كتب محمد كريم الخاقاني :
يعد تأريخ 23 – 8 – 1921 يوماً تأريخياً في ذاكرة العراقيين، فهو اليوم الذي يؤرخ عملياً لبداية دولة جديدة بعد ثورة الشعب العراقي الخالدة {ثورة العشرين} ضد الاحتلال البريطاني، الذي انهى حكم الدولة العثمانية على العراق بولاياته الثلاث بغداد والبصرة والموصل، وترجع بدايات تأسيس الدولة العراقية بعقد مؤتمر القاهرة في آذار 1921 والذي عقدته وزارة المستعمرات البريطانية، وكان من نتائجه هو إنشاء دولة ملكية في العراق.
وتشكيل مجلس تأسيسي من مهامه تنصيب ملك على عرش العراق، والذي انتخب في جلسته بتأريخ
23 – 8 – 1921 الأمير فيصل بن الحسين ملكاً على العراق.
وأسهم قيام الدولة العراقية في توحيد الجماعات في دولة واحدة في مهمة عُدت من اصعب مهام الملك فيصل الأول، إذ للمرة الأولى اجتمعت مختلف الجماعات المكونة للشعب العراقي في عام 1921 لتؤسس لقيام دولة جديدة، إذ لم يسبق للعراقيين ان تجمعت كلمتهم مثلما حصل في تتويج الملك فيصل الأول، الذي تمتع بتأييد شعبي واسع لتولي العرش وإعلان المملكة العراقية.
وحسب رأي الباحثين تعد مرحلة تولي الملك فيصل الأول لعرش العراق بداية بناء الدولة العراقية، إذ يرجع الفضل اليه في وضع اللبنة الأولى لمؤسسات الدولة، التي لا تزال تعمل بقوانين وأنظمة تعود للعهد الملكي، وهذا ما يجعل اغلبية المهتمين بتاريخ الدولة العراقية أن تطلق على الملك فيصل الأول لقب {مؤسس الدولة العراقية}، وجرت مراسم تتويجه في ساحة مبنى القشلة في بغداد، لتعلن بداية مرحلة مهمة في تأريخ العراق الحديث، وكان الملك يرى في العراق البيئة المناسبة لقيام مملكة تحتضن الخلافة التي أسسها والده الشريف حسين، الذي قاد الثورة العربية الكبرى ضد الحكم العثماني.
ومن بين أبرز الإنجازات التي تحققت في عهده هي الاستقلال عن الاحتلال البريطاني ونجاحه في دخول العراق في منظمة عصبة الأمم في عام 1932، ويستشهد الباحثون بدور الملك الكبير في وضع أسس الدولة العراقية في مختلف المجالات، سواء كانت عسكرية ومالية وإدارية وثقافية وغيرها، فقد أنشأ الملك فيصل الأول دولة تستند لمقومات الدولة الحديثة من حيث بناء نظام مالي وإداري وقضائي، ويمكن الاستدلال على ذلك من خلال تطبيق القوانين والعمل على إنجاز المشاريع، كالجسور والسكك الحديد والمصانع وغيرها، فضلاً عن تشكيل جيش عراقي وطني.
ولذلك تعد مرحلة الملك فيصل الأول وما تلاها من تولي ولده الملك غازي ومن بعده الملك فيصل الثاني من المراحل الأبرز في تأريخ العراق الحديث، بسبب نجاحها في إحداث التحول النوعي في مستوى الوعي السياسي والاجتماعي، على الرغم من قصر مدتها، إذ لم تستمر طويلاً، وذلك بسبب إطاحة مجموعة من الضباط بها في ١٤ تموز ١٩٥٨ لتعلن نهاية المرحلة الملكية وقيام الجمهورية، لتنهي بذلك مرحلة لا تزال موضوع بحث ونقاش حول ايجابياتها وسلبياتها.