الحوادث المرورية في العراق… أرقام وإحصائيات “مخيفة ” خلال 2022
خاص_النعيم نيوز
أصبحت الحوادث المرورية ماكينة جديدة تفتك بأرواح العراقيين، فقد تصاعدت في الآونة الأخيرة أعداد ضحايا حوادث السير في مختلف أرجاء الشوارع العراقية نتيجة تضررها وعدم وجود صيانة لها وإخضاعها للقوانين المرورية المعمول بها في العالم، لتسجّل مستويات قياسية في أعداد الضحايا، ولا سيما في المناسبات التي يجتمع فيها أعداداً كبيرة من الناس في الشوارع كزيارة الأربعين التي تشهد ازدحاماً مرورياً.
إحصائية ’مخيفة’
أعلنت مديرية المرور العامة، حوادث السير المسجلة منذ مطلع العام الحالي 2022. فقد قال مدير إعلام المديرية زياد القيسي في تصريحات إن “حصيلة الحوادث المرورية منذ بداية العام الحالي إلى اليوم بلغت 4800 حادث”.
وأضاف القيسي، أن “الحوادث توزعت بين انقلاب وتصادم”، لافتاً إلى أن “معظم الحوادث تكون على الطرق السريعة بسبب السرعة الفائقة في القيادة”.
وبشأن فحص المركبات ومتانتها، أكد القيسي أن “مديرية المرور تعمل على مشروع سينفذ خلال شهر لفحص المركبات ومتانتها بواسطة الهزاز”.
وحول الإجراءات المتخذة لتسجيل “التك تك”، أوضح القيسي أن “المديرية خفضت مبلغ رسوم تسجيل دراجة التكتك من 480 ألفاً ألى 150 ألف دينار”، مؤكداً أن “المديرية حددت موعد التسجيل لغاية الأول من أيلول المقبل وبعده ستحال جميع الدراجات غير المسجلة إلى الجمرك”.
آلاف الحوادث
وتشهد الشوارع العراقية العديد من الحوادث التي يعزو مسؤولون عراقيون اتساع هذه المشكلة إلى تهالك الطرق وعدم إنشاء أخرى جديدة أو إضافة تحديثات على الموجودة قبل الغزو الأميركي للعراق عام 2003، إضافة إلى ضعف التجاوب مع تعليمات وقوانين المرور وقلة العلامات التحذيرية.
ويعدّ 2021 من أكثر الأعوام الذي شهد ارتفاعا بالحوادث المرورية التي تفتك بأرواح العراقيين، إذ سجل 8286 حادثا مروريا، توفيّ على إثرها 2152 شخصا، وتعتبر الحصيلة المعلنة أكثر بكثير من أرقام ضحايا العمليات الإرهابية التي شهدتها مدن عراقية مختلفة بين وقت آخر في العام ذاته.
لنجد بذلك أن الحوادث المرورية ارتفعت عام 2021 بنحو 44% عن 2020 الذي سجل 4666 حادثا مروريا تسبب بوفاة 1552 شخصا، في حين ارتفعت نسبة ضحايا الحوادث بنسبة 30%.
ضحايا الأربعينية
كشف مدير اعلام المرور العميد زياد القيسي، عدد الحوادث المرورية التي حصلت خلال زيارة اربعينية الامام الحسين (ع) خلال الايام العشرة الأخيرة والتي بلغت من 20 الى 25 حادثاً مرورياً” .
وقال القيسي في بيان إنه “أثناء مراسيم الزيارة الاربعينية حصلت عدة حوداث مرورية، والتي تخللتها بعض الاصابات والوفيات، على خطوط الطرق السريعة”.
وأضاف، أن “الحوادث حصلت؛ جراء اهمال السائقين والسياقة بتهور وسرعة شديدة”، مبينا أن “القسم الاخر منهم لم يلتزموا بقواعد السير والمرور”.
