كتب عباس الصباغ: لم يعد التعافي المؤقت لأسعار النفط يثير شهية مهندسي الموازنات المالية العامة في سبيل تحسن الوضع المالي للبلد، بعد أن عانى من أزمات مالية خانقة كثيراً في الآونة السابقة، تحت هامش تفشي فيروس كورونا، الذي ألحق أضراراً فادحة في مجمل النشاط الاقتصادي والتجاري العالمي، لا سيما سوق النفط.
ومن الطبيعي أن يتأثر العراق ذو الاقتصاد الريعي الأحادي بذلك، فلا يعد ذلك التعافي النسبي مصدراً مالياً موثوقاً ومريحاً، كونه جاء بشكل مؤقت قابل للانحدار السريع. ومن المفروض أن يؤهل الاقتصاد العراقي لتجاوز المحن التي مر بها، نتيجة تذبذب أسعار النفط هبوطاً في السوق العالمية.
هذا من ناحية ومن ناحية أخرى، إن هذا التعافي ربما لن يكون مستمراً للمدة الكافية للوصول إلى تلك العتبة الكافية كما كان في السابق. وقبل تدهور أسعار النفط التي يبدو أنها لن ترجع إلى عهدها (الانفجاري) السابق، حين يكون البرميل في مقدوره أن يغطي جميع الفعاليات الاقتصادية كما ينبغي ذلك. وضمن الاقتصاد العراقي المبتلى بالريعية منذ زمن بعيد.
بالمقابل ربما أن ذلك التعافي في الأسعار قد لا يكون بمقدوره أن يستوعب مواطن الاختلال الذي سبّبها تدهور أسعار النفط في الموازنات المالية في السنين الفائتة أو التقليل من نسب العجز الكبير فيها. إذ تبقى التحديات أمام تلك الأسعار كبيرة مثل تأسيس مشاريع استثمارية واستراتيجية تقوم بتنويع الاقتصاد وإبعاد شبح الريعية عنه وتقليل احتكار النفط قدر الإمكان. كاستثمار الغاز وبقية الموارد الاقتصادية الأحفورية، فضلاً عن تأسيس شراكة وثيقة بين القطاعين الخاص والعام لتنويع الفعاليات الاقتصادية بأنواعها. لتدخل مباشرة في مضمار تقليل الاعتماد شبه الكلي على النفط.
ولكن هذا يحتاج إلى استثمار كامل للموارد المالية والثرواتية، إضافة إلى البشرية وهو ما يتطلب إدارة رشيدة وخبرة اقتصادية عميقة مع ضرورة تحسين الواقع الاستثماري من جميع نواحيه. وهذا الأمر ليس مستحيلاً ولكنه يتطلب جهوداً كبيرة ووقتاً طويلاً وصبراً أطول.
ولهذا لم يعد التعافي النسبي لأسعار النفط محل ترحيب كبير، فالتوازن والاعتدال في الإنتاج والتصدير على أسواق النفط، يجب أن يخضع للعقلانية لضمان حقوق الجميع من منتجين ومستهلكين. أفضل من أن تتجه الأسعار إلى مستوى لا يمكن السيطرة عليه من الارتفاع المفاجئ، أو الانحدار السريع المربك في الأسعار ما يعرّض الاقتصادات الريعية إلى صدمات غير متوقعة وغير آمنة كما حدث في العراق.
تعافي أسعار النفط مؤقت بسبب تذبذب الخزين الاستراتيجي العالمي نفسه، فلا شيء مفرحاً في المسألة، ما دام مؤقتاً وغير منضبط أساساً. لذا يجب أن يخضع النفط إلى سياسة إنتاج وتصدير متوازنة عقلانية وتوازن حقيقي يخدم جميع الأطراف الداخلة في هذه اللعبة.
لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا على تلغرام: النعيم نيوز
لمتابعتنا على فيسبوك يرجى الضغط على الرابط التالي: النعيم نيوز
كما يمكنك الاشتراك على قناتنا على منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية
كما يمكنك أيضا الاشتراك بقناتنا على الانستغرام: النعيم نيوز