العولمة وما بعد الحداثة
كتب علي المرهج: ارتبط فكر فلاسفة ما بعد الحداثة بفلسفة نيتشه، التي تؤكد ضرورة القضاء على ما تبقى من قيم العالم الحديث.
عن طريق الاسهام في هدم القيم البالية وفضح النزعة المثالية ونقض الميتافيزيقا. فضلا عن تبشير نيتشه بقيم جديدة تمليها ارادة الانسان الاعلى اذ يقول {لقد ماتت الالهة وما يجب علينا أن نفعله هو أن نساعد الانسان الأعلى Superman على ان يعيش ويحيا}.
ذلك الانسان السوبرمان أصبح مع دعاة العولمة هو الانسان الاقتصادي المرتبط بالمال والأرض، وما بعد الحداثة في احد أوجهها كما يرى فردريك جمسون احد نقاد فكر ما بعد الحداثة انها ” كلمة تنطوي على مفهوم التمرحل، الذي تكون مهمته منصبة على بروز سمات شكلية جديدة في الثقافة، وبروز نمط جديد من الحياة الاجتماعية، ونظام اقتصادي جديد يعرف غالبا ما بعد الصناعي أو الاستهلاكي “، كما وصف جمسون ما بعد الحداثة بأنها “هيمنة ثقافية أو رد فعل تجاه الحداثة وعلى تحول حاسم من الاحتكار إلى الرأسمالية متعددة الجنسيات “.
بينما يرى بيتر بروكر أنه “اذا اعتبرنا ما بعد الحداثة حالة تاريخية، فانها مرتبطة بصورة وثيقة بحقائق القوة الاقتصادية والسياسية والعسكرية وتؤكد على النفوذ الثقافي الحضاري التام لامريكا والغرب”.
اذن فكثير من الكتاب يرى ان العولمة هي ” احدى اللبنات الفكرية لحركة ما بعد الحداثة جاءت لتعبر عن التغييرات التي تشهدها الحياة”، لكن الذي يمكن قوله في هذا الصدد إن العولمة تقع ما بين الحداثة وما بعد الحداثة، فهي تأخذ من الحداثة وجهها السلطوي، فالحداثة عدت الذات مركز العالم، والعولمة عدت أميركا مركز العالم أو أن الوجه الحقيقي للعالم هو الوجه الليبرالي، بمعنى اخر ان هناك دول مركز ودول هامش، وعلى الهامش أن يسعى دوما إلى اللحاق بالمركز على حساب أن المركز يشكل النموذج أو المثال الذي يجب أن يقتدى به.
اما من ناحية علاقة (العولمة) بما بعد الحداثة فيمكن القول إن العولمة ترتبط بما بعد الحداثة كونها تحاول مسخ الهويات وازالتها وذلك عن طريق الايهام حول مفهوم الحقيقة، فهي تدعو إلى التنوع والاختلاف وهذه السمات هي من سمات فكر ما بعد الحداثة، إلا أن أصحاب العولمة هم من يمتلكون التقنية ورأس المال اللذيّن يساعدان في انتشار الثقافة، وأميركا هي من تمتلك هذه التقنية وتسيطر على أكبر رأس مال في العالم، وبالتالي فهي تحاول أن تؤثر في المجتمعات والدول بحيث تروج لثقافتها وتكثر من سيطرتها.
اذن السؤال القائم هو هل العولمة نظام؟
وللاجابة عن هذا السؤال يجب أن نعرف النظام، فكلمة النظام تعني: ترتيب الاشياء المبعثرة على اسس منطقية متناغمة، وفق قواعد موضوعية محددة. والمقصود بالنظام العالمي هو مجموعة المبادئ والاهداف والنظم التي تقوم عليها العلاقات بين الدول، ويمكن تعريف النظام بشكل مطلق بأنه مجموعة القواعد التي تحكم ظاهرة ما، اما النظام الدولي فهو يقوم على قاعدة رضائية واسعة تشمل الاغلبية الساحقة من المجتمع الدولي، قائم على المساواة وحق الشعب في تقرير مصيره.
أما العولمة بوصفها فكرة فهي قائمة على اسقاط لفكرة النظام أو النسق، وبوصفها واقعاً فهي دعوة لسيادة النمط أو النظام الأميركي، لذلك قال فوكوياما بنهاية التاريخ وتحقق الدولة الكاملة التي على الدول الاخرى الاتساق معها أو الانسياق في نظامها، الكوني، الذي أثبت أنه الاجدر بعد فشل الاشتراكية
السوفيتية في الحفاظ على نظامها فبعد تجريب جميع انوع الحكم فقد اثبت الشكل الديمقراطي الليبرالي والنظام الراسمالي نجاحه.
ومثلما آمن هيجل وماركس بان التطور المضطرد للمجتمعات البشرية لايصل إلى ما لانهاية انما هو محكوم بتوصل الانسان إلى شكل محدد لمجتمعه يرضي احتياجاته الاساسية، وعندما يتم التوصل إلى هذا الشكل يتوقف التطور، أو بمعنى اخر يصل التاريخ إلى نهايته، ويكون هناك نموذج سائد هوالنموذج النهائي.
لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا في موقع التلغرام: النعيم نيوز
ولمتابعتنا على موقع فيسبوك يرجى الضغط أيضا على الرابط التالي: النعيم نيوز
كما يمكنك الاشتراك أيضا على قناتنا في منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية
ولا تنسى أيضا الاشتراك في قناتنا على موقع الانستغرام: النعيم نيوز