كتب ناصح الجنوبي: ملاحظات أولية حول موازنة 2023.
1. المادة (٢) -ب- الفقرة (٥): تنص على منح الوزير والمحافظ والجهات الممولة مركزياً فتح الاستثمار والشراكة مع القطاع الخاص .. ويتم منح الاستثناء من القوانين ذات العلاقة بقرارات يصدرها مجلس الوزراء.
وهذا المادة تكرر تضمينها في موازنات خمس سنوات سابقة.. وقد عملنا على توعية بمخاطرها فيسقطها البرلمان بالتصويت ونوضح مخاطر هذه المادة بالآتي:
تؤسس مبدأ خطيراً يفتح الأبواب على الخصخصة الشاملة لجميع مفاصل ومؤسسات الدولة والبنية التحتية الخدمية ويمنح مجلس الوزراء صلاحيات تعطيل أحكام القوانين النافذة لتوسيع المشاركة مع القطاع الخاص (الخصخصة).
وتزداد الخطورة في كون النص مطلق يشمل كل القطاعات بما فيها استخراج وإنتاج النفط والغاز والمصافي، وقطاعي المصارف وشركات التأمين، والصناعات العسكرية والحربية، والبنى التحتية الخدمية ( كمحطات الكهرباء والموانئ والبنى التحتية لقطاع الاتصالات،….)، ومشاريع السدود المائية، و المشاريع الخدمية ذات الطابع الأمني أو المرتبطة به بشكلٍ مباشر والقطاع الصحي الحكومي.
ويمنح مجلس الوزراء صلاحيات تعطيل كل القوانين النافذة المنظمة للاستثمار واستبدالها بقرارات مجلس الوزراء وفتح الباب لخصخصة شركات التوزيع والإنتاج وتقديم البنى التحتية للوزارات الخدمية التي أنفقت الدولة عليها عشرات المليارات من الدولارات طيلة سنين عديدة وتقدمها بأبخس الأثمان للمستثمرين فيشاركون بملكيتها .. ومما يندرج ضمن هذا التوجه المقلق ما تضمنته ورقة أسس إعداد الموازنة في صفحتها الثامنة إذ نصت (استكمال عمليات الإصلاح المالي والإداري ولا سيما ما يتعلق بإعادة هيكلة مصرفي الرشيد والرافدين وبقية المصارف الحكومية … وبما يسهم بالنهوض بالاقتصاد وتنشيط الاستثمار الخاص) والهيكلة في أحد معانيها تعني خصخصة هذه المصارف وبيع أسهمها أو بعضها إلى التجار ورجال الأعمال ! خصوصاً وأن نهاية المادة أشارت إلى تنشيط الاستثمار الخاص .. ولابد من رفض أي توجه لخصخصة وإشراك القطاع الخاص في ملكية قطاعات الدولة الإنتاجية والخدمية والمصرفية .. خصوصاً وأن وزارة المالية السابقة وورقتها البيضاء اقترحت خصخصة مصرف الرافدين حيث أعلنت وقتها وزارة المالية عن قرار هيكلة مصرف الرافدين الذي يتضمن في إحدى آلياته المعلنة من قبل مختصين كبار في موقع السلطة خيارات خصخصة تلك المؤسسة السيادية.
2. سعر تصدير النفط المعتمد في الموازنة ( ٧٠) دولار ليس تحفظياً وفيه مجازفة قد تؤدي تقلبات أسعار النفط إلى ما دون هذا المعدل إلى أزمة اقتصادية حادة بالبلد .. خصوصاً وأن أسعار بيع النفط لهذه الأيام بدأت تنخفض إلى ما دون ال(٧٠) دولار بقليل . والمفروض أن يعتمد سعر بيع النفط اقل من هذا المعدل بعشرة دولارات على الأقل وتعدّ موازنة تتضمن النفقات الضرورية والأساسية من تعويضات الموظفين والتقاعد والبطاقة التموينية والأدوية والخدمات الضرورية .. والمشاريع الاستثمارية القابلة للإنجاز فعلياً .. وفي حال حصول وفرة في الإيرادات بعد شهر تموز فيمكن أن تقدم موازنة تكميلية تتضمن إعادة تخصيص مبالغ الوفرة تلك .. وبذلك نتجنب مخاطر تراجع أسعار النفط ونتجنب مبلغ العجز الكبير المسجل في الموازنة.
3. أشارت ورقة أسس إعداد الموازنة إلى الإبقاء على العجز المالي ضمن حدود مقبولة اقتصاديا ومالياً.. وهذا الكلام لا يتناسب مع عجز الموازنة البالغ أكثر من (٦٤) تريليون دينار ، ويشكل نسبة (٣٢٪ ) من قيمة اجمالي النفقات ، ويتجاوز النسبة المسموح بها في قانون الادارة المالية الذي اشترط عدم زيادة العجز عن نسبة (٣٪) من الناتج المحلي الاجمالي .. بمعنى أن لا يزيد العجز عن (٨) تريليون دينار وليس (٦٤) تريليون دينار. ولا يشفع في التبرير تضمين الموازنة مادة تنص على استثناء هذا العجز من أحكام قانون الإدارة المالية، لأن قانون الموازنة وإن كان قانوناً خاصاً إلاّ أن قانون الإدارة المالية قانون قواعد مالية عامة تأبى التخصيص وأشارت أسبابه الموجبة إلى أنه يضمن تحقيق استقرار الاقتصاد الكلي والاستقرار المالي، ومثل هذا المبدأ لا يتحقق بالاستثناءات.
4. تنص ورقة أسس إعداد الموازنة على (الاستجابة الواعية لحاجة المجتمع لتوليد وظائف جديدة في القطاعين العام والخاص .. وتعزيز الجهاز الإداري بمزيد من الطاقات الشابة ..) في حين تنص المادة (١٥) – رابعاً على ( يمنع التعيين والتعاقد في دوائر الدولة كافة.
5. تنص ورقة أسس إعداد الموازنة على (التقليل من حجم الاقتراض الخارجي). في حين تضمنت موازنة ٢٠٢٣ قروض أجنبية للمشاريع الاستثمارية بمقدار ( ٩،٩) تريليون دينار ! علماً أن موازنة المشاريع الاستثمارية المحلية قدرت بمبلغ ( ٣٨،٣) تريليون دينار، فمع هذا المبلغ الكبير للاستثمار المحلي والذي يتوقع عدم صرفه وتنفيذ جميع تخصيصات بالقياس الى موازنة ٢٠٢١ التي بلغت موازنتها الاستثمارية (٢٨) تريليون دينار، ولم يتجاوز نسبة تنفيذها حاجز (٥٠٪) . فلا تبقى حاجة للاقتراض الخارجي مع مضاعفاته المرهقة على الاقتصاد وسيادة الدولة.
6. أشارت ورقة أسس إعداد الموازنة إلى استمرار ضعف مصادر الإيرادات الأخرى ولاسيما الضريبية والكمركية واقترحت تطبيق قرار مجلس الوزراء لسنة (٢٠١٩) بشأن توحيد الرسوم الكمركية في المنافذ الحدودية وحصر تنفيذ قرارات حماية المنتج بالحكومة الاتحادية .. في حين لم يتم تضمين الموازنة مثل هذا النص!
7. فقرة البرامج الخاصة في موازنة ٢٠٢٣ بلغت ( ٣،٥٨) تريليون دينار منها (١،٤) تريليون دينار لأولويات البرنامج الحكومي .. في حين أن البرامج الخاصة في موازنة (٢٠٢١) كانت تبلغ (١،٢) تريليون دينار، وقد حصل اعتراض شديد على مقدار المبلغ وضبابية موارد إنفاقه.
8. مقدار مبلغ احتياطي الطوارئ مبالغ فيه (٥٠٠) مليار دينار، علماً أن مبلغ احتياطي الطوارىء لسنة ٢٠٢١ بلغ (١٥٠) مليار دينار .. ومع موازنة بمبلغ إجمالي يصل إلى (٢٠٠) تريليون فلماذا يتضاعف مبلغ احتياطي الطوارئ.
9. النفقات الرأسمالية/الموجودات الثابتة تبلغ (١،١) تريليون دينار في موازنة ٢٠٢٣، بينما كانت في موازنة (٢٠٢١) تبلغ ( ٥٣١) مليار دينار.
10. تمنح الموازنة صلاحية التدقيق والمصادقة على خطة إعمار المحافظات الى الهيئة العليا للتنسيق بين المحافظات؟ مم تتكون هذه الهيئة؟ وهل شكلت بقانون حتى تمنح هذه الصلاحيات المالية والإدارية الواسعة ؟
11. بعض فقرات الاقتراض الخارجي من البنك الدولي (وزارة الصحة ٤١ مليون دولار، وزارة المالية ٥ مليون دولار، وزارة التربية ٥ مليون دولار، وزارة الزراعة ١٠ مليون دولار، وزارة النقل مليون دولار!، وزارة الموارد المائية ٢٦ مليون دولار) فهل تستحق هذه المبالغ البسيطة جداً بالقياس لموازنة إنفاقها (٢٠٠) تريليون دينار أن نلزم البلاد بآثار الاقتراض الخارجي !؟
12. فقرة اقتراض خارجي من بنوك اجنبية بضمانة مؤسسات ضمان الصادرات الدولية ويكون التمويل لسنة ٢٠٢٣ (٣٠ مليون دولار لوزارة الدفاع، ولوزارة الداخلية ٣٠ مليون دولار، وللحشد الشعبي ١١ مليون دولار) وهي مبالغ بسيطة يمكن تمويلها من الموازنة العامة ولا يصح تحميل البلد بالتزامات الاقتراض الخارجي على هذا المبالغ القليلة المقدار.
13. تنص فقرتان في الاقتراض الخارجي على قرض بقيمة (٦٥) مليار دينار وآخر بقيمة (٣٩) مليار دينار إلى وزارة الكهرباء وبضمانة من مؤسسات أجنبية .. فهل يتعسر على موازنة استثمارية محلية بمقدار (٣٨) تريليون دينار أن توفر هذا المبلغ بدلاً من الذهاب للاقتراض خصوصاً وأن ضمانة المؤسسات الأجنبية تستحصل فائدة إضافية على القرض!
14. وفقرة أخرى من القروض الأجنبية بمبلغ ( ٩٢) مليار دينار لشراء الأسلحة والأعتدة وبضمانة مؤسسات دولية .. فهل يتعسر على موازنات الوزارت الأمنية توفير هذا المبلغ بالقياس لموازناتها الكبيرة.
15. وفقرة قرض من الصندوق الكويتي للتنمية لصالح وزارة التربية بمبلغ ( ١٩) مليار دينار، ونفس الإشكال السابق يرد عليه أيضاً.
16. وكذلك فقرة اقتراض من الصندوق السعودي للتنمية لصالح وزارة التجارة ووزارة الصحة بمبلغ (١٧) مليار دينار تقريبا .. ونفس الإشكال والاعتراض يرد عليه أيضاً.
17. وقرض من البنك الإسلامي للتنمية بمبلغ ( ٦،٦) مليار دينار.
18. وهكذا مجموعة قروض لا يتجاوز الواحد منها (٥٠) مليار دينار ليس صعباً أن توفره الوزارة المقترضة من موازنتها الاستثمارية، فلماذا الاستمرار بسياسة الاقتراض الخارجي ؟
فمثلاً قرض من بنك كوري لصالح وزارة الدفاع بقيمة (٤٥) مليار دينار، وقرض من الحكومة الفرنسية لوزارتين مجتمعتين الإعمار والنقل بقيمة ( ٨٤) مليار دينار، وقرض من الصندوق الدولي للتنمية الزراعية بقيمة (٦،٥) مليار دينار.
19. فقرة اقتراض خارجي مقدار مبلغ تمويلها لسنة ٢٠٢٣ (١٠) مليون دولار لمجاري الحمزة، و(١٥) مليون دولار لمجاري الخالدية ومبلغ (٤٠) مليون دولار لسلطة الطيران، ونفس الاعتراض السابق يرد عليها، فإن الوزارات المعنية تتمكن توفير هذه المبالغ القليلة فلماذا الذهاب للاقتراض؟
20. وفي فقرة اقتراض خارجي لوزارة التجارة مبلغ (١٥٠) ألف دولار لصالح وزارة التجارة لإنشاء صوامع في ميسان، فهل يتعسر على الوزارة توفير هذا المبلغ من تخصيصاتها؟ وقرض بمبلغ (٥) مليون دولار لإعمار معهد تقني في كركوك….
21. فقرة اقتراض خارجي بعنوان (مشاريع البنى التحتية والمشاريع الاستراتيجية والتنموية.. بكلفة كلية (٦،٨) مليار دولار، وسيتم تمويل مبلغ قدره (٢،٤) مليار دولار للمشاريع بعد إقرارها من مجلس الوزراء !! فكيف يتم الاقتراض على مشاريع لم يتم التخطيط لها ولم يتم إقرارها وبعد أن يقترض العراق هذه المبالغ يقرر مجلس الوزراء طبيعة المشاريع التي تصرف على إنجازها هذه القروض؟ المعلوم أن الاقتراض يكون لحاجة ضرورية ومحددة ومشخصة وواضحة التفاصيل، وليس على مشاريع لم تحدد طبيعتها بعد!
22. كان يفترض أن يتم احتساب نفقات وزارة النفط ووزارة النقل ووزارة الموارد المائية وشمول قطاع الأمن والدفاع بكل وزاراته ومؤسساته لتكون ضمن النفقات السيادية وكذلك احتياطي الطوارئ، وبخلاف ذلك فإن حصة إقليم كردستان ستزداد لأنها ستحتسب من مبلغ مقداره أكبر مما لو تم احتساب نفقات هذه الوزارات ضمن النفقات السيادية.
23. منح قانون الموازنة الشرعية للإقليم بتصدير النفط مباشرة من قبل حكومة الإقليم دون تسليمه إلى شركة تسويق النفط الاتحادية (سومو)، واكتفى بتسجيله إيراداً نهائياً للخزينة الاتحادية من الناحية النظرية فقط، أما واقعياً فهذه الإيرادات هي جزء من مجموع إيرادات أخرى ستتسلمها حكومة الإقليم من الموازنة الاتحادية.
24. اذ نصّت الموازنة على منح الإقليم نسبة (١٢،٦٧٪) من مجموع الإنفاق، بعد استبعاد النفقات السيادية، فتساوي حصة الإقليم كما مذكور في جداول الموازنة (١٦،٦) ) تريليون دينار، استلم منها نتيجة سماح قانون الموازنة له بالتصدير المباشر (٤٠٠ ألف برميل مضروبا بسعر بيع النفط ٧٠ دولار مضروباً بعدد أيام السنة) فيكون المبلغ الذي يستلمه حكومة الإقليم من بيع نفط الإقليم يساوي ( ١٣) تريليون دينار تقريباً، ويضاف إليه من إيرادات بيع نفط البصرة وأخواتها محافظات الجنوب (٣،٦) تريليون دينار لتكتمل حصته المقررة في قانون الموازنة بمقدار (١٦،٦) تريليون دينار.
25. تلزم الموازنة حكومة إقليم كردستان بتصدير النفط من حقولها بمعدل لا يقل عن (٤٠٠) الف يومياً وليس تسليمه للسلطة الاتحادية، في حين أن كميات النفط المنتج في الإقليم تزيد على هذه الكمية بكثير، بل أن المسجل رسمياً في موازنة ٢٠٢١ (٤٦٠) ألف برميل يومياً.
وهذا يعني أن الكميات المنتجة فعلياً التي تزيد على مقدار ال (٤٠٠) ألف برميل يومياً قد أعطى قانون الموازنة الإقليم الإجازة القانونية بالتصرف فيها وفي إيرادات بيعها دون اطلاع أو معرفة الحكومة الاتحادية بمقدارها.
26. تنص المادة (١٣-ج ) على إلزام وزارة المالية بتسديد مستحقات الإقليم شهرياً.. وفي مادة سابقة تذكر أن حصة الإقليم تحتسب من مجموع الإنفاق الفعلي (التشغيلية والاستثمارية ) وهو ما لم يمكن حسابه في شهر أو ثلاثة أشهر وإنما يتضح عند نهاية السنة.. فإذا أنفق الإقليم فعليا ما تم تسليمه له وكان أكثر من هذه النسبة، فكيف تتم تسويته واستعادة الزائد على حصة الإقليم!؟
27. تنص المادة (١٣-د) على تسوية ما بذمة الإقليم من ارصدة المصرف العراقي للتجارة من خلال جدولة أقساط شهرية تخصم من حصة الإقليم ولمدة (٧) سنوات .. ولم يتم ذكر كم هي الأموال التي بذمة الإقليم للمصرف العراقي للتجارة.
28. تنص المادة (١٣-د) على إيداع إيرادات تصدير أو بيع النفط الخام ومشتقاته في حساب مصرفي واحد ويخول رئيس الإقليم بصلاحية الصرف ..والسؤال المطروح هنا من أين جاءت المشتقات النفطية ؟ أليست من نفط خام، فإذا كانت الموازنة ألزمت الإقليم فقط بان يصدر (٤٠٠) ألف برميل يومياً، فذكر مشتقات نفطية تصدر أو تباع من الإقليم دليل على أن هناك نفط خام ينتجه الإقليم يزيد على المقدار المذكور بالموازنة أعني (٤٠٠) ألف برميل يومياً.
29. تنص المادة ( ١٤- سابعاً ) على تشكيل لجنة مشتركة من الحكومة الاتحادية والإقليم عند وجود اختلافات في وجهات النظر في الحقوق والالتزامات والآليات الواردة في هذا القانون وترفع توصياتها إلى رئيس الوزراء لأخذ القرار المناسب .. وهذا يعني أن نصوص الموازنة المرتبطة بعلاقة الإقليم مع الحكومة الاتحادية ليست جزمية الأثر القانوني وإلاّ كيف تستحدث آلية بنقاش لجنة مشتركة حول نصوص قانونية نافذة ؟ ومن جهة أخرى هذه المادة ستعطي الحق للإقليم بان يعترض على أية آلية تضمنتها الموازنة بما فيها الية توحيد حساب مبيعات نفط الإقليم ومشتقاته النفطية، وآلية الاطلاع على تعاقدات مبيعات نفط الإقليم ومستحقات الشركات الأجنبية العاملة في الإقليم .. والنتيجة كأن هذه المواد القانونية لا أثر لها ورؤية اللجنة المشتركة هي الحاكمة في الموضوع.
30. ثم لو فرضنا أن اللجنة المشتركة المذكورة أعلاه قد قدمت توصياتها إلى رئيس الوزراء فاتخذ قراراً لم تقتنع به حكومة الإقليم، فيمكن لها بعد شهر من إصدار القرار تعود بواسطة هذه المادة نفسها وتثير وجهة نظر مختلفة من جهة أو حيثية أخرى فتعود اللجنة المشتركة للعمل مرة أخرى وهكذا تستمر الأمور دون حسم، وكان المفروض أن يضمن الحسم والجزم في ترتب الآثار في مواد قانون الموازنة.
31. ينص قانون الموازنة على عدم ترويج أي معاملة في جميع دوائر الدولة دون أن يقدم المستفيد فواتير جباية الماء والكهرباء .. وهذا النص على إطلاقه غير سليم لأن المشمولين بشبكة الحماية الاجتماعية قد لا يتمكنون من تسديد هذه الفواتير وتطلب وضعه مراجعة دوائر الدولة ولو لأجل إعادة شموله بالرعاية فيما لو رفع اسمه بسبب إداري.
لذلك نقترح رفع هذه الاشتراط عن المشمولين بشبكة الحماية الاجتماعية والفقراء والطبقات الهشة اقتصادياً ومعيشياً.
32. يجيز قانون الموازنة إعارة موظفي الدولة لشركات القطاع الخاص ومنها شركات جباية الكهرباء .. فإذا كانت تلك الشركات لا تمتلك الكوادر والموظفين المؤهلين لأداء متطلبات عقدها مع الحكومة فلماذا يتم التعاقد معها ومنحها أرباح عقود تلك المشاريع، وكان الأولى أن تقوم دوائر الدولة بتنفيذ هذه المشاريع مادامت تمتلك الكوادر والموظفين المؤهلين، فتحصل الدولة عائدات مالية بدلاً من ذهابها إلى مستثمرين يستعيرون الموظفين من الدولة ووزاراتها.
33. المادة (٢٦) من قانون الموازنة تجيز لوزيري المالية والتخطيط استثناء من أحكام قانون الإدارة المالية بإضافة مبالغ لشركات جولات التراخيص بشكل عيني وليس نقدي، بمعنى دفع نفط خام لها عن أرباحها ومستحقاتها .. واضافة لمخالفته للقانون فإنه سيضخ للسوق العالمية كميات نفط تقلل سعر بيع النفط في الأسواق العالمية، والذي يؤكد هذه النتيجة أن دول أوبك نفسها خفضت من مجموع مبيعاتها لغرض حفظ أسعار النفط بمستوى ثابت ولتجنب انخفاض الأسعار في السوق العالمية.
34. ينص قانون الموازنة على صلاحية مجلس الوزراء إعادة هيكلة الوزارات بدمج تشكيلاتها بضمنها الشركات العامة مع دوائر قائمة ..أو إلغاء التشكيلات، والمفروض أن يتم تقييد ذلك بعدم تسريح موظفي الشركة العامة التي يتم دمجها بغيرها.
35. ينص قانون الموازنة على صلاحية مجلس الوزراء بتأجيل التحاسب الضريبي لمدة تصل إلى ستة أشهر لغير شركات التراخيص النفطية والهاتف النقال والإنترنت.. ولكن يبقى هذا التأجيل لعناوين أخرى غير صحيح ويفرط بإيرادات عامة للدولة لمثل الجهات العاملة في مزاد العملة والمستثمرين الحاصلين على أرباح كبيرة من تعاقداتهم مع الدولة.
36. يسمح قانون الموازنة بإعادة تصدير السيارات والمكائن وخطوط الإنتاج والبضائع المستوردة .. فهذه المواد إما أنها تمثل حاجة واقعية للسوق العراقي فينتقي مبرر إعادة تصديرها، أو يكون استيرادها لا يمثل حاجة للسوق فلماذا تم استيرادها وإخراج عملة صعبة من البلد مقابل قيمتها.
37. المادة (٥٦) من قانون الموازنة تسمح بإقامة مشاريع صناعية وزراعية وغذائية وخدمية على الأراضي الزراعية كافة التي ليس لها حصة مائية أو غير صالحة للزراعة .. فإذا كانت تلك الأراضي غير صالحة للزراعة فكيف يقام عليها مشاريع زراعية .. ثم يمكن معالجة عدم توفر الحصة المائية ببدائل منها استخدام منظومات تحلية مياه الآبار التي لا تصلح للسقي، وكذلك استغلال الأراضي التي من الممكن توفر الحصة المائية عن طريق استعمال المياه الجوفية الصالحة ذات الملوحة المناسبة، أو بفتح وتوصيل منافذ وقنوات جديدة القريبة إلى الأراضي الزراعية، أو بفتح بحيرات أو خزانات لخزن مياه الأمطار والسيول لكل محافظة لغرض الاحتفاظ وخزن كمية من المياه التي لم يتم الاستفادة منها..
38. ينص قانون موازنة ٢٠٢٣ على سريانه للسنوات اللاحقة (٢٠٢٤) ( ٢٠٢٥) وتخصص نفس المبالغ المنصوص عليها في هذا القانون .. وكيف ستعتمد نفس التخصيصات إذا انخفض سعر النفط بمقدار كبير، أو برزت ظروف عالمية تطلبت تخفيض كميات مبيعات دول أوبك للسوق العالمية.. وإذا كان الجواب أن القانون نفسه أعطى صلاحية التعديل لتلك السنتين لمجلس الوزراء فهذا يعني طرح موازنة جديدة لسنة (٢٠٢٤) ( ٢٠٢٥) وينتفي موجب إعداد موازنات ثلاث سنوات بقانون واحد.
39. ينص قانون الموازنة على إصدار تعليمات تنفيذ الموازنة دون نشرها في الجريدة الرسمية .. وهذا يتعارض مع الشفافية والوضوح وإتاحة المعلومات المتعلقة بطريقة عمل وأداء الحكومة ووزاراتها للرأي العام وللجهات الرقابية الرسمية مثل مجلس النواب .. فكيف سيتحقق البرلماني من انطباق عمليات الصرف والإنفاق مع القواعد المالية المرعية إذا لم يطلع على تعليمات تنفيذ الموازنة.
40. موازنة وزارة النفط ارتفعت من (١٦،٣) تريليون دينار في موازنة ٢٠٢١ لتصل إلى مبلغ ( ٢٣،٥) تريليون دينار في موازنة عام ٢٠٢٣، وأحد أسباب هذه الزيادة هو تحمل الحكومة الاتحادية مسؤولية دفع مستحقات الشركات الأجنبية التي تعمل في حقول نفط الإقليم والمتعاقدة مع حكومة الإقليم خلافاً للدستور وبدون موافقة واطلاع الحكومة الاتحادية على مضامين تلك العقود .. ولكن لم توضح جداول الموازنة كم المبلغ الذي سيدفعه العراق للشركات الأجنبية العاملة في الإقليم .. هل هو ما يساوي الفرق بين الموازنة الاستثمارية لوزارة النفط لعام (٢٠٢٣) البالغة (١٦) تريليون دينار وموازنة الوزارة الاستثمارية لعام (٢٠٢١) والبالغة (١٠) تريليون دينار .. يعني (٦) تريليون دينار أم أقل من ذلك ! وفي جميع الفرضيات فإن هذا الموقف غير مقبول دستورياً وأخلاقياً وإنسانياً”.
لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا في موقع التلغرام: النعيم نيوز
ولمتابعتنا على موقع فيسبوك يرجى الضغط أيضا على الرابط التالي: النعيم نيوز
كما يمكنك الاشتراك أيضا على قناتنا في منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية
ولا تنسى أيضا الاشتراك في قناتنا على موقع الانستغرام: النعيم نيوز