أقامت مطرانية جبل لبنان وطرابلس للسريان الأرثوذكس، بالتعاون مع المستشارية الثقافية الإيرانية في لبنان، أمس السبت، ندوة فكرية بعنوان “تجليات عاشورائية من وحي اللاهوت المسيحي”. بمناسبة حلول شهر محرم الحرام، وإحياءً لذكرى عاشوراء والنهضة الحسينية. وذلك بمشاركة نخبة من أصحاب القداسة والأدباء والمفكرين.
وذكرت تقارير صحفية، اطلعت عليها “النعيم نيوز”. أن “ندوة تجليات عاشورائية أقيمت في قاعة مار يعقوب السروجي في كنيسة السريان الأرثوذكس في سد البوشرية. وبحضور رئيس جامعة المصطفى العالمية في لبنان الشيخ الدكتور مهدوي مهر. أستاذ العلوم الإسلامية في الحوزة العلمية الشيخ مهدويان والسيد علي عيسى الطباطبائي. فضلاً عن عدد من الآباء من الكنيسة السريانية الأرثوذكسية. وبمشاركة نخبة من رجال الدين والأدباء والمفكرين وشخصيات فكرية وأدبية ودينية مسيحية، ومتابعين عبر الفضاء الافتراضي، وتقديم الإعلامي والباحث علي قصير”.
وقال مضيف الندوة وراعيها مطران جبل لبنان وطرابلس للسريان الأرثوذكس، مار ثيوفيلوس جورج صليبا، “نحن هذه الأيام نعيش ذكرى عاشوراء التي يكرم فيها المسلمون والشيعة خاصة شهادة الإمام الحسين. الذي انتقل إلى السماء بغدر من حساد ومنافقين، أقاموا أنفسهم قضاة وحكاماً. وكان الإمام الحسين ضحية هذا التصرف”.
وأضاف، إننا “نقرأ في شخصية الإمام الحسين أربع فضائل تميزه عن كثيرين وتضمه إلى كثيرين. أول فضيلة هي عفته، فضل حياة الإيمان على أي منصب أو مركز يعطى له. الفضيلة الثانية هي كرمه، وبذله. يذكرني بقول السيد المسيح ” ليس حب أعظم من هذا أن يبذل الإنسان نفسه من أجل أحبائه”. فالإمام الحسين من أجل مبادئه وإيمانه فضل الموت والشهادة على أن يتقلد مناصب أخرى في الأمة الإسلامية. فهذه الشهادة وهذا البذل جعلا منه إنساناً مميزاً ليس في الإسلام وحده وإنما في الأديان والأمم والشعوب كلها. الصفة التالية صفة الإخلاص”.
وأكد المستشار الثقافي للجمهورية الإسلامية الإيرانية في لبنان عباس خامه يار، أن “جميع الناس معنيون اليوم في ذكرى عاشوراء السنوية. كل الناس معنيون بما ألم به، بأهله وصحبه، لأن الألم شعور في الإنسان يولد حس التعاطف لدى أخيه الإنسان”.
وتابع، “إذا كان التعاطف شعوراً إنسانياً، فكيف إذا كان المتألم رجلاً خرج لإصلاح الفساد في أمته ولنصرة الحق والتصدي لكلمة الباطل والطغيان؟. إنها قضية الإنسان على مدى التاريخ، القضية التي لا تنطفئ شعلتها ليس بسبب الدماء التي سالت ظلما فحسب. بل لأنها شكلت منعطفاً تاريخياً ونقطة مفصلية أصبح بعدها شاخصاً للعيان، الحق من الباطل”.
وأردف خامه يار، قائلاً: “كل الناس اليوم معنيون بهذا الجرح، مسلمين ومسيحيين وكل أبناء الديانات السماوية التي تلتقي عند الأصول والتعاليم ذاتها. فلا فرق بين ظلم وقع بمسلم وظلم وقع بمسيحي. ولا فرق بين جراح الحسين بن علي وآلام المسيح عيسى. فهؤلاء الرسل والأولياء والأئمة قد بعثوا ليتحملوا الآلام العظيمة من أجل أن يبقى كتاب الله حياً فينا، قرآناً وإنجيلاً وتوراة، لقد بعثوا لكي نتذكرهم كلما تألمنا وجارت علينا الحياة. فندرك أن أوجاعنا لا شيء أمام ما تحمله هؤلاء الصفوة والقديسون والأولياء.
واستدرك، بالقول: “فإلى جانب الأسماء الكبيرة التي عرفناها، عبدالمسيح أنطاكي، ريمون قسيس، سعيد عقل وأمين نخلة ونصري سلهب وخليل فرحات وجوزيف الهاشم. سليمان كتاني، بولس سلامة، جورج جرداق، جورج شكور، فيكتور الكك، إدوار مرقص. وآخرين”.
وختم خامه يار، قائلاً: “يتشكل جمعنا الكريم اليوم من نخبة من هؤلاء الأحرار العرب واللبنانيين، أنطوان بارا الذي كتب عن الحسين في الفكر المسيحي ما لا توفيه حقه الكلمات. ميشال كعدي الذي قال الكثير في العالمية الحسينية، جان قسيس الذي قال إن جرح الحسين جرح الكون الذي لا يندمل، المطران جورج صليبا الذي قال إن الحسين جوهرة أرسلها الله من السماء لتنير الطريق. ميشال جحا الذي قال إنه يعبد ويعشق الإمام الحسين مذ كان طفلاً. المطران عصام درويش الذي قال أنا مسيحي حسيني وإن كربلاء ليست مدينة بل هي العالم بأكمله، وإنهم لن يستطيعوا بقطع رأس الحسين أن يقطعوا رأس الحق. وإلياس زغيب الذي ينحت حبه في الحسين كلمات وأدباً”.
وتحدث رئيس أساقفة الفرزل وزحلة والبقاع المطران عصام درويش، “أنا كمسيحي عربي أعتبر أنني معني بهذا الحدث التاريخي والديني المهم، وأفهم جيداً بأن عاشوراء. ولو أنها مأساة انسانية كبيرة، إلا أنها انتصار واضح وجلي على الألم وعلى الخيانة. وكمسيحي أرى في عاشوراء وثبة حياة جديدة، وولاء مطلقاً لله والوطن وهي أيضاً توبة عميقة وعودة إلى الله وإلى الإنسان الآخر”.
وأوضح، “تذكرني عاشوراء بواقعة يوحنا المعمدان السابق والملك هيرودس، وفي كربلاء أيضاً قطع رأس الحسين، الإمام الثالث وسيد الشباب. لكن الحق في عالمنا لم يقطع والذل والمهانة هزما و لا بل بدأنا نشهد انتصار العزة والكرامة وفي استشهاده لبس حلة السماء، أي حلة الخلود”.
يشار إلى أنه كانت بعد ذلك كلمات من وحي المناسبة لكل من الأديب والشاعر ميشال جحا، والأديب ميشال كعدي، والأديب المفكر أنطوان بارا. ونقيب الممثلين السابق جان قسيس، والأمين العام لاتحاد الكتاب اللبنانيين إلياس زغيب.