
كتب أحمد طالب الدفاعي: وأخيراً تراجع ترامب عن فرض الرسوم الكمركيَّة على أكثر من 90 دولة من دول العالم، وتراجع عن حلم صنع ثقافة اقتصاديَّة جديدة، تعتمد على أحاديَّة القطب كما هي الحال بسيطرة بلاده كقطبٍ أوحد على العالم سياسياً وعسكريَّاً.
إذا أخذنا الموضوع من الجانب السياسي، فإنَّ هذه الرسوم بحسابات ترامب تندرجُ ضمن ما يحدث من اضطراباتٍ على مستوى العالم مثل الحرب الروسيَّة – الأوكرانيَّة، والاضطراب بين الصين وتايوان، وكذلك الشرق الأوسط، ما جعل الكثير من المحللين ينظرون إلى هذه الاضطرابات على أنَّها بوابة للحرب العالميَّة المقبلة لا سمح الله.
وما يدعم هذا الرأي أنَّ كبرى الدول العسكريَّة هي دولٌ صناعيَّة يعتمد وجودها على الصناعة، وهذه الصناعة تحتاج إلى مواد أوليَّة لتغذيتها، لهذا فإنَّ هذه الحرب الاقتصاديَّة التي فرضها ترامب أكثر من يتأثر بها هي الدول الصناعيَّة ذات الاقتصادات الكبرى والمتعددة.
وهذا هو الجانب السياسي الاقتصادي بالموضوع، إذ يمكن أن نأخذ الموضوع بأنَّه منطلقٌ لإضعاف الدول الصناعيَّة التي تحتاج إلى المواد الأوليَّة لتصدير الصناعات إلى خارج جغرافيتها، وبالوقت ذاته للسيطرة على حركة الاقتصاد لتكون أحاديَّة الجانب كما في السياسة يوجد قطبٌ واحدٌ، وهي الولايات المتحدة الأميركيَّة.
ولو أمعنا النظر قليلاً بالموضوع، فإنَّ ترامب اتخذ هذا الإجراء بعد النمو الهائل لبعض الدول في الصناعة مثل الصين التي حققت طفراتٍ كبيرة في النمو، من خلال تعدد مصادرها الصناعيَّة والاستثماريَّة، وأصبحت القوة الاقتصاديَّة الغازية لكل دول العالم سواء كانت متقدمة أو نامية.
إلا أنَّ ترامب كان يعتقد من خلال حساباته أنَّه سيجني أكثر من ربح من خلال هذه الرسوم، لا سيما على مستوى الإيرادات على أكثر من 6 ترليونات دولار من العام الحالي إلى العام 2035، وتقليص الدين الوطني وتعويض جزءٍ من الضرائب، علاوة على الإيرادات الناتجة من قطع غيار السيارات.
إلا أنَّ حساباته كانت خاطئة تماماً مع التراجع الحاد في شركات التكنولوجيا الكبرى، وخاصة شركة “آبل” التي كانت الأكثر تضرراً، بخسارة قدرها 311 مليار دولار من قيمتها السوقيَّة خلال يومٍ واحد، فضلاً عن أضرار شركات أخرى تعمل في مجالات الزراعة والفضاء والمعدات الثقيلة، لا سيما تلك التي تعتمد على السوق الصينيَّة.
وهذا الأمر جاء متسقاً مع تحذيرات رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي)، جيروم باول، من أنَّ هذه الرسوم قد ترفع الأسعار وتُبطئ النمو الاقتصادي، مخالفاً بذلك توقعات الإدارة الأميركيَّة بخفض الأسعار.
على اعتبار أنَّ التكاليف الإضافيَّة الناتجة عن الرسوم غالباً ما يتحملها المستهلك الأميركي، وهو ما يتفق عليه العديد من الاقتصاديين الذين أشاروا إلى أنَّ هذه الرسوم تنعكس في النهاية على أسعار السلع اليوميَّة، التي تحملها المواطن الأميركي.
وهذا ما ذكرته صحيفة “لوس أنجلوس تايمز” من أنَّ المستهلكين الأميركيين، وليس المصدرين الأجانب، هم من يتحملون فعلياً الرسوم الكمركيَّة الجديدة، وهذا يؤدي إلى ارتفاع أسعار المنتجات الأساسيَّة، من السيارات إلى الأجهزة الإلكترونيَّة.
بالنتيجة استيقظ ترامب من حلمه ورفع الراية البيضاء، واعترف بسوء حساباته، وقرر التراجع عن فرض الرسوم الكمركيَّة.
لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا على تلغرام: النعيم نيوز
لمتابعتنا على فيسبوك يرجى الضغط على الرابط التالي: النعيم نيوز
كما يمكنك الاشتراك على قناتنا على منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية
كما يمكنك أيضا الاشتراك بقناتنا على الانستغرام: النعيم نيوز