اخبار اسلامية
أخر الأخبار

إقامة صلاة الجمعة في خانقين بإمامة الشيخ حسين المندلاوي

أقيمت صلاة الجمعة بمسجد وحسينية الإمام الحسن المجتبى (ع) في خانقين/منطقة علي مراد، بإمامة الشيخ حسين المندلاوي، وحضور جمع من المؤمنين.

 

وذكر مراسل “النعيم نيوز”، أن “عنوان الخطبة/الخطبة الموحدة لصلاة الجمعة المباركة: كان (في رحاب الإمام علي (ع) الشخص والشخصية)، حيث قال الشيخ المندلاوي:

ونحن نعيش أحزان ذكرى الليالي العلوية، ذكرى استشهاد الإمام علي (ع)، نحاول أن نتكلم بكلمات في رحاب علي بن أبي طالب الشخص والشخصية، الشخص بما يحمله من صفات. والشخصية بما قدمته من عطاء، وذلك لأجل بناء الإنسان وتشكيل شخصيته وفق مبادئ الثقافة الإسلامية الأصيلة التي تقتضي ربط أبناء هذه الأمة بأئمتها وقادتها. واليوم حيث تتوجه القلوب، وتتوجه المشاعر باتجاه أمير المؤمنين، نقف على جانبين:

الجانب الأول: علي الشخص في بعض مظاهر الرحمة الخُلُقية ــ بضم الخاء واللام ــ عنده (ع):

إنَّ حدود شخصية الإنسان ترسمها الأخلاق، ومكانته ترتبط بتلك المثل والمبادئ والقيم التي يحملها، ويلتزم بها مع نفسه ومع الآخرين.

وحسب الموازين الدينية، فالأخلاق هي أساس الدين، روي عن النبي (ص وآله) أنَّه قال: (الخلق وعاء الدين). فالدين مثل الماء الرقراق الصافي الذي إذا أردت أن تصبه في شيء، فهذا الشيء هو الأخلاق، والأخلاق تعني الإلتزام بالمفردات الأخلاقية. كالوفاء بالعهد والوعد والكرم والشجاعة والرحمة والصفح والعفو وغيرها من المكرمات والفضائل التي تمثل ديباجة الشخصية الإيمانية الملتزمة بالدين قولاً وفعلاً، نظريةً وتطبيقاً، شعاراً وشعوراً، تنظيراً وممارسةً.

ينقل لنا التأريخ مظاهر الرحمة الخلقية لرائد الخلق الإلهي الرفيع، والمجسد الفعلي بعد رسول الله لأخلاق الإسلام، ومنها:

أ‌- خلق الحياء: في معركة الخندق يتجلى هذا الخُلق الرفيع عند القائد الغيور، فبعد رجوعه من قتل عَمرو بن ود العامري، قال له عمر بن الخطاب: (هلاّ سلبته درعه فما لأحد درع مثلها؟ فقال: إنّي استحييت أن أكشف سوأة ابن عمي).

ب‌- خلق الصفح: في معركة صفين التي استمرت لـ ١٨ شهراً، كان (ع) من تجليات صفحه وعفوه عن الجيش الآخر، أنَّه لا يجهز على الجرحى. ولا على من أدبر بصفين لمكان معاوية.

وبعد انتهاء المعركة التي خلَّفت أسرى في المعسكرين، ففي معسكر معاوية، قد قَتل معاويةُ الأسرى بعد استشارة عمرو بن العاص، وأما في معسكر الحق والأخلاق قد أمر أمير المؤمنين (ع) بإطلاق سراحهم، فجاؤوا إلى معاوية وامتدحوا معاملة الإمام (ع) لهم.

وكانت فتواه (سلام الله عليه) في صفين: ( يا مالك، فإذا أصبتَ أسير أهل القبلة، فلا تقتله فإن أسير أهل القبلة لا يُفادى ولا يُقتل). وروي عنه (ع): (إِذَا قَدَرْتَ عَلَى عَدُوِّكَ فَاجْعَلِ الْعَفْوَ عَنْهُ شُكْراً لِلْقُدْرَةِ عَلَيْهِ).

ورأيتك النفس الكبيرة لم تكن حتى على من قاتلوك حقوداً

الجانب الثاني: علي الشخصية: والتي نطل عليها من خلال بعض الإجابات عن السؤال التالي: لماذا نُحيي ذكرى أمير المؤمنين ؟

ويمكن الجواب على هذا السؤال بعدة نقاط:

أولاً: إنَّ هذا الإحياء والإستذكار ليس أمراً عاطفياً مجرداً عن الفكر والمحتوى، وإنما يُعبِّر هذا التواصل مع شخصية علي بن أبي طالب (ع) عن أيدولوجية ذات مقاصد وأهداف، توصلنا إلى محتوى وفكر وعطاء هذا الرجل العظيم. وننفتح من خلالها نظرياً وعملياً على أخلاقه وعبادته وورعه وزهده، ونطلع على أسس دولته وأبعاد سياسته وتأريخه ومختلف جوانب شخصيته وعطائه.

هذا هو الاستذكار الذي سنَّهُ القرآن الكريم لتذكر الأولياء، قال تعالى: ﴿ وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ (45) إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ (46) وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ﴾ سورة ص: 45-46-47.

ويكفينا تقديم رسول الله لعلي لنا كي نتواصل مع أبعاد هذه الكاريزما الإلهية الفريدة في كمالاتها وصفاتها.
ثانيًا: هذا الإحياء ينبثق من مشاعر متوجهة للإمام علي (ع). نقصد منها توثيق علاقة أبناء الأمة بقادتها، فكلما وقفنا لاستذكار سيرة أهل البيت (ع) وإحياء مناسباتهم. وتواصلنا في هذا الأمر، وثبُتنا على هذه الشعائر المباركة بأي طريقة كانت، وفي اي ظرف كان، كان هذا مما يُعمِّق العلاقة مع مبدأ إمامة أهل البيت (ع)، مع أصل مهم من أصول الدين، في زمن تُضرب فيه العقائد، وتُزلزل فيه القناعة بالأصول والثوابت.

فهذا التواصل الواعي في ذكر أهل البيت (ع) يوثِّق العلاقة بين المؤمنين وبين أصل الإمامة، ولهذا التوثيق آثاره الدنيوية والأخروية ومنها الثبات على المبدأ الحق والإنفتاح عليه.

خامسًا: نحن عندما ننفتح على شخصية أمير المؤمنين (ع)، إنما نعمد غلى تأكيد وترسيخ الهوية الإسلامية في ثقافة الإنسان المسلم المعاصر، وترسيخ مبدأ التمسك بها، والمحافظة عليها. والدفاع عنها أمام الحملات الممنهجة التي تهدف في برامجها وأدواتها الإعلامية إلى إذابة الهوية الأصيلة.

واستبدالها بهوية وافدة ومستوردة بمفاهيمها ورؤاها وأخلاقياتها، مما جعل كثيراً من أبناء الإسلام ينبهر بها، وينصهر في بوتقتها، ومن ثم تندثر هويته بكل حيثياتها في الهوية المصدرة له.

روي عن رسول الله (ص): (إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي: كتاب الله عز وجل، وعترتي أهل بيتي، ثم قال: اللهم اشهد، ثلاثا).

وروي أن رسول الله قال لأمير المؤمنين: (يا علي، أنا مدينة الحكمة، وأنت بابها، ولن تؤتى المدينة إلا من قبل الباب، وكذب من زعم أنه يحبني ويبغضك، لأنك مني وأنا منك لحمك من لحمي، ودمك من دمي، وروحك من روحي، وسريرتك سريرتي، وعلانيّتك علانيّتي، وأنت إمام أمتي وخليفتي عليها بعدي، سعد من أطاعك، وشقي من عصاك، وربح من تولاك، وخسر من عاداك) .

والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين.

والاستفادة من عطاءاته، وزيادة البصيرة في التزامه، ونيل حسن العاقبة بالتمسك بحجزته، قال تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ التوبة: 119.

وروي أنَّ الإمام علي بن موسى الرضا قال: ( إِنَّ الْإِمَامَةَ زِمَامُ الدِّينِ وَ نِظَامُ الْمُسْلِمِينَ وَ صَلَاحُ الدُّنْيَا وَ عِزُّ الْمُؤْمِنِينَ ، إِنَّ الْإِمَامَةَ أُسُّ الْإِسْلَامِ النَّامِي وَ فَرْعُهُ السَّامِي ، بِالْإِمَامِ تَمَامُ الصَّلَاةِ وَ الزَّكَاةِ وَ الصِّيَامِ وَ الْحَجِّ وَ الْجِهَادِ وَ تَوْفِيرُ الْفَيء وَ الصَّدَقَاتِ وَ إِمْضَاءُ الْحُدُودِ وَ الْأَحْكَامِ وَ مَنْعُ الثُّغُورِ وَ الْأَطْرَافِ..) .

وهذا الثبات على مبدأ الإمامة، يعطي بعداً إلتزامياً فكرياً وروحياً مع نيابة الإمامة في عصر الغيبة الكبرى. وهم العلماء ومراجع الدين الأعاظم.

ثالثًا: نحن عندما نُحيي ذكرى أمير المؤمنين (ع) نقصد إلى تفعيل منهج تربوي مهم ومؤثر في جميع مجالات حياة الإنسان، وعلاقته بالمجتمع، وهو (الأسوة الحسنة).

نريد وبصورة من صور إحيائنا للذكرى أن نقرأ سيرة ذلك الإنسان السياسي الإسلامي الثابت على خط الشريعة في كل جوانب سياسته. لنفهم صفات الحاكم وواجباته وحدود صلاحياته، وآليات تعامله مع شعبه، وطريقة تعاطيه مع منظومة حقوق الإنسان وتشريعاتها وكيفية المطالبة بها.

