مقالات

تجنب “المشي الى جانب الحائط” ربما سيقع عليك لهذا السبب!!

كتب مازن المالكي:”النمطية والمشي بصف الحايط”

 

“موسى بدينه وعيسى بدينه” “انا شلي غرض” “يمعود مايفيد بعد ” ” ابو طبع مايغير طبعه ” “امشي بصف الحايط” وعبارات كثيرة منتشرة في المجتمع توحي لك بالسلبية والانعزال والابتعاد عن روح العمل الاجتماعي والجماعي وراح نتكلم بهذا المقال عن تجهيل المجتمع بهذه الكلمات “أمشي بصف الحايط “اريح الك مثل لطالما طاردنا في حياتنا اليومية، تعودت أذاننا على سماعه على انه نصيحة بعدم الدخول في معترك الحياة، فلم تتواني الامهات والجدات بنصح اولادهن (يمه مالك غرض لا بفلان ولا بعلان روح بدربك وارجع بدربك احسلك ) بمعنى لاتنظر يميناً ولا شمالاً بل اتمم طريقك وانت بمحاذات الحائط، وما ذلك الا تعبير عن نمطية في حياة تكاد ان تصبح قانونا يحكمنا واحيانا يشل حركتنا.

وفي حال تدبرنا تقاليد المجتمع الذي نعيش في كنفه لوجدنا ان”مثل الحايط” هو عنوان حياتنا الاكبر حتى اصبحت النمطية والالتزام بالتقاليد الجوفاء التزاما حرفيا يجعل التفكير في خرقه ضربا من الجنون او مسكا بالجرم المشهود، وهو العائق الوحيد الذي دعا الكثيرين الى تجنب العمل الاجتماعي حيث هيمنت هذه النمطية على عقول اوساط المجتمع وجميع مؤسساته بما فيها بعض المؤسسات الدينية ( الحوزات )، وهذا ما اصاب الناس بعدوى الكسل بسبب هذه المؤسسات الامر الذي ترتب عنه تراجع كبير في العمل الاجتماعي.

اصبحت عبارة ( انا شلي غرض ) الاكثر انتشارا بيننا حتى في احلك الظروف سيما تلك التي تجبر المسلم الحق على التدخل وتقديم يد العون والمساعدة، وهو المرض الذي حذّر منه المرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي (دام ظله)في اكثر من مناسبة، منبها من الأساليب الجديدة التي تنتهجها بعض الحركات والمنظمات لإفساد المجتمع وحرفه عن طريق الهداية والصلاح، وذلك بطرح برامج وايديولوجيات تحمل وجهاً حضارياً ظاهرياً ولكنها تستبطن افكاراً خبيثة وفاسدة لذلك نجد سماحته دائما يؤكد على أهمية تفعيل الحوزة العلمية للمشروع الذي دعا إليه سماحته قبل سقوط النظام البائد ووضع معالمه وأسُسَه، وهي (أطروحة الفقه الاجتماعي) التي تتعامل مع الأمة ككيان واحد متماسك له مسؤولياته ووظائفه، لافتاً إلى الثمار الطيبة التي ستجنى إن أحسنوا أداءها، وتداعيات السيئة إن لم يقوموا بها، كإلزام أبناء المجتمع بالتصدي للمنكر أو السعي لتأسيس الحكومة الصالحة، وعدم الاقتصار على الفقه الفردي الذي يتعامل مع الإنسان كشخص عليه التزامات، مما أدى إلى تذويب كثير من التشريعات، كما أدت تسمية الواجب الاجتماعي بالواجب الكفائي تدريجياً إلى الإتّكالية واللامبالاة وذوبان الروح الرسالية الرافضة للظلم والانحراف والمعاصي.

ان الاقتصار على الأمر بالمعروف الفردي اشبه بمحاولة لإصلاح خلية من خلايا الجسد وترك الأخريات فهل يستتب العيش للجسد بأجمعه ؟أو ليس الجسد يقوم بمجموع خلاياه ؟
والادهى من ذلك ان البعض من الشباب المتدين عندما تتكلم معه على ضرورة العمل الاجتماعي وخصوصا الامر بالمعروف والنهي عن المنكر يقول لك ( يمعود انا شعليه عيسى بدينه وموسى بدينه ) وفي نفس الوقت تجده زائرا للامام الحسين عليه السلام فسؤالي له هل قعد الإمام الحسين (ع) وترك الحبل على الغارب وقال : ان الأمة فسدت والأمر خرج من يدي فمالي والامة ؟!

أبدا لم يحصل ذلك بل شمر عن ساعديه وخرج قائلا (لم اخرج لا أشرا ولا بطرا ولكن طلبا للإصلاح في أمة جدي )مع علمه بما سيؤول إليه أمره وامر ذويه (كأني بأوصالي تقطعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلاء).
والى هذا اشار المرجع اليعقوبي دام ظله في سلسلة (اسمى الفرائض واشرافها )” ويكفي هذه الفريضة شرفاً أن تكون هدف الإمام الحسين (عليه السلام) من نهضته ودفع دمه الشريف ودماء أهل بيته وسبي عقائل النبوة ثمناً لإحياء هذه الفريضة، كما عبّر (عليه السلام) صريحاً بقوله: (وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي محمد (صلى الله عليه وآله)؛ أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر، وأسير بسيرة جدي وأبي علي بن أبي طالب)، وقال (عليه السلام): (ألا ترون أن الحق لا يُعمل به، وأن الباطل لا يُتناهى عنه، ليرغب المؤمن في لقاء ربه محقّاً).

