اخبار اسلامية
أخر الأخبار

ملخص خطبة صلاة الجمعة في جامع الجوادين

أقيمت صلاة الجمعة، في جامع الجوادين (عليهما السلام) بإمامة السيد حيدر العرداوي في مركز المحافظة.

وتطرق خطيب الجمعة العرداوي في الخطبة الأولى، وحضرها مراسل “النعيم نيوز”، “الإمام الصادق (عليه السلام) في مواجهة الانحرافات قال الله سبحانه وتعالى: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ}. صدق الله العلي العظيم”.

وأضاف “نستعيد في الخامس والعشرين من شهر شوّال، ذكرى وفاة واحدٍ من أئمّة أهل البيت (عليهم السلام)، الّذين تنطبق عليهم ما أشارت إليه هذه الآية، وهو ما نقوله عند زيارته: ” أشهد أنّك أقمت الصّلاة، وآتيت الزكاة، وأمرت بالمعروف، ونهيت عن المنكر، وعبدت الله مخلصاً، وجاهدت في الله حقَّ جهاده، حتى أتاك اليقين”.. وهو الإمام جعفر بن محمّد الصّادق (عليه السلام)”.

وتابع “ونحن في هذه المناسبة، نحاول أن نتلمّس الدّور الذي قام به سلام الله عليه، والأسلوب الذي انتهجه في حياته، الّذي لأجله عانى وتألم واضطُهِد، لنقتدي به، ونأخذ منه لحياتنا، لتكون علاقتنا به علاقة السّلوك والعمل، كما علاقة العاطفة والمشاعر والأحاسيس”.

وأردف “فعلى مستوى الدَّور الّذي قام به الإمام الصّادق(عليه السلام) في مرحلة إمامته التي امتدَّت إلى ستٍّ وثلاثين سنة، الّتي عاشها الإمام في مرحلة أفول الحكم الأمويّ وبداية الحكم العبّاسي، فقد كان متميِّزاً بفعل الحريّة التي مكَّنته من ممارسة دوره الرّساليّ، فتغاضى عنه الحكم الأمويّ، لانشغاله بالدّفاع عن حكمه، كما تغاضى عنه الحكم العبّاسي، لترسيخ وجوده في تلك المرحلة وتثبيت أقدامه.
وقد استفاد الإمام (سلام الله عليه) من هذا الجوّ، لمواجهة الإنحرافات الفكريّة والثقافيّة التي أخذت بالإتّساع في أوساط المسلمين، وتثبيت دعائم الفكر الإسلاميّ النّقيّ الأصيل.
فقد عانى هذا الدّين في ذلك الوقت من التّحريف والتّزوير الذي قام به الأمويّون، عندما أدخلوا عليه أحاديث غير صحيحة نسبوها إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ومفاهيمَ وأحكاماً شرعيّة، وعقائد مغلوطة، كان هدفهم منها إعطاء الشرعيّة لحكمهم، وتثبيت دعائمه ومواجهة مناوئيهم”.

كما أكمل الخطيب “وعانى (عليه السلام) أيضاً من تحدّي الفتوحات التي حصلت آنذاك، والّتي أدَّت إلى انفتاح المسلمين على الثقافات والفلسفات اليونانيّة والفارسيّة والهنديّة، والتي أثارت معها جدلاً في الدّاخل الإسلاميّ، وعلامات استفهام وشبهات راحت تشكِّك في الدّين ونظرته إلى الكون والحياة، حيث كانت مرحلته (عليه السلام) مرحلة بداية تشكّل مذاهب فقهيّة وكلاميّة، وبروز أفكار التصوّف والغلوّ وغير ذلك”.

وأضاف “وقد تصدَّى الإمام (عليه السلام) لكلّ هذه التحدّيات، وهذا طبيعيّ، فهو الأمين على الإسلام، والحافظ له من أيّ انحراف، فراح يبيّن حقائق ما جاء عن الله ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ويجلي الغموض عنها، ويواجه بمنطقه العلميّ الإنحرافات التي طرأت على الفكر والعقيدة والتّشريع، ويُظهر معالم الفكر الإسلاميّ الأصيل. وهو لم يكتفِ بجهده هذا، بل سعى لبناء كوادر ثقافيّة وفكريّة وفقهيّة، فأرسى قواعد مدرسته الإسلاميّة الجامعة التي أعدّت مبلّغين ومحاورين وخطباء في شتّى المجالات، فكانت مقصداً لطلّاب العلم، يفِدون إليها من كلّ مكان، من دون أن يحجزهم عنها حاجز مذهبيّ، سواء خلال وجود الإمام (عليه السلام) في المدينة أو في الكوفة”.

كما بين أنه “تميّزت هذه الجامعة بالعمق والأصالة، فهي أخذت الإسلام من ينابيعه الأصيلة، والذي عبّر عنه الإمام (عليه السلام) عندما كان يقول: “حديثي حديث أبي، وحديث أبي حديث جدّي، وحديث جدّي حديث الحسين، وحديث الحسين حديث الحسن، وحديث الحسن حديث أمير المؤمنين(ع)، وحديث أمير المؤمنين حديث رسول(ص)، وحديث رسول الله قول الله عزّ وجلّ” وقد تركت هذه الجهود أثرها الكبير في الميدان العلميّ ولاتزال، وفي ذلك يقول الشّيخ المفيد (قده): “نقل الناس عنه من العلوم ما سارت به الركبان، وانتشر ذكره في البلدان، ولم ينقل العلماء عن أحد من أهل بيته ما نقل عنه”.

وتابع “وقد تخرّج من مدرسته العدد الكبير من العلماء الّذين انتشروا في البلدان، فأثّروا في الفكر والفقه الإسلاميَّين، وفي ذلك يقول الحسن بن علي الوشّاء، الذي عاصر الإمام الرّضا (عليه السلام)، وكان من صحابته: “أدركت في هذا المسجد (مسجد الكوفة) تسعمائة شيخ، كلٌّ يقول: حدّثني جعفر بن محمد”.
هذا الدور التأصيليّ الذي قام به الإمام الصّادق (عليه السلام)، والّذي بذل له كلّ الجهد لمواجهة التّحريف والتزوير للفكر الإسلاميّ الأصيل، ولمواجهة التشكيك في هذا الدّين وعقائده، هو مسؤوليّتنا؛ أن نتابع ما قام به، ومن بعده الأئمَّة (عليهم السلام)، أن نحفظه، بأن نبقيه نقياً صافياً”.

ولفت بالقول “وبعدما سعى ويسعى السّاعون لتشويهه، وإدخال الإنحراف إليه عن حسن نيّة أو سوئها. وقد بيّن (عليه السلام) في ذلك القاعدة التي تضمن له ذلك، عندما قال: “وما جاءكم من حديث من برّ أو فاجر، فاعرضوه على كتاب الله، فما وافق كتاب الله فخذوه، وما خالف كتاب الله فاضربوا به عرض الحائط”، في الوقت الّذي لا بدَّ من أن نبذل جهودنا في مواجهة التساؤلات التي قد تثار حول الإسلام في عقيدته ومفاهيمه وشريعته، كما يثار الآن، وهذه لا تواجَه إلا بعلماء ومثقّفين واعين يعيشون عصرهم؛ لذا كان (عليه السلام) يؤكد على أنَّ التفقّه لا ينحصر بالأحكام الشرعيّة، بل بوعي العقيدة والمفاهيم وكلّ الحقائق الدينيّة، فكان (عليه السلام) يقول، ولشدّة اهتمامه بذلك: “لوددت أنَّ أصحابي ضربت رؤوسهم بالسّياط حتّى يتفقّهوا”، وإذا كان البعض يتحدّث أنّ وظيفة التفقّه هي وظيفة علماء الدّين، فهذا ليس صحيحاً، بل هي وظيفة كلّ مسلم، فالعلم فريضة على كلّ مسلم ومسلمة، والأمر بالمعروف لا يقف عند حدّ”.

وأردف “ولذلك، نجد أنّ الذين كان يستند إليهم الإمام (عليه السلام)، لم يكونوا متفرّغين للعمل الديني، بل كانت لهم أعمالهم، حتى الإمام (عليه السلام)، تَذكر سيرته أنّه كانت له مزرعة، وكان يقول: “إني لأعمل في بعض ضياعي، وإنّ لي مَن يكفيني، ليعلم الله أنّي أطلب الرّزق الحلال”.

وتابع “أيها الإخوة الأعزاء هناك أبعاد إنسانيّة تجلَّت في شخصيَّته (عليه السلام)، ينبغي أن نلتفت إليها:
الموقف الأوَّل: وهو الّذي حدث مع بعض مواليه (العاملين عنده)، وهو “مصادف”، عندما أعطاه ألف دينار، وقال له: اشترِ بها بضاعةً. ثم تجهَّزَ ليخرجَ بها مع تجار آخرين إلى مصرَ ليبيعها معهم. فلمّا دنوا منها، استقبلتهم قافلة خارجة من مصر، فسألوهم عن مدى الحاجة إلى البضاعة التي جاؤوا بها، فأخبروهم أنّه ليس بمصر منها شيء، وأنّ الناس بحاجة ماسّة إليها، فتحالفوا وتعاقدوا على أن يضاعفوا أرباحها، مستغلّين حاجة أهل مصر إليها، بحيث يكون الرّبح مئة في المئة، أي مقابل الدّينار ديناراً، وهذا ما حصل”.

فلما عادوا، دخل “مصادف” على أبي عبد الله الصّادق (عليه السلام)، ومعه كيسان، في كلّ واحد ألف دينار، فقال له: جعلت فداك، هذا رأس المال، وهذا الآخر ربح. فغضب الإمام (عليه السلام) غضباً شديداً، وقال له:” إنَّ هذا الرّبح كثير، ولكن ما صنعتم في المتاع؟ “، فأخبره مصادف بما جرى، وبتحالفهم على أن لا يبيعوا إلا بهذا الرّبح، فقال له (عليه السلام): “سبحان الله! تحلفون على قوم مسلمين ألّا تبيعوهم إلّا بربح الدّينار ديناراً. ثمّ أخذ أحد الكيسين، وقال: هذا رأس مالي، ولا حاجة لنا بهذا الرّبح، أرجعه إلى أصحابه. ثم قال (عليه السلام): “مجالدة السّيوف أهون من طلب الحلال”.

الموقف الثّاني: كان للإمام الصّادق (عليه السلام) صديق لا يكاد يفارقه، فغضب يوماً على عبده وسبّه، فلمّا سمعه الإمام (عليه السلام)، دفع يده، فصكّ بها جبهة نفسه. ثم قال: “سبحان الله! تقذف أمّه! قد كنت أرى لك ورعاً”. فقال الرّجل: جعلت فداك، إنّ أمّه أَمَةٌ مشركة وليست مسلمة، فقال (عليه السلام): “إنّ لكلّ أمّة نكاحاً يحتجزون به من الزّنا”.. ولم يكلّمه بعدها الإمام، حتى تاب من هذا الذّنب، وقرَّر أن لايعود إليه.

الموقف الثّالث: المفضل بن عمر، أحد الأصحاب المخلصين للإمام، مرّ بشابّ وأخته يتناحران، فأتى بهما إلى منزله وأصلح بينهما، ثم دفع لهما مبلغاً من المال، قائلاً: “إنَّه ليس من مالي، ولكنَّ أبا عبد الله أعطاني مبلغاً من المال، وقال لي: إذا تنازع أحد من النّاس، وتوقّف الإصلاح على بذل مال، فادفع له من مالي حتى لا يبقى نزاع”.

وكما بين أن “هذه الإنسانيّة برزت في عمله الدّعَويّ، وفي تبليغه الدّينيّ، وفي علاقته مع الّذين اختلف معهم في الدّين.. فكان حريصاً على أن يبلغ قلوبهم، وأن يفتحها على دينه وإيمانه قبل عقولهم. وهذا الأمر برز في تعامله مع الزنادقة والملاحدة الّذين ما كانوا يتورّعون عن الإساءة إلى القيم الإيمانية وإلى المقدّسات الدينية، وبأسلوب بذيء، فيأتي أحدهم ليقول لهم عن الطّواف: إلى كم تدوسون هذا البيدر، وتلوذون بهذا الحجر؟ فما كان يواجههم بمثل ما كانوا يواجهونه، بل يردّ عليهم بمنطق قويّ، ولكن بأسلوب محبَّب. فقد ورد أنَّ ابن المقفَّع، صاحب كتاب “كليلة ودمنة”، وكان من الملاحدة، أنه قال عن الإمام الصّادق (عليه السلام): “ليس هناك من يستحقّ إسم الإنسانيّة كجعفر بن محمّد”، فقال له ابن أبي العوجاء: ولِمَ اخترته من بين الناس؟ قال: لأني رأيت عنده ما لم أره عندهم”.

وأشار الخطيب بالقول “وكان (عليه السلام) يوجِّه شيعته ومحبّيه ومواليه، لتعزيز التواصل بين المسلمين، عندما كانوا يسألونه: كيف نخالط من يختلف معنا في المذهب؟ فيقول: “عودوا مرضاهم، واشهدوا جنائزهم، واشهدوا لهم وعليهم، وصَلُّوا معهم في مساجدهم”. وكان (عليه السلام) يوصي أصحابه: “كونوا زيناً لنا، ولا تكونوا شيناً علينا”.

وبهذا الأسلوب، استطاع الإمام (عليه السلام) أن يمدَّ جسور التّواصل مع الآخرين، وأن يفتح قلوب الآخرين عليه وعلى رسالته جعلنا الله من هؤلاء الدّعاة الّذين يكونون زيناً لأئمّتهم لا شيناً عليهم، كما كانت وصيته لشيعته: “كونوا زيناً لنا، ولا تكونوا شيناً علينا”. وبهذا الأسلوب، استطاع الإمام (عليه السلام) أن يمدَّ جسور التّواصل مع الآخرين، وأن يفتح قلوب الآخرين عليه وعلى رسالته”.

وختم سماحته خطبته بالقول ” جعلنا الله من هؤلاء الدّعاة الّذين يكونون زيناً لأئمّتهم لا شيناً عليهم، كما كانت وصيته لشيعته: “كونوا زيناً لنا، ولا تكونوا شيناً علينا”.

لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا على تلغرامالنعيم نيوز

ولمتابعتنا على فيسبوك يرجى الضغط على الرابط التاليالنعيم نيوز

كما يمكنك الاشتراك على قناتنا على منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا علىقناة النعيم الفضائية

ولا تنسى الاشتراك بقناتنا على الانستاغرامالنعيم نيوز

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى