في تسارع دراماتيكي وسريع، وخلال أقل من 10 أيام، وبعد يوم واحد فقط من إعلان إسرائيل الهدنة مع لبنان، نشطت الجماعات المسلحة المسيطرة على مدينة أدلب بطريقة مثيرة، واستولت على عدد من المدن، قبل أن وصلت اليوم إلى العاصمة دمشق، معلنة سقوط النظام السوري بقيادة بشار الأسد.
وأذيع صباح اليوم وعبر التلفزيون الرسمي البيان رقم واحد، ومغادرة الأسد للبلاد على متن طائرة إلى جهة غير معروفة، وعمت حالة من الفوضى عدد من مدن البلاد، رغم إعلان رئيس الوزراء محمد غازي الجلالي، بقاءه في المنصب لحين تسليم السلطة الجهة التي يختاره الشعب، كما دعا للحفاظ على مؤسسات الدولية، في حين اتخذت العراق إجراءات مشددة على الحدود مع سوريا، تحسباً لأي مخاطر أو محاولات لتسلل الجماعات المسلحة، كما حذر سياسيون من تمدد الإرهاب في المنطقة، والانتباه للدور التركي لتقسيم سوريا.
بيان رقم واحد
اعلن التلفزيون السوري ، اليوم الاحد ، سقوط نظام الاسد، جاء ذلك خلال بث البيان رقم واحد خلال التلفزيون الرسمي .
وقال ضابطان بالجيش السوري، لوكالة رويترز، الأحد، إن الرئيس بشار الأسد غادر البلاد على متن طائرة إلى وجهة غير معلومة.
و أعلن رئيس الحكومة السورية محمد غازي الجلالي، أنه لايزال متواجدا في منزله ولا ينوي مغادرة البلاد.وتوجه الجلالي إلى السوريين بفيديو مصور قائلا: “أنا منكم وأنتم مني. أنا في منزلي لم أغادره بسبب انتمائي إلى هذا البلد وعدم معرفتي لأي بلد آخر غير وطني”.
وأضاف: “في هذه الساعات التي يشعر فيها الناس بالقلق والخوف رغم حرصهم جميعا على هذا البلد ومؤسساته ومرافقه، إنني حريص على المرافق العامة للدولة والتي هي ليست ملكا لي وليست ملكا لأي شخص آخر إنما هي ملك لكل السوريين. نمد يدنا إلى كل مواطن سوري حريص على مقدرات هذا البلد”.
وتابع الجلالي، الذي شغل منصب رئيس مجلس الوزراء في سوريا في سبتمبر 2024: “أتمنى من الجميع أن يفكروا بعقلانية. إننا نمد يدنا حتى إلى (المعارضين..بحسب قوله) الذين مدوا يدهم وأكدوا أنهم لن يتعرضوا إلى أي إنسان ينتمي إلى هذا الوطن السوري.
بيان الجلالي لم يشكل فارقاً، حيث بدت شوارع العاصمة دمشق في حالة فوضى، وسط إطلاق نار كثيف، ودعوات بالحفاظ على الممتلكات العامة، إلا أن المشهد يبدو أكثر تعقيداً مع انتشار السلاح بشكل كبير بين صفوف المدنيين.
واندلعت مشاهد الفوضى داخل مطار دمشق، فجر الأحد، بالتوقيت المحلي، حيث واصلت الجماعات المسلحة تقدمها الخاطف إلى العاصمة، وأظهرت لقطات عشرات الأشخاص يمرون بسرعة عبر نقاط التفتيش الأمنية ويسارعون إلى بوابات المغادرة في محاولة للفرار من البلاد، في حين بدا المطار خاليا من الموظفين إلى حد كبير وأظهرت مواقع مراقبة الرحلات الجوية عدم وجود رحلات مغادرة وشيكة.
كيف انهار النظام؟
بالعودة إلى يوم ٢٧ تشرين الثاني الماضي، حيث أجبرت إسرائيل على إعلان الهدنة مع حزب الله في لبنان، وبدأ عودة النازحين اللبنانيين إلى منازلهم المهدمة، سرعان ما تفجرت الأوضاع في سوريا، حيث ظهرت الفصائل المسلحة التي تسيطر على أدلب منذ أكثر من عشر سنوات، وبدأت بالتحرك نحو حلب وحماة وحمص ومن ثم العاصمة دمشق التي أعلن منها سقوط النظام.
ويربط محللون سياسيون بين إعلان الهدنة الإسرائيلية ونشاط الجماعات المسلحة في سوريا، بشكل يثير التساؤلات.
ومن أبرز السيناريوهات المطروحة على الساحة، هو التعاون الغربي المتمثل بأمريكا، وذراعها الإسرائيلي بإعطاء الضوء الأخضر لتركيا لتفعيل نشاط المسلحين لإسقاط نظام الأسد، مع تخلي روسيا عن دعمها المعتاد للنظام السوري، حيث باتت جميع الأطراف تتفرج على تقدم المسلحين وسقوط المدن الواحدة تلو الأخرى.
لا أحد يعلم شكل النظام السوري الجديد، إلا أن التخوف الأبرز هو تقسيم البلاد بين قوات سوريا الديمقراطية الكردية المدعومة من أميركا، وبين هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة) سابقاً، التي يتزعمها أبو محمد الجولاني، والمدعوم من تركيا، إضافة إلى الجماعات المتطرفة الأخرى المدعومة من بعض الدول بالمنطقة.
كيف استقبل العراق خبر سقوط الأسد؟
على مستوى رئاسة الحكومة العراقية لم تعلن حتى اللحظة، موقفها من سقوط النظام السوري، إلا أن أطراف سياسية حذرت من جر المنطقة إلى نزاعات دموية، في ظل سيطرة مسلحين مدعومين دولياً على النظام في سوريا، كما أخلت وزارة الخارجية مبنى السفارة العراقية في دمشق، أما أمنياً حيث اتخذت الداخلية والعمليات المشتركة إجراءات مشددة على الحدود تحسباً لأي طارئ.
ووصل وزير الداخلية عبدالأمير الشمري إلى منفذ القائم الحدودي مع سوريا، ومن المؤمل أن يجري الشمري سلسلة من اللقاءات والاجتماعات ويطلع على عمل مفاصل وتشكيلات الوزارة ضمن هذا القضاء.
وبحسب بيان وزارة الداخلية، تتضمن هذه الزيارة لقاء شيوخ ووجهاء عشائر محافظة الأنبار، فضلا عن اللقاء بأسر الشهداء الأبرار والجرحى الأبطال للوقوف على أهم احتياجاتهم وطلباتهم”.
وأكدت الوكالة الرسمية، أن معبر القائم مغلق بشكل كامل والحدود العراقية مؤمنة.
وذكرت الوكالة، إن “معبر القائم الحدودي مغلق بشكل كامل والحدود العراقية مؤمنة ولا يسمح بالدخول والخروج من هذا المعبر”، مبيناً أنه “في الجانب السوري لا توجد أي قوات من المعارضة المسلحة أو ما تبقى من قوات النظام السوري”.
وأضافت أن “هناك تحصينات أمنية في الشريط الحدودي بالجانب العراقي، كما تم نشر عدد من الكاميرات الحرارية التي تهدف لتعزيز الحدود وتأمينها وأصبحت الحدود مؤمنة بشكل كامل”.
وأعلنت قيادة قوات الحدود، اليوم الأحد، أن الوضع على الحدود مع سوريا، مؤمن بالكامل وهناك أربعة موانع.
وقال اللواء الركن خير الله عيسى، إننا “نطمئن القيادات والمواطنين بأن الوضع على الحدود مع سوريا مؤمن بالكامل ولدينا 4 موانع (خنادق، سواتر ترابية، ومانع سلكي قنفذي، جدار كونكريتي بارتفاع 3 أمتار ونصف المتر )”.
وأضاف، أن “القوة الماسكة للمعبر ،مكونة من 4 ألوية و6 أفواج احتياط ضمن هذا القاطع ممتدة على طول الحدود وفوج مشاة آلي احتياط، مع وجود الحشد الشعبي في العمق ولا يمكن خرق الحدود بأي شكل من الأشكال والمنفذ مغلق”.
وتابع: “نحن بكامل الاستعداد والتأهب لأي احتمالات والحدود جميعها مراقبة بالكاميرات التي وصل عددها الى 105 كاميرات”، مؤكداً أنه “لا نحتاج الى تعزيز القوات المتواجدة على معبر القائم والأسلحة كافية ولن يكون هناك خرق”.
