
أقيمت خطبة صلاة الجمعة في مسجد جنات النعيم في كربلاء المقدسة بإمامة فضيلة الشيخ فيصل التميمي (أعزه الله تعالى) بتاريخ ٢٢ شعبان المعظم ١٤٤٦، الموافق ٢١/ ٢/ ٢٠٢٥م
وقال الشيخ فيصل التميمي في صلاة الجمعة تابعتها “النعيم نيوز” . إن “الله تعالى خلق الإنسان من عدة عوالم وهي:
1. الجسد وهو من عالم (المُلك) وهو من تراب وماء آسن وهي أخس العوالم الوجودية وهو العالم السفلي… (ويحتاج إلى تنظيف وتطهير).
2. الروح وهو من عالم الملكوت (عالم الأمر) وهو العالم العلوي.
3. العقل وهو مركز الوعي والتفكير … (يحتاج إلى علم ومعرفة وبصيرة).
4. القلب وهو مركز العواطف والمشاعر والتفكير (يحتاج أن يتعرض إلى الرقة والشفافية وعدم التعرض لموجبات القسوة والرين).
5. النفس وهي مركز الغرائز والشهوات التي تحرك الإنسان عن طريق أهوائها، ولها مراتب ومقامات متفاوتة: (أمارة ولوامة ومطمئنة)..(وهي تحتاج إلى التزكية والتطهير المعنوي). وإن النفس هي أم الخير إذا زُكيت وهي أم الشر والخبائث إذا اتسخت قال تعالى: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا والنفس يقع عليها مسؤولية تقبل مواعظ الأنبياء وسائر مواعظ الواعظين، فهي أساس وهدف بعثة النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله)، قال تعالى: لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وإن كل مشكلات البشرية منذ أوجدها الله تعالى بكل أصنافها وأنواعها إنما هي من بواعث النفس الأمارة بالسوء، لذا ورد عن الأمير : (إن طاعة النفس ومتابعة أهويتها أُس كل محنة ورأس كل غواية) وفيما يلي بعض النماذج القرآنية المؤيدة لما ذكرناه آنفاً:
(قابيل).. فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ.
(إخوة يوسف)… وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرا.
(السامري).. وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي.
(بنو إسرائيل)… أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ.
(اليهود والنصارى) وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ.
أهل النفاق في الآخرة… (يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ).
(وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ).
وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) وفيما يلي عدة نقاط مهمة لابد من الإشارة إليها بما يخص موضوع جهاد النفس، وهي:
– إن أصل وجود غرائز النفس وشهواتها نعمة لكن الإسراف أو التقصير في إشباعها أو من غير الوجه الشرعي هو المشكلة، لذا حثنا الإسلام على الوسطية والاعتدال وعلى تهذيبها في إشباع شهوات ورغبات النفس، ولم نؤمر بكبحها كالصوفية أو إطلاق العنان لها كبعض المجتمعات الغربية.
– إن بإصلاح بواطن وخفايا النفس تظهر بركات وأنوار على الظاهر الجسدي وعلى البعد الاجتماعي بل حتى البعد العالمي.
– أن يكون جهاد النفس بنية خالصة لله تعالى، لذا قال: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا.
– إن نفس الفرد كثيراً ما تكون هي بذاتها حجاباً مانعاً من الوصول إلى الكمال، لذا قيل: وجودك ذنب لا يقاس به ذنبُ.
وقد جاء في حِكم الإمام الأمير التي بيَّن من خلالها أهمية جهاد النفس، ما يلي:
1. من لم يتدارك نفسه بإصلاحها أعضل داؤه و أعيا شفاؤه
2. لا تترك الاجتهاد في إصلاح نفسك فإنه لا يُعينك عليها إلا الجد
3. إن هذه النفس لأمارة بالسوء فمن أهملها جمحت به إلى المآثم
4. إن نفسك لخدوع إن تثق بها يقتدك الشيطان إلى ارتكاب المحارم
5. إن النفس لأمارة بالسوء و الفحشاء فمن ايتمنها خانته ومن استنام إليها أهلكته ومن رضي عنها أوردته شر الموارد
أما العوامل الرئيسة والمساعدة على تزكية النفس، فهي:
1. التمسك بالقرآن الكريم وبوصايا النبي الأعظم وآله الطاهرين صلوات الله عليهم والتوسل بهم فهم (الأدلاء على مرضاته).
2. التمسك بهدي المرجعية الرشيدة والعلماء الربانيين، فهم سُفن النجاة، في حين علماء السوء هم قطاع الطرق على مريدي الكمال.
3. التعرض لنفحات المواسم العبادية والالتزام ببعض الأذكار المأثورة، وأفضلها هو موسم شهر رمضان (ومن حسن منكم في هذا الشهر خلقه) وموسم الحج، وصلاة الجمعة، والزيارة والدعاء.
4. لقاء الإخوة المؤمنين والمجالس الحسينية المليئة بالوعظ والارشاد.
5. التحلي بالصبر مع الثبات على البلايا والمحن والنجاح في الاختبارات المختلفة.
6. التزود المستمر من العلم والمعرفة النافعة التي تنتج الوعي والبصيرة، جاء في زيارة أبي الفضل العباس (عليه السلام): (وَاَنَّكَ مَضَيْتَ عَلى بَصيرَةٍ مِنْ اَمْرِكَ مُقْتَدِياً بِالصّالِحينَ، وَمُتَّبِعاً لِلنَّبِيّينَ).
7. وضع الفرد لنفسه برنامجاً خاصاً به، جاء في الرواية عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): (إذا أراد الله بعبد خيراً جعل له واعظا من نفسه يأمره وينهاه) وجاء في الحكمة: (من لم يخطط للنجاح فقد خطط للفشل) لأن حياته بدون تخطيط سوف تكون عبثية وعشوائية.
8. نزول المدد والعون الإلهي على الفرد المجاهد لنفسه، فلولا ذلك ما زكا أحد من البشر، قال تعالى: وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا، وجاء في دعاء الصباح: (وإن خذلني نصرك عند محاربة النفس والشيطان فقد وكلني خذلانك إلى حيث النصب والحرمان..) لذا تنزل الفيوضات والبركات الإلهية على الفرد بفضل هذا الجهاد: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ إن تنصروا الله ينصركم إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ.
لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا على تلغرام: النعيم نيوز
لمتابعتنا على فيسبوك يرجى الضغط على الرابط التالي: النعيم نيوز
كما يمكنك الاشتراك على قناتنا على منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية
كما يمكنك أيضا الاشتراك بقناتنا على الانستغرام: النعيم نيوز