المخزون المائي “على المحك”.. نهر دجلة يشهد حالة جفاف غير مسبوقة
بات العراق اليوم، واحداً من أكثر 5 بلدان في العالم عرضة لعواقب تغيّر المناخ، مع الجفاف وانخفاض نسبة الأمطار، وارتفاع درجات الحرارة والتصحّر المتسارع.
عدة عوامل أثرت في تراجع منسوب نهري دجلة والفرات، وهذا الأمر ليس بجديد وهو يعود لعام 2003، والآن بات الحديث الشاغل مع تناقل مواقع التواصل الاجتماعي لمقاطع مصورة، تظهر تعرض نهر دجلة جنوبي البلاد، لحالة جفاف لم يشهدها سابقاً.
جفاف غير مسبوق
المقاطع التي تم تداولها، والتي وصفت “بالصادمة”، بيّنت عبور مواطنين من نهر دجلة في محافظة ميسان وسط مدينة العمارة سيراً على الأقدام نحو الضفة الأخرى، بعد الجفاف الذي حل به.
أما في محافظة ذي قار، أظهر فيديو جفاف نهر دجلة وتحديداً من الجهة التي تربط قضاءين زراعيين ببعضهما، حيث وثق المقطع ظهور دعامات الجسر الرابط بينهما.
وفي هذه الأثناء، نبهت وزارة الموارد المائية، أن المخزون المائي في البلاد “بات على المحك”.
ولفتت، إلى أن “العراق فقد 70% من حصصه المائية بسبب سياسة دول الجوار”، مشيرة إلى أن “الانخفاض الحاصل بالحصص المائية في بعض المحافظات الجنوبية، عائد إلى قلة الإيرادات المائية الواردة إلى سد الموصل على دجلة، وسد حديثة على الفرات من الجارة تركيا”، مبيّنة أن ذلك أدى إلى “انخفاض حاد في الخزين المائي في البلاد”.
ونوهت الوزارة، إلى أن “أساليب الري الخاطئة، أدت إلى زيادة حدة هذا النقص”، مشيرةً إلى “عدم التزام المزارعين بالمساحات الزراعية المقررة”، وفق الخطة الموضوعة من السلطات.
وكان العراق، دعا “تركيا وإيران إلى اتخاذ خطوات جادة وعملية للتوصّل إلى اتفاق لتوفير حصة عادلة من المياه له، مع تراجع منسوب نهري دجلة والفرات”.
وأكد رئيس الجمهورية، عبد اللطيف رشيد، خلال ترؤسه في بغداد اجتماعاً موسعاً بشأن ملف المياه في العراق، على “أهمية مؤتمر نيويورك للمياه المزمع عقده قريباً، وضرورة طرح موقف العراق المائي والمشكلات الناجمة عن شحة المياه والتغيرات المناخية”.
وشدد، على “أهمية الحاجة إلى خطوات جادة وعملية للتوصّل إلى اتفاق مع دول الجوار، في إشارة إلى تركيا وإيران اللتين تعتبران رافدين لمياهه، من أجل تقاسم الضرر وتوفير حصة عادلة من المياه”.
وأوضح الرئيس رشيد، “أهمية الاهتمام بالموارد المائية في العراق والحفاظ عليها بإجراءات جادة وفاعلة، خصوصاً أننا من الدول الأكثر تأثراً بالتغيرات المناخية والجفاف والتصحر”.
القادم “أصعب”
منذ يومين، صرح وزير الموارد المائية، عون ذياب، بأن البلاد تمر بـ”أسوأ” عام، بسبب تراجع منسوب المياه في نهري دجلة والفرات، محذراً من أن القادم “أصعب”.
وفي تصريحات متلفزة، قال ذياب: “هذه السنة تعتبر أسوأ سنة نمر بها فيما يخص الواردات المائية وتخزين المياه منذ عام 1933، منذ بدء تسجيل البيانات الهيدرولوجية تاريخياً”.
وأكد، أن “العراق لم يستطع توضيح حجم المشكلة للمجتمع الدولي”، داعياً إلى “زيادة الدعم الدولي”.
وتابع وزير الموارد، أن “الطلب على المياه زاد والكمية محدودة، ومع مرور الزمن سنواجه مشكلة أصعب”.
وخلال زيارته الأخيرة لبغداد، أشار الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إلى أن نهري دجلة والفرات “يجفان”، لافتاً إلى أن تدفق المياه “قل بشكل كبير”، معتبراً ذلك “تهديداً يتطلب انتباهاً عالمياً”.
كما حذر عضو لجنة العلاقات الخارجية النيابية، النائب مثنى أمين، من أن “الوضع المائي للبلاد دخل في مرحلة الخطر”، داعياً “تركيا وإيران إلى توقيع معاهدة هلسنكي للمياه، واحترام الحصص المائية للعراق”.
وقال أمين، في تصريح لوكالات محلية، “لدينا مشاكل كبيرة مع دول الجوار تركيا وإيران، ولازالت هذه الدول لم تصل إلى رؤية واضحة بخصوص الحقوق المائية للعراق، واحترام هذه الحصص المائية”.
وفي السياق ذاته، أوضح خبير الأرصاد الجوية، صادق عطية، عبر حسابه في “فيسبوك”، أن “شح مياه نهري دجلة والفرات وجفاف أغلب روافدهما تنذر بموسم صيف هو الأشد جفافاً، حسب المعطيات الحالية”، مبيّناً أن “ما تبقى من موسم الأمطار، لن يكون كافياً لإغناء منسوب النهرين، أو بحيرات الخزن والسدود”.
تحذيرات
وفيما يتعلق بآراء خبراء مياه وبيئة عراقيين، فإن البلاد ستكون مقبلة على أزمة حادة تتعلق بتوفير مياه الري والشرب خلال الصيف القادم، حيث يقول الخبير البيئي والمناخي وعضو الاتحاد العالمي لحماية الطبيعة، أيمن قدوري، في لقاء مع موقع “سكاي نيوز عربية”: “بعد عام 2003 تعرض العراق لحرب من نوع خاص، استهدفت موارده المائية وشجعت ظروفه الداخلية المضطربة، دول المنبع على الشروع في عملية تعطيش له”.
وتابع، “بهدف استثمار الواردات المائية دون الرجوع لحقوق الدول المتشاطئة وخروجاً عن اتفاقية نيويورك عام 1997 التي ضمنت حقوق الدول المتشاركة في الأنهار والمجاري المائية العابرة للحدود، والتي لم تلتزم بها كل من تركيا وإيران”.
وأضاف قدوري، “والنتيجة كارثية حيث مع مطلع يوليو/تموز القادم، سيبدأ العد العكسي لفقدان أجزاء من نهري دجلة والفرات، وستعاني المحافظات (ديالى، ذي قار، ميسان، البصرة) من أزمة مياه شرب خلال فصل الصيف القادم، حيث ارتفع العجز المائي في العراق بحدود 55%”.
أما الأستاذ في جامعة تكريت، عبد الكريم رشيد عبداللطيف، فقد دعا إلى أن “تكون هناك ضغوط على وزارة الموارد المائية، لغرض الإسراع بإعداد مشاريع بديلة للطوارئ”.
وقال عبد اللطيف، إن “الصحراء الغربية فيها من المياه ما يكفي العراق لعشرات السنين، كذلك يمكن إنشاء محطات تحلية المياه من الخليج، اذ ان البقاء على الحالة يمكن أن يسبب كارثة بشرية”.
ونهاية عام 2021 حذّر البنك الدولي، من أنه “بحلول عام 2050، سيؤدي ارتفاع الحرارة درجة مئوية واحدة وانخفاض المتساقطات بنسبة 10%، إلى انخفاض بنسبة 20% في المياه العذبة المتاحة” في العراق.
وكان “مؤشر الإجهاد المائي”، قد توقع أن العراق سيكون أرضاً بلا أنهار بحلول عام 2040، ولن يصل النهران العظيمان إلى المصب النهائي في الخليج العربي.
وأشارت الدراسة، إلى أنه في عام 2025 ستكون ملامح الجفاف الشديد واضحة جداً في عموم البلاد، مع جفاف شبه كلي لنهر الفرات باتجاه الجنوب، وتحول نهر دجلة إلى مجرى مائي محدود الموارد.
لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا في موقع التلغرام: النعيم نيوز
ولمتابعتنا على موقع فيسبوك يرجى الضغط أيضا على الرابط التالي: النعيم نيوز
كما يمكنك الاشتراك أيضا على قناتنا في منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية
ولا تنسى أيضا الاشتراك في قناتنا على موقع الانستغرام: النعيم نيوز