فالشاب العراقي المؤمن الغيور على بلده، والذي يرزح تحت ظل حكومات ظالمة صادرت حقوقه، وصادرت كرامته، عليه أن يقرأ عن السياسة العلَوية. وعن صفات السياسي المستقيم الناجح، وكيف تعامل مع شعبه، وهو القائل: ( أيغلبني هواي ويقودني جشعي إلى تخير الأطعمة. ولعل بالحجاز أو اليمامة من لا طمع له في القرص ولا عهد له بالشبع، أو أبيت مبطانا وحولي بطون غرثى وأكباد حرى؟ أو أكون كما قال القائل:

وحسبك داء أن تبيت ببطنةٍ وحولك أكباد تحن إلى القدِّ

أأقنع من نفسي بأن يقال أمير المؤمنين ولا أشاركهم في مكاره الدهر، أو أكون أسوة لهم في جشوبة العيش) .
ويقول: (قد يرى الحُوَّلُ القلَّبُ وجهَ الحيلة (أي العارف بتحويل الأمور وتقليبها) ودونها مانعٌ من أمر الله ونهيه، فيدعها رأي عين بعد القدرة عليها، وينتهز فرصتها من لا حريجةَ له في الدين) .

رابعًا: تثقيف الجمهور بثقافة السياسة الإسلامية الملتزمة بخط الإسلام ظاهراً وباطناً، بثقافة أسلمة السياسة بالمفاهيم الإسلامية، لا بعلمنة السياسة وأمركتها، ولا بثقافة توظيف الدين لأجل السياسة، ولا بثقافة هجران الثوابت الإسلامية من أجل المصالح الدنيوية.

وذلك من خلال قراءة سيرة السياسي الإسلامي الملتزم والحاكم العادل في طرح العدالة الإجتماعية بكل صورها، يقول: ( ووقفتكم على حدود الحلال والحرام، وألبستكم العافية من عدلي وأفرشتكم المعروف من قولي وفعلي، وأريتكم كرائم الأخلاق من نفسي) .

والإفادة من نظام الغدارة الذي اتبعه وتوجيهاته لولاته، يا مالك:
(وأشعر قلبك الرحمة للرعية والمحبة لهم واللطف بهم. ولا تكونن عليهم سبعا ضاريا تغتنم أكلهم، فإنهم صنفان إما أخ لك في الدين وإما نظير لك في الخلق يفرط منهم الزلل، وتعرض لهم العلل، ويؤتى على أيديهم في العمد والخطأ. فأعطهم من عفوك وصفحك مثل الذي تحب أن يعطيك الله من عفوه وصفحه، فإنك فوقهم، ووالي الأمر عليك فوقك، والله فوق من ولاك).

هذه الثقافة السياسية الأصيلة لا الوافدة والدخيلة التي يحتاجها شبابنا اليوم وهم يُقوِّمون الحاكم، ويطالبون بحقوقهم، ثقافة السياسة العادلة التي ترسم لنا آليات المطالبة بقانون انتخابي عادل وانتخابات نزيهة وتوزيع للثروة بعدالة ومحاسبة للفاسدين. وتوفير للحاجات وضمان للحقوق، قال: (والله لو وجدته قد تزوج به النساء وملك به الإماء لرددته فإن في العدل سعة، ومن ضاق عليه العدل فالجور عليه أضيق).

(والله لو أعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها على أن أعصي الله في نملة أسلبها جلب شعيرة. ما فعلت وإن دنياكم عندي لأهون من ورقة في فم جرادة تقضمها).

نحن مدعوون في هذه الليالي للانفتاح أكثر وأكثر على شخصية أمير المؤمنين (ع)، خصوصاً ونحن مبتلون بأزمات السياسة، إقرأوا عن سياسة علي بن أبي طالب ومبادئها وأسسها التي طرحها نظرياً وعملياً في برنامجه الحكومي. وكيف أعاد بناء مؤسسات الدولة، وكيف تعامل مع المال العام، كيف عالج الفساد الإداري، وكيف قنَّنَ لضوابط تعيين الولاة، وكيف تعامل مع المخالفين له بالرأي الفقهي والعقدي والسياسي. وكيف سمح بإنشاء أحزاب المعارضة، وكيف فسح المجال لحرية الصحافة والإعلام والتعبير عن الرأي. وكيف تعامل مع مجتمع الكوفة المتنوع ثقافياً ودينياً ومذهبياً وعشائرياً وقومياً”.

 

 

 

لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا في موقع التلغرامالنعيم نيوز

ولمتابعتنا على موقع فيسبوك يرجى الضغط أيضا على الرابط التاليالنعيم نيوز

كما يمكنك الاشتراك أيضا على قناتنا في منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا علىقناة النعيم الفضائية

ولا تنسى أيضا الاشتراك في قناتنا على موقع الانستغرامالنعيم نيوز

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى