اقام مركز دجلة للتخطيط الاستراتيجي في ضيافة العتبة العلوية المقدسة ندوة علمية هي الثانية من نوعها والتي اختصت بالقاء الضوء على ظاهرة مجتمعية سلبية الا وهي ظاهرة التسول. زحضرها مجموعة من الاكاديميين والحقوقيين والاعلاميين والمثقفين ومنظمات المجتمع المدني.
وتجسدت محاورها تحت ثلاث أوراق بحثية تعالج من خلالها انتشار هذه الظاهرة.
الاولى تناولت التسول من الناحية الدينية والشرعية..
والثانية من الناحية القانونية وقدمها العميد الاستاذ رشيد..
والثالثة من الناحية الانسانية والمجتمعية وقدمت من قبل الدكتور حاكم الخزرجي.
واما ورقتي البحثية فكانت بعنوان (رؤية الدين لظاهرة التسول المنظم) وتضمنت التالي:
1ـ هنالك اجراءات تكوينية لمنع الفقر والتسول: حيث لم يفتح ربنا فما، ولم يخلق معدة، الا بعد ان وفر لهما الطعام الملائم والغذاء المناسب، وفي هذا العام 2022م سيبلغ سكان الارض 8 مليار نسمة، وكل هؤلاء مكفولون ومرزوقون، واما بالنسبة لافريقيا التي يظهر سكانها حفاة وعراة ويمشون على أربع، فهي أغنى قارة في العالم من حيث الموارد الطبيعية. ولكن وبسبب سوء التوزيع والاستعمار وانانيات الحكام وامور أخرى تحول شعبها الى حفاة وعراة.
ولقد اتخذ ربنا العادل والرحيم، مختلف الاجراءات التكوينية لمنع الفقر، وبالتالي لمنع الجوع والتسول، بما اودع البر والبحر من أنواع الكنوز والوان الثروات ومختلف العناصر الغذائية والطبيعية، القادرة على تغطية احتياجات سكان الأرض.
2ـ هنالك اجراءات تشريعية اتذتها السماء لمنع الفقر والتسول، وذلك من خلال:
1ـ فرض الزكاة. أـ زكاة الأموال. ب ـ زكاة الفطرة.
2ـ فرض الخمس.
3ـ الحث الكبير والمتواصل قرآنا وسنة على التصدق.
4ـ الحث الكبير على القرض، وانه أكثر ثوابا من الصدقة نفسها.
5ـ التشجيع على العمل والتكسب، واعتباره جهادا في سبيل الله تعالى. وعدّ تارك العمل من الأربعة الذين لا يستجاب دعاؤهم.
6ـ الحث على أن يكون للمرء عملا يتكسب من خلاله الاخرون. كأن يكون صاحب مزرعة كبيرة او معمل او شركة.. الخ. هذه بعض اجراءات السماء.
3ـ كانت الدولة الاسلامية، في زمن حكومة النبي الاكرم (ص)، وفي زمن حكومة امير المؤمنين (ع) تفرض التكافل الاجتماعي، من خلال اجبار الناس على دفع الزكاة والحقوق الشرعية.
حتى أنه جاء في كتاب وسائل الشيعة: مرّ شيخ مكفوف كبير يسأل، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): ما هذا؟ قالوا: يا أمير المؤمنين نصراني، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): استعملتموه حتى إذا كبر وعجز منعتموه. أنفقوا عليه من بيت المال .
4ـ وبسبب فصل الدين عن الدولة، الذي نعيشه ومنذ أكثر من مائة عام، فإنه لا سلطة للفقهاء على الناس، غير ما يسطرونه من احكام شرعية في رسائلهم العملية، وفيها حث للمؤمنين على تطبيق الواجبات والعمل بالمستحبات، وبالتالي فان نسبة من يدفع الحقوق الشرعية من المواطنين اقل من واحد بالعشرة في الغالب. قال الامام علي (ع): (إنّ الله سبحانه فرض في أموال الأغنياء أقوات الفقراء، فما جاع فقيرٌ إلا بما مُتّع به غني، والله تعالى سائلهم عن ذلك). وبالتالي لايصح القاء اللوم في وجود الفقراء على الفقيه.
5ـ ومع قلة دفع الناس للحقوق الشرعية، وانشغالهم بشؤونهم الشخصية، إلا أن المرجعية كانت ولم تزل تنشيء مختلف المشاريع الخدمية، وتقدم انواع المساعدات للفقراء والايتام والارامل والمرضى، وتنشيء المصحات، وخير مثال على ذلك ما حصل من ايواء النازحين بكل اعدادهم المهولة، وما حصل من دعم مادي للحشد الشعبي، وما تم تقديمه من أموال وأدوية وانشاء مستشفيات طيلة فترة كورونا، ومن الواضح أن المرجعية وحدها لا تستطيع ان تغني كل فقير فقير، فان الشرخ كبير ونسبة الفقر مرتفعة والازمة تحتاج الى ميزانيات دول ولايمكن للحقوق التي تصل الى المرجع أن تغطي كل ذلك.
6ـ ينبغي الالتفات الى منظومة الكفالة الاقتصادية في الأسرة. حيث يجب على الزوج أن ينفق على الزوجة. ويجب على الأب أن ينفق على الأبناء. ويجب على الابناء الاغنياء أن ينفقوا على الوالدين الفقراء.
7ـ وبالتالي فإذا وجدنا امرأة تتسول في الطرقات مثلا، فمن المؤكد أنه يوجد تقصير في إيصال حقها إليها. فهي إما زوجة، أو أم، أو بنت. وفي جميع هذه الصور يجب على الزوج او الابن أو الاب أن ينفق عليها.
8ـ أما الاطفال الصغار، فمادام لهم أب أو جد أو أم على الاقل، فإنه يحرم شرعا اجبارهم أو تشجيعهم على التسول، فان ذلك يعرضهم لخطر الانحراف النفسي والاخلاقي. واذا لم يوجد واحد من هؤلاء، فانه ينبغي على المجتمع المسلم او مؤسساته الخيرية ان يتبنوا معيشتهم.
9ـ اتخاذ التسول مهنة، أمر محرم شرعا، فإنه (ليس للمرء أن يذل نفسه)، وايضا فان الذي يمد يده ويستعطي فهو يخبر بلسان الحال أنه لايمتلك شيئا، في حين أن من يقف ساعة واحدة أو نهارا واحدا في شارع رئيسي فانه يحصد عشرات الآلاف.
10ـ العاجزون فعلا، من قبيل الاعمى، والمقطوع الساقين او اليدين..الخ، ممن لايستطيع العمل مطلقا، فهذا يجب توفير مرتب شهري له يتكفل احتياجاته، ويمكن أن تؤخذ عليه تعهدات قانونية ان لايعود للتسول والا تعرض للمساءلة.
11ـ توجد عقوبة شرعية للمحتالين والمافيات ولكن القضاء الاسلامي اليوم معطل بسبب فصل الدين عن الدولة.
12- توجد تصرفات اجتماعية قد تكون بريئة ولكنها تساعد على انتشار التسول وتشجع عليه:
أ. التصدق على كل متسول، حتى من نعلم أنه كذاب أو محتال، باعتقاد ان الصدقة تدفع البلاء في كل حال. وهذا غير صحيح.
ب. التعاطف مع النساء والتصدق حتى على اللواتي نعلم اتخاذهن التسول مهنة، وهذا غير صحيح، فانه يشجع الأخريات على اتخاذ هذا الطريق كمصدر سهل لجمع الثروة.
ت. دفع المال بلا مقابل لمن يبيع الاشياء في الطرقات والتقاطعات بحجة العطف والكرم الزائد. وهنا سوف نحولهم من باعة الى متسولين.
13- اذا قال الشخص ارجوك اشتري هذه الحاجة، او اقسم عليك بالله او بالامام الفلاني ان تشتري منه، فهل يجب الشراء؟ الجواب لا. فانه تسول ولكن بطريقة أخرى.
14- اذا اقدم شخص على غسل زجاج سيارة او قام برش الجنازة بالعطر او قرأ القرآن على القبر..الخ، فهل يجب اعطاؤه مالا؟ الجواب لا. حيث لم يحصل بيننا وبينه اتفاق مسبق. وما قام به هو نوع من أنواع الابتزاز. والمأخوذ حياءا كالمأخوذ غصبا.
15ـ من الناحية الشرعية يجب التبليغ على المافيات المنظمة التي توزع المتسولين وخصوصا اذا كانوا اطفالا ونساءا.
16- النجف الاشرف مدينة مقدسة لها شهرتها وخصوصيتها، كونها تذكر الزائرين بعلي (ع)، العادل الرحيم، وبالتالي فان وجود المتسولين فيها وبهذا الكم الكبير، يعد تشويها لعلمائها وأشرافها ورموزها وقداستها.
17- ندعوا الخطباء والعلماء وكل من له صوت مسموع للتثقيف حول خطر التسول وعواقبه على الفرد والمجتمع، كما نهيب بالجهات ذات الثروات أن تلتفت للفقراء والمعوزين وان تسد احتياجاتهم للتقليل من ظاهرة الفقر وبالتالي التقليل من التسول.
لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا في موقع التلغرام: النعيم نيوز
ولمتابعتنا على موقع فيسبوك يرجى الضغط أيضا على الرابط التالي: النعيم نيوز
كما يمكنك الاشتراك أيضا على قناتنا في منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية
ولا تنسى أيضا الاشتراك في قناتنا على موقع الانستغرام: النعيم نيوز