“نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي”… العراق يعيد افتتاح مصفاة الشمال في بيجي بعد إغلاقها لأكثر من 10 سنوات
بعد أعوام من الانتظار فتح العراق أبواب التفاؤل نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي من المشتقات النفطية بعد افتتاح أكبر مصافي البلاد إلى العمل رغم أن قدرتها أقل مما كانت عليه قبل تدميرها خلال الحرب على داعش، وسط جهود لترميم كافة المصافي المتوقفة وبناء أخرى جديدة مستقبلا.
منجز طال انتظاره
أعاد العراق الجمعة تشغيل مصفاة الشمال في بيجي الواقعة في محافظة صلاح الدين شمال العاصمة بغداد بعد إغلاقها لأكثر 10 سنوات، مما يترجم مسار خطط الحكومة في دعم قدرات التكرير خلال المرحلة المقبلة.
و افتتح رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مصفاة الشمال في مدينة بيجي بمحافظة صلاح الدين شمال بغداد بعد أكثر من عشر سنوات على توقفه، إثر سيطرة تنظيم (داعش) على عدد من مدن البلاد عام 2014.
حيث إن “الكثير من العراقيين كانوا ينتظرون هذا المنجز المهم بعد الدمار الذي أصاب المصفى”.بحسب ما جاء في بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء محمد شياع السوداني
وأضاف السوداني “أننا مع هذا المنجز نقترب من تأمين كامل احتياجات البلد من المشتقات، في موعد أقصاه منتصف العام المقبل، وسيوفر لنا مليارات الدولارات التي ستوظف في جوانب خدمية واقتصادية أخرى، عبر التوقف عن استيراد المشتقات النفطية”
خطوة لانتهاء الاستيراد منتصف 2025
ورحب رئيس الوزراء العراقي في كلمة بهذا “المنجز المهم”، معتبراً أن تحقيقه عبارة عن “خطوة مهمة ومتقدمة بطريق إعلان العراق… بعد إكمال باقي المشاريع في موعد أقصاه منتصف 2025…الانتهاء من استيراد المشتقات النفطية”.
وأضاف السوداني في كلمته خلال حفل افتتاح المصفاة “تعلمون للأسف العراق هذا البلد المعروف بثروته النفطية ينتج 4 ملايين برميل يوميا، يستورد المشتقات النفطية. مؤكداًإن المصفاة بدأت بالعمل منذ ديسمبر، لكن أرجئ الافتتاح الرسمي في انتظار أن تعمل المصفاة “بشكل كامل ومستقر”.
من جانبه أكد الخبير الاقتصادي حسين الخاقاني، في حديث صحفي إن “إعادة افتتاح مصفى بيجي سينعكس إيجابياً بشكل واضح على الاقتصاد العراقي لما سيوفره من الحاجات المحلية للبنزين والمشتقات النفطية الأخرى”.
فأن “إعادة الافتتاح سيسهم بتطوير استثمار ثروات الطاقة في البلاد وتخفيض سعر المشتقات النفطية”، و أن “مصفى بيجي سيغطي حاجة العراق من المنتجات النفطية التي يستوردها وسيغطي فجوة الاستيراد وقد يتطور الإنتاج فيه ويصل لمرحلة التصدير دولياً” بحسب الخاقاني.
وفي نفس السياق أشاد النائب حبيب الحلاوي بجهود الحكومة في إنجاز مصفى بيجي وقال في منشور له على منصة X أن “حكومة الإطار التنسيقي … حكومة الوحدة الوطنية تعمل بجهود وخطط واضحة المعالم وخير دليل على ذلك السرعة الفائقة في إنجاز المشاريع الخدمية والإستراتيجية وآخرها إنجاز مصفى بيجي خلال سبعة أشهر بجهود كوادر وزارة النفط”.
مؤكداً أن “هذا الإنجاز الإطاري سيوفر الكثير من الأموال كونه يحقق الاكتفاء الذاتي “.
نحو بلوغ الاكتفاء الذاتي
وتكثف الحكومة العراقية خطواتها لبلوغ نقطة الاكتفاء الذاتي من المشتقات النفطية من خلال زيادة المشاريع المتعلقة بتطوير المصافي مع إعادة تشغيل المدمرة منها بعد إعادة تأهيلها وأغلبها يقع في شمال البلاد.
حيث تعمل على تقليص توريد المشتقات بشكل تدريجي، والذي يكلف سنويا قرابة 3.3 مليار دولار، حتى الوصول إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من هذه الموارد.
ويستورد العراق مشتقات النفط من الوقود وغيرها، جراء ضعف البنية التحتية الخاصة بالتكرير نتيجة الحروب المتعاقبة والفساد، رغم أن البلد يعد ثاني أكبر مصدّر للنفط في منظمة أوبك.
كما أنه ينتج خاماً بكميات تبلغ نحو 4.25 ملايين برميل يوميا، لكنه ملزم بتصدير قرابة 3.2 ملايين برميل وفق اتفاق تحالف أوبك+.بحسب تصريحات سابقة لوزارة النفط
وفي نفس السياق أكد المتحدث باسم وزارة النفط عاصم جهاد في تصريح أن الوزارة تعمل على أكثر من محور في إنشاء وإضافة وحدات جديدة والتي تحسن من نوعية المنتجات وتزيد الإنتاج.
وأوضح أنه من بين المحاور التي يتم العمل عليها هو طرح مجموعة من المصافي إلى الاستثمار وفسح المجال أمام القطاع الخاص لإنشاء مصافي جديدة ما يسمح بتحقيق الاكتفاء الذاتي وأن يتحول العراق إلى بلد مصدر.
وتابع المتحدث باسم وزارة النفط مع أن الاستهلاك الداخلي يحتاج ما بين 700 إلى 800 ألف برميل يوميا من البنزين والديزل وزيت الغاز، لكن القدرة الحالية ستبلغ 620 ألف برميل يومياً.
ويأتي ذلك بعد إطلاق العمل بوحدة التكرير الأخيرة بطاقة تبلغ 150 ألف برميل. وتضاف إلى وحدتي تكرير تبلغ طاقة كل منهما 70 ألف برميل في اليوم وسبق أن أطلق العمل بهما خلال السنوات الماضية، وفق المتحدّث.
وأضاف جهاد أن «مصافي جنوب» البلاد يبلغ إنتاجها حالياً «بحدود 280 ألف برميل كطاقة تكريرية في اليوم»..
ومن جانبه أعلن وكيل وزارة النفط لشؤون التصفية، حامد يونس،، عن تقليل استيراد 3 ملايين لتر بنزين بعد تأهيل مصفى بيجي.
وقال يونس، في تصريح صحفي ان :”مصفى بيجي اعيد تأهيله بعد ان كان مهدما بنسبة 90 بالمئة، وخلال فترة وجيزة بدعم من قبل حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني للنهوض بواقع المصافي”.
وأن تاهيل المصفى جاء لتقليل كميات استيراد النفط الابيض والكاز وقلل استيراد 3 ملايين لتر بانزين”، مستدركاً “اعادة تاهيل المصافي سيقدم الخدمات ويقلل من هدر المال العام، حيث ستكون واحة لصناعات اخرى تعتمد على مصافي بيجي” بحسب تصريحات يونس.
فيما أعلن أنه “خلال عام 2024 سنحقق الاكتفاء الذاتي وسيتم ايقاف عملية استيراد النفط والبانزين.”.
وفي وقت سابق أكدت وزارة النفط العراقية أنها تعمل على إعادة الطاقة الإنتاجية لمصفى بيجي إلى سابق عهده قبل تعرضه للتدمير من قبل “تنظيم داعش” عام 2014، وبطاقة إنتاجية تصل إلى 280 ألف برميل يوميا.
وتأتي إعادة فتح المنشأة، على خلفية مفاوضات العراق لانسحاب قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية المنتشرة في البلاد، وفي الوقت الذي وجد العراق نفسه في وضع غير مستقر، وسط التوترات الإقليمية التي أججتها الحرب الإسرائيلية على غزة.
مصفاة بيجي …”أكثر من ربع طاقة البلاد”
ويعتبر العراق بلداً غنياً بالنفط الذي يمثّل تسعين بالمئة من عائداته. كما أنه ثاني أكبر بلد منتج للنفط في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك).
فقد شكّلت بيجي ومنطقتها التي تبعد 200 كلم من بغداد، والتي تمثل أكثر من ربع طاقة التكرير الكاملة في البلاد، مركزاً للصناعة في العراق، مع اشتمالها على العديد من محطات التكرير والمحطات الحرارية وسكك حديد وخطوط أنابيب نفط. لكن المدينة تعرضت للنهب ولدمار كبير وأعلنها البرلمان العراقي مدينة منكوبة في العام 2016.
وأغلقت المصفاة في عام 2014 عندما استولى عليها مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية بعد أن سيطروا على مساحات واسعة من البلد العضو في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك).
وتبلغ طاقة المصفاة 150 ألف برميل يوميا بعد إعادة تأهيلها وتشغيلها، في خطوة تسعى عبرها الحكومة إلى تقليل اعتمادها على استيراد المشتقات النفطية
ويشمل إنتاج مصفى الشمال من المشتقات النفطية على البنزين والنفط الأبيض (الكيروسين) وزيت الغاز (المازوت) والغاز السائل الذي يستخدم لأغراض الطبخ المنزلي. بحسب بيان وزارة النفط العراقية
ويقع مصفى بيجي بمحافظة صلاح الدين، ويضم ثلاث وحدات إنتاجية هي مصفى صلاح الدين 1 ومصفى صلاح الدين 2 ومصفى الشمال.
وقد أنشئت مصفاة بيجي في العام 1975 من قبل شركات أجنبية، وكانت الأكبر في البلاد بمعدلات إنتاج تصل لأكثر من 250 ألفا إلى 300 ألف برميل يوميا.
وبهدف خفض صادرات العراق من تلك المشتقات افتتح في نيسان/أبريل، مصفاة نفط في مدينة كربلاء بوسط البلاد بطاقة 140 ألف برميل يوميا.
حيث تسببت البنية التحتية المتداعية والفساد المستشري في العراق، الذي دمرته عقود من الصراع، في عرقلة جهود إعادة الإعمار. الا أنه وعلى الرغم من ثروتها النفطية الهائلة، لا تزال البلاد تعتمد على الواردات لتلبية احتياجاتها من الطاقة.
ويملك العراق 145 مليار برميل من الاحتياطي النفطي المؤكد، أي ما يعادل إنتاج 96 عاما بالمعدل الحالي، وفقا للبنك الدولي.
وتشكل مبيعات النفط الخام 90 بالمئة من إيرادات الميزانية العراقية.
لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا على تلغرام: النعيم نيوز
لمتابعتنا على فيسبوك يرجى الضغط على الرابط التالي: النعيم نيوز
كما يمكنك الاشتراك على قناتنا على منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية
كما يمكنك أيضا الاشتراك بقناتنا على الانستغرام: النعيم نيوز