أقيمت صلاة الجمعة المباركة في مسجد وحسينية الامام الحسن المجتبى ( ع ) في خانقين منطقة علي مراد بإمامة سماحة الشيخ ( حسين_المندلاوي ) وحضور جمع مبارك من المؤمنين .
عنوان الخطبة ( الإمام الجواد (ع) الشاهد والشهيد )
قمر من اقمار بيت النبوة والرحمة، وشعاع محمدي منير انار للبشرية طريق الهدى والصلاح والاصلاح والفضيلة، عرف بالجود وسعة العطاء والعلم والمعرفة، وكثرة العبادة فكان سيد زمانه وسلطان العارفين، ذلك هو محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب تاسع الأئمة وأحد المعصومين الأربعة عشر(ع) وارث العلم والرسالة وحجة الله على الخلق.
كان الإمام الجواد (ع) بحسب المصادر الاسلامية أعجوبة لم تسبق بها الأمة الإسلامية. فقد نهض بأعباء الإمامة بعد أبيه الرضا (ع) وعمره تسع سنوات. وهو أمر استدعى التأمل والاستغراب حتى من قبل أتباع الإمام الرضا (ع) حين سئل عمن يخلفه، فأشار إليه وهو صغير. كان ذلك ما ميّز الإمام الجواد (ع) من بين الأئمة المعصومين الباقين، فقد تأخرت ولادته زمناً جعل أتباع أهل البيت في قلق، ثم تقلد الإمامة هو صغير السن، كبير العقل، خارقاً في منطقه وحكمته وعلمه، ثم توفي وهو شاب لا يتجاوز الخامسة والعشرين من عمره.
رغم أن ابنه الإمام الهادي (ع) تولى الإمامة وهو صغير أيضاً، لكن خبر تولي الإمام الجواد (ع) الإمامة وهو صغير انتشر وذاع ذكره، وذلك لأن مركز ذيوعه كان قصر الخليفة المأمون الذي أقام المناظرة الكبرى الشهيرة بين الإمام الجواد وبين قاضي قضاة المسلمين في حينه يحيى بن أكثم. ولد الإمام الجواد (ع) في المدينة المنورة يوم الجمعة العاشر من شهر رجب الأصب من سنة خمس وتسعين ومائة من الهجرة المباركة ويؤيد هذا القول بل يؤكده ويلزم به الدعاء المنسوب إلى مولانا الحجة المنتظر (ع) وقد أمر (ع) بقراءته أيام رجب وأوله (اللهم إني اسألك بالمولودين في رجب، محمد بن علي الثاني، وابنه علي بن محمد المنتجب).
واُمّه أمّ ولد، يقال لها: سبيكة، نوبية، وقيل أيضاً: أنّ اسمها كان خيزران، وروي أنّها كانت من أهل بيت مارية أمّ إبراهيم أبن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، وتدعى درّة وكانت مرّيسية ثمّ سـمّاها الرّضا خيزران، ويقال: ريحانة، وتكنّى أمّ الحسن وقيل: سكينة المرسيّة. وكُنّي بأبي جعفر من يوم مولده، وما كان الإمام الرضا عليه السلام يدعوه إلاّ بها، وهي الكنية المشهور بها، ثم عرّفه الرواة والمحدِّثون بالثاني لتمييزه عن الاِمام أبي جعفر الباقر عليه السلام. ويكنّى أيضاً بأبي عليّ، ولا يُعرف بها.
وعرف (ع) بأكثر من لقب، فأشهر ألقابه الجواد، ثم التقي. والقانع، والمرتضى، والمختار، والمتوكل، والمنتجب، والنجيب، والمتقي، والزكي، ويعرف بباب المراد، لأنه الباب الذي يطرق طلباً للحاجات من الله سبحانه.
