أقيمت صلاة الجمعة، بمحافظة الديوانية قضاء السنية في جامع الإمام موسى الكاظم ( ع )، بإمامة فضيلة الشيخ مؤيد الشافعي دام عزه.
خطبة الجمعة الأولى/ ِعنوان الخطبة ( قبس من السيرة الطاهرة للامام الهادي ع )
الإمام علي بن محمّد الهادي، هو الإمام العاشر، والنور الزاهر، ولد سنة ٢١٢ هجري، وتوفّي بسامراء سنة ٢٥٤ هجري، وهو من بيت الرّسالة والإمامة، ومقرّ الوصاية والخلافة، وثمرة من شجرة النبوّة.
قام(ع) بأمر الإمامة بعد والده الإمام الجواد(ع)، وقد عاصر خلافة المعتصم والواثق والمتوكّل والمنتصر والمستعين والمعتز، وله مع هؤلاء قضايا لا يتسع المقام لذكرها
يُكنّى الإمام(عليه السلام) بأبي الحسن ، وتمييزاً له عن الإمامين الكاظم والرضا(عليهما السلام) يقال له أبو الحسن الثالث .
أمّا ألقابه فهي : الهادي والنقيّ وهما أشهر ألقابه ، والمرتضى ، والفتّاح ، والناصح ، والمتوكّل ، وقد منع شيعته من أن ينادوه به لأنّ الخليفة العباسي كان يُلقّب به.
وفي المناقب ذكر الألقاب التالية : النجيب ، الهادي ، المرتضى ، النقي ، العالم ، الفقيه ، الأمين ، المؤتَمن ، الطيّب ، العسكري ، وقد عرف هو وابنه بالعسكريين(عليهما السلام) .
يمكن تقسيم حياة الإمام الهادي(عليه السلام) التي ناهزت الأربعين سنة إلى مراحل متعدّدة بلحاظ طبيعة مواقفه وطبيعة الظروف التي كانت تحيط به .
والمرحلة الأولى من حياة الإمام الهادي(عليه السلام) تتمثّل في الحقبة الزمنية التي عاشها في ظلال إمامة أبيه الجواد(عليه السلام) وهي بين (٢١٢ هـ) إلى (٢٢٠ هـ) ويبلغ أقصاها ثمان سنوات تقريباً
وقد عاصر فيها كلاًّ من : المأمون والمعتصم العباسيين .
والمرحلة الثانية تتمثّل في الفترة الزمنية بين تولّيه(عليه السلام) لمنصب الإمامة في نهاية سنة (٢٢٠ هـ) والى حين استشهاده(عليه السلام) في سنة (٢٥٤ هـ) وهي أربع وثلاثون سنة تقريباً .
قد مارس(عليه السلام) نشاطاً مكثّفاً لإعداد الجماعة الصالحة ، وتحصين هذا الخط ضد التحدّيات التي كانت توجّه إليه باستمرار ، وعمد على تكثيف نشاطه من محورين اساسيين:
الأوّل منهما : يرتبط بالخلافة المزيّفة ، فقد تصدّى لتعريتها عن التحصينات التي بدأ الخلفاء يحصّنون بها أنفسهم من خلال دعم وتأييد طبقة من المحدّثين والعلماء ( وهم وعّاظ السلاطين ) لهؤلاء الخلفاء وتقديم صنوف التأييد والولاء لهم من أجل إسباغ الصبغة الشرعية على زعامتهم بعد أن استطاع الأئمّة في المرحلة الأولى أن يكشفوا زيف خط الخلافة ويشعروا الأمة بمضاعفات الانحراف الذي حصل في مركز القيادة بعد الرسول الأعظم(صلى الله عليه و آله وسلم) .
والثاني منهما : يرتبط ببناء الجماعة الصالحة والذي أُرسيت دعائمه في المرحلة الأولى ، فقد (عليه السلام) في هذه المرحلة إلى تحديد الإطار التفصيلي وإيضاح معالم الخط الرسالي الذي اؤتمن الأئمّة الأطهار(عليهم السلام) عليه ، والذي تمثّل في تبيين ونشر معالم النظرية الإسلامية وتربية عدّة أجيال من العلماء على أساس الثقافة الإسلامية التي استوعبها الأئمة الأطهار في قِبال الخط الثقافي الذي استحدثه وعّاظ السلاطين .
هذا فضلاً عن تصدّيه (عليه السلام) لدفع الشبهات وكشف زيف الفرق التي استحدثت من قِبل خط الخلافة أو غيره، وكانت من ابرز الشبهات ان ذاك شبهة خلق القران الكريم فلقد عمّت الأمة فتنة كبرى زمن المأمون والمعتصم والواثق بامتحان الناس بخلق القرآن وكانت هذه المسألة مسألة يتوقّف عليها مصير الأمة الإسلامية ، وقد بيّن الإمام الهادي(عليهالسلام) الرأي السديد في هذه المناورة السياسية التي ابتدعتها السلطة.
استشهاد الإمام الهادي(عليه السلام) :
ظلّ الإمام الهادي(عليه السلام) يعاني من ظلم الحكّام وجورهم حتّى دُسّ إليه السمّ كما حدث لآبائه الطّاهرين ، وقد قال الإمام الحسن(عليه السلام) :ما منّا إلاّ مقتول أو مسموم .
قال الطبرسي وابن الصباغ المالكي : في آخر ملكه ( أي المعتز ) ، استشهد وليّ الله علي بن محمد(عليهما السلام) .
قال المسعودي : واعتلّ أبو الحسن(عليه السلام) علّته التي مضى فيها فأحضر أبا محمّد ابنه(عليه السلام) فسلّم إليه النّور والحكمة ومواريث الأنبياء والسّلاح .
ونصّ عليه وأوصى إليه بمشهد من ثقات أصحابه ومضى(عليه السلام) وله أربعون سنة .
تاريخ استشهاده (عليه السلام) :
ذكر المفيد في (الإرشاد) ، والإربلي في( كشف الغمّة) ، والطبرسي في (إعلام الورى) ، فقالوا : قبض(عليه السلام) في رجب ، ولم يحدّدوا يومه .
وقال أبو جعفر الطوسي في مصابيحه ، وابن عيّاش ، وصاحب الدّروس : إنّه قُبض بسرّ مَن رأى يوم الاثنين ثالث رجب في سنة أربع وخمسين ومائتين للهجرة .
خطبة الجمعة الثانية / عنوان الخطبة : ( فضل شهر رجب الاصب )
ورد عن عبد الله بن عباس قال: كان رسول الله(ص) إذا جاء شهر رجب جمع المسلمين من حوله وقام فيهم خطيباً، فحمد الله وأثنى عليه، وذكر من كان قبله من الأنبياء فصلى عليهم، ثم قال(ص): “أيها المسلمون، قد أظلّكم شهر عظيم مبارك وهو الشهر الأصب – وقد سُمي بالأصب لأن الله يصبّ فيه رحمته على عباده – يصب فيه الرحمة على من عبده، إلا عبداً مشركاً أو مظهر بدعة في الإسلام.. من صام يوماً واحداً في رجب أُمن من الفزع الأكبر وأُجير من النار.. شهر رجب هو شهر عظيم الخير”..
وتتنوع الأعمال في شهر رجب بين يوم وآخر، وفي مقدمة هذه الأعمال عمل “أم داود” الذي هو في
منتصف هذا الشهر. وقد كان أئمة أهل البيت(ع) يستفيدون منه في الدعوة إلى الله تعالى، وقد ورد عن “أبي حمزة الثمالي” قال: سمعت علي بن الحسين(ع) يدعو في الحجر – حجر إسماعيل – في غرّة رجب، فأنصتّ إليه وكان يقول: “يا من يملك حوائج السائلين، ويعلم ضمير الصامتين، لكل مسألة منك سمع حاضر، وجواب عتيد، اللهم ومواعيدك الصادقة، وأياديك الفاضلة، ورحمتك الواسعة، فأسألك أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تقضي حوائجي للدنيا والآخرة، إنك على كل شيء قدير”.
وكان الإمام الصادق(ع) يدعو بهذا الدعاء عقب كل صلاة وفي الصباح والمساء: “يا من أرجوه لكل خير، وآمن سخطه عند كل شر، يا من يعطي الكثير بالقليل، يا من يعطي من سأله، يا من يعطي من لم يسأله ومن لم يعرفه تحنناً منه ورحمة، أعطني بمسألتي إياك جميع خير الدنيا وجميع خير الآخرة، واصرف عني بمسألتي إياك جميع شر الدنيا وشر الآخرة، فإنه غير منقوص ما أعطيت، وزدني من فضلك يا كريم، يا ذا الجلال والإكرام، يا ذا النعماء والجود، يا ذا المنّ والطَوْل”، وكان الإمام الصادق(ع) يمسك لحيته ويقول: “حرّم شبابي وشيبتي على النار”..
الصوم في شهر رجب
قال رسول اللّه صلّى الله عليه وآله: الّا أنّ رجب شهر اللّه الأصم و هو شهر عظيم، و انّما سمّي الأصم لأنّه لا يقاربه شهر من الشهورحرمة و فضلًا عند اللّه و كان أهلالجاهليّة يعظّمونه في جاهليّتها، فلمّاجاء الإسلام لم يزده الّا تعظيماً وفضلًا، الّا انّ رجب شهر اللّه و شعبان شهري و رمضان شهر أمّتي.
الّا فمن صام من رجب يوماً ايماناً واحتسابا استوجب رضوان اللّه الأكبر، وأطفأ صومه في ذلك اليوم غضب اللّه، و أغلق عنه باباً من أبواب النّار، و لو أعطى ملأ الأرض ذهباً ما كان بأفضل من صومه، و لايستكمل أجره بشيء من الدنيا دون الحسنات إذا أخلصه للّه، و له إذا أمسى عشر دعوات مستجابات ان دعا بشيء من عاجل الدنيا أعطاه اللّه، و الّا ادّخر له من الخير أفضل ما دعا به داع من أوليائه و أحبائه وأصفيائه.
و من ذلك ما رود عن الباقر عليه السلام، عن أبيه، عن جده عليهم السلام قال:قال رسول اللّه صلّى الله عليه وآله: من صام أوّل يوم من رجب وجبت له الجنّة.
قال الإمام موسى بن جعفر عليه السلام في شهر رجب:”رجبُ نهرٌ في الجنّةِ أشدُّ بياضاً مِنَ اللّبنِ، وأحلى منَ العسلِ مَنْ صامَ يوماً من رجب سقاهُ اللهُ عزَّ وجلَّ منْ ذلكَ النّهر”.
وکما قال الصادق عليه السلام: قال الرسول اللّه صلّى الله عليه وآله: من صام ثلاثة أيام من رجب كتب اللّه له بكلّ يوم صيام سنة، و من صام سبعة أيّام من رجب غلّقت عنه سبعة أبواب النار، و من صام ثمانية أيّام فتحت له أبواب الجنّة الثمانية، و من صام خمسة عشر يوما حاسبه اللّه حسابا يسيرا، و من صام رجب كلّه كتب اللّه له رضوانه، و من كتب له رضوانه لم يعذّبه.
افضل ايام الصیام في شهر رجب (صيام الأيام البيض من شهر رجب)
عن الرسول الأعظم (صلى الله عليه و آله) أنه قال: من صام ثلاثة أيام من رجب و قام لياليها في أوسطه ثلاث عشرة و أربع عشرة و خمس عشرة و الذي بعثني بالحق إنه لا يخرج من الدنيا إلا بالتوبة [على التوبة] النصوح و يغفر له بكل يوم صامه سبعون كبيرة و يقضى له سبعون حاجة عند الفزع الأكبر و سبعون حاجة إذا دخل قبره و سبعون حاجة إذا خرج من قبره و سبعون حاجة إذا نصب الميزان و سبعون حاجة عند الصراط و كأنما عتق بكل يوم يصومه سبعين من ولد إسماعيل و كأنما ختم القرآن سبعين ألف مرة و كأنما رابط في سبيل الله سبعين سنة و كأنما بنى سبعين قنطرة في سبيل الله و شفع في سبعين من أهل بيته ممن وجبت له النار و بنى له في جنات الفردوس سبعون ألف مدينة في كل مدينة سبعون ألف قصر و في كل قصر ألف حوراء و لكل حوراء سبعون ألف خادم.
شهر الانفتاح على المحبة:
وفي هذا الشهر، نلتقي بأكثر من مناسبة إسلامية في الجو الإسلامي العام، وبأكثر من مناسبة من مناسبات أهل البيت(ع)، ففي المناسبات الإسلامية نلتقي بذكرى المبعث والإسراء والمعراج في السابع والعشرين من شهر رجب، وفي الخامس عشر منه نلتقي بذكرى تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة.
أما مناسبات أهل البيت(ع)، ففي الثالث من رجب استشهاد الإمام علي الهادي(ع)، وفي الثامن منه مولد الإمام محمد الجواد(ع)، وفي الثالث عشر منه مولد أمير المؤمنين الإمام عليّ(ع)، وفي الخامس عشر منه وفاة السيدة زينب(ع)، وفي الخامس والعشرين منه استشهاد الإمام موسى الكاظم(ع).
هذا شهر نعيش فيه أكثر من ذكرى إسلامية، وأكثر من موقف روحاني، فعلينا أن ننطلق في هذا الشهر بالمحبة فيما بين المؤمنين، وأن نستزيد فيه من الرحمة وعمل الخير والمحبة والعفو والتسامح عن بعضنا البعض، أن نفتح قلوبنا لله ليغسلها من كل حقد وبغض ونية سوء، أن نقول لربنا عندما ندخل في ساحات رحمته في هذا الشهر وما بعده: يا ربنا، إننا عبادك الخاشعون لك، المطيعون لك، وفّقنا يا ربنا من أجل أن نحب بعضنا بعضاً، وأن نساعد بعضنا بعضاً، وأن نتعاون على البر والتقوى ولا نتعاون على الإثم والعدوان، وفّقنا يا ربنا من أجل أن نطهّر أنفسنا من كل ما يغضبك ويسخطك، وأن نحصل على رضاك ولا شيء إلا رضاك، لأن رضاك هو الفوز العظيم والسعادة الكبرى
لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا في موقع التلغرام: النعيم نيوز
و لمتابعتنا على موقع فيسبوك يرجى الضغط أيضا على الرابط التالي: النعيم نيوز
كما يمكنك الاشتراك أيضا على قناتنا في منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية
و لا تنسى أيضا الاشتراك في قناتنا على موقع الانستغرام: النعيم نيوز