المرجع اليعقوبي: يدعو الى ترسيخ صفة الحرص على مصالح الناس في نفوس ابناء الامة
دعا سماحة المرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي الى ترسيخ صفة الحرص على مصالح الناس والسعي لجلب الخير لهم وإسعادهم ودفع الضرر عنهم – في نفوس أبناء الأمة والتركيز عليها وبيانها والتعبئة باتجاهها والتشجيع عليها لترسخ في نفوسهم جيلا بعد جيل.
وأكّد اليعقوبي في معرض تفسيره للآية 128 من سورة التوبة {لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ}، خلال محاضرة القاها بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف في نهاية الأسبوع الدراسي على حشد من الأساتذة والفضلاء وطلبة العلم، بمكتبه في النجف الأشرف، فكلما ازدادت دائرة الحريصين على مصالح الأمة، ونفع العباد وهدايتهم الى ما يُصلِح أحوالهم في الدنيا والآخرة، فإن المجتمع يكون بخير.
ولفت سماحتُهُ الى أن فقدان هذه الصفة (صفة الحرص على مصالح الناس ورعايتهم) هو ما يفسّر الأحوال السيئة التي تعيشها الأمة الآن وفي كل آن، مع وجود هذه الوفرة من الإمكانات المادية والبشرية التي منّ الله تعالى بها عليها، ولأنها (الامة) ابتُليت بتسلّط شرذمة متجردة من هذه الصفة النبوية المباركة، التي كانت من الصفات السامية المميزة التي اتّصفت بها شخصية نبينا العظيم(صلى الله عليه وآله وسلم)، فقد كان (صلوات الله وسلامه عليه واله) كما وصفته الآية المباركة (حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ) أي أنه (صلى الله عليه وآله) كان حريصاً على الناس أجمع أكثر من حرص الأمّ على أولادها، ولم يقتصر حرصه (صلى الله عليه وآله وسلم) على المؤمنين برسالته (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) (الأنبياء:107)، فتراه يجتهد في هداية الناس وإصلاح أحوالهم وإسعادهم، ويتفانى في جلب خير الدنيا والآخرة لهم، ودفع الضرر عنهم، حتى أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) أشرف على الهلاك من شدّة الجهد النفسي والبدني، ولتأسّفه على عدم استطاعته الى هداية كل الناس- بسبب عنادهم وغوايتهم- وهذه أعلى درجات الحرص عليهم والرحمة بهم، فأشفق الله تبارك وتعالى على رسوله الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) وخاطبه بقوله عزّ من قائل: (فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَىٰ آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَٰذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا) (الكهف:6)، وقوله تعالى: (لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) (الشعراء:3)، والبخع: يعني قتل النفس غمّاً، فحثّه الله تعالى على أن لا يُهلِك نفسه حزناً وأسفاً، وليدع الناس وما اختاروا (لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَىٰ مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ ) (الأنفال:42).
وأشار سماحتُهُ الى أنّ خير من يجسّد هذه الصفات المباركة لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وخصوصاً صفة الحرص على مصالح الناس وهدايتهم، هو إمامنا المهدي الموعود (صلوات الله عليه)، فإنه أولى الناس باتباع جده المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) واقتفاء آثاره وسيرته المباركة، وهذا ممّا يزيد الموالين اطمئناناً وسكينةً بأنهم في رعاية أحرص الناس عليهم وأكثرهم حنوّاً وعطفاً، ولو لم تكن في انتظاره وترقّب ظهوره إلا هذه الفائدة لكفى بها أملاً وهدفاً عظيماً، تنعقد الآمال عليه وترنو الأبصار اليه، فقد جاء في رسالته الى الشيخ المفيد (رحمه الله تعالى) قوله (عليه السلام): (إنّا غير مهملين لمراعاتكم، ولا ناسين لذكركم، ولولا ذلك لنزل بكم اللأواء، أو اصطلمكم الأعداء، فاتقوا الله جلّ جلاله، وظاهرونا على انتياشكم من فتنة قد أنافت عليكم.
وحثّ سماحتُهُ الحوزة العلمية الشريفة وسائر المؤمنين الرساليّين على تربية نفوسهم على هذه الصفة الحميدة، والتركيز عليها، فهم أولى الناس بالتأسّي برسول الله (صلى الله عليه وآله الكرام)، ولأنّ الناس حينما يجدون هذه الصفة في الواعظ والمبلّغ والمربّي والمعلّم والمسؤول، فإنهم ينقادون له ويأخذون منه، لأنهم يجدونه صادقاً في جلب الخير لهم وتحقيق مصالحهم وهدايتهم الى سعادة الدنيا والآخرة، لوجه الله تعالى من دون أن ينتظر منهم (جَزَاءً وَلَا شُكُورًا) (الإنسان:9) فترسخ قناعة الناس به، وهنا تبرز أهمية هذه الصفة في نجاح الدعوة الى الله تعالى، وفي ذات الوقت فإن فقدان (صفة الحرص على مصالح الناس وهدايتهم ورعايتهم) ذلك سيكون سبباً منفّراً من صاحبها، وإذا كان ذا عنوان ديني فإنّ النفور سيكون من الدين نفسه لا سمح الله.
لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا في موقع التلغرام: النعيم نيوز
و لمتابعتنا على موقع فيسبوك يرجى الضغط أيضا على الرابط التالي: النعيم نيوز
كما يمكنك الاشتراك أيضا على قناتنا في منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية
و لا تنسى أيضا الاشتراك في قناتنا على موقع الانستغرام: النعيم نيوز