خاص_النعيم نيوز
خلال الأعوام الأخيرة شكلت التغيرات المناخية وتأثيراتها السلبية عبئاً كبيراً وخطراً حقيقياً يواجه العديد من الدول حول العالم، ويعد العراق من بين الدول الخمس الأكثر تأثراً بالتغير المناخي وفق الأمم المتحدة، حيث يشهد للعام الرابع على التوالي موجة جفاف.
هذه التأثيرات السلبية، تبدأ من تأثر موارد المياه وجفاف العديد من مناطق الأهوار وارتفاع معدلات التصحر وخسائر كبيرة بالثروة الحيوانية والسمكية، ونزوح مئات العائلات، وصولاً إلى تفاقم المشاكل الصحية والتعليم والتنمية.
وأيضاً كان للمواقع الأثرية نصيب من تغيرات المناخ، فبحسب تأكيدات مختصين في مجالي الآثار والبيئة، فإن “تأثير موجات الحر والجفاف والعواصف الرملية المتزايدة، أصبحت تلحق أضراراً لا يمكن إصلاحها ببعض المواقع الأثرية، في شمال غربي ووسط وجنوبي العراق”.
وحذر المختصون، من أن “مدينة الحضر قد لا تظل صامدة، وأن الرمال تزحف لتخفي مدينة أم العقارب، التي يعود تاريخها لأكثر من أربعة آلاف عام، بما تضمه من معابد وقصور، ما يهدد باندثارها خلال سنوات”.
“العراق والتغير المناخي”
أقامت بعثة الاتحاد الأوروبي بمناسبة اليوم العالمي للعمل المناخي، مؤتمر “العراق والتغير المناخي”، وخلال المؤتمر، أكد وزير البيئة نزار ئاميدي، المضي باستراتيجيات للتخفيف من آثار التغيرات المناخية.
وفي كلمة له، قال وزير البيئة: إنه “على الرغم من أن العراق صنف ضمن الدول الأكثر هشاشة تجاه التغيرات المناخية، وخاصة في قطاع المياه، إلا أنه يسعى إلى خلق بيئة ملائمة في إرساء مفاهيم النمو الأخضر المستدام والحلول المستندة إلى الطبيعة”، مضيفاً “وهو ما يحتاج إلى تحشيد الدعم الدولي بمختلف أنواعه، لخلق فرص تتناغم مع احتياجاته الوطنية”.
وفيما يتعلق باستراتيجيات مواجهة التغير المناخي في البلاد، شدد وزير البيئة، على “المضي في السياسات والاستراتيجيات الوطنية بجانبي التخفيف من الآثار السلبية والتكيف معها، بتأمين أهم عنصرين أساسيين وهما الغذاء، والحصة العادلة من الماء، وذلك لتقليل وطأة وشدة التدهور البيئي بسبب التغيرات المناخية، وزيادة مرونتها تجاه التغير المناخي”.
ولفت، إلى أن “العراق يواجه تحدياً بيئياً وخصوصاً تأثير التغيرات المناخية وانعكاساتها من الجفاف والتصحر والعواصف الغبارية وشح المياه، وقلة التساقط المطري، ولما لهذا الموضوع من تأثير مباشر في الأمن المائي والغذائي والقومي، والذي يتطلب مزيداً من الدعم لزيادة مرونة هذا القطاع المهم، للحفاظ واستدامة النظم البيئية ودعم المجتمعات المتأثرة، وتحقيق التماسك والعدالة المجتمعية”.
وأكمل ئاميدي، “مع التركيز على دور الشباب والنساء في دعمهم لتغيير المفاهيم التربوية والعلمية الخاصة بالمفاهيم البيئية، والتي تؤدي إلى إسناد العمل المناخي والانتقال نحو الاقتصاد الأخضر المستدام، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة”.
لمواجهة آثار التغيرات المناخية وشح المياه.. 5 إجراءات
أعلن وزير الموارد المائية، عون ذياب، خلال مشاركته بأسبوع القاهرة للمياه في جمهورية مصر العربية، عن اتخاذ 5 إجراءات رئيسة لمواجهة آثار التغيرات المناخية وشح المياه.
وقال ذياب: إن “الوزارة اتخذت عدة إجراءات لمواجهة آثار التغيرات المناخية وشح المياه، من خلال إنشاء محطات لمعالجة واستثمار مياه البزل، التي تستخدم الطاقة النظيفة في وسط وجنوب البلاد، بهدف خفض التراكيز الملحية في نهر الفرات، وتعظيم الموارد المائية كخطوة أولى”.
وتابع: “مع إنشاء مشاريع كبرى لتحلية المياه للأغراض البلدية في محافظة البصرة، ومشاريع أخرى لمعالجة مياه الصرف الصحي للانتفاع منها في دعم القطاع الزراعي، مع العمل الجاد والسعي لإبرام اتفاقيات دائمة لتقاسم مياه الحوضين المشتركة على أساس الاستخدام المنصف والمعقول، بما يحافظ على البيئة ولا يسبب ضرراً”.
إعادة نظر
الاهتمام بتداعيات ظاهرة التغير المناخي، شمل مختلف الأوساط الحكومية والسياسية، ففي أوائل الشهر الحالي، أكد رئيس الجمهورية، عبد اللطيف جمال رشيد، أن التكيف مع التغيرات المناخية، يتطلب إعادة النظر في آليات نشاطاتنا الأساسية.
وقال رئيس الجمهورية، في كلمة له خلال مشاركته بمؤتمر العراق عن التغير المناخي في جامعة بغداد، إن “التغيّر المناخي يمثل تحدياً يهدد العالم والبشرية بأجمعها”، مشيراً إلى أن “العراق يتأثر بشكل خاص بهذه الظاهرة، عبر ارتفاع درجات الحرارة وانخفاض هطول الأمطار والتصحر، والجفاف والعواصف الترابية”.
وأوضح، أن “العراق كدولة منتجة للنفط يعمل على تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة، والشروع في تحديث آليات الزراعة واستخدام تقنيات أنظمة الري الحديثة، التي سيكون لها دور مهم للوصول إلى الأمن الغذائي”.
أما نائب رئيس مجلس النواب، شاخوان عبدالله، فقد صرح، بأن “تغيير المناخ من القضايا الحاسمة، وباتت تهدد الإنتاج الغذائي وارتفاع مناسيب البحار، وخطر الفيضانات الكارثية”، مبيّناً أن “التكييف مع هذه التأثيرات سيكون أكثر صعوبة، إذا لم يتم القيام باتخاذ إجراءات جذرية من الآن”.
وأشار، إلى أن “التغيير المناخي في العراق، يعد تهديداً حقيقياً على حقوق الإنسان الأساسية، لذا فإننا أمام تحدي كبير يتطلب تعاون وتكاتف جميع السلطات مع المجتمع الدولي، لمواجهته”.
فترات الجفاف أمر اعتيادي!!
تضمنت دراسة لشبكة “وورلد ويذر أتريبيوشن” (WWA)، التي تُعنى بتحليل الرابط بين العوامل الجوية والتغير المناخي، أن درجات الحرارة المرتفعة الناجمة عن التغير المناخي، قد “زادت من احتمالية حدوث الجفاف، أكثر بـ25 مرّةً في سوريا والعراق، و16 مرةً في إيران”.
وفي ظل الظروف الحالية، يزداد خطر أن تتحوّل فترات الجفاف هذه إلى أمر اعتيادي، وأن تأتي على الأقلّ مرّة في كلّ عقد.
وأشار خبراء شبكة “وورلد ويذر أتريبيوشن”، أن “الجفاف ما كان ليحدث لولا التغير المناخي، الناجم أساساً عن حرق النفط والغاز والفحم”.
وتغطي هذه الدراسة، الفترة الممتدة بين تموز/يوليو 2020 وحزيران/يونيو 2023، في منطقتين كانتا معرضتين كثيراً لتداعيات التغير المناخي، وهما إيران، ومنطقة حوض نهري دجلة والفرات اللذين ينبعان من تركيا ويعبران في سوريا والعراق”.
ولفت البيان، الذي نشر إلى جانب الدراسة، إلى أن “هاتين المنطقتين تشهدان حالياً جفافاً حاداً، وفقاً للمقياس الأمريكي لرصد الجفاف”.
وبيّنت الدراسة، أن “التغير المناخي الناجم عن النشاط البشري، قد زاد من حدّة هذا الجفاف”، مضيفةً: “لو كانت حرارة العالم أقلّ بـ1.2 درجة مئوية (أي ما كانت عليه قبل الثورة الصناعية).. ما كان الأمر ليكون بهذه الحدّة”.
حلول ومعالجات
وفيما يتعلق بالحلول والمعالجات لظاهرة التغير المناخي، رأى الخبير البيئي، رمضان حمزة، في حديث مع موقع “سكاي نيوز عربية”، أن “الحلول والمعالجات، فهي تقع بالدرجة الأولى على عاتق الحكومات والوزارات المعنية، وبالتشاور والتنسيق مع الخبراء والمختصين والمنظمات الأممية”.
ولعل أهم خطوة في هذا المجال في العراق، هي البدء بممارسة ضغوط دبلوماسية وسياسية مكثفة حيال بلدان المنبع المجاورة للعراق، والتي تساهم بسياساتها المائية المجحفة في تعاظم خطر شح المياه والجفاف والعطش في بلاد الرافدين، عبر التجاوز على حصصها وحقوقها في نهري دجلة والفرات وروافدهما، بحسب الخبير البيئي.
وأكمل حمزة: أنه “من المهم جداً العمل على نشر الوعي البيئي أكثر، والتعريف بمخاطر ومدى تعاظم ظواهر تطرف المناخ وتغيره، عبر تنظيم فعاليات ومبادرات ترصد الواقع البيئي المتأزم بتفاصيله عن كثب، وتنقله للناس وبما يجعله قضية رأي عام”.
وكانت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو)، قد حذرت في يوليو/تموز الماضي، من أن منطقة الأهوار التاريخية في جنوب العراق، تشهد “أشدّ موجة حرارة منذ 40 عاماً”، متحدثة كذلك عن تراجع شديد لمنسوب المياه.
وفي السنوات الأخيرة، اشتدت موجات الحرارة التي تضرب عدة دول في العالم، حيث أعلنت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، عن بدء نمط طقس “النينيو الاحتراري”، مستشهدة على ذلك بارتفاع درجات حرارة سطح البحر في العالم، ووصولها إلى مستوى قياسي، خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة.
لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا في موقع التلغرام: النعيم نيوز
ولمتابعتنا على موقع فيسبوك يرجى الضغط أيضا على الرابط التالي: النعيم نيوز
كما يمكنك الاشتراك أيضا على قناتنا في منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية
ولا تنسى أيضا الاشتراك في قناتنا على موقع الانستغرام: النعيم نيوز