اخبار اسلامية
أخر الأخبار

خطبتا صلاة الجمعة بإمامة فضيلة الشيخ مؤيد الشافعي في الديوانية

أقيمت خطبة صلاة الجمعة في محافظة الديوانية قضاء السدير بإمامة فضيلة الشيخ مؤيد الشافعي

 

وكانت خطبتا صلاة الجمعة وتابعتها “النعيم نيوز”. “في محافظة الديوانية قضاء السدير في جامع السيدة زينب الكبرى ( ع ) ليوم ٦ / ١٢ / ٢٠٢٤م , الموافق ٤ جمادي الآخرة ١٤٤٦هج , بإمامة فضيلة الشيخ مؤيد الشافعي دام عزه

والخطبة الأولى لصلاة الجمعة تحت عنوان الخطبة (التأسي بسيدة نساء العالمين فاطمة عليها السلام )

قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: { إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً }[الأحزاب: 33].

ذكرى رحيلِ الزَّهراءِ (ع)

في الثَّالث من شهر جمادى الثانية، كان رحيل الصدِّيقة الطاهرة فاطمة الزّهراء، سيدة نساء العالمين، عن هذه الدّنيا إلى رحاب ربها، وذلك بناءً على الرواية التي ترى أنَّ وفاتها حصلت بعد خمسة وتسعين يوماً من وفاة رسول الله (ص).

وقد ترك هذا الرَّحيل ألماً وحزناً كبيرين في قلب أمير المؤمنين (ع)، والذي عبَّر عنه عندما وقف عند جثمانها الطَّاهر، قائلاً: ” لقد عزَّ عليَّ مفارقتكِ وفقدكِ، إلّا أنّه أمر لا بدّ منه، والله لقد جدَّدتِ عليَّ مصيبة رسول الله (ص)، وقد عظمَتْ وفاتُك وفقدُك، فإنَّا لله وإنَّا إليه راجعون من مصيبةٍ ما أفجعها وآلمها وأمضّها وأحزنها! هذه والله مصيبة لا عزاء منها، ورزيَّة لا خلفها “.

ونحن في هذه المناسبة الأليمة، سنتوقَّف عند واحدة من مآثرها الكثيرة، لنأخذ منها العبر والدّروس، لتكون لنا زاداً نستعين به في هذه الحياة.

وقد جاء ذلك في حديث نقله عنها ولدها الإمام الحسن (ع)، حين قال: ” رأيت أمّي فاطمة (ع) قامت في محرابها ليلة جمعتها، فلم تزل راكعة ساجدة حتى اتّضح عمود الصّبح، وسمعتها تدعو للمؤمنين والمؤمنات، وتسمّيهم وتكثر الدّعاء لهم، ولا تدعو لنفسها بشيء، فقلت لها: يا أمَّاه! لم لا تدعين لنفسك كما تدعين لغيرك؟ فقالت: يا بنيَّ! الجار ثم الدّار “.

لقد أشار هذا الحديث، أوَّلاً: إلى المدى الَّذي بلغته السيّدة الزّهراء (ع) في عبادتها لله سبحانه، عندما كانت تقضي اللَّيل في العبادة حتى مطلع الفجر، وقد ورد في الحديث عن الإمام الحسن (ع): ” ما كان في هذه الأمَّة أعبد من أمِّي فاطمة، كانت تقوم حتى تتورَّم قدماها “.

ثانياً: حرصها على الإحسان إلى جيرانها، وقد بلغ هذا الحرص بها إلى أن تقول لولدها الإمام الحسن: “با بنيّ، الجار قبل الدار”. وهذا ما أشار إليه عليّ (ع): ” اللهَ اللهَ فِي جِيرَانِكُمْ، فَإِنَّهُمْ وَصِيَّةُ نَبِيِّكُمْ “،ما زال رسول الله (ص) يوصينا بهم حتّى ظننَّا أنّه سيورِّثهم “.

وفي الإشارة إلى حقوق الجار، ورد عن رسول الله (ص): ” إن استغاثك أغثته، وإن استقرضك أقرضته، وإن افتقر عدت عليه، وإن أصابته مصيبة عزَّيته، وإن أصابه خير هنَّأته، وإن مرض عدته، وإن مات اتَّبعت جنازته، ولا تستطل عليه بالبناء فتحجب عنه الرِّيح إلّا بإذنه، وإذا اشتريت فاكهةً فأهد له، فإن لم تفعل فأدخلها سراً، ولا تخرج بها ولدك تغيظ بها ولده، ولا تؤذه بريح قدرك إلَّا أن تغرف له منها “.

ثالثاً: دعاؤها لجيرانها في ظهر الغيب. فالدَّعاء الذي امتنّ الله به على عباده، وجعله باباً لتواصلهم معه، ولبلوغ حاجاتهم وطلباتهم، لم تقف به الزهراء (ع) عند حدود نفسها أو أولادها أو أقاربها، بل حوَّلته لحساب جيرانها وكلّ من يحتاجون إليه. فقد كانت عندما تسمع بإنسانٍ مهموم أو مغمومٍ أو مريضٍ أو جائعٍ أو غائبٍ أو مظلوم، تتوجَّه بالدعاء له بظهر الغيب، أي بينها وبين الله، ومن دون أن يطلب منها ذلك، وبدون أن يعرف بحصوله.

وهذا الدّعاء له أهميّته عندما يكون من الزهراء (ع) بضعة رسول الله (ص)، وسيّدة نساء أهل الجنّة، وله أهميّته كونه دعاءً بظهر الغيب، وقد أشارت الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة إليه.

فهذا الدعاء فيه فائدة للدَّاعي نفسه، وذلك كما جاء في قوله سبحانه: { وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُم مِّن فَضْلِهِ وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ }[الشورى: 26]، أي أنَّ الله يستجيب لدعاء المؤمن العامل بالصَّالحات لأخيه بظهر الغيب، ويقول له عندها الملك: آمين، ويقول الله العزيز الجبَّار: “ولك مِثلا ما سألت، وقد أعطيت ما سألت بحبّك إيّاه”.

وقد ورد في الحديث عن أحد أصحاب الإمام زين العابدين (ع)، قال: سمعت الإمام (ع) يقول: ” إذا سمعت الملائكة المؤمن يدعو لأخيه بظهر الغيب، قالت: نِعْمَ الأخ أنت لأخيك، تدعو له بالخير وهو غائب، وتذكره بخير، قد أعطاك الله عزَّ وجلَّ مثلَيْ ما سألت له، وأثنى عليك مثلَيْ ما أثنيت عليه، ولك الفضل عليه “.

وفائدة أخرى لهذا الدّعاء، إذ فيه فائدة للمدعوّ، لكونه متحقّق الإجابة، حيث لا حواجز تقف دون وصوله إلى الله وبلوغ النّتائج المرجوَّة منه.

فهناك حواجز قد تقف أمام استجابة الدّعاء وتحقّق المراد منه، فنحن نقرأ في دعاء كميل: ” اللَّهمَّ اغفر لي الذنوب التي تحبس الدّعاء “، فقد يمنع الظّلم، وعدم طيب المكسب، وبذاءة اللِّسان، وعدم نقاوة القلب، الدّعاءَ من أن يصل إلى الله، فيما الدّعاء بظهر الغيب مضمون الإجابة. وقد ورد في الحديث: “أوشك دعوة وأسرع إجابة، دعاء المرء لأخيه بظهر الغيب”.

وفي الحديث: ” أربعة لا تردّ لهم دعوة: الإمام العادل، والوالد لولده، والأخ لأخيه بظهر الغيب، والمظلوم، يقول الله جلّ جلاله: وعزّتي وجلالي، لأنتصرنَّ لك ولو بعد حين “.

ولذلك، دعت الأحاديث الَّذين لديهم حاجة ماسَّة يريدون تحقيقها، إلى أن يدعوا لإخوانهم بظهر الغيب، حتى يضمنوا استجابة دعائهم. وقد ورد في الحديث: ” من قدَّم أربعين رجلاً من إخوانه يدعو لهم قبل أن يدعو لنفسه، استجيب له فيهم وفي نفسه “.

وهذا ما نجده في قنوت ركعة الوتر في صلاة اللَّيل، حيث ورد فيها الدّعاء لأربعين مؤمناً ومؤمنةً، أحياءً كانوا أو أمواتاً، قبل أن يدعو الإنسان لنفسه.

وقد جاء في سيرة الإمام الكاظم (ع)، أنَّ أحدهم رأى عبد الله بن جندب بالموقف من عرفات، فقال: مازال مادّاً يديه إلى السَّماء، ودموعه تسيل على خدَّيه حتى تبلغ الأرض، فقال له بعد الانتهاء من دعائه:

“ما رأيت موقفاً قطّ أحسن من موقفك”، فقال: ” والله ما دعوت إلَّا لأخواني، وذلك أنَّ أبا الحسن موسى الكاظم (ع) أخبرني أنَّ من دعا لأخيه بظهر الغيب، نودي من العرش: ولك مائة ألف ضعف، فكرهت أن أدَع مائة ألف مضمونة، لواحدة لا أدري تستجاب أم لا “.

الإخلاصُ للزّهراءِ (ع)

إنَّنا أحوج ما نكون في هذه الذكرى الأليمة إلى أن نستلهم الزهراء (ع) في عبادتها لله عزّ وجلّ، وفي حسن مجاورة جيرانها، وأن نبذل الخير لهم بالمال أو العلم، أو برفع الظّلم، أو بالبسمة أو الكلمة الطيّبة، أو بالإصلاح بين الناس، وأن نطرق أبواب السَّماء بالدّعاء لهم، فبالدعاء تتحقَّق الآمال، وتقضى الحاجات، ويدفع البلاء، وينتصر للمظلومين.

وبذلك نخلص للزهراء (ع) في ذكرى قدومها على ربّها، لتحظى عنده بالكرامة الَّتي وعدت بها..

إنّ إخلاصنا للزّهراء (ع) لا يتحقَّق فقط بفرح نعبّر عنه عند ولادتها، وبدموع نذرفها عند وفاتها، وهي لا تكتفي منَّا بذلك، هي تريد منا أن نتمثَّلها، وهي قدوة للرّجال والنساء في إنسانيّتها، في حبّها، في عطائها، في تفانيها في خدمة الناس…

فلنسأل الله أن يوفِّقنا لذلك، كي ننال حبَّها وشفاعتها واللّقاء بها في جنان الخلد.

والسَّلام عليها يوم ولدت، ويوم انتقلت إلى رحاب ربّها، ويوم تبعث حيّة لتنال ما أعدَّ الله من نعيم مقيم

 

 

لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا على تلغرامالنعيم نيوز

لمتابعتنا على فيسبوك يرجى الضغط على الرابط التاليالنعيم نيوز

كما يمكنك الاشتراك على قناتنا على منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا علىقناة النعيم الفضائية

كما يمكنك أيضا الاشتراك بقناتنا على الانستغرامالنعيم نيوز

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى