مقالات

مختصر تاريخ الفاو

لا أحد يعرف على وجه الدقة متى ظهرت شبه جزيرة الفاو من تحت مياه الخليج، حيث كانت هذه المنطقة مغمورة تحت المياه، فمن المعروف أن مياه دجلة والفرات وشط العرب تحمل کميات کبيرة من الطمي والغرين من المناطق المرتفعة، وتنقلها الی المناطق المنخفضة جنوب العراق

 

 

كتب د. عبد الهادي الطهمازي: كثيراً ما راودني حلم كتابة تاريخ قضاء الفاو ولو بشكل مختصر، لكن كثرة المشاغل والاهتمامات الأخرى كانت تحول دون تحقيق هذه الأمنية.

فالبرغم من الجهود المشكورة التي بذلت في تدوين تاريخ هذه المدينة أو بعض جوانب تاريخها، لا سيما محاولة فضيلة العلامة الشيخ عبد الحافظ البغدادي الخزاعي، الذي ألف كتابا في تاريخ الفاو، ومحاولة الأستاذ الفاضل الدكتور عبد الرضا أكبر علوان في كتابة تاريخ المخراق، والمقالات الكثيرة التي كتبها الأستاذ كاظم الحمامي، إلا أن القاسم المشترك لهذه الكتابات كان إغفال تاريخ تأسيس هذه المدينة، ومراحل نموها وتطورها.

وقد توفرت على مصادر كثيرة، فيها الشيء الكثير عن تاريخ الفاو، ربما لم يظفر بها أحد غير هذا العبد القاصر، وأرى العمر يتصرم فإن لم أقم بتدوينها بقيت في زوايا الاهمال والنسيان.

وقد فتحت صفحة (منارات الحناء) المتميزة على الفيس بوك شهيتي في كتابة تاريخ مختصر لقضاء الفاو والقرى التابعة له، على أن تنشر على شكل مقالات متسلسلة كلما سنحت لي الفرصة، فأقول: مبتدأ بسم الله، والصلاة على نبيه محمد وآله الطاهرين.

لا أحد يعرف على وجه الدقة متى ظهرت شبه جزيرة الفاو من تحت مياه الخليج، حيث كانت هذه المنطقة مغمورة تحت المياه، فمن المعروف أن مياه دجلة والفرات وشط العرب تحمل کميات کبيرة من الطمي والغرين من المناطق المرتفعة، وتنقلها الی المناطق المنخفضة جنوب العراق، وبالنظر الی بطئ جريان المياه في الجنوب يرتفع مستوی القاع في مجاري المياه، وسرعان ما تنمو الحشائش والأدغال فتتماسك التربة لتکون مساحات يابسة يملؤها القصب والآجام.

فيمكن أن نجزم بعدم وجود مقاطعة الفاو قبل سبعة قرون من الزمن، حيث ذكر النويري المتوفى سنة 733 هـ-1333م، في الجزء الأول من نهاية الأرب، في الباب التاسع في وصف الأنهار، أن الخليج ينتهي عند عبادان، قال: ((ثم تمر دجلة بجرجرايا والنعمانية ثم بواسط، ثم إلى البطائح، ثم تخرج منها فتمر بالبصرة وتجري حتى تنتهي إلى عبادان، وعندها تصب في البحر الفارسي. وما يمر من دجلة بالبصرة يملح إذا مد البحر فلا يشرب منه البتة؛ ويحلو إذا جزر. فأهل البصرة ينتظرون بالاستقاء منه الجزر، وهو يمد بكرة، ويجزر عشاء)).

وهذا يدل علی أن أراضي الفاو لم تکن موجودة، وأن مصب الشط کان عند عبادان, وأن ماء البصرة کان يصير مالحا عند المد ويحلو عند الجزر, وهو دليل علی قرب الخليج والمياه المالحة من مرکز البصرة.

ثم أخذت المناطق الجنوبية تجف وتظهر اليابسة بالتدريج، يقول ابن بطوطة المتوفى سنة 779 هـ-1377م، في رحلته ص183 وما بعدها: ((والبصرة على ساحل الفرات والدجلة، وبها المد والجزر كمثل ما هو بوادي سلا من بلاد المغرب وسواه، والخليج المالح الخارج من بحر فارس على عشرة أميال منها. فإذا كان المد غلب الماء المالح على العذب، وإذا كان الجزر غلب الماء الحلو على الماء المالح فيستسقي أهل البصرة ماءً غير جيد لدورهم.

ثم يقول: ((ثم ركبت من ساحل البصرة في صنبوق، وهو القارب الصغير إلى الأبلة. وبينها وبين البصرة عشرة أميال في بساتين متصلة ونخيل مظلة عن اليمين واليسار. والبياعة في ظلال الأشجار يبيعون الخبز والسمك والتمر واللبن والفواكه. وفيما بين البصرة والأبلة متعبد سهل بن عبد الله التستري. فإذا حاذاه الناس بالسفن تراهم يشربون الماء مما يحاذيه من الوادي، ويدعون عند ذلك تبركاً بهذا الولي رضي الله عنه…..

ويقول: ثم ركبنا في الخليج الخارج من بحر فارس في مركب صغير لرجل من أهل الأبلة يسمى بمغامس، وذلك فيما بعد المغرب فصبحنا عبادان، وهي قرية كبيرة في سبخة لا عمارة بها، وفيها مساجد كثيرة ومتعبدات ورباطات للصالحين. وبينها وبين الساحل ثلاثة أميال)).

وهذا يعني أنه وبعد 37 سنة تقريبا ظهرت الى اليابسة ثلاثة أميال جديدة وراء عبادان ومن جهتي الشط طبعا، وهي بحدود خمسة كيلو مترات تقريبا.
وللحديث تتمة.

 

لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا على تلغرامالنعيم نيوز

لمتابعتنا على فيسبوك يرجى الضغط على الرابط التاليالنعيم نيوز

كما يمكنك الاشتراك على قناتنا على منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا علىقناة النعيم الفضائية

كما يمكنك أيضا الاشتراك بقناتنا على الانستغرامالنعيم نيوز

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى