كتب د. حميد طارش: نهب المال العام وتهريبه للخارج مشكلة دولية، بدليل قيام الأمم المتحدة بعقد اتفاقية بشأن مكافحة الفساد في سنة 2003، والتي أكدت ثلاثة محاور هي، المنع والمكافحة والاسترداد، والاسترداد يشكل جوهر العمل عند وقوع جريمة الفساد المالي.
وقد اشترطت الاتفاقية المذكورة، التي صادق عليها العراق بالقانون رقم (35) لسنة 2007، في المواد (54، 55) إجراءات لا بد من استيفائها، ليتمكن العراق من استرداد أمواله المهرّبة، وهي إصدار حكم قضائي من المحاكم المختصة بمصادرة تلك الأموال، مبنياً على أسباب معقولة وواضحة ومقنعة للدول الأخرى، ومن ثم على الدولة الأخرى محل الاسترداد أن تحيل الحكم المذكور إلى سلطاتها القضائية المختصة للنظر فيه، وفقاً لقوانينها وأنظمتها الوطنية واتخاذ التدابير اللازمة لحصر تلك الأموال، بغية الحجز عليها وإعادتها للعراق.
مشكلة الفساد المالي لم تكن يوماً بسبب ثغرات قانونية أو نقص في الأجهزة الرقابية، وإنما تكمن في ثلاثة أسباب، الأول، العامل السياسي وهو غياب الإرادة السياسية لمكافحة الفساد، والثاني، العامل القانوني المتمثل بصعوبة الإثبات وتحصيل الأدلة، بسبب الغطاء (المُشرعن) للجريمة أو نفوذ مرتكبيها، مما يستوجب تطبيق قانون هيأة النزاهة والكسب غير المشروع فيما يخص أصحاب النفوذ، أي من أين لك هذا؟، وعدم الإفلات من العقاب، والثالث، العامل الدولي الذي يتمثل بقيود سيادة الدول التي تمنع تعقّب الأموال المهربة والمتهمين مما يتطلب تعاوناً دبلوماسياً واتفاقيات ثنائية لاسترداد الأموال والمجرمين.
كما أن معيار المحافظة على سرية عملاء المصارف، الذي شخصته اتفاقية الأمم المتحدة المذكورة وطالبت بالتخفيف من حدته، إلّا إن المصارف تعتبره من معايير نجاح عملها مما يتطلب تشجيع العمل الاستخباري والأمني بشأن نهب المال العام وتهريبه.
إذن هذا النوع من الجرائم شائكاً ومعقداً، ومثالها السيئ، في نهب أموال الضرائب، الذي يثير أكثر من تساؤل حول مسؤولي دائرة الضرائب والمصارف المعنية بها والأجهزة الرقابية، والتي لا يمكن حصرهاً بالمتهم الماثل أمام القضاء.
ومن ثم نأمل في ما جرى من إطلاق سراحه بكفالة، الذي يعد جائزاً بموجب قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم(23) لسنة 1971 المعدل، أن يكون باتجاه تفكيك غموض الجريمة وبيان مرتكبيها ومحاكمتهم واسترداد أموال الضرائب المسروقة، أي يجب ألا يُستغل تكفيل المتهم من أصحاب النفوذ المتورطين فيها بالتأثير على سير التحقيق أو هروب المتهمين أو ضياع الأموال المنهوبة.
لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا في موقع التلغرام: النعيم نيوز
و لمتابعتنا على موقع فيسبوك يرجى الضغط أيضا على الرابط التالي: النعيم نيوز
كما يمكنك الاشتراك أيضا على قناتنا في منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية
و لا تنسى أيضا الاشتراك في قناتنا على موقع الانستغرام: النعيم نيوز