باتت ظاهرة الطلاق في العراق خلال الآونة الأخيرة، تشكل تحدياً يواجه المجتمع بسبب تفاقمها، وتعزى هذه الظاهرة إلى عوامل عديدة كانتشار الفقر والبطالة، وغلاء المعيشة ووسائل التواصل الاجتماعي، إضافة إلى العديد من الأسباب الأخرى.
حالة طلاق كل 7 دقائق
يوم أمس، نشر مجلس القضاء الأعلى، إحصائية شهر كانون الثاني الفائت، بشأن حالات الزواج والطلاق في البلاد.
وتبعاً للإحصائية، فقد بلغت عدد الزيجات الجديدة في شهر كانون الثاني الماضي، أكثر من 26 ألف حالة زواج، فيما بلغ عدد حالات الطلاق أكثر من 6 ألف حالة طلاق.
وبحسب جردة بحالات الطلاق في العراق خلال الشهر الماضي التي بلغت 6433، فقد سجل العراق نحو 211 حالة طلاق يومياً ونحو 8 حالات كل ساعة، وهذا يعني تسجل حالة طلاق كل 7 دقائق.
السبب الأبرز
وفيما يخص الأسباب والعوامل التي تساهم في ارتفاع نسبة الطلاق في العراق، صرح المستشار القانوني العراقي، محمد السامرائي، لموقع “سكاي نيوز عربية”، بأن “ارتفاع نسبة الطلاق في العراق مرتبط بعدة عوامل اقتصادية واجتماعية متداخلة، لكن حصة الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة هي الأكبر في الوقوف وراء ازدياد حالات الطلاق، وبلوغها مستويات خطيرة”.
وتابع، أن “إقدام الشباب على الزواج وبأعمار صغيرة وعدم توفر فرص العمل لهم، وزيادة ضغوط الحياة ومتطلباته، هي من أبرز الأسباب، وهنا يجب أن تتظافر جهود مختلف مؤسسات الدولة في سبيل الحفاظ على نواة المجتمع، وهي الأسرة”.
وأما من الناحية القانونية، أشار السامرائي، إلى أنه “يجب أيضاً تفعيل دور المعالجات القانونية لحالات العنف الأسري، وتشريع القوانين اللازمة لتوفير فرص عمل للشباب، سواء من خلال فتح وتمويل المشاريع الصغيرة، أو مشاريع البنى التحتية”.
وأكد، أنه “لا بد من زيادة الوعي الاجتماعي للشباب والشابات بمختلف جوانب عملية الارتباط الزوجي، ومتطلباته ومسؤولياته”.
أما الناشطة الحقوقية العراقية، سارة جاسم، فقد نوهت، في حوار مع موقع “سكاي نيوز عربية”، إلى التأثيرات السلبية التي فرضتها “التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي” على المجتمع.
وقالت جاسم: إن “الأسباب تتعدد وتعقدت المسألة مع انتشار التكنولوجيا ومنصات التواصل وتزايد ظاهرة الخيانة الزوجية بفعلها، فضلاً عن متطلبات الحياة المكلفة التي قد تفرض في حالات كثيرة الاضطرار للسكن المشترك مع أهل الزوج، مما يخل بخصوصية الحياة الزوجية”.
“يؤدي هذا غالباً إلى “تدخل الأهل في الحياة الزوجية بشكل سلبي، علاوة على اعتماد الزوج مادياً على أهله وصعوبة الحصول على فرص عمل”، بحسب ما صرحت به الناشطة الحقوقية.
وفي بحث نشره مجلس القضاء الأعلى على موقعه الإلكتروني، فإن “الحالة الاقتصادية تشكل ما نسبته 50% من أسباب الطلاق”، لكن تردي الوضع الاقتصادي هو جزء من أسباب كثيرة أخرى، أهمها “التدخلات الاجتماعية، وتفاوت المستوى العلمي والثقافي بين الشريكين”.
ونقل التقرير عن القاضي سعد الإبراهيمي، قوله: إن “حوالي 70% من طلبات الطلاق تقدمها الزوجة التي عادة ما تكون متضرّرة، لذلك تلجأ بعضهن إلى التنازل عن جميع الحقوق في سبيل الانفصال”.
وأظهر البحث، أن “غالبية قضايا الطلاق تأتي من المتزوجين حديثاً، والذين لم يمض أكثر من خمس سنوات على ارتباطهم، فيما تقل النسبة في الأعمار المتقدمة من المتزوجين لفترات طويلة، وفي هذه الحالات يطلب فيها الزوج الطلاق لأسباب تتعلق بالإهمال وعدم الاهتمام وتحريض الأبناء”.
وفيما يتعلق بالشريحة العمرية التي تكثر فيها حالات الطلاق، أشارت الباحثة الاجتماعية سارة العمران، في حديث لوكالات محلية، إلى أن “غالبية حالات الطلاق وفق كل الدراسات هي للأعمار من (16 إلى 25) سنة، و90% من أسباب طلاق هذه الأعمار هي عدم تكافؤ بين الزوجين، كما أن غالبية حالات الزواج هذه تتم خارج المحاكم العراقية الرسمية”.
تعديل القوانين
بيّنت عضو لجنة المرأة والأسرة البرلمانية ابتسام الهلالي، أن هناك خططاً لدى لجنتها لمناقشة وتعديل بعض القوانين داخل البرلمان، من أجل الحد من حالات الطلاق.
وقالت الهلالي، لوكالات محلية، إن “اللجنة تتابع بدقة الإحصائيات المتعلقة بنسبة الطلاق في عموم المدن العراق، وهناك ارتفاع كبير بهذه النسبة خلال الفترة الماضية، وأسباب هذا الارتفاع مختلفة، لكن وفق المتابع أن السبب الاقتصادي هو الأبرز”.
وأشارت، إلى أن “ارتفاع نسبة حالات الطلاق في العراق، له تبعات كبيرة وخطيرة على المجتمع العراقي، وهذا الأمر ربما يدفع بالمجتمع بالكثير من الأعمال غير القانونية، بسبب الحالة النفسية للزوجين، ولهذا يجب وضع ضوابط تحد من هذا الامر، والأيام المقبلة، سنعمل على ذلك مع الجهات ذات العلاقة في مجلس القضاء الأعلى”.
أما الخبير القانوني سالم حواس الساعدي، أكد ضرورة تعديل القوانين، للحد من ارتفاع حالات الطلاق في البلاد.
وقال الساعدي، في تصريح لوكالات محلية، إن “الجهات القضائية لا تملك أي صلاحية بقضية حل مشكلة الطلاق، وهناك ارتفاع كبير بعدد حالات الطلاق، خصوصاً أن هناك حالات طلاق تتم خارج المحكمة هذه غير مسجلة بشكل رسمي، ولهذا الأعداد الحقيقية لحالات الطلاق، هي أكثر من التي تعلن بشكل رسمي من قبل الجهات المختصة”.
“وحل مشكلة ارتفاع حالات الطلاق تتطلب تعديل للقوانين العراقية بهذا الخصوص، فيجب وضع ضوابط تقلل وتحد من هذا الأمر، الذي بصراحة أصبح شبه ظاهرة في العراق، خلال الفترة الماضية”، والكلام هنا للساعدي.
من الجدير بالذكر أن نسبة حالات الطلاق خلال العام الماضي في البلاد، سجلت ارتفاعاً كبيراً مقارنة بالأعوام السابقة، حيث كانت نسبة الطلاق في عام 2015 لغاية 2021 (54) حالة، لكن هذا الرقم ارتفع بشكل كبير في عام 2022 ليصل إلى 73 ألف حالة و4 آلاف حالة بدون عقد قانوني، وفق ما بيّنته تقارير صحفية.
ورغم زيادة الأرقام، إلا أن العراق لا يحتل مرتبة متقدمة في معدلات الطلاق على مستوى الوطن العربي، حيث تتصدر الكويت معدلات الطلاق عربياً بنسبة بلغت 48%، تليها مصر التي سجل الطلاق فيها نسبة 40%.
لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا في موقع التلغرام: النعيم نيوز
ولمتابعتنا على موقع فيسبوك يرجى الضغط أيضا على الرابط التالي: النعيم نيوز
كما يمكنك الاشتراك أيضا على قناتنا في منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية
ولا تنسى أيضا الاشتراك في قناتنا على موقع الانستغرام: النعيم نيوز