أصبحت الحوادث المرورية التي نراها يومياً، ونسمع بها، أو نقرأ عنها في المحافظات العراقية كساحة حرب تحصد أرواح المواطنين العراقيين الكبار منهم والأطفال على حدٍ سواء بشكل يومي وشبه منتظم.
ولعل آخرها الحادثة التي جرت يوم الثلاثاء 2/ 4/ 2024 في محافظة البصرة منطقة الهارثة، فقد لقي 6 طلاب مصرعهم، وأصيب أكثر من 10 طلاب آخرين بإصابات مختلفة دهستهم عجلة نوع شاحنة براد ، أثناء خروجهم من المدرسة بعد انتهاء الدوام.
’11 عرقياً يومياً ‘…. إحصائيات مخيفة
أعلنت مديرية المرور العامة تسجيل أكثر من 1300 حادث مروري منذ بداية العام ٢٠٢٤ ولغاية الشهر الحالي.
وقال مدير قسم العلاقات والإعلام في المديرية العميد زياد القيسي في تصريح إن “دائرته تبنّت حزمة إجراءات تهدف إلى الحدّ من الحوادث المرورية التي ازدادت أعدادها، إذ وصلت أعدادها إلى أكثر من ثمانية آلاف و600 حادث منذ بداية العام الماضي وحتى شهر آذار الحالي”
فيما تشير التقديرات الإحصائية العالمية ، إلى أن “عدد القتلى سواء بعمليات إرهابية او جنائية في العراق تبلغ قرابة 700 وفاة سنويًا، بينما تبلغ وفيات الحوادث المرورية في العراق اكثر من 4 الآف.”
وزير الصحة العراقي صالح الحسناوي كشف بدوره عن أرقام صادمة لضحايا حوادث السير في البلاد، حيث أوضح في مقابلة متلفزة، أن العراق شهد خلال العام الماضي مقتل 4161 شخصا نتيجة حوادث الطرق، إلى جانب آلاف الإصابات، وهناك عمل من وزارة الداخلية لتحديد السرعة ونصب الرادارات للحد من الحوادث.
وتعتبر الأرقام التي قدّمها وزير الصحة لعدد الضحايا السنوي جراء حوادث السير «مرعبة». بحسب الباحث والناشط العراقي علي الموسوي
وأضاف في تصريح أن «العدد الذي قدّمه الوزير يعني أن لدينا 11 عراقياً يقتلون يومياً جراء حوادث السير، عدا عن الجرحى، وهذا العدد أكبر من عدد ضحايا الإرهاب وعمليات العنف المنظم خلال 5 سنوات».
في حين سجل عام 2023، إحصائية قد تكون هي الأقل بعدد الحوادث المرورية منذ 3 سنوات، منخفضة بنسبة 28% عن عدد حوادث عام 2022.
بالمقابل ذكر الجهاز المركزي للإحصاء بوزارة التخطيط العراقية أن “حوادث السير حصدت حياة اكثر من ثلاثة آلاف شخص خلال عام 2022 ، فيما شهد كل من عام 2020 وعام 2021 (وفق تقريرين أصدرهما الجهاز المذكور) وفاة أكثر من ألفي شخص نتيجة حوالي ثمانية آلاف حادث سير في كل عام، أي بمعدل 22 حادثا باليوم تودي بحياة 6 أشخاص يومياً”
تعددت الأسباب…والموت واحد
تعددت اسباب الحوادث المرورية التي تقع على شوارع وجسور وطرقات المدن في المحافظات العراقية إلا أن الموت الرابط المشترك بينها.
أكدت رئيس لجنة النقل في البرلمان العراقي زهرة البجاري أن “السبب الرئيسي لزيادة الحوادث في المحافظات العراقية هو عدم قيام مديرية المرور بواجبها بتنظيم السير وتطبيق قانون المرور وعدم وجود شوارع منظمة ومرتبة . وغيرها من الشوارع المحفرة، وعدم وجود مراقبة حقيقية من قبل المرور لسير عجلات الحمل، والتي هي دائما ما تكون سببًا بالحوادث المرورية”.
وأنَّ “الأسباب تتضمّن أيضاً، اللهو واللعب بشاشة (الديجتال) في المركبات، والاجتياز الخاطئ من جهة اليمين، وعدم متانة المركبات وعدم صلاحية البعض منها، لاسيما أنَّ الكثير منها تعرضت سابقاً لحوادث عدة كالغرق أو الحرق بينما القسم الآخر منها ذات هياكل ضعيفة لا تحمل المتانة القوية التي تخوّلها السير بسرعات تزيد على 120 كم/ ساعة”. بحسب تصريح مدير قسم العلاقات والإعلام في مديرية المرور العامة التابعة للوزارة العميد زياد محارب القيسي
من جهته أوضح رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الانسان فاضل الغراوي أن “أسباب ارتفاع الحوادث المرورية يعزى إلى قدم الطرق وعدم تأهيلها وعدم وجود العلامات والدلالات فيها وعدم وجود متطلبات السلامة والسياج الأمني والكاميرات”.
بالإضافة إلى عدم التزام السائق بالنظام المروري وقواعد السير، والسرعة المُفرطة والاجتياز الخاطئ من جهة اليمين، وأيضا لاستخدام الهاتف النقال، عدم وضع حزام الأمان، وعدم الامتثال للإشارات المرورية، كما أن العديد من السيارات لا تتوفر فيها متطلبات السلامة والامان اضافة الى سياقة السيارات من قبل احداث وبسرعة مفرطة”. حسب قول الغزاوي.
فيما يعزو العديد من المراقبين ذلك إلى تهالك الطرق وقدمها وفقر علامات التحذير، إضافة إلى عدم التزام السائقين بإجراءات السلامة على الطرق الخارجية
حلول ومقترحات
فيما اقترح الغزاوي أن “العراق يحتاج إلى 2000 كيلومتر من الطرق السريعة، فضلاً عن توسعة الطرق الحالية وتحسين مستوى الأمن فيها، وتأهيل وتبليط أكثر من 1000 كيلومتر منها”، مطالبا الحكومة بـ”انشاء طرق سريعة تنفذها كبرى الشركات العالمية عن طريق الاستثمار” كما دعا مديرية المرور العامة الى “تطبيق معايير السلامة في الطرق السريعة والرابطة بين المدن الرئيسة”.
كما طالب الغراوي أمانة بغداد ووزارة الإسكان والإعمار والبلديات العامة والمحافظات كافة بـ”تأثيث الطرق الخارجية والداخلية وتأمين متطلبات السلامة فيها، بما يحافظ على حياة المواطنين ويقلل الحوادث المرورية”.
كما، أن العراق بحاجة إلى اكثر من 1500 كيلومتر من الطرق داخل المحافظات وخارجها ، فضلاً عن تعريض الطرق الحالية وتحسين مستوى الأمن فيها ، وأن العراق في مرتبة لا تكاد تذكر في جودة الطرق عالمياً حسب بيان وزارة الإعمار والإسكان.
وبدورها اعتبرت منظمة الصحة العالمية العراق واحداً من البلدان التي تشهد أعلى معدلات الوفيات المرورية في المنطقة، محملة الحكومة مسؤولية ضمان سلامة الطرق وحماية المواطنين من حوادث السير.
وطالبت بتشريع القوانين واللوائح التي تنظم سلامة الطرق ومتطلبات التصميم والبنية التحتية.
وأضافت المنظمة بتقرير مفصل ، أن “على الحكومة القيام بصيانة الطرق بانتظام لضمان سلامتها وأن تكون السلامة المرورية أولوية قصوى للدولة والمجتمع في العراق”
وكانت مديرية المرور العامة قد نصبت رادارات وكاميرات حرارية على الطرق الخارجية بهدف إلزام أصحاب المركبات بالقواعد المرورية”، بحسب الدراسة التي أعدتها المديرية بشأن أكثر الطرق حوادث مرورية، والتي أوصت وللمرة الأولى في البلاد، بنصب رادارات وكاميرات في الطرق الدولية .وسيكون أول تلك الطرق هو ذلك الرابط بين محافظتي واسط وكربلاء المقدسة، كونه من أهم الطرق الحيوية لاسيما في مواسم الزيارات المليونية.
ولعل مشكلة الحوادث المرورية في العراق تعد من أبرز مسببات الخسائر البشرية التي شهدتها البلاد خلال السنوات الماضية، متقدمة في ضحاياها على ضحايا العمليات الإرهابية والعنف بعدة أضعاف. بالرغم من أنه وفي العام 2019 أقر البرلمان العراقي على قانون المرور الجديد، الذي نص على مضاعفة الغرامات على السائقين ممن يرتكبون المخالفات المرورية، إلا أنه لم يحجم عن ارتكاب المخالفات.
آخر الأخبار تابعنا على قناتنا في موقع التلغرام: النعيم نيوز
ولمتابعتنا على موقع فيسبوك يرجى الضغط أيضا على الرابط التالي: النعيم نيوز
كما يمكنك الاشتراك أيضا على قناتنا في منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية
ولا تنسى أيضا الاشتراك في قناتنا على موقع الانستغرام: النعيم نيوز