أقيمت صلاة الجمعة العبادية المباركة، في جامع جنات النعيم، بإمامة الشيخ عمار العارضي.
واستهل الشيخ العارضي، خطبته وتابعتها “النعيم نيوز”، “بقول الله عز وجل بسم الله الرحمن الرحيم: قال تعالى (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا).النساء (35)”، مضيفاً “ملاحظة: سبب طرح هذا الموضوع مع أهميته القصوى ما ذكرت من إحصائية لنسبة الطلاق في العراق للشهر الماضي. بحسب إحصائية القضاء، فقد حصلت 6486 حالة طلاق في المحافظات العراقية عدا إقليم كردستان”.
وقال: “عن الإمام الصادق (عليه السلام): “إنّ الله عزّ وجلّ يحبّ البيت الذي فيه العرس ويبغض البيت الذي فيه الطلاق وما من شيء أبغض من الطلاق. الطلاق هـو هـدم لبـناء أحبّه الله تعالـى وحثّ الناس عليه ألا وهــو الـزواج، فالزواج رغم كونه أمراً محبوباً عند الله تعالى وسبباً من أسباب كمال الدين وحصناً يقف في وجه المعاصي”.
وتابع الشيخ العارضي، “إلّا أنّ الله تعالى لم يُرد إجبار الناس على التزام هذا البيت ولا التحصّن بهذا السور، فإنّ الإلزام قد يكون له الكثير من الآثار السلبيّة التي تجعل الإنسان يتردد كثيراً قبل الدخول إلى قفص الزواج الذي لن يستطيع الخروج منه بعد ذلك، بالإضافة إلى كون الإلزام يُجافي الواقع ويتعالى عن المشاكل الحقيقيّة التي يمكن أن يقع بها بعض الأزواج بشكل لا يُبقي أمامهم حلّاً إلّا الانفصال، ولعلّ هذه الأمور وغيرها من الأمور التي يعلمها الله تعالـى جعلت الطلاق غير محرّم شرعاً”.
وأضاف، “عن الإمام الباقر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “أوصاني جبرئيل عليه السلام بالمرأة حتّى ظننت أنّه لا ينبغي طلاقها إلّا من فاحشة مبيّنة. ما هي أسباب الخلاف؟، هناك أسباب كثيرة لوقوع النزاعات بين الأزواج، ولكن يمكن أن نجمعها في خمسة عناوين رئيسيَّة:
1- عدم الالتزام بالشرع المقدس: لقد وضع الله تعالى القوانين لتنظيم العلاقة الزوجية وجعلها على أفضل وجه بشكل يؤمن الحياة الزوجية السعيدة والموفقة، وعندما يتخلى الإنسان عن هذه الحدود الشرعية ويتجاوزها فإنه سيهدد الحياة الزوجية برمتها.
2- الأخطاء: إن سوء التقدير الناشى عن الجهل بالطرف المقابل وخصوصياته وما يحب ويكره، أو عدم القدرة على الانسجام رغم المعرفة بالميول والخصوصيات، قد يتسبب أيضاً بالتشنج والوقوع بالأخطاء، فيشكل خطراً على الحياة الزوجية.
3- عدم الواقعية: إن التصورات الخاطئة أو الخيالية عن الحياة والمستقبل من المشاكل التي تعترض الأزواج، فإذا كان الشاب والفتاة يعيشان في عالم من الأحلام الوردية ويتصوران بأن المستقبل سيكون جنّة وارفة الظلال كما في القصص والروايات، ولكن وبعد أن يلجا دنياهما الجديدة، فيبحثان عن تلك الجنّة الموعودة فلا يعثرا عليها، فيلقي كل منهما اللوم على الآخر محمّلاً إياه مسؤولية ذلك .
4- رتابة الحياة: من الأمور التي تساعد على الخلاف رتابة الحياة، والتي تحدث بعد فترة طويلة من البرنامج اليومي المتكرر، مما يُشعِرُ الزوجين بالملل، فيتفرغان لانتقاد بعضهما، وتظهر الخلافات، ولهذا ينبغي على الزوجين التجدد لبعضهما والظهور بصورة لافتة للنظر، وهذا ما يوصي به ديننا الحنيف، ومنه التجدد والتجمل من خلالِ اللباسِ والمظهر.
5-تدخل الأهل: الذي يكون في الغالب سلبياً فيزيد مساحة المشكلة بدل تقليصها وبدل أن يكونوا طرفاً في الاصلاح وتقليل الفجوات بين الطرفين لا سيما في الايام الاولى من الزواج, وإذ بهم يصبحوا طرفاً في النزاع فيقدم القرآن الكريم حلاً نسمية بمحكمة الصلح العائلي”.
وأكمل الشيخ العارضي، خطبته “بشرح عن محكمة الصلح العائلي: في هذه الآية إِشارة إِلى مسألة ظهور الخلاف والنزاع بين الزوجين، فهي تقول: (وإِن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها)ليتفاوضا ويقربا من أوجه النظر لدى الزوجين، ثمّ يقول تعالى: (إن يريدا إِصلاحاً يوفق الله بينهما) أي ينبغي أن يدخل الحكمان المندوبان عن الزوجين في التفاوض بنيّة صالحة ورغبة صادقة في الإِصلاح، فإنّهما إن كانا كذلك أعانهما الله ووفق بين الزوجين بسببهما”.
وأردف، قئلاً: “من أجل تحذير (الحكمين) وحثّهما على استخدام حسن النّية، يقول سبحانه في ختام هذه الآية: (إِنّ الله كان عليماً خبيراً). إِنّ محكمة الصلح العائلية التي أشارت إِليها الآية الحاضرة، هي إِحدى مبتكرات الإِسلام العظيمة، فإِن هذه المحكمة تمتاز بميزات تفتقر إِليها المحاكم الاُخرى، من جملتها:
1 ـ إِن البيئة العائلية بيئة عاطفية، ولذلك فإِن المقياس الذي يجب أن يتبع في هذه البيئة، يختلف عن المقاييس المتبعة في البيئات الاُخرى، يعني كما أنّه لا يمكن العمل في «المحاكم الجنائية» بمقياس المحبّة والعاطفة، فإِنّه لا يمكن ـ في البيئة العائلية ـ العمل بمقياس القوانين الجافة.
الضوابط الصارمة الخالية عن روح العاطفة، فهنا يجب حل الخلافات العائلية بالطرق العاطفية حدّ .
2 ـ إِنّ المدعي والمدعى عليه في المحاكم العادية القضائية مضطرين ـ تحت طائلة الدفاع عن النفس ـ أن يكشفا عن كل ما لديهما من الأسرار، ومن المسلم أنّ الزوجين لو كشفا عن الأسرار الزوجية أمام الأجانب والغرباء لجرح كل منهما مشاعر الطرف الآخر، بحيث لو اضطر الزوجان أن يعودا ـ بحكم المحكمة ـ إِلى البيت لما عادا إِلى ما كانا عليه من الصفاء والمحبة السالفة .
3 ـ إِنّ الحكمين في المحاكم العادية المتعارفة لا يشعران عادة بالمسؤولية الكاملة في قضايا الخلاف والمنازعات، ولا تهمهما كيفية انتهاء القضية المرفوعة إِلى المحكمة، هل يعود الزوجان إِلى البيت على وفاق، أو ينفصلا مع طلاق؟.
4 ـ مضافاً إِلى كلّ ذلك فإِن مثل هذا المحكمة لا تعاني من أية مشكلات، ولا تحتاج إِلى أية ميزانيات باهظة، ولا تعاني من تلك الخسارة والضياع الذي تعاني منه المحاكم العادية، فهي تستطيع أن تقوم بأهدافها وتحقق أغراضها من دون أية تشريفات وفي أقل مدّة من الزمن.
ولا يخفى أنّه يجب أن يختار الحكمان من بين الأشخاص المحنّكين المطلعين المعروفين، في عائلتي الزوجين بالفهم وحسن التدبير.
مع هذه المميزات التي عددناها يتبيّن أنّ هذه المحكمة تحظى بفرصة للإِصلاح بين الزوجين, وتقليل حالات الطلاق”.
لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا على تلغرام: النعيم نيوز
لمتابعتنا على فيسبوك يرجى الضغط على الرابط التالي: النعيم نيوز
كما يمكنك الاشتراك على قناتنا على منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية
كما يمكنك أيضا الاشتراك بقناتنا على الانستغرام: النعيم نيوز