سياسياً، قال رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، إن “كلي أمل أن نشهد سوريا موحدة وآمنة ومتصالحة مع نفسها والعالم”، منوهاً بأن “بين العراق وسوريا مشتركات هائلة يمكن توظيفها لخير الشعبين”.
وتابع: “لقد سئمت شعوبنا الحروب والصراعات، وهي ترنو لعهد السلام والبناء”، داعياً الى “العمل جميعاً على إطفاء نيران الفتن والصراعات والحروب، لخير الشعوب”.
وحذر رئيس مجلس الوزراء العراقي الأسبق عادل عبد المهدي، من تداعيات “خطيرة” جراء الاحداث في سوريا ودخول إسرائيل “القنيطرة” جنوبي البلاد مستغلة اسقاط نظام الاسد.
وقال في منشور له على منصة “إكس”، إنه: بعد النصر اللبناني حقق الهجوم المضاد في سوريا اولى نجاحاته، و سيحقق نجاحات موجعة أخرى”.
وأضاف “ابتهج الاسرائيليون وسارعوا لدخول القنيطرة، وستحصل تداعيات خطيرة”، مستدركا القول “ولكن للهجوم نهاية وعلى الباغي تدور الدوائر”.
تحذير عراقي من الدعم التركي للإرهاب
من جهته حذر عضو ائتلاف دولة القانون عمران كركوش، الاحد، من دعايات ومحاولات لبث اشاعات بشأن عزم تركيا فرض سيطرتها على مدن عراقية، لافتا الى ان هناك اتفاقات وقانون دولي فضلا عن امكانية العراق الدفاع عن اراضيه، وكلها امور تجعل هكذا محاولات مستبعدة، مشيراً إلى ان “الاحداث الجارية في سورية لم تكن لتحدث لولا قيام بعض الدول العظمى بدعمها والدفع نحو حدوثها من أجل خدمة مصالحها”.
نيابياً، اكد النائب ياسر اسكندر، بان العراق يتابع عن كثب تطورات الاحداث السورية .
وقال اسكندر في تصريح صحفي، إن “الأحداث في سوريا مثيرة للقلق وهي مفتوحة الاحتمالات وحذرنا من وقت مبكر من خطورتها على الأمن الإقليمي والدولي في ظل وجود تنظيمات متطرفة تنشط في المشهد بشكل لافت”.
واضاف ان” العراق كان واضحا منذ البدء في انه امن الحدود مع سوريا خط احمر واي محاولة للاعتداء ستجابه بقوة ردع مباشرة مؤكدا بان خطة الانتشار على الحدود مستمرة وهي تأخذ مسارات متعددة”.
واشار الى ان” نريد سوريا امنة ومستقرة وعلى المجتمع الدولي ان يدرك خطورة الاحداث الجارية حاليا وان يتعامل بواقعية مع ملف وجود تنظيمات إرهابية اغلبها قادتها على لائحة الإرهاب الدولي”.
ماذا الآن؟
نقلت وكالة “رويترز” عن الائتلاف السوري المعارض تأكيده مواصلة العمل “لاستكمال انتقال السلطة إلى هيئة حكم انتقالية تتمتع بسلطات تنفيذية كاملة”.
وأكد الائتلاف أن “الثورة انتقلت من مرحلة النضال من أجل الإطاحة بنظام الأسد إلى مرحلة النضال من أجل بناء سوريا معاً”، بحسب ما نقلت “رويترز”.
ودعا الائتلاف المعارض القوات الكردية (قسد) “إلى فك الارتباط مع أي تنظيمات أجنبية”.
ويترقب العالم شكل النظام الجديد في ظل الفوضى الكبيرة والخارطة المقسمة بين الدول المتنازعة، ومعرفة مدى جدية التزام جميع الأطراف بالسلام وبناء البلاد التي أنهكتها النزاعات المسلحة.
لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا على تلغرام: النعيم نيوز
لمتابعتنا على فيسبوك يرجى الضغط على الرابط التالي: النعيم نيوز
كما يمكنك الاشتراك على قناتنا على منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية
كما يمكنك أيضا الاشتراك بقناتنا على الانستغرام: النعيم نيوز