كتب عباس الصباغ: العشوائيات والعقد الاجتماعي
عباس الصباغ :
كتب عباس الصباغ: من نافلة القول إن حدوث العشوائيات هو سلوك غير حضاري يتنافى مع أبسط آليات العقد الاجتماعي المقنّن لعلاقة المواطن مع المجتمع وعلاقته مع الدولة. ويوافِق في العلاقة بين المواطن وبينهما كمحاور يكون فيها المواطن مرتكز ذلك التعامل وغايته.
فالعشوائية ثغرة كبيرة في منظومة العقد الاجتماعي تشي عن خلل كبير وغير مقبول في فهم وتطبيق تلك التراتبية القانونية بين الطرفين. ما أدى الى حدوث التجاوز الواضح على الحق العام والخاص. فالعشوائية في أبسط تجلياتها هي عبارة عن تجاوز غير مرخص به او مقبول من جميع النواحي القانونية والأخلاقية والشرعية وحتى العرفية. والكرة ليست في ملعب المواطن المتجاوز لوحده، بل هي في ملعب الأجهزة الحكومية المعنية بتنفيذ القوانين الخاصة بمنع التجاوزات بجميع أشكالها. او على الأقل الحد منها قبل ان تستفحل وتغدو أعمالا تبدو للبعض جائزة ومقبولة. فالمسؤولية يتحمل تبعاتها المواطن المتجاوز والجهات المختصة بالمعالجة وكلاهما يحب أن يتحملا جزءا منها. لأنهما لم يعرفا عواقب المسألة، ولم تتضح الأمور الاّ بعد استشهاد المهندس عبير الخفاجي.
فبدأ ماراثون إزاحة آلاف التجاوزات العشوائية مهما كان شكلها وفاعليها، كمحاولة لاسترداد هيبة الدولة وفرض القانون واستعادة الحقوق المتجاوز عليها. فادرك الجميع بأن ازالتها ومعالجتها والاثار المترتبة عنها هي اكثر كلفة من اقامتها وارجاع الوضع الى ما قبل التجاوز والكثير من تلك التجاوزات. كلفّت مبالغ باهظة لشواخص معمارية باذخة. ظن منشئوها انها ستكون بعيدة عن المساءلة وينطبق الحال على الأسواق العشوائية المشيدة التي بزوالها، سيفقد الكثير من الناس مصادر رزقهم.
العشوائيات في أبسط دوافعها انها كانت حلا سريعا لمعالجة ازمة السكن المتفاقمة. لكنها استحالت الى مشكلة اكبر قد يجد الكثيرون من سكانها انفسهم من دون مأوى في حال معالجة الجهات المختصة لإخلائها او تهديمها. مع نكوص بقية الحلول للمعالجة مثل انشاء مجمعات سكنية عمودية او توزيع قطع أراضٍ وتهيئة الأمور اللