أقيمت صلاة الجمعة العبادية المباركة بإمامة فضيلة الشيخ جعفر الربيعي (حفظه الله) في جامع جنات النعيم.
حيث تضمنت خطبة الجمعة الأولى …
بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى في كتابه الكريم: ((وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمْ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)) البقرة282.
إن أعلى وأفضل نعمة أنعم الله بها على عباده من بعد نعمة الإيجاد هي نعمة العلم .. وهذه الآية الشريفة تتحدث عن الرابطة الوثيقة بين العلم والتقوى .. وعلاقة التأثير المتبادل بينهما .
وقسم العلم الى قسمان:
1-العلم الكسبي: وهو العلم الذي تحصل عليه النفس عن طريق الإحساس والتجربة والبرهان.
2-العلم اللدني: وهو العلم الذي يفاض على النفس من قبل الله تبارك وتعالى .. وهو المشار إليه بقوله تعالى في سورة الكهف اية 65: (فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا) .
الاول: والتقوى لما كانت متوقفة على المعرفة، فهي مسببة عن الأول (العلم الكسبي) تعرف به حقيقة التقوى وعن ماذا تتقي .. فإذا بلغ العبد مقاما عاليا من التقوى أفاض الله عليه من لدنه علما فكانت التقوى سبب للعلم اللدني .. قال تعالى {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ}، وعن النبي (صلى الله عليه واله) أنه قال: (لو خفتم الله حق خيفته [وهذا إنما يكون بالتقوى] لعُلّمتم العلم الذي لا جهل معه) وهو العلم اللّدني.
المصدر الثاني للعلم اللدني: العمل بما تعلم .. فان العمل بما تعلم ينتج علما جديدا .. فعن رسول الله (صلى الله عليه واله) قال (من تعلّم فعمل علّمه الله ما لم يعلم) فهذه إذن زيادة في العلم حصل عليها من خلال العمل بما علم.
المصدر الثالث للعلم اللدني : زكاة العلم ونشره .. فمن خلال إنفاق العلم ونشره وتعليمه من لا يعلمه بأيّ وسيلة للنشر التي اتّسعت اليوم وأصبح بإمكان الشخص أن يخاطب الآخرين في العالم كله .. فإن ذلك يورثك علما جديدا يفاض عليك من الباري جل وعلا .
وتطرق ايضا فضيلة الشيخ الى السيدة زينب عليها السلام:
ونمثل لهؤلاء بصاحبة ذكرى هذا اليوم ، وهي السيدة زينب صلوات الله عليها، والتي وصفها الإمام السجاد عليه السلام بقوله: (أنت بحمد الله عالمة غير معلمة، وفهمة غير مفهمة).
وهذا الوصف الذي أطلقه الامام عليه السلام ووصف به عمته زينب عليها السلام انما ينطبق على القسم الثاني من اقسام العلم فهي عالمة غير معلمة .. بمعنى أن علمها ليس كسبيا، وإنما مفاض عليها من الله جل وعلا .. وهذا المقام هو الذي أهلّها لتكون نائبة عن الإمام (عليه السلام) في حال مرضه،
والوجه في تركيز الامام (عليه السلام) على هذه الصفة من صفات عمته زينب (عليها السلام) يعود الى كون صفة العلم هي المنشأ لأغلب الصفات الكمالية فاذا أثبتها الامام فهو قد اثبت بقية الصفات بالملازمة .. ومن هذه الصفات:
الصفة الأولى: العصمة.
الصفة الثانية: الرضا والتسليم.
الصفة الثالثة : الشجاعة والثبات .
ولسيدتنا زينب عليها السلام موقف في الشام حيث وقفت بقوة ثبات ورباطة جأش.. مخاطبة يزيد: (أ من العدل يا ابن الطلقاء، تخديرك حرائرك وإمائك، وسوقك بنات رسول الله سبايا: قد هتكت ستورهن، وأبديت وجوههن، تحدو بهن الأعداء من بلد إلى بلد، ويستشرفهن أهل المناهل والمعاقل، ويتصفح وجوههن القريب والبعيد، والدني والشريف، ليس معهن من حماتهن حمي، ولا من رجالهن ولي؟)
وهذا الخطاب الزينبي .. يمكن أن نخاطب به فئتين من الناس:
الفئة الأولى: النساء المسلمات في هذه الأيام .
الفئة الثانية: المتاجرين بأسم السيدة زينب وأهل البيت عليهم السلام، ممن يحاول أن يروج لبضاعته بواسطة الإساءة لأهل بيت العصمة والعفة والطهارة .. حين يصور السيدة زينب عليها السلام بصور تحط من مكانتها القدسية … ويصورها بصورة الذليلة المهزومة تشق جيبها وتصرخ بمحضر الأجانب لكن غيرة الله تعالى عليها حين حفها بهالة من الأستار النورانية تحجبها عن الأنظار، وغيرة الإمام المهدي (عج) عليها حين أبى أن يبقى هذا الأمر الغيبي طي الكتمان .. فأراد أن يظهره على يد أحد شيعته فظهر في قصيدة الشيخ هادي كاشف الغطاء وهذا إنما يدل على عظمة ومكانة السيدة زينب عليها السلام عند الله تعالى، وعند صاحب الأمر صلوات الله عليه .
