مقالات
أخر الأخبار

لمحات عن علم اللغة الإعلامي

كتب / أ. د رياض خليل التميمي: يُعرّف علم لغة الإعلام كونه واحداً من الفروع الحديثة في علم اللغة (Linguistics)، الذي يتناول استخدامات اللغة في وسائل الإعلام والاتصال الجماهيري المعاصرة كالإذاعة والتلفزيون والصحافة والعلاقات العامة، إضافة إلى الوسائل الأخرى من خلال شبكات التواصل الاجتماعي الرقمية، عبر المواقع الإلكترونية الدولية.

 

تعد اللغة أداة للتواصل الاجتماعي، ووسيلة للتعبير عن الأفكار والأغراض، فهي عالم رحب ووطن فسيح يمارس فيه الإنسان حرية التعبير والتفكير، كما أن لغة كل أمة هي وعاء فكرها ومستودع علومها، وهي المرآة التي تعكس مستواها الثقافي والعلمي، وموروثها الاجتماعي.

لقد انصرف المفكرون وفلاسفة علم اللغة عبر العصور إلى الاهتمام بدراسة وتصنيف وظائف اللغة في المجتمع الإنساني، فكانت البداية مع العالم اللغوي الألماني (بولر 1933) الذي قدم أول نموذج سيميائي ثلاثي لوظائف اللغة، وهي: التشخيصي (التمثيلي) والتعبيري (المشاعر والأحاسيس) والطلبي (المناشدة)، وتلك تقوم على كون اللغة منظومة من العلاقات المترابطة ذات دلالات رمزية سيميائية.

أما (رومان ياكوبسون 1969) فقد تحدث عن خمسة وظائف وهي: الوظيفة التعبيرية والوظيفة الاجتماعية والوظيفة الشعرية الجمالية والوظيفة الخطابية والوظيفة الاستعلامية، التي تتطلب ثلاث عناصر أساسية (المرسل والمتلقي و السياق العام للواقعة)، ومن جانب آخر فقد حصر عالم اللغة الإنكليزي (هاليدي 1970) وظائف اللغة في ثلاث مكونات أساسية، وهي: الفكرة، العلاقات الشخصية المتبادلة، النص الخطابي بنوعيه (المكتوب) و(المسموع).

إن اللغة بوصفها نظاماً من العلاقات والرموز والإشارات تتسم بوظيفة التواصل بين مستعمليها عبر مجموعة أنساق متنوعة من خلال هذه العلاقات والرموز والإشارات، كونها من أهم وظائفها وبحكم كون اللغة أداة اتصال اجتماعي لا غني عنها في مختلف مجالات الحياة ومنابعها المعرفية المتشعبة، ظهرت حقول معرفية جديدة في علم اللغة تتجلى فيها أهمية وظائف اللغة في حياتنا اليومية، مثلاً: اللغة العلمية، اللغة الأدبية، اللغة الفنية، اللغة الحاسوبية، اللغة الاقتصادية ومنها كذلك لغة السياسة ولغة الصحافة واللغة الإعلامية، ولما كانت وسائل الإعلام هي الأهم بين وسائل نشر المعرفة الإنسانية، فقد أصبحت لغة الإعلام بمرونتها وانسجامها مع متطلبات العصر، الأداة الأولى للتثقيف والتعلم خارج نطاق المؤسسات التعليمية التقليدية.

ومن ذلك نستنتج أن الاهتمام بدراسة علم لغة الإعلام في المؤسسات الجامعية وكليات الإعلام من أولويات النهوض بلغة الإعلام من النواحي الصرفية والبلاغية والتداولية والخطابية والسميائية، والتي تعد من أساسيات علم اللغة في حقول الإعلام المتنوعة، حيث أن الإعلام هو المرآة التي تنعكس عليها مختلف التفاعلات والأحداث الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية، مع تسارع الأحداث، فإنه يمثل الوجهة الحضارية الأولى للغة والمجتمع.

لقد أظهرت التقارير الصادرة من الأمم المتحدة حديثاً أن 50% من سكان الأرض يتحدثون ثماني لغات من أصل ستة آلاف لغة تستخدم اليوم في أنحاء العالم، وأن اللغة العربية ضمن هذه اللغات الثماني، مما يبرهن بأن اللغة العربية من أطوع اللغات البشرية وأيسرها لمختلف الاستعمالات العلمية التقنية والرياضية والحاسوبية، كما تتميز بأنها الأفضل من حيث الأسلوب الفني الرفيع وجزالة التعبير عن طيف واسع من المعاني والدلالات اللفظية التي تسهل عملية الترجمة من اللغات الأخرى إليها.

مما يستوجب الإحاطة الكاملة بعلم لغة الإعلام لأهميته في إغناء اللغة الإعلامية بمختلف العمليات الإبداعية، وتوسيع دلالات الالفاظ وابتكار الصيغ الملائمة في سياقات التخاطب، انسجاماً مع خصائص علوم اللغة العربية.

 

رئيس جامعة الإمام جعفر الصادق “ع”

 

لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا على تلغرامالنعيم نيوز

لمتابعتنا على فيسبوك يرجى الضغط على الرابط التاليالنعيم نيوز

كما يمكنك الاشتراك على قناتنا على منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا علىقناة النعيم الفضائية

كما يمكنك أيضا الاشتراك بقناتنا على الانستغرامالنعيم نيوز

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى