كتب عماد الهلالي: كيف نفهم تضحية الإمام الكاظم بنفسه فداءً لشيعته
روي عن الإمام الكاظم (عليه السلام) أنه قال: (إن الله عز وجل غضب على الشيعة فخيرني نفسي أو هم، فوقيتهم والله بنفسي) [الكافي ج ١ ص ٢٦٠].
فعماذا يتحدث الإمام (عليه السلام) وكيف نفهم هذه التضحية، ونفهم العبرة الأخلاقية منها؟
الأطروحة الأولى: بأن نقول أنه كان هناك غليان شعبي في بغداد وغيرها بسبب سجن الإمام والتضييق عليه، وكانت هناك ضغوطات إعلامية يمارسها شيعته على السلطة وهي ما ذكره السندي للشهود الذين جمعهم لرؤيته الإمام فقال لعنه الله: (إن الناس يزعمون أنه فُعل به مكروه ويُكثرون في ذلك، وهذا منزله وفراشه موسّع عليه غير مُضيّق ولم يرد به أمير المؤمنين سوءاً وإنما ينتظره أن يقدم فيناظره).
وتفكير الطواغيت متشابه والخيارات المتوفرة لهارون في مثل تلك الموقف أنه إما أنه كان يفكر بحملة قمع ضد الشيعة لإسكاتهم، وإما أنه يتخلّص من الإمام (عليه السلام) بطريقة خفية متنكرة، وكان بإمكان الإمام (عليه السلام) تأخير عملية التسميم بطريقة طبيعية أو خاصة بالدعاء وغيره، ولكن كان هذا سيجعل السلطة تختار الخيار الآخر، ففضل الإمام (عليه السلام) التضحية بنفسه وسلامة شيعته من القتل المفرط.
الأطروحة الثانية: أن جمهور الشيعة كانوا يعيشون في حالة تقصير إما في أمور التقوى، أو قصور بسبب ضعف ارتباطهم بالإمام وعدم قدرة الوكلاء التعويض عن وجوده لقلة كفاءتهم وإخلاصهم، وهذه التقصير والقصور قد يقتضي أن ينزل عليهم البلاء أو العقوبات. ففضل الإمام (عليه السلام) أن ينعش إيمانهم وقلوبهم بالحزن عليه.
واختيار الإمام (عليه السلام) للموت بمعنى الرضا بهذا الأمر لو حصلت، وكأنما خُيّر له مصرعه بهذه الطريقة من قبل الله عز وجل فرضي (عليه السلام) بها، ولو شاء لدعى الله فصرفها عنه كما صرف (عليه السلام) عن نفسه السجن والقتل في مناسبات سابقة كانت السلطة تريد به الشر.
وبحسب الأطروحة الأولى فإننا يمكن أن نتعلم درساً تعبوياً مفاده أن المجتمع الشيعي قد تتوفر له القدرة الإعلامية للكلام ولكن لا تتوفر له القدرة العسكرية المناسبة مع ذلك الإعلام، فإذا ضغطوا على السلطة لتسقيطها إعلامياً قد تلجأ إلى خيار الردع العسكري فلا يتمكنوا من ردعها، وقد يذهب الإمام (عليه السلام) نتيجة جرأتهم الإعلامية ولا يستطيعون حمايته.. وهذه أطروحة أيضاً تحتاج إلى شواهد أخرى غير المؤيدات الأخلاقية، وإلا فإننا نرى أن الضغط الإعلامي كان قد تسبب بالتوسعة على الإمام في سجنه الأخير ربما لتختفي آثار التعذيب من جسده إذا أطلقوا سراحه أو قتلوه، ولم يكن بإمكان السلطة التنكيل به وقتله جهاراً، وهو ما نراه من ارتعاد فرائص السندي حين كشف الإمام خطته للشهود الذين جلبهم، فهو كان خائفاً من الفشل في تحقيق خطة هارون التي تشدد على سريتها، ويظهر كذلك من تبرؤ هارون من التشنيع الذي فعله السندي على جنازة الإمام (عليه السلام) فقال: (والله ما فعل السندي بن شاهك لعنه الله ما فعله عن أمري) وهذا الاعتذار يكشف عن ضعفه وخوفه من الغضب الشعبي على ما يبدو.
لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا في موقع التلغرام: النعيم نيوز
و لمتابعتنا على موقع فيسبوك يرجى الضغط أيضا على الرابط التالي: النعيم نيوز
كما يمكنك الاشتراك أيضا على قناتنا في منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية
و لا تنسى أيضا الاشتراك في قناتنا على موقع الانستغرام: النعيم نيوز