وهذه التضحية العظيمة والمباركة للأمام الحسين عليه السلام هي ثمن لتفعيل دور هذه الفريضة وثمن دفعه لان الامة تركت العمل بها ان هذه الاغراض والغايات التي اجتمعت في خروجه عليه السلام والتي اطلقها في اوليات حركته حينما كان هناك مع المجتمع المسلم، المجتمع الذي اوى ونصر الرسول صلوات الله وسلامه عليه ومازالت احاديثه ورواياته غضة طرية وآياته تتلى اناء الليل واطراف النهار وهي تذكر وتهيج الحنين الى ايام الرسالة. ان خروجي هو تحقيق لفريضة الاصلاح التي هي معالجة انحراف حاصل واضح بين يعرفه القاصي والداني فالسيرة الذاتية ليزيد اشتهرت في الامصار على انه يعاشر القرود ويشرب الخمر ويرتكب المحارم ويزني بأقرب المحارم اليه ، ولا يتورع عن أي كبيرة علنا بدون خجل

او تردد بل تجاوز حتى قيم المروءة والشهامة العربية فهو قاتل ومجرم وماكر ، هذا الرجل حينما يكون فردا عاديا قد لا يتكلف الحسين الذهاب اليه لنصحه وارشاده ، لكن حينما يتحول الى خليفة للمسلمين جميعاً فهذا يعني تحويل المجتمع الاسلامي بالرضا او بالقوة الى مجتمع مثلي تماما شبيه بالخليفة وبأخلاقه والعياذ بالله والمنبع الرئيسي لحركته الاصلاحية القران الكريم الذي جعل واحدا ًمن واجبات الفرد المسلم هو الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وجعل وجوب تغيير الفساد مرحلة مهمة من مراحل هذه الفريضة حينما لا يكفي الإنكار بالقلب او القول باللسان.

فهذا المبدأ الذي وضحه القران الكريم والحت عليه السنة النبوية لهو اللجام الأقوى عملياً لدرء كل الاخطار في مهدها ،فهو يبدأ متدرجا من اتخاذ الموقف الصامت تجاه أخطاء الاخرين ومحاولة التعبير عن عدم الرضا والمجافاة لأصحاب المسالك والدوافع السيئة مما يجعل اصحاب هذا السلوك في زاوية محصورة تؤدي بهم الى اهلاك ما نازعهم وراودهم والعودة الى الجماعة المؤمنة الصالحة التي لا تبتغي الا رضا الله تعالى وتحقيق غايته العليا المجتمع الغني بالمثل والاخلاق الحميدة وقد وصف القران العظيم امتنا بهذا الوصف كُنتُمْ خَيرَ أُمّةٍ أُخْرِجَت لِلنّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ تَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكرِ وَ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَ لَوْ ءَامَنَ أَهْلُ الْكتَبِ لَكانَ خَيراً لّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَ أَكثرُهُمُ الْفَسِقُونَ (110) سورة آل عمران – 110
وروي في فضل هذه الفريضة وشرفها عن أمير المؤمنين (ع) قوله: (وما أعمال البرِّ كلها، والجهاد في سبيل الله عند الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا كنفثة في بحر لجّيّ )

 

ويوجد لدينا شواهد كثيرة حول النتائج الايجابية لهذه الحركة ولا نذهب بعيدا فالشهيد محمد صادق الصدر قدس سره يعتبر شاهد العصر لنفض غبار الكسل وكذلك نجد سماحة المرجع اليعقوبي دام ظله مكملا لمسيرة نفض الكسل وبث روح العمل الاجتماعي في نفوس المجتمع من خلال حركته وخطاباته ومشاريعه ووقوفه ضد الحركة التي تهدف الى تهديم القيم المجتمعية والانسانية ولعل البعض يقول لا الكلام ليس بصحيح لان المجتمع ليس هكذا فنجد الشباب في جبهات القتال ضد داعش ونجدهم في ساحات التظاهر في انتفاضة تشرين ونجدهم هم اصحاب التكافل الاجتماعي في جائحة كورونا.

اقول صحيح فهذه كلها شواهد للحركة ونفض غبار الكسل التي تحدث عنها سماحة المرجع في خطبة عيد الفطر المبارك والتي كانت بعنوان “يا ايها المدثر قم فانذر “حيث ذكر سماحته ” لنتأسى بالنبي (ص) في هذا الخطاب القرآني وننفض دثار الكسل والتردد وسائر الأمور المحبطة وننطلق في ميدان الدعوة الى الله تبارك وتعالى بالحكمة والموعظة الحسنة بعد ان نبني أنفسنا بالخصال الكريمة التي ذكرتها الآيات الشريفة.

