اخبار اسلامية
أخر الأخبار

الخطبة الأولى لصلاة الجمعة في جامع الرحمن بإمامة الشيخ عادل الساعدي

أقيمت صلاة الجمعة المباركة، بجامع الرحمن في المنصور/بغداد، بإمامة الشيخ عادل الساعدي.

 

وفيما يلي نص الخطبة الأولى لصلاة الجمعة في جامع الرحمن، وكانت بعنوان (طاعة الأمة لقيادتها هي الفتح المبين)، وتابعتها “النعيم نيوز”:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله نحمده ونستعينه ونشكره على آلائه وجزيل نعمه وموفور عطائه، ونستعيذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، ونعوذ به من مظلات الفتن، من يهديه الله فهو المهتد، ومن يضلل فلا هادي له، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن المصطفى من بريته والمختار من خلقه، أبي القاسم محمد عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، اللهم صل على محمد وآل محمد، إلهي ألبَسَتني الخطايا ثَوبَ مَذَلَّتي وَجَلَّلَني التَّباعُدُ مِنكَ لِباسَ مَسكَنَتي وَأماتَ قَلبي عَظيمُ جِنايَتي فَأحيِهِ بِتَوبَةٍ مِنكَ يا أمَلي وَبُغيَتي وَيا سُؤلي وَمُنيَتي، فَوَ عِزَّتِكَ ما أجِدُ لِذُنوبي سِواكَ غافِراً وَلا أرى لِكَسري غَيرَكَ جابِراً وَقَد خَضَعتُ بِالإنابَةِ إلَيكَ وَعَنَوتُ بِالاستِكانَةِ لَدَيكَ، فَإن طَرَدتَني مِن بابِكَ فَبِمَن ألوذُ وَإن رَدَدتَني عَن جَنابِكَ فَبِمَن أعوذُ، فَوا أسَفاهُ مِن خَجلَتي وَافتِضاحي وَوالَهفاهُ مِن سوءِ عَمَلي وَاجتِراحي، أسألُكَ يا غافِرَ الذَّنبِ الكَبيرِ وَيا جابِرَ العَظمِ الكَسيرِ أن تَهَب لي موبِقاتِ الجَرائِرِ وَتَستُرَ عَلَيَّ فاضِحاتِ السَّرائِرِ

عباد الله اتقوا الله ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون

قال تبارك وتعالى: {إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً}

نتناول في هذه الخطبة حديثاً وقبساً من نور القرآن الكريم، والذي تناوله سماحة المرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي (دام ظله المبارك)، وهو أول مبتدأ سورة الفتح، الآية الأولى، قال تبارك وتعالى {إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً}، وقد بين سماحته، أن السورةَ بشكلٍ عام ، والآية الأولى بشكل خاص نزلت على إثر صلح الحديبة الذي وقع بين المسلمين وقريش، والذي عدّه النبيُ نصراً وفتحاً عظيماً، لما وعده الله به من الثمرات، بدا من الخطاب القرآني ثلاثَ إشاراتٍ لا تقبل الإغفال ولا التجاهل أهمية ذلك الفتح، أولها نسبت ذلك الفتح للذات الإلهية المقدسة إنَّا فتحنا، الثاني جاءت بصيغة المفعول المطلق، والذي يستفاد منه المبالغة بالشيء، ثم أُردِفَ بصفةٍ جاءت على صيغة المبالغة على صيغة فعيل بكلمة مبين فتحاً مبيناً وهو من صيغ المبالغة للتعظيم، والثالثة أنها أعقبت ذلك الفتح، كغفران الذنب ما تقدم منه وما تأخر، ولا يحمل القرآن على ظاهره في هذه الآية، لأن النبي معصومٌ من الزلل والخلل وارتكاب صغائر الذنوب كاللمم فضلاً عمّا هو أكبر منها، فإن الله أشار بآيتين شريفتين لا تدعان إلا لجاهلٍ أن يقول بارتكاب النبي الذنوب، فالآية الأولى قوله تبارك وتعالى من سورة القلم في الآية الرابعة { وَ إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ } وإن الخلق يأبى ارتكاب الذنوب ومخالفة الله، فكيف بالخلق العظيم على لسان المولى تبارك وتعالى، والذي تعني أن صاحبه متأدب تمام التأدب بمحضر الله تبارك وتعالى، والآية الأخرى آية التطهير الثالثة والثلاثون من سورة الأحزاب { إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً }وسنامُ هذا البيتِ وأشرفُهُ رسول الرحمة محمد فأولى بالتطهير المطلق الوارد في هذه الآية المباركة، وقد أجاب سماحته في خطاب آخر وفي تفسير الآية اللاحقة عن معنى الذنب المغفور الوارد في الآية يمكن أن يأخذَ من مظانه.

ويمكن أن نستقي دروساً عمليةً من هذه الآيةِ وحديثها :

الأول: أن الفتحَ غيرُ النصر، فالنصر ربما يطلق على الانتصار والنجاح العسكري، وغالباً ما يأتي النصر مع الغلبة العسكرية، بينما الفتح تحقق الثمرات المطلوبة من دفع الأخطار أو إيمان الناس بما تعتقده واتباع الناس لك وتحقيق هدفك المنشود، وعلى هذا الفهم، قد يتحقق النصر عسكرياً ولكن قد لا يتحقق معه الفتح وتحقيقُ ثمراتِهِ، كما قد يحصل الفتح من دون المواجهة العسكرية وأشباهها. فلعل الإمام الحسين عليه السلام لم ينتصر عسكرياً، وأعتقد أعداؤه الانتصار عليه لكن الفتح قد تحقق بانتشار عقيدته وطمس آثار أعدائه، وقد أشار الإمام الحسين لمثل هذا المعنى برسالته لأخيه محمد بن الحنفية ومن يليه من بني هاشم [ من التحق بنا استشهد، ومن لم يلتحق لم يدرك الفتح ] فليس المقصود أن الشهادة هي الفتح وإن كان يرى البعض ذلك المعنى، بل إن الثمرات المتوخاة من المقتلة العظيمة والشهادة المقدسة ستحقق أهدافاً كان يرجوها عليه السلام ومنها ثبات العقيدة وزوال الطغيان من بعده.

الثاني: الفتح يشتمل على بركاتٍ عدة، منها ما هو مادي وآخر معنوي، فمن الواضح أن معنى الفتح يشمل فتح مكة ولو من بعد سنتين من صلح الحديبية، ولكن هناك ثمرات تحققت وهي الفتح المبين منها أن الحرب وضعت أوزارها، واعترفت قيادات قريش رغم خيلائها بالرسول الأعظم والمسلمين جبهةً رسمية تتعاقد معها وتبرم صلحاً واتفاقاً بعد أن كانوا بنظرهم ضالين قطاع طرق، الأمر الذي فتح الطريق للمسلمين مع باقي القبائل والجماعات أن تنفتح عليهم بين داخلٍ أو متعاقد عقد صلح، فكلما جنب الله المؤمنين القتال وسلمهم بحكمة قيادتهم الدينية على مر الأزمنة لها دون نقاشها أو مضادتها، فهو فتح من عند الله للمؤمنين.

الثالث: طاعة الأمة لقيادتها واتباعها فتحٌ بذاته، وتنفتح منه بركاتٌ غيرَ مرجوةٍ، ولا منظورةٍ في أفق المؤمنين، فلعل الفتح المبين، هو طاعة الامة لرسولها ومبايعته تحت الشجرة بيعة الرضوان في الحديبية بعد أنْ تمرد من تمرد من المسلمين وأَبْدَوا ما في نفوسهم من نفاقٍ وكفرٍ وتأليب الآخرين كما وصفتهم السورة، فكانت البيعة تعني التئام الجرح وعدم خدش الوحدة التي باركها الله بطاعتها لقيادتها، وعدم الركون لنفوسهم وآرائهم ومشتهياتهم، وهذا جارٍ في كل زمانٍ ومكان، حينما تؤثّر الأمةُ الطاعة والالتزام بقيادتها والعمل في مشروعها، كفيلٌ بتحقيق الفتح والتماس بركات تلك الطاعة، وبالعكس كلما تمردت الأمة على قيادتها واتخذت من النفس الأمارة بالسوء قيادةً واتبعت مصالحها طلباً للدنيا وحب الرئاسة والوجاهة ولو على حساب الحق واتباع الآخرين، فشلت الأمة وخسرت معركتها وضاعت بوصلتها وخرجت من الهدى إلى الضلال ومن الرشد إلى الغي، وقد تودي بكيانها إلى الزوال والضياع، ولعل مثالين ضربهما الله في كتابه العزيز كافيان في بيان هذا المعنى، الأول تيه بني إسرائيل حينما لم تطع قيادتها الدينية ولم تدخل المدينة فتاهت أربعون سنة، والمثال الآخر ما ورد في معركة أحد وسُنَّةُ الانقلاب، وهذا التيه له عدة مصاديق يتعدد بتعدد القيادات الدينية والأمم على امتداد خط الزمن، فلا حصر في نبي الله موسى ونبينا الأكرم وليس من مختصات النبوةِ وحدها، بل كل من يمثلها من خط الإمامة والعلماء الربانيين.

اللهم إنا نرغب إليك في دولةٍ كريمة تعزُ بها الإسلام وأهله، وتذل بها النفاق وأهله، وتجعلنا فيها من الدعاة إلى طاعتك، والقادة إلى سبيلك، وترزقنا بها كرامة الدنيا والآخرة، برحمتك يا ارحم الراحمين، وصلى الله على محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين.

{ بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّـهِ وَ الْفَتْحُ (١) وَ رَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّـهِ أَفْواجاً (٢) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَ اسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً (٣) } النصر [١-٣]”.

 

لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا في موقع التلغرام: النعيم نيوز

ولمتابعتنا على موقع فيسبوك يرجى الضغط أيضا على الرابط التاليالنعيم نيوز

كما يمكنك الاشتراك أيضا على قناتنا في منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا علىقناة النعيم الفضائية

ولا تنسى أيضا الاشتراك في قناتنا على موقع الانستغرامالنعيم نيوز

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى