مقالات
أخر الأخبار

مُحلل سياسي للإيجار

كتب/سمير داود حنوش: جاهز ومستعد للجلوس للتنظير أمام شاشات الفضائيات متى ما يُطلب منه، يُجادلك في السياسة، الاقتصاد، الاجتماع، وحتى في قضايا الزواج والطلاق، موجود للدفاع والترويج لِمن يدفع له أو يستأجره، مُتعدد الأوجه والألوان حيث لا يملك لوناً أو طعماً واحداً، يظهر ويختفي حسب الضرورات والمحظورات ومتطلبات الأحداث، يتصارخ في البرامج الحوارية للفضائيات حتى يظن المشاهد أنه في حلبة مصارعة، لا يعترف بهزيمة بل إصرار على المُكابرة والتعنّت.

 

هو المُحلل السياسي أو هكذا يُحب أن يُطلقون عليه في التوصيف، ذلك المتفيقه الذي يتلاعب بالألفاظ ويتراقص مع ألحان الجُمل والكلمات، من أجل أن يُقنع الآخرين برأيه ومعتقداته المأجورة.

فئة أُبتلي بِهم الإعلام، لا يُجيدون سوى فن الكلام والثرثرة حتى حوّلوا التحليل السياسي إلى مُجرد فضفضة حديث وتشويش للرأي العام.

في عالم السياسة الثابت يكون التنظير السياسي مبنياً على مناهج بحث واختبارات علمية توصل إلى نتائج مؤكدة أو حصيلة خبرة سياسية تُكتسب بالعمل أو الفعل السياسي، هو ما تعلمناه من فن السياسة في الجامعات ودروس علومها، لكننا نُصدم اليوم حين نرى أكثر مَن يدّعون التحليل السياسي في الفضائيات مُجرد مُرتزقة، البعض منهم لا يحمل حتى شهادة التخصص في الموضوع الذي يخوض الحديث فيه، لا يُحسنون سوى التسابق للظهور لاكتساب شُهرة ربما تفوق نجومية أهل الرياضة والفن.

لم يعد التخصص يُجدي نفعاً معهم، لذلك تراهم يتسابقون للحديث في كل الاختصاصات، التحليل الأمني والسياسي والقانوني وحتى بعلوم التنجيم، مُتقلبون في الأمزجة، لا تعرف منهم الصِدق من الكذب في أحاديثهم.

المصيبة أن بعض الفضائيات اعتادت الاستعارة بآرائهم في كل حدث أو أزمة وكأنهم مُتعاقدين معهم أو للإيجار والاستعانة بهم، والأكثر أنهم في تزايد مستمر لأنها ببساطة أصبحت مهنة من لا مهنة له، خطورة أولئك أكبر من إدمان المخدرات لأنهم يُمارسون سياسة التجهيل واستغباء عقول المتلقين.

أغلب الفضائيات تستعين بتلك الأبواق لنشر معلومة مُظللة أو إيضاح فكرة ملوثة، أو لترسيخ مفهوم خاطئ في عقول الرأي العام، مُحللون سياسيون جاهزون لبيع الكلام لِمن يستأجرهم في ساعات البث الفضائي الطويل.

ربما يكون من السهل معرفة العدو ومواجهته، لكن هؤلاء من الصعب جداً أن تُحدد خطوات تخريبهم للعقول، الرسائل الإعلامية التي تخرج من أفواههم ربما تكون أخطر من سلاح البندقية، لأنه يُدمّر العقول.

مصيبة من مصائب الإعلام الذي أُبتلي بهؤلاء الوَعّاظ ليُسجّل فساداً من نوع آخر، لكنه فساد أكبر وأوسع لأنه يُصيب العقول وتلك هي مصيبة الإعلام الهابط حين يستعين بأولئك المتفيقهين.

 

لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا في موقع التلغرام: النعيم نيوز

ولمتابعتنا على موقع فيسبوك يرجى الضغط أيضا على الرابط التالي: النعيم نيوز

كما يمكنك الاشتراك أيضا على قناتنا في منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية

ولا تنسى أيضا الاشتراك في قناتنا على موقع الانستغرام: النعيم نيوز 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى