله تعالى ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} فقال :
نحن نعيش في رحاب ولادة منقذ البشرية ومُخرجها من الظلمات إلى النور، النبي المختار، وددنا أن نقف قليلاً على أهم صفة اشتهر بها خاتم الأنبياء ، والتي استطاع من خلالها انتشال ذلك المجتمع الجاهلي الذي وصفته الزهراءبقولها: ( وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النّارِ، مُذْقَةَ الشّارِبِ، وَنُهْزَةَ الطّامِعِ، وَقُبْسَةَ الْعَجْلانِ، وَمَوْطِئَ الأقْدامِ، تَشْرَبُونَ الطّرْقَ، وَتَقْتاتُونَ الْوَرَقَ، أذِلَّةً خاسِئِينَ، {تَخافُونَ أنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِكُمْ} .فأنقذكم اللهُ تَبارَكَ وَتَعالى بِمُحَمَّدٍ صَلى الله عليه وآله )
يجب علينا كمجتمع إسلامي أن نتأسى بأخلاق النبي ونقف بوجه كل من يريد إفراغ المجتمع الإسلامي من القيم والمبادئ الأخلاقية التي يحملها، من خلال سَن قوانين مطابقة لما تريده الشريعة الإسلامية والعمل بها والوقوف بوجه كل من يريد تفكيك المجتمع الإسلامي، وعلى رأسهم أمريكا وإسرائيل التي عجزت بحروبها المتكررة في المنطقة من السيطرة على الجانب الأخلاقي للمجتمع الإسلامي، فاتجهت نحو الحرب الناعمة التي تعمل على إفراغ الأمة الإسلامية من الجانب الروحي والأخلاقي بدواعي الحرية والديمقراطية التي حققت نجاحاً كبيراً في المجتمع الغربي من خلال سَــن قوانين
مخالفة للقوانين الإلهية، والتي أوصلت المجتمع الغربي للإنهيار الأخلاقي، وعيش الحياة الحيوانية بشتى ألوانها وأشكالها، إلى درجة إقرار الزواج المثلي الذي تحرمه جميع الأديان، ولكن لم يعترضوا عليه لأنهم جعلوه من ضمن الحريات الفردية، لذا نرى الغرب الكافر وأذنابهم من أبناء البغايا غيروا بوصلة المعركة من عسكرية إلى ثقافية، لقتل الدين الإسلامي تحت عنوان الحرية والديمقراطية وغيرها من العناوين التي تدعو للإنفتاح اللاأخلاقي والتي ترمي إلى إفراغ الشاب المسلم من الطاقة الإيمانية التي يمتلكها، فعملوا على فتح وتصدير المواقع الإباحية بدون أي رقابة، أو نجدهم بين الحين والآخر يخرجوا إلينا بقانون جديد يروموا به الإنهيار الأخلاقي، وآخرها سن قانون العنف الأسري الذي يرمي إلى إسقاط ولاية الأب إذا بلغ أبناءه سن البلوغ، فيصبح لهم مطلق الحرية بالدخول والخروج من البيت، فظاهر هكذا قوانين أنيق يحمل سمة إنسانية، وحرية للفرد، ولكن باطنه عميق يعمل على إضعاف الجانب الروحي والأخلاقي لدى الشاب المسلم، وهي خطوة أولى نحو الإنحراف الذي يخطط له شياطين الجن والأنس
لذا نجد الباري عز وجل يُحذّر المؤمنين من هذه المخططات الشيطانية، قال تعالى: (ياأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّبِعُواْ خُطُوَٰتِ ٱلشَّيْطَٰنِ ۚ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَٰتِ ٱلشَّيْطَٰنِ فَإِنَّهُۥ يَأْمُرُ بِٱلْفَحْشاء والمُنكَرِ )
وقد كان لسماحة المرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي خطابات عديدة بيَّن من خلالها المخططات الشيطانية التي أُعدت للمنطقة بالعموم والعراق بالخصوص، موضحاً بخطابه الأخير الموسوم (لَا تَتَّبِعُواْ خُطُوَٰتِ ٱلشَّيْطَٰانِ) كيفية بدء الإنحراف الأخلاقي والسياسي والإجتماعي وغيرها من الإنحرافات من خلال بيان تراتُبية خطوات الشيطان في إغواء المجتمع، والذي يدخل في بعض الأحيان من عمل غير محرم شرعاً لكنه طريق للوقوع في المعصية .
أيها الأحبة ..
إن للمنظومة الأخلاقية آثار عظيمة في حياة الإنسان، فإذا التزم بها نال السعادة الدنيوية والأخروية، وإذا تخلف عنها شقي في الدنيا وخسر في الآخرة، لذا نرى أن الهدف الأساسي من بعثة الأنبياء هو تحسين خُلق المجتمع المنغمس بالرذيلة التي زيّنها لهم شياطين الجن والإنس، فنجد النبي يصرح بالهدف المبعوث من أجله بقوله قال: (إنما بُعثت لأتممَ مكارم الأخلاق)
كما فطريق تهذيب النفس الذي جاء به النبي مفتوح للجميع، لأنه كما قلنا بأن الأخلاق الحميدة هيئة راسخة في نفس الإنسان فقط تحتاج إلى محركية، والشيء العارض علينا هو سوء الخُلُق قال تعالى: {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْـزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا} ، فحُسن الخُلق لا يحتاج إلَّا لتفعيل من قِبلنا وإظهارِه إلى الخارج من خلال العمل الصالح الذي أوصانا به الباري عز وجل على لسان أنبيائه وأصفيائه قال تعالى: (وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ) والذي ترجمه أمير المؤمنين للوصول إليه بقوله: «حُسنُ الخُلقِ في ثَلاثٍ: اجْتِنابُ المَحارِمِ، وطَلَبُ الحَلالِ، والتَّوَسُّعُ على العِيالِ»