سنوات عمره وحياته بشكل عام
كان الإمام الجواد (ع) صغير السن حين تولى الإمامة بعد شهادة ابيه الرضا (ع) فإنه كان ابن سبع سنين وثلاثة أشهر، او تسع سنوات وأشهراً، بل كان عمره (ع) على المشهور سبع سنين وسبعة أشهر وسبعة أيام، ولم يتولَ احد الإمامة في مثل هذا العمر الصغير إلا ابنه الإمام الهادي (ع) بعده. وبعدهما الإمام الحجة (عج)، وكان أيضاً أقل الأئمة عمراً، فقد عاش (ع) على المشهور خمساً وعشرين سنة وأربعة أشهر وستاً وعشرين يوماً فقط، وإذا حدفنا منها سنوات حياته مع أبيه (ع) وهي سبع سنوات وتسعة أشهر وتسعة عشر يوماً، فتكون مدة إمامته سبع عشرة سنة وتسعة أشهر وتسعة عشر يوماً.
حياته وملوك عصره
عاصر الإمام الجواد (ع) وكما نقل موقع العتبة الكاظمية المقدسة، شطراً من خلافة المأمون، وسنتين من خلافة المعتصم. أما المأمون، الذي اتجهت اليه أصابع الاتهام في قتل الإمام الرضا (ع) ، فقد حاول استقطاب ابنه الإمام الجواد (ع) واستمالته إليه، في محاولة منه لإسقاط التهمة عنه وتبرئة ساحته من دم أبيه. فقام باستدعاء الإمام الجواد من المدينة، وعرض عليه أن يزوّجه ابنته أم الفضل، أملا في أن تشفع له المصاهرة في نسيان دم أبيه. لكن قراراً كهذا ووجه بثورة من رجال البلاط المحيطين بالمأمون. فقرار كهذا يبعثهم فيهم القلق على مستقبل العرش العباسي، وكانت تجربة ولاية العهد لأبيه الإمام الرضا (ع) من قبل المأمون قد جرّت عليهم قلقاً مماثلا.
حاولوا بشتى السبل إقناعه في العدول عن عزمه، لكنه لم يستجب لضغوطهم. فتنازلوا بعض الشيء، وقالوا له إنه صغير لم يتعلم ولم يتفقه، وتنقصه الثقافة العامة. فاتركه حيناً يتعلم ويكتسب من المعارف ما يؤهله أن يكون صهراً للخليفة. ضحك المأمون من مبرراتهم التي طروحها لدفعه الى الرجوع عن قراره او تأخير تنفيذه على الأقل. فعرض عليهم أن يمتحنوه بما يشاؤون من المعارف. فإن فشل في الاختبار، أخذ بمشورتهم. واذا نجح في الاختبار فله أن يمضي في قراره دون أن يكون لهم الاعتراض.
وافق رجال البلاط على عرض المأمون، وأعدوا ليوم الاختبار، واستدعوا قاضي القضاة في زمانه، يحيى بن أكثم، وطلبوا منه أن يهيئ من المسائل الشداد ما يفشل خطط الخليفة ويحقق لهم أهدافهم بمنع تلك الزيجة. وجاء اليوم الحاسم فاجتمع القوم، واستأذن قاضي القضاة الخليفة المأمون في أن يسأل الإمام الجواد (ع) بعض المسائل في الفقه. فأشار عليه أن يستأذن من الإمام في السؤال. تقدم القاضي للاستئذان وتطلع في وجه الصبي، وهو غير مصدق بجدوى توجيه أسئلة فقهية كبرى الى صبي في مثل ذلك السن، لكن عليه أن يمتثل أمر أولئك الرجال الذين استدعوه الى المنازلة، وربما وعدوه بالجوائز والعطايا إن حقق لهم مآربهم في إفحام الإمام وإفشال مخطط الخليفة.
وانتهى عهد المأمون، وتولى الخلافة بعده أخوه المعتصم. ولم يكن يروق للمعتصم المكانة التي يحظى بها الإمام الجواد (ع) بين أصحابه أو عند سلفه المأمون. وهو يتذكر على الدوام التجارب التي مرّ بها آباؤه العباسيون مع أفراد هذا البيت، الذي ظلّ على مرّ الزمن مصدر قلق لعروشهم. تولى المعتصم الخلافة في عام 218 ﻫ بعد وفاة أخيه المأمون. وظل يتحين الفرص لقتل الإمام.