وأشار الى، أن “الجزء الاخر منهم، الذين يبحثون عن الامور المادية باعتبار ان الزيارة مليونية وفيها اعداداً كبيرةً. ومحاولة الذهاب والعودة بأقصى سرعة لتحقيق استفادة مادية ونقل أكبر عدد ممكن”.
وأوضح مدير اعلام المرور، أن “الاسباب الاخرى تتعلق بكثافة السير والقطوعات والتحويلات والتي تسببت بهذه الحوادث”.
مثلث الخطر المروري
ويلقي مدير إعلام مديرية المرور العامة العميد الدكتور زياد القيسي باللائمة في وقوع الحوادث المرورية على ما أسماه مثلث الحوادث المرورية: السائق الذي بإمكانه أن يقضي على معظم المشكلة بالتزامه بقواعد سير المرور، إلى جانب كل من المركبة والطرق.
ويرجع مدير إعلام مديرية المرور العامة ارتفاع الضحايا إلى إن عدم التزام السائق بالنظام المروري وقواعد السير، السرعة المُفرطة والاجتياز الخاطئ من جهة اليمين، بالإضافة لاستخدام الهاتف النقال، عدم وضع حزام الأمان، عدم الامتثال للإشارات المرورية، كلها أسباب رئيسية للحوادث.
كما أن مدير الإعلام لا يُبرئ ساحة المركبة من المسؤولية، إذ يشير إلى أن صناعة السيارات الوقت الحالي مُختلفة عمّا كانت في السابق، فهي ليست بالمستوى المطلوب من حيث المتانة، وأغلبها تتميّز بالخفة والسرعة، وعند وقوع الحادث يكون التأثير السلبي أكبر على راكبيها.
ويؤكد أن الطرق السيئة والتخسفات الموجودة وغير المُعبّدة منها، وغياب السياج الأمني فيها، من الأسباب التي تزيد من احتمال وقوع الحوادث.
ويزيد القيسي من انتقاده لسائقي المركبات بأن قسما منهم لا يستخدم عند عطل السيارة شروط الأمان والمتانةـ ومنها وضع مثلث الإشارة عندما يقوم بالوقوف على المسار الأيمن، بالإضافة إلى استخدام الضوء العالي الذي يُصيب السائق المقابل بعدم القدرة على الرؤية.
التمرد على الأنظمة
وفي سياق متصل أكد النقيب محمد الغراوي من مديرية المرور العامة إنّ سوء حالة الطرق بالعموم يتحمل مسؤولية نحو 60% من حوادث السير المميتة، لكنّ هناك أسباباً أخرى، مثل عدم تطبيق أنظمة وقوانين المرور بشكل تام على الجميع، مضيفاً أنّ “هناك حالة واضحة في التمرد على أنظمة السير والمرور في الشوارع العراقية، لا سيما من قبل مواكب المسؤولين والقيادات السياسية الأحزاب وغيرها، وشرطة المرور تجد صعوبة في تطبيق النظام على الجميع”.
وبيّن “تعرض الكثير من رجال المرور للضرب والاعتداءات من قبل هؤلاء عندما أرادوا تطبيق قوانين المرور عليهم”.
وشدد على أنّه “لا يمكن أن يتحمل رجل المرور وحده مسؤولية تنظيم حركة السير، بل يحتاج إلى حماية من قبل الدولة، وإلى دعم بتطبيق القانون على الجميع، ومحاسبة المخالفين”، موضحاً أنّ “الشوارع في البلاد لا تستوعب أعداد السيارات، وأن تنظيم حركتها يحتاج إلى التزام الجميع بأنظمة المرور من دون استثناء، وهذا ما تسعى له مديرية المرور”.
تأثيث الطرق
وعزا عضو المفوضية العليا لحقوق الإنسان السابق “فاضل الغراوي” أسباب ارتفاع الضحايا إلى “انعدام متطلبات السلامة في الطرق وقِدمها ورداءة السيارات المستخدمة من قبل المواطنين”.
وطالب الغراوي “بشكل عاجل” مديرية المرور العامة “بتطبيق معايير السلامة في الطرق السريعة والرابطة بين المدن الرئيسة”.
كما دعا عضو المفوضية العليا لحقوق الإنسان فاضل الغراوي “أمانة بغداد ووزارة الإسكان والإعمار والبلديات العامة والمحافظات كافة “إلى تأثيث الطرق الخارجية والداخلية وتأمين متطلبات السلامة فيها، بما يحافظ على حياة المواطنين ويقلل الحوادث المرورية”.
ولعل أحد أسباب ازدياد الحوادث غياب التأثيث عن غالبية الطرق العراقية مثل الأسيجة الواقية والدلالات والإشارات، إلا باستثناءات محدودة، خصوصاً الطرق السريعة الرابطة بين معظم المدن العراقية.
فمنذ عام 2014 وحتى نهاية عام 2019، توقفت غالبية مشاريع الطرق والجسور في العراق لأسباب تتعلق بالحرب ضد تنظيم الإرهابي “داعش” حينها، والأزمة الاقتصادية التي مرت بها البلاد خلال عام 2020، إلا أنها عادت مطلع عام 2021 بشكل جدّي لتطلق سلسلة مشاريع، منها من تخصيصات الموازنة العراقية وأخرى بتمويل من قروض البنك الدولي لإعمار المناطق المحررة.
آليات تقليدية … ووسائل أمن معدومة
من جانبه ينتقد عضو مفوضية حقوق الإنسان السابق علي البياتي البقاء على آليات إدارة المرور التقليدية وعدم تحولها لآليات متطورة تكنولوجيا، واصفا ما يخصّ المركبات والطرق والجسور والإعمار بـ “الفوضى” الذي يعمّ البلد بسبب عدم توفر إجراءات ووسائل الأمن التي تكادُ تكون معدومة.
ويستغرب البياتي من أن أغلب هذه الطرق والجسور تعود لحقبة ما قبل عام 2003، ليُحمل بذلك الحكومات المُتعاقبة تقصيرا واضحا في معالجة أصل المشكلة المتعلقة بتنظيم آلية وجود المركبات ومدى ملاءمتها لواقع أو مساحة أو عدد أو نوعية الطرق والجسور.
ويرى زيادة أعداد ضحايا الحوادث المرورية عن غيرها بـ “جرس إنذار” للدولة ومؤسساتها، بالإضافة إلى ضرورة أن يقوم البرلمان بدوره إن كانت هناك حاجة لتعديل أو تشريع قوانين لإدارة آلية تنظيم دخول المركبات التي يجب أن تكون مناسبة مع طبيعة الطرق.
تصميم الطرق
قال مدير عام دائرة الطرق والجسور في الوزارة حسين جاسم كاظم إن “الحاجة إلى الطرق داخل المحافظات أكثر من خارجها، إذ يحتاج العراق إلى 1500 كيلومتر”.
وأضاف أن “تخصيصات دائرة الطرق تصل إلى 250 مليار دينار، إذ يكلف الكيلومتر الواحد ملياراً ونصف المليار”.
ولفت إلى أن “العراق يحتاج إلى 1500 كيلومتر من الطرق السريعة، فضلاً عن تعريض الطرق الحالية وتحسين مستوى الأمن فيها، وتأهيل أكثر من 1400 كيلومتر منها”.
وتابع أن الدائرة أنجزت أخيراً مشاريع متوقفة منذ 10 أعوام، فيما بلغت نسب إنجاز بعض المشاريع 60 في المئة، مشيراً إلى أن “نسبة الإنجاز المالي لدائرة الطرق تبلغ 100 في المئة”.
ومن جهته كان مدير عام دائرة الطرق والجسور حسين جاسم قد أشار -في حديث سابق- إلى أن أغلب الحوادث المرورية سببها ليس الطرق والتخسفات، بل السرعة التي تكون غالبا أعلى من السرعة المقننة للطرق والتي تتراوح بين 100-120 كلم/ساعة.
وعزا تأخر العراق في مجال منظومة الطرق، من حيث سلامة التأسيس والعلامات ومسافات الارتدادات عن حواف الشوارع، إلى قلة التمويل وعدم الالتزام بالقانون وبناء مطاعم ومحال محاذية وملاصقة للطرق، فضلاً عن سرقة بعض المقتنيات كالأسيجة الواقية والعلامات الدالة
كما انتقد جاسم بقاء العراق على النهج التقليدي القديم في تحميل الدولة تكاليف إنشاء الطرق وتطويرها وحتى صيانتها وتأهيلها بأموال الموازنة العامة، من دون وجود جباية لمثل هذه الأمور.
جباية الطرق
بدوره، قال مدير إعلام المرور السابق اللواء المروري المتقاعد عمار وليد إن الطرق المدمرة والسرعة الزائدة وعدم وجود رادارات قياس السرعة هي أسباب أدت إلى حوادث كثيرة.
وتابع أن “الغرامات التي تُجبى هي أموال سيادية وتذهب إلى الخزانة العامة، ولذلك نحتاج إلى تعديل القانون، وأن يذهب جزء من الغرامات إلى المستثمر أو اجتزاء قسم منها لإعمار الطرق”، مشدداً على ضرورة تأهيل الطرق الخارجية الحالية أو إعادة صيانتها للحيلولة دون مزيد من الحوادث.
وكانت مديرية المرور العراقية أعلنت أن إيرادات الجباية على السيارات الخاصة بالمرور على الطرق والجسور، التي تُفرض عند تجديد إجازات السوق ومستمسكات المرور عند البيع والشراء، بلغت خلال عام 2021 490 مليار دينار عراقي أي ما يعادل (333 مليون دولار).
المعرضون للخطر؟
ويوجد مجموعة من المؤشرات التي تضع الأشخاص في دائرة الخطر أهمها “الوضع الاجتماعي والاقتصادي فنجد أن نسبة تزيد على 90٪ تقع من الوفيات الناجمة عن حوادث المرور في بلدان منخفضة ومتوسطة الدخل.
والسن حيث أن الإصابات الناجمة عن حوادث المرور هي السبب الرئيسي لوفاة الأطفال والشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 5 سنوات و29 سنة.
كما أن نوع الجنس يلعب دوراً في تعريض الأشخاص للخطر نتيجة الحوادث المرورية حيث تزداد احتمالات تعرض الذكور لحوادث المرور مقارنة بالإناث، منذ مراحل العمر المبكّرة. وتقع حوالي ثلاثة أرباع الوفيات الناجمة إجمالاً عن حوادث المرور (73٪) في أوساط الشباب الذكور الذين تقل أعمارهم عن 25 عاماً، وتزيد بذلك احتمالات تعرضهم للوفاة الناجمة عن تلك الحوادث بنحو ثلاثة أضعاف مقارنة بالإناث.
وسجلت العديد من التقارير أن حوادث الطرق تقتل ما يقرب من 1.3 مليون شخص كل عام، أي بمعدل أكثر من وفاتين كل دقيقة، مع حدوث أكثر من 9 من بين كل 10 وفيات في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل.
ويشار إلى أن العراق ما زال يعتمد على البنى التحتية الخاصة بالجسور والطرق التي شيّدت بين سنوات 1950 ولغاية 2000، من دون أن تقوم الحكومات التي أعقبت الغزو الأميركي للعراق بإنشاء مشاريع لتوسعة تلك الطرق أو إدامتها بشكل يمنح المسافرين قدراً كافياً من الأمان..
ليبقى السؤال يتردد لدى العراقيين إلى متى ستبقى الشوارع غير أمنة وأداة تزهق مئات من الأرواح؟؟
لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا في موقع التلغرام: النعيم نيوز
ولمتابعتنا على موقع فيسبوك يرجى الضغط أيضا على الرابط التالي: النعيم نيوز
كما يمكنك الاشتراك أيضا على قناتنا في منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية
ولا تنسى أيضا الاشتراك في قناتنا على موقع الانستغرام: النعيم نيوز