الحوزة العلمية الشريفة: القبر له اعتبار معنوي وقدسي مرتبط بقدسية الشخصية التي تشرفت البقعة بها
أوضحت الحوزة العلمية الشريفة /فضلاء النجف الأشرَف، اليوم الثلاثاء، بشأن بناء مراقد الأئمة أهل البيت (ع) مقبرة البقيع.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاه والسلام على اشرف الخلق اجمعين محمد وآله الطيبين الطاهرين وصحبه المنتجين
يوافق الثامن من شهر شوال ذكرى المصيبة العظمى الا وهي هدم قبور أئمة البقيع من قبل الفرقة الوهابية الضالة وبهذه المناسبة الاليمة نرفع أسمى آيات العزاء إلى ولي الله الاعظم أمام العصر والزمان ( عجل الله تعالى فرجه) الشريف ومراجع الدين العظام، والحوزات العلمية، والمسلمين جميعا، خصوصاً مذهب أهل البيت عليهم السلام
مقبرة البقيع بما تحمله من عمق تاريخي وعقائدي وقيمي وحضاري تمثل وجها للتراث الثقافي الإسلامي للأمة ،
والذي تتذوق النفس البشرية السليمة في طريق تكاملها عبق ذكرياته دائما ، وتتحرى مواضع الجمال الانساني فيه ، لتستذكر وبوفاء سيرة ومسيرة عظماء الأولياء والقادة الذين قدموا كل شيء من أجل بناء الانسان وتحقيق سعادته وحفظ كرامته وتحديد المسارات الصحيحة في حياته.
وإن لتلك الآثار الشريفة في بقيع الغرفد دلالات للبشرية ومقوّمات للهداية ، وهي من أحسن الذكريات لا الذكرى فقط ، فالدنيا بأجمعها تحتفظ بالآثار بكل أنواعها ، حيث ان العقل والعرف يدلان على حفظها ، ولا يكون ذلك خلاف الشرع الذي يصرح بالمرور في ديارهم والنظر إلى آثارهم.
ونحن في يوم الثامن من شوال وهو يوم ذكرى رزية هدم قبور أهل البيت ع في بقيع المدينة لا نقف لاستذكار وقد مضى عليها الزمن الطويل واسدل عليها الستار ؟!
انما ننطلق من عمق ديني عقاذدي ثقافي حضاري أكبر رمن الحزن والألم والوشاح الاسود على الحجارة المهدمه مما يتصوره بعضهم حتى ممن يحسبون على مذهب اهل البيت ع ،
ففي استذكارنا مقاصد واهداف منها :
١_ اننا لم نرتبط بالتراب بما هو تراب، ولم نتأسف ونحزن على الحجارة بما هي حجارة مهدمه، اننا نرتبط دينيا وروحيا وعلميا و أخلاقيا وثقافيا وحضاريا بالشخصية التي شرف التراب بأن ضم جسدها الشريف، فالقبر له اعتبار معنوي وقدسي مرتبط بقدسية الشخصية التي تشرفت البقعة بها.
نحن نقف عند البقيع لنستذكر الرسالة الإسلامية، والذي ليس من الصحيح، ولا من الصواب، ولا من الشرع التجاوز بهدم مشاهد وقبور حملتها، وتراجمة وحيها وهم ال محمد عليه وعليهم السلام، الذين قدسهم الله تعالى، واذهب عنهم الرجس، فطهروا، وطهرت بهم البقاع، وتقدست بهم المشاهد، وحملت مدافنهم رمز القدسية والجلال.
قال تعالى : (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا) الأحزاب ٣٣
٢ _ الاستذكار استذكار شرعي وأخلاقي لا لأجل التراب بما هو تراب ، إنما للمخالفة الواضحة لسنة رسول الله صلى الله عليه وآله ، وللتجاوز على حرمة مشاهد تشرفت بأنها ملحد أجساد أولياء الله وهم ذرية رسول الله صلى الله عليه وآله، وهم موضع لمحبة جميع المسلمين ومودتهم وزيارتهم.
قال تعالى : ( قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ)الشورى ٢٣.
فالمراقد كانت موجودة في مكة المكرمة والمدينة المنورة حتى في فترة النبي الأكرم صلّى الله عليه وآله ، ولم تكن هناك أوامر صريحة منه عليه وآله الصلاة والسلام بعدم زيارتها او هدمها ، ومن هذه القبور قبر السيدة هاجر زوجة النبي إبراهيم ع وقبر ابنه إسماعيل ع ، وهناك بلدان أخرى تحتوي على المراقد والقباب المشيدة كالأردن وفلسطين وغيرها، يقول ابن تيمية في كتابه (الصراط المستقيم) : ” عندما تم فتح القدس كانت لقبور الأنبياء هناك أبنية ”
٣ _ إذا كان الكلام عن التحضر ، فنحن ننطلق من التحضر لاستنكار الجهل والتخلف والهمجية والبعد عن الثقافة ، فالحالة الحضارية توجب الإهتمام بالتراث والتأريخ، وهو من سمات الأمم المتحضرة النابضة بالحياة والتطور والتجديد، والتي لا تنسى عظماءها ولا تهمل آثارهم ، وهي دائمة التذكر والتخليد والاحتفاء بذكراهم .
فاحياء الذكرى صورة متحضرة للاعتراض على محاولات تمييع التاريخ الأصيل للامة الإسلامية ، ومحو آثاره ، وإزالة الشواهد العظيمه لرواده الأوائل ، والتي تعتبر محطات استذكار تنقلك إلى ماقبل آلاف السنوات حيث عصر النبوة والرسالة وأيام صحابة النبي صلى الله عليه وآله.
هذه الشواهد التي تعتبر نافذة من نوافذ تواصل الحاضر والمستقبل الذي بمثابة الأوراق والثمار ، مع الماضي الأصيل الذي هو بمثابة اصل الشجرة السامقة التي تؤتي أكلها كل حين.
قال تعالى : ( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ) إبراهيم 24
٤ _ نحن لا نستغرق في المأساة بشكل سلبي جامد عندما نمر بالذكرى سواء أكانت ذكرى شهادة الإمام المعصوم عليه السلام أو هدم قبره!!
و إنما نتعاطى إيجابيا مع كل أبعاد ذلك الحزن العميق الذي تكتنزه الحادثة، ونتحرى عن كل ما تحمله شخصية صاحب القبر المهدوم من ابعاد قيمية و تربوية وثقافية .
فالبقيع محطة للتزود بقيم السماء، فعندما تخنقك العبره حزنا على تهديم المشاهد، تستوقفك الذكرى على تاريخ القيم والمبادئ والفضائل والمواقف التي ثبتت الإسلام رسالة ومنهجا للحياة عبر عصور الإنسانية .
قال تعالى : (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ ۗ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَىٰ وَلَٰكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) يوسف : ١١١
٥ _ ان هذه القبور وهذه المشاهد الشريفة هي محال نزول رحمة الله تعالى ، وهي مهوى أفئدة المسلمين ،. ومعراج ادعيتهم، ومتنفس مناجاتهم، عندما يأتون إلى المدينة المنورة وينتقلون من زيارة قبر الخاتم صلى الله عليه وآله إلى زيارة قبور ذريته عليهم السلام .
فنحن نحزن كثيرا على هدم هذه الابواب الإلهية، والمتنفسات الروحية الجليلة القدر، العالية المقام، والتي جعل الله أصحابها وسائطا لفيضه، وسبلا يسلكها العباد للوصول إلى رضوانه، وجعل اماكنها محالا لذكره.
قال تعالى : (في بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ) النور (36).
٦ _ في ظل تكاثر دعوات الانفتاح والحوار والتسامح الديني والمذهبي والطائفي وحرية التعبير واحترام الرأي الآخر ، فإن احياء الذكرى الاليمة لهدم قبور ال محمد عليهم السلام، والوقفات الاحتجاجية السنوية للاحتجاج على منع بنائها ، و المطالبة بالسماح بتشييدها من جديد هي تجديد متواصل لصناعة السلام والاستقرار في عالم اليوم ، والتي تبدأ من حماية المعتقدات الدينية وحرية ممارسة الشعائر وصيانة التراث الديني والإنساني ، لذلك فإن اعادة بناء البقيع هي مسؤولية شرعية وقانونية وإنسانية مع ما يحققه هذا الاعمار من إقرار للسلم الاجتماعي وحماية الحريات والحقوق وتحقيق التقارب والتعارف والوحدة الإسلامية والإنسانية وترسيخ للتعددية والتنوع الانساني”
والحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين
لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا في موقع التلغرام: النعيم نيوز
ولمتابعتنا على موقع فيسبوك يرجى الضغط أيضا على الرابط التالي: النعيم نيوز
كما يمكنك الاشتراك أيضا على قناتنا في منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية
ولا تنسى أيضا الاشتراك في قناتنا على موقع الانستغرام: النعيم نيوز