وجاءته الفرصة مواتية له حينما علم أن زوجة الإمام، أم الفضل، وهي ابنة أخيه المأمون، على غير وفاق مع زوجها، بسبب غيرتها من زوجته الأخرى. فطلب منها أن تدس السم إليه في العنب. ففعلت ذلك. وحينما رأت الإمام (ع) وهو يصارع الموت من شدة السمّ، ندمت على ما فعلت وانفجرت باكية. ولكن أنّى لبكائها وندمها أن ينفعها وقد قتلت حجة الله في أرضه وإمام المسلمين. وصعدت روحه الطاهرة ليلتحق بجدّه (ص) وآبائه الطاهرين الذين سبقوه بالنهاية نفسها. ودفن الى جوار جده الإمام موسى بن جعفر الكاظم في الكاظمية المقدسة التي كانت تسمى قديماً مقبرة قريش.
العبادة والزهد والكرامات
كان إمامنا الجواد كثير النوافل يصلي ركعتين يقرأ في كل ركعة الفاتحة وسورة الإخلاص سبعين مرة وكان كثير الصيام، بل يأمر بعض أصحابه المقربين ومن في بيته من الجواري والنساء أن يصوموا في أيام الاستحباب وهكذا يروي عنه الرواة أفعاله العبادية في الحج وأدعيته وأحرازه المشهورة. وسجل الإمام الجواد درسا رائعا في سجل الإنسانية عندما أعرض وهو في ريعان الشباب عن الأموال الطائلة التي كان يبعثها إليه المأمون وعن حياة الترف والبذخ، فهذا درس للزاهدين ونهج للمتقين أن لا يغتروا بالمال والمتاع. وينقل ان الحسين المكاري قدم الى بغداد وكان الإمام محاطا بالتعظيم والتكريم من قبل الأوساط الرسمية والشعبية فحدث نفسه أنه لا يرجع إلى وطنه بل يقيم عند الإمام في هذه النعم فعرف الإمام قصده فانعطف عليه وقال: يا حسين خبز الشعير وملح الجريش في حرم جدي رسول الله أحب إلي مما تراني فيه.
اقواله ووصاياه
قال (ع): العَامِل بالظلمِ والمُعينُ عليهِ والراضِي به شُرَكَاءٌ.
قال (عل): أربعُ خِصالٍ تُعيِّنِ المَرءَ على العمل: الصحّة، والغِنَى، والعِلم، والتوفِيق.
قال (ع ): إنّ لله عباداً يخصّهم بالنعم ويقرّها فيهم ما بذلوها، فإذا منعوها نزعها عنهم وحوّلها إلى غيرهم.
قال (ع ): من استغنى بالله افتقر الناس إليه، ومن اتّقى الله أحبّه الناس وأن كرهوا.
قال (ع ): لن يستكمل العبد حقيقة الإيمان حتّى يؤثر دينه على شهوته، ولن يهلك حتّى يؤثر شهوته على دينه.
قال (ع ): الفضائل أربعة أجناس: أحدها الحكمة، وقوامها في الفكرة، والثاني العفة وقوامها في الشهوة، والثالث القوّة، وقوامها في الغضب، والرابع العدل، وقوامه في اعتدال قوى النفس.
وحفظ لنا تراث الإمام الجواد (ع) عدد غير قليل من أصحابه وتلاميذه. وقد عدّ الشيخ محمد حسن آل ياسين (قدس سره) في كتابه الإمام محمد بن علي الجواد (ع) ما ينوف على المائة منهم، وذكر لهم كتباً ومصنفات كثيرة، مشتملة على ما دونوه عنه. ثم نقلت تلك الحصائل الى كتب الشيعة الإمامية الأربعة المعتمدة، وهي الكافي والتهذيب والاستبصار ومن لا يحضره الفقيه، وهي تعد جزءاً مهما من تراث أهل البيت (ع). هذا جزء بسيط من حياة الإمام الجواد (ع) فسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا.
لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا في موقع التلغرام: النعيم نيوز
ولمتابعتنا على موقع فيسبوك يرجى الضغط أيضا على الرابط التالي: النعيم نيوز
كما يمكنك الاشتراك أيضا على قناتنا في منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية
ولا تنسى أيضا الاشتراك في قناتنا على موقع الانستغرام: النعيم نيوز