الإحصاء السكاني التنموي
نبيل إبراهيم الزركوشي
الإحصاء السكاني من أهم المرتكزات، التي يستند إليها وضع الخطط المستقبلية التنموية الناجحة لأية مؤسسة من مؤسسات الدولة، وهي عملية جمع البيانات من قبل مختصين حكوميين وتحليلها وتبويبها وفقا لتصنيفات ثابتة يتم الإعداد لها مسبقاً وتشمل النواحي الاجتماعية والديموغرافية والاقتصادية لأفراد من مجتمع معين وبيان توزيع السكان على المناطق الجغرافية في لحظة إجرائها أو ما يطلق عليه ساعة التعداد، ويجب أن تكون عملية منهجية ودورية تقوم بها المؤسسة الحكومية المختصة وهو أبعد من التعداد السكاني.
ويشار إلى أن اخر تعداد سكاني في العراق جرى عام 1987، الذي اشتركت فيه جميع المحافظات، تبعه إحصاء عام 1997 الذي أجري دون مشاركة محافظات إقليم كردستان أن الفترة الزمنية الطويلة جداً، والمتغيرات التي شهدها المجتمع العراقي خلال هذه الفترة، جعل من هذه التعدادات ليست ذات قيمة يمكن البناء على مخرجاتها أو الاعتماد على بياناتها لوضع خطط تنموية مستقبلية ناجحة، وطالما لا يوجد تخطيط أو توزيع للمشاريع على أرض الواقع بدون هذه الإحصاءات، فكان الاعتماد طيلة السنوات السابقة على البيانات والاحصائيات تخمينية وبالتالي لا تعطي الصورة الدقيقة والواضحة لما هو موجود على أرض الواقع، ناهيك عن أنها تخضع لتكهنات أشخاص معينين أو فريق اعداد الإحصائيات قد تكون نتيجة لبحوث على عينات محدودة، وهي لا تأخذ بنظر الاعتبار التغيرات التي تحدث على أرض الواقع، وبالتالي الحكم على عدم دقتها امر مسلم به.
إن عدم إجراء التعداد السكاني خلال هذه الفترة الطويلة من عمر الحكومات المتعاقبة قد تكون لوجود عقبات سياسية وهذا ما يذهب إليه المراقبين للشأن السياسي العراقي ومنها المادة 140من الدستور العراقي بخصوص المناطق المتنازع عليها، وعدم وجود اتفاق سياسي بشأنها، وحل مشكلاتها الإدارية، وفقاً لما تم الاتفاق عليه عند إقرار الدستور العراقي.
وهناك أمر آخر وهو التخوف لدى جميع مكونات الطبقة السياسية من ان التعداد يمكن أن يغير خارطة الاستحقاق السياسي بينها، وهو أمر لا يجب أن نقف عليه كثيرا اذا ما كانت هناك إرادة سياسية لإعطاء الجميع ما يستحقون، وطالما أن الحكومة الحالية جاءت نتيجة توافق الجميع وهدفها الأساس هو التنمية، لذا يجب أن تضع خطة واضحة وتوقيتات محددة لإجراء الإحصاء السكاني ولها خطوة كبيرة في هذا المجال وهو إقرار الوثيقة الوطنية للسياسات السكانية منذ أكثر من ستة أشهر، والتي تهدف للتنمية وجاء فيها أن هذه الوثيقة تعمل على استيعاب الزيادة السكانية وتحويلها من أعباءٍ تنموية إلى محرّكات تنموية فاعلة مع توفير مُتطلبات الحياة الأساسية والهدف منها تحقيق تنمية شاملة في جميع القطاعات.
لذا إن اجراء الإحصاء السكاني في الفترة القصيرة القادمة تكون قد حققت الحكومة الحالية انجازاً كبيراً لم تستطع تحقيقه اية حكومة منذ عام 2003، خاصة أنها وضعت التنمية ضمن أولوياتها لبناء دولة مؤسسات لخدمة المواطن، وهناك أمر لا بد من الإشارة اليه، هو إن وجود بيانات دقيقة ستكون فرصة كبيرة للقضاء على الفساد بسبب الاسماء الوهمية والبيانات المضللة، وبذلك يمكن إعطاء كل فرد ما يستحق من موارد الدولة، وهو أمر سيؤدي إلى مجتمع تنموي فاعل.
لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا في موقع التلغرام: النعيم نيوز
و لمتابعتنا على موقع فيسبوك يرجى الضغط أيضا على الرابط التالي: النعيم نيوز
كما يمكنك الاشتراك أيضا على قناتنا في منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية
و لا تنسى أيضا الاشتراك في قناتنا على موقع الانستغرام: النعيم نيوز