لكن الكلام موجه للفئات التي لها ثقل في المجتمع واقصد النخب الحوزوية والنخب الاكاديمية المثقفة الواعية التي يقع على عاتقها الثقل الاكبر في هذه العملية وفي الحركية فرجل الدين مثلا مطلوب منه ان يكون القدوة الحسنة للحركة والعمل ونفض غبار الكسل ويكون في وسط الشباب في كل الساحات ليكون موجه لهم ويكون عنصر فعال وجاذب للإسلام من خلال تعاملاته وتوجد شواهد كثيرة لرجال دين كان هذا هو عملهم وكيف ان الشباب التفوا حولهم وانتفعوا منهم وكان هؤلاء الشباب ايضا عنصرا محرك في المجتمع.

وايضا لابد ان نعي ان النأي بالنفس عن العمل الاجتماعي والرسالي هو مصداق واضح لتجهيل الشعوب التي تعمل عليها الحضارة الغربية في سبيل جعل المجتمع متكاسل اتكالي غير فاعل وهذا ما يساعدهم على تمرير مخططاتهم التدميرية للمجتمع في سبيل خلق جيل يعيش في غربة عن دينه ومجتمعه
حيث تمركز الحضارة الغربية عبر مراكزها محور دعوتها على تدجين المجتمع بممارسة سياسة التجهيل من خلال ادوات التجهيل .

ومن اهم الادوات هو التركيز الموروث الفكري الساذج من تقاليد وعادات واساطير وخرافات بلباس ديني، فخلق شباب تؤمن (بالطنطل!!) و (الحرز!!) و (الجن!!) واعتماد الابراج في سير الحياة (تراه لا يقدم لاي عمل الا بعد قراءة برج اليوم!!، مهزلة وانحطاط فكري)، او النظرية العقائدية لنهاية البشرية ، والسؤال ما الفهم الدارج لعقيدة المنتظر الموعود؟؟ وتتسلسل علينا الاجوبة العجيبة ، (لما يظهر تتوقف جميع الاسلحة!!) ، او (العلم الان درجة واحدة ولما يظهر يأتي بــ 23 درجة ) ، او (لما يظهر يقتل الظالمين وكأننا في مجزرة !!) أي قائد رحمة تنتظرون ؟! ، وفي لحظات الانصات لاحد الخطباء تشعر بان ذلك المنتظر هو شخصية كارتونية من عالم الافلام الكارتونية (ساسوكي، خماسي، غريندايزر…..) وحاشا للامام (عليه افضل الصلاة والسلام) من هذا الوصف والمكانة التي جعلوه فيها .

وغير ذلك من الطرق والادوات كثير التي كلها تهدف الى تحطيم الروح الرسالية العاملة في نفوس ابناء المجتمع .

ولكي تشمّر عن ساعديك و تنال شرفٓ هذه الفريضة ما عليك سوى التركيز على التالي :

١ – نبذ كلّ الموروثات التي تهدف إلى تدمير روح العمل الإجتماعي و فقدان العزيمة و الإرادة للتأثير .
٢ – الوعي التام بما يريده الأعداء لنا ، من خلال معرفة منابع التجهيل و أدواتها ، و خصوصا سعيهم لخلق فجوة بين النظرية والتطبيق .
٣ – الإنتقال من القوة إلى الفعل ، أي الإنتقال من النظرية إلى التطبيق ، من المعرفة إلى العمل .
و لتكون النقاط أعلاه في مسارها الحقيقي ، تحتاج إلى :

١ – العمامة الرسالية الواعية العالمة بظروف زمانها و التي تكون قدوة حسنة للمجتمع ، و الشباب بصورة خاصة ، و معهم يد بيد في أرض الواقع لا تكون بعيدة عنهم بل تأخذ بأيدهم فالقائد يكون دائما في المقدمة لا يكتفي فقط بالتوجيه بل يسير هو على الدرب .
٢ – النّخب الأكاديمية الواعية و المثقّفة و التي تمتلك من الوعي و الإخلاص ، ما يجعلها منبر أكاديمياً يهدف إلى البناء و يسعى إلى خلق جيل واعٍ و يكون يداً بيد مع صاحب العمامة الواعية لأن كل واحد مكمل للآخر .
٣ – الاعلام الهادف و الواعي و الذي يعتمد على فضح المخططات التي يستخدمها الأعداء في تدمير المجتمع و وسيلتهم الرئيسية ” الإعلام ” ، لكن الإعلام الواعي يعتمد على العمامة الرسالية و النخب الأكاديمية الواعية ..
فلو اجتمعت كل هذه العناصر فان وعد الله تبارك وتعالى بان الغلبة لهم في النهاية {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور : 55].

 

لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا في موقع التلغرامالنعيم نيوز

ولمتابعتنا على موقع فيسبوك يرجى الضغط أيضا على الرابط التاليالنعيم نيوز

كما يمكنك الاشتراك أيضا على قناتنا في منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا علىقناة النعيم الفضائية

ولا تنسى أيضا الاشتراك في قناتنا على موقع الانستغرامالنعيم نيوز

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى