
أكد قاضي محكمة التحقيق المركزية، نبيل كريم، اليوم الأحد، أن العراق نجح في استرداد نحو 23 ألف قطعة أثرية هُربت بعد 2003.
وقال كريم، في تصريح للوكالة الرسمية وتابعته “النيم نيوز”إن “العراق موطن لحضارات عريقة مثل السومرية والبابلية والآشورية، الأمر الذي يجعله مستهدفاً بشكل مستمر من قبل عصابات تهريب الآثار التي نشطت بعد أحداث 2003 وأقدمت على تهريب الآلاف من القطع الأثرية خارج العراق”.
وفيما عزا، تفاقم هذه الجرائم إلى ضعف المراقبة على المواقع، والفقر والبطالة التي تدفع السكان المحليين لبيعها، أكد أن عقوبات مشددة تنتظر مرتكبي هذه الجرائم قد تصل إلى الإعدام.
وعد القاضي كريم، جريمة سرقة الآثار “من الجرائم الخطيرة التي تهدد الإرث الحضاري للبلاد حيث وضع المشرع العراقي في المادة 40 من قانون الآثار والتراث رقم 55 لسنة 2002، عقوبات صارمة تتراوح بين السجن لمدة لا تقل عن 7 سنوات ولا تزيد على 15 سنة مع تعويض مقداره ستة أضعاف القيمة المقدرة للأثر أو المادة التراثية في حالة عدم استردادها”.
وأشار، إلى أن “العقوبة تشدد إلى السجن المؤبد إذا كان مرتكب الجريمة من المكلفين بإدارة أو حفظ أو حراسة الأثر أو المادة التراثية المسروقة، وتصل إلى الإعدام اذا حصلت السرقة بالتهديد أو الإكراه أو من شخصين فأكثر وكان أحدهم يحمل سلاحاً ظاهرياً أو مخبأً”.
وبين، أن “الجريمة إذا كانت تتعلق بقطع أثرية نادرة أو مواقع تراثية تكون العقوبات أشد”، مبينا أن “القضاء ينظر إلى قيمة الآثار الثقافية والتاريخية باعتبارها ثروة وطنية وإرثاً إنسانياً وهوية الدولة التاريخية والثقافية لذلك تعكس الأحكام القضائية في قضايا الآثار أحيانا أهمية هذه القيمة حيث تمثل الآثار ثروة لا تقدر بثمن”.
ويعزو قاضي التحقيق أسباب تفاقم جريمة تهريب الآثار، إلى “ضعف المراقبة على المواقع الأثرية البعيدة وانتشار الفقر والبطالة التي تدفع بالسكان المحليين إلى التنقيب غير القانوني إضافة إلى ضعف التعاون الدولي في تتبع شبكات تهريب الآثار”، داعيا إلى “تعزيز الرقابة الأمنية على المواقع الأثرية باستخدام التقنيات المتطورة مثل الطائرات المسيرة، وكذلك تعزيز الوعي المجتمعي للحفاظ على الهوية الثقافية للدول والمجتمعات”.
ولفت، إلى أن “مكافحة جرائم سرقة الآثار تتطلب تضافر الجهود بين الجهات الحكومية والمجتمع المحلي وتطبيق القوانين بشكل صارم”، مؤكدا أن “القضاء يلعب دورا حاسما في مكافحة جريمة تهريب الآثار وذلك من خلال عدة جوانب تشمل التشريعات والتحقيق والمحاكمة وإنفاذ العقوبات”.
وأضاف، أن “القضاء يلتزم بتنفيذ الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحماية الممتلكات الثقافية مثل اتفاقية اليونسكو لعام 1970 بشأن حظر الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية وإصدار أحكام وعقوبات مشددة من شأنها أن تكون رادعاً لهذه الجريمة”.
وبشأن ما يعرقل متابعة هذه القضايا، تابع أن “القضاء يواجه تحديات كبيرة في متابعة قضايا تهريب الآثار ولأسباب كثيرة منها صعوبة تتبع الآثار المهربة والنقص في الأدلة إضافة إلى التعاون الدولي المحدود، لا سيما أن أغلب جرائم تهريب الآثار تتم عبر شبكات دولية معقدة مما يجعل تعقبها صعبا”، مشيرا إلى أن “اختلاف التشريعات بين الدول يعد من الأسباب التي تمثل تحدياً في تتبع الآثار المهربة، وكذلك ضعف الموارد البشرية والتقنيات الحديثة في تتبع الآثار”.
ويرى، أن “التعاون بين القضاء والسلطات الأخرى في مكافحة جرائم الآثار يعد تعاونا أساسيا لضمان حماية التراث الثقافي ومنع تهريبه أو تدميره حيث يشمل التعاون بين الأجهزة القضائية والتنفيذية والأمنية والجهات الدولية والذي يتطلب دعماً كبيراً لتحقيق نتائج ملموسة”.
وعن ملاحقة الآثار العراقية في الخارج، اعتبر أن “قضايا تهريب الآثار التي تتجاوز الحدود الجغرافية تعد من اكثر القضايا تعقيدا كونها تتداخل مع قوانين دولية وتتطلب تعاوناً بين الدول والمؤسسات”، مؤكدا أن “هناك اتفاقات دولية لضمان استرداد المتورطين والآثار المهربة مثل اتفاقية اليونسكو لعام 1970 التي تلتزم الدول الموقعة باتخاذ التدابير لمنع تهريب الآثار، واسترداد تلك التي تم تهريبها واتفاقية UNIDROIT لعام 1995 التي توفر إطاراً قانونياً لاستعادة الممتلكات الثقافية المهربة واتفاقيات التعاون الثنائي التي تتيح لبعض الدول بتبادل المعلومات واستعادة الآثار”.
وأكمل، أن “القضاء أدى دوراً كبيراً في استعادة الآثار المهربة فمن خلال هذه الاتفاقات نجح العراق عام 2021 باستعادة لوح كلكامش الذي كان يعرض في متحف في واشنطن بعد أن تم رفع دعوى قانونية أثبتت تهريبه، وخلال العام نفسه استعاد العراق 17 ألف قطعة أثرية من الولايات المتحدة عبر التعاون مع السلطات الأمريكية بناء على وثائق رسمية إضافة إلى آلاف القطع التي تمت استعادتها من أوروبا بالتعاون مع السلطات في بريطانيا وفرنسا ودول أوروبية أخرى تعود إلى الحضارات السومرية والبابلية”.
ويقدر القاضي حجم “ما تم استرداده من الآثار في العقد الأخير بنحو 23 ألف قطعة تقريبا، ففي عام 2017 أعادت فرنسا 3500 قطعة أثرية، وفي العام نفسه أعادت ألمانيا 150 قطعة، وفي عام 2019 تمت استعادة 700 قطعة من المملكة المتحدة و2000 قطعة تمت استعادتها من عدة دول مختلفة، وأما عام 2021 فقد نجحت السلطات العراقية في استعادة 17 ألف قطعة أثرية من الولايات المتحدة حيث ضمت هذه الآثار ألواحاً مسمارية وتماثيل وأدوات من حضارات العراق القديمة بعدما تم تهريب هذه القطع بعد عام 2003، فيما لا يزال العمل مستمرا لاستعادة المزيد منها”.
وأكد، أن “العراق يعمل على الضغط على المتاحف والمواقع العالمية التي تعرض الآثار من خلال حملات دولية لفضح عمليات تهريب الآثار ومنع التداول التجاري عن طريق طلب إيقاف بيع الآثار العراقية في المزادات العالمية”.
وبالحديث عن المواقع العالمية التي تعرض قطعاً أثرية ترجع عائديتها إلى العراق، فقد أوضح القاضي نبيل كريم أن “المواقع العالمية التي تعرض آثاراً عراقية يتم معها اتباع الأطر القانونية من خلال التعاون الدولي ورفع القضايا والضغط دبلوماسياً إضافة الى التفاوض وتكثيف الجهود مع المنظمات الدولية مثل اليونسكو والإنتربول”.
لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا على تلغرام: النعيم نيوز
لمتابعتنا على فيسبوك يرجى الضغط على الرابط التالي: النعيم نيوز
كما يمكنك الاشتراك على قناتنا على منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية
كما يمكنك أيضا الاشتراك بقناتنا على الانستغرام: النعيم نيوز