خطبة صلاة الجمعة بإمامة الشيخ السيلاوي في جامع الامامين الجوادين (ع)
أقيمت صلاة الجمعة بإمامة الشيخ عباس السيلاوي، في جامع الامامين الجوادين ع في حي الإسكان مركز محافظة الديوانية.
وتطرق الشيخ السيلاوي في الخطبة الأولى مستشهدا بالآية الكريمة قال تعالى ((وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ)) (سورة محمد/38)
تبيّن الآية سنة إلهية وقانوناً ثابتاً وفي نفس الوقت توجّه تحذيراً لكل الناس، مفاده أن المشروع الإلهي الذي حملته رسالة الاسلام العظيمة ماضٍ وسائر في طريق تحقيق الأهداف المرسومة له، وإنَّ تقاعسَ واعراض البعض –مهما كثر عددهم- لا يعرقل هذه المسيرة الإلهية وإنما تُعرض الرسالة عليهم وتطلب النصرة منهم لطفاً بهم من الله تعالى وامتناناً عليهم ليحصلوا على شرف المشاركة وثواب العاملين في الدنيا والآخرة، فإذا أعرضوا عن هذا التكليف ولم يتحملوه فإنهم هم الخاسرون وسيوفق الله تعالى أقواماً غيرهم لينهضوا بهذه المسؤولية ويحصلوا على نتائجها المباركة.
واضاف الشيخ السيلاوي ان الخطابات القرآنية عامة شاملة لكل الأجيال ولكل الأزمان فلا يتصور أحد أن هذه الآية خاصة بالقوم الذين كانوا حول النبي (ص) وإنه تهديد لهم فقط، وإنما هي سنة إلهية عامة ثابتة (فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلاً) (فاطر/43) وقد أشارت عدة آيات قرآنية إلى هذه السنة الإلهية ،قال تعالى (إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئاً وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (التوبة/39) ،(وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ * عَلَى أَن نُّبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ) (الواقعة/60- 61) ،(إِنَّا لَقَادِرُونَ * عَلَى أَن نُّبَدِّلَ خَيْراً مِّنْهُمْ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ) (المعارج/41).
وقد تركت الآية كلمة (تتولوا) بلا ذكر لمتعلقها، وإن التولي يكون عن ماذا؟ لتكون مطلقة وتكون السُنة جارية في كل تولي واعراض سواء تعلق بأصول الدين أو فروعه أي مطلق طاعة الله تعالى.
وتابع السيلاوي إذ من الناس من يعرض ويتولى عن أصل الإيمان والدين ويتجرد منه ويتحول إلى لا ديني ويتبنى أفكاراً وأيديولوجيات مناهضة للدين ومشككة فيه بأي عنوان كان كالملحد أو الكافر ونحو ذلك، وهذا المورد من التولي والاعراض ذكرته آية أخرى قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ) (المائدة/54).
ومنهم من يؤمن نظرياً بالإسلام لكنه لا يقوم بالتزاماته وقد ذكرت الآيات المتقدمة على الآية محل البحث من سورة الحديد صوراً من الخذلان الذي يصيب الانسان كعدم الانفاق في سبيل الله تعالى وكالقعود عن الجهاد في آية سورة التوبة المتقدمة، أو أي فرصة من فرص الطاعة التي يهيئها الله تعالى للإنسان كمساعدة محتاج أو قضاء حاجة مؤمن فإنه إن فوّتها ولم يستثمرها فإن الله تعالى سيقيِّض من يقوم بها وهو شاكر لله تعالى على توفيقه.
ولا شك أنّ من أكثر الموارد التي تظهر فيها هذه السنة الإلهية هي طاعة من أمر الله تعالى بطاعته وهو النبي (ص) ومن بعده الأئمة المعصومون (عليهم السلام) ثم العلماء العاملون المخلصون النوّاب عن الإمام(عليه السلام) في غيبته ، فإنّ من يتقاعس عن طاعتهم والالتزام بتوجيهاتهم فضلاً عمّن يشكّك فيهم ويفتري عليهم ويسقّطهم فإن التوفيق يُسلبُ منه ويُمنَح إلى آخرين مطيعين مخلصين (ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ) (محمد/38) بل يكونون ثابتي الإيمان ذوي همم عالية وإصرار على العمل.
وهذا الابتلاء مرّت به الامم ففشل اكثرهم وتولّوا واعرضوا فاصيبوا بأسوء النتائج، ماذا كان دعاء أمير المؤمنين (عليه السلام) حينما خذله أصحابه وتقاعسوا وتفرقوا، (قال (عليه السلام) في سحرة اليوم الذي ضُرب فيه: ملكتني عيني وأنا جالس، فسنح لي رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقلت: يا رسول الله، ماذا لقيتُ من امتك من الأَوَد –أي الاعوجاج- واللَدد- أي الخصام-؟ فقال: ادع عليهم، فقلتُ: أبدلني الله بهم خيراً منهم وأبدلهم بي شراً لهم مني).[2]
خذ مثلاً السيد الشهيد الصدر الثاني (قده) فإن كثيراً من العناوين الكبيرة وغيرهم داخل الحوزة وخارجها خذلوه وعارضوه وشككوا فيه وفي حركته فحرموا من هذا اللطف الإلهي، وهيّأ الله تعالى للسيد الشهيد شباباً مليئين بالإيمان والحيوية والتفاني أخذوا المواقع المخصّصة لأولئك الذين حرموا أنفسهم من هذا الفضل العظيم، واستمرت هذه الحركة المباركة حتى بعد استشهاده ومرور (16) سنة على رحيله، لكن صدى حركته اليوم وآثارها المباركة أوسع مما كانت في حياته الشريفة.
لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا في موقع التلغرام: النعيم نيوز
و لمتابعتنا على موقع فيسبوك يرجى الضغط أيضا على الرابط التالي: النعيم نيوز
كما يمكنك الاشتراك أيضا على قناتنا في منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية
و لا تنسى أيضا الاشتراك في قناتنا على موقع الانستغرام: النعيم نيوز