واستهل فضيلة الشيخ جعفر الربيعي خطبة الجمعة الثانية حيث تضمنت :-
بسم الله الرحمن الرحيم
وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)
روى الشيخ الصدوق بسنده عن جابر بن عبدالله الأنصاري أن رسول الله (صلى الله عليه واله) ذكر الإمام المهدي (عج) في كلام له، وذكر غيبته .. فسأله جابر: يا رسول الله فهل يقع لشيعته الانتفاع به في غيبته؟، فقال (ص) إي والذي بعثني بالنبوة، إنهم ليستضيئون بنوره، وينتفعون بولايته في غيبته، كانتفاع الناس بالشمس وإن تجللها سحاب ..م/ إكمال الدين
ويبدوا أن السؤال عن وجه الانتفاع بالإمام المهدي (ع) في غيبته حاضراً في أذهان جميع أجيال الأمة .. فقد تكرر هذا المعنى في أكثر من حديث عنهم (ع) فقد سئل الامام الصادق (ع): كيف ينتفع الناس بالحجة الغائب المستور؟ قال:(كما ينتفعون بالشمس إذا سترها السحاب).
ومنشأُ هذه التساؤلات هو وجود تصور ذهني بأن الآثار والبركات المرجوّة من الامام والقائد مرتبطة بظهوره للناس كسؤاله عن الأحكام الشرعية أو حلّه للمشكلات العلمية والاجتماعية وتزوّد الناس من محضره الشريف ولا يكادون يفهمون وجهاً للانتفاع به إذا غاب .. فالإعتقاد بـموجود موعود خاف عن انظار الناس ليس بالأمر السهل ولا يمكن فهمه إلا من اهل التدبر والبصيرة.
وكذلك الوجود المبارك له عليه السلام باعتباره خليفة الله فهو أكبر وأجل من يحول بينه وبين الكون شيء.
الأمر الثاني : الشمس محور حركة كواكب هذه المجموعة الشمسية .. وبالتالي فإن انتفاع موجودات المنظومة الشمسية منها لا ينحصر بافاضة نورها عليها حتى ينتفي نفعها بغيابها خلف السحاب … وإلا فطاقة الجاذبية هي اساس ثبات وتماسك وبقاء النظام الكوني ، وكذلك هبوب الرياح وهطول الامطار ونمو النباتات وغير ذلك كله بتأثير وجود الشمس.
وكذلك وجوده المبارك فهو محور نظام الكون، فهو مؤثر في كل حركة إيجابية فيه باعتباره واسطة الفيض الالهي ..كما ورد في الدعاء: ( ببقائه بقيت الدنيا ، وبيمينه رزق الورى ، وبوجوده ثبتت الأرض والسماء).
الأمر الثالث : إن السحاب يحجب النظر من الارض نحو الشمس، أما من خرج عن هذا الحيز الضيق (الأرض) وانطلق في الفضاء الخارجي فإنه لا يحجب نور الشمس عنه أي شيء
وكذلك الحال بالنسبة الى وجوده المبارك ، فهو غائب عن هذه العيون الدنيوية التي يقتصر نظرها الى عالم الطبيعة فيغيب عنها كل ما يقع خلف السحاب … وأما أولئك الذين نفضوا عن انظارهم غبار الشهوات وأهواء النفس فلا يبقى هذا الوجود المبارك غائبا عنهم, والأرض إشارة الى هذا البدن
الأمر الرابع : إن ضياء الشمس يصيب كل ما يقع عليه بالتساوي فهو لا يتحدد ولا يتجزأ .. ولكن هذه الموجودات التي يصيبها ضوء الشمس إنما تستفيد منه بحسب قابليتها واستعدادها لتلقي وتوضيف هذا النور ..
وكذلك الوجود المبارك له عليه السلام ، باعتباره واسطة الفيض الالهي يفيض ببركاته على الجميع بلا تفاوت ، إلا أن التفاوت يقع في قابلية القابل ومدى استعداده للتلقي وقوة ارتباطه بمنبع الفيض
الأمر الخامس : إن السحاب إذا اشتد حال دون ضوء الشمس وعمت الظلمة واشتدت البرودة واختل نظام الحياة ..
وكذلك لولا وجوده المبارك لعم ضيق العيش وتفشى الظلم، وتآمر الأعداء على الأولياء .. والى هذا المعنى يشير (ص) في رسالته الى الشيخ المفيد حيث يقول : ( إنا غير مهملين لمراعاتكم، ولا ناسين لذكركم، ولولا ذلك لنزل بكم اللأواء واصطلمكم الأعداء).
فشدة هذه المحن والبلاءات تتبع شدة الحجاب بيننا وبينه عليه السلام .. فكلما ابتعدنا عنه (ص) بما يصدر منا مما يكرهه، ازداد ذلك الحجاب سمكا، مما يؤذن بازدياد البلاءات والمحن .. ومع ذلك فهو لا يتخلى عنا ويبقى راعيا لنا .. فكان وجوده المبارك سببا في استمرار التشيع وحيويته .
لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا في موقع التلغرام: النعيم نيوز
و لمتابعتنا على موقع فيسبوك يرجى الضغط أيضا على الرابط التالي: النعيم نيوز
كما يمكنك الاشتراك أيضا على قناتنا في منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية
و لا تنسى أيضا الاشتراك في قناتنا على موقع الانستغرام: النعيم نيوز