مقالات
أخر الأخبار

الإحاطة وسقوط غرناطة

كتب / عبد الهادي مهودر: تمتاز لغتنا العربية بالجمال والفخامة والغنى لكننا فقراء في سبر أغوارها وإنتقاء المرادفات والمفردات الدقيقة المعبّرة.

ومعظم مفرداتنا المتداولة في الإعلام مكررة ومتشابهة إلى حد الملل ، وكل حديث نطلق عليه إسم (كلمة) مع أن لكل كلمة مناسبتها  وموجباته المختلفة التي تميّزها عن سواها وتحدد الوصف الدقيق لها وإلى أي نوع من الخطاب تنتمي ،إنتخابي أم ديني أم رسمي ومؤسساتي أم حماسي واستعراضي؟

وليس من الصحيح وصف كل كلمة بالمهمة فيكثر إنتقادها حين تخلو سطورها من الأهمية المتوقعة. ولا يوصف كل خطاب بالتاريخي ما لم يحدث هذا الخطاب متغيراً ومنعطفاً في الأحداث. ولايزيد في وصف المسؤول الرفيع وصف خطابه بالتاريخي إن لم يكن خطابه تأريخياً فعلاً لا قولاً. أما الإحاطة فهي مفردة عربية قح.

وتعني الإلمام الشامل بالموضوع وإحاطة الآخرين وإبلاغهم وإطْلاعهم عليه.

وقد سبقنا اليها الأديب والسياسي الأندلسي لسان الدين الخطيب في كتابه ( الإحاطة في أخبار غرناطة)  الذي يلخص قصة هذه المدينة منذ الفتح الاندلسي حتى سقوط غرناطة. والاحاطة التي نسمع بها في جلسات مجلس الأمن الدولي وبعض المجالس البرلمانية مفردة لانستخدمها في لغتنا الإعلامية والسياسية على الرغم من دقتها التعبيرية. وقد أحاطت ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق (جينين هينيس بلاسخارت ) مجلس الأمن الدولي بتقييمها للوضع في العراق في تقريرٍ كان أكثر حدةً من إحاطاتها السابقة التي قدمتها في ظروف مختلفة ودبلوماسية أكثر. وكانت إحاطتها هذه المرة أقصى وأقسى مايمكنها قوله بإنتقاد عموم الطبقة السياسية في جانبي (عربستان وكردستان).

وكان للإحاطة أصداء واسعة رفعت سقف التوقعات إلى إمكانية التدخل والتدويل وإسقاط المنظومة السياسية لكن هذا العالم بستمع بشكل جيد غير أنه شارد الذهن ومشغول البال وحائر بالإحاطات الخطيرة التي تحيط به من كل جانب. ففي العام الجاري إستمع أعضاء مجلس الأمن الدولي إلى إحاطات مماثلة قدّمها ممثلو الأمين العام انطونيو غوتيريش عن أزمات ليبيا واليمن والحرب الروسية الاوكرانية وعن صواريخ كوريا الشمالية.

 

لكنّ السيد غوتيريش لايملك غير التعبير عن القلق والقرار ليس قراره ، والصداع الكبير بالنسبة له وللعالم أجمع هو الحرب الروسية وتداعياتها والتهديد النووي وأزمة الطاقة وإمدادات الغاز. لكنّ إحاطة بلاسخارت أثارت أصداءً واسعة في وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي العراقية والأوساط السياسية وتفاوتت الآراء بين قوتها وجرأتها هذه المرة وبين من يرى أنها لم تأت بجديد ولكونها لا تملك عصا سحرية كما قالت هي بلسانها.

وبين مواجهتها بالصمت ودون إعلان مواقف. لكنها قالت كلمتها أو بالأصح إحاطتها وذكّرتنا بحكاية كاتب العرائض الذي تلا على المواطن مشكلته بعد تدوينها وإعادة صياغتها وتحريرها فبكى المواطن على نفسه وكأنه لم يسمع بها من قبل.

 

لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا في موقع التلغرام: النعيم نيوز

و لمتابعتنا على موقع فيسبوك يرجى الضغط أيضا على الرابط التالي: النعيم نيوز

كما يمكنك الاشتراك أيضا على قناتنا في منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية

و لا تنسى أيضا الاشتراك في قناتنا على موقع الانستغرام: النعيم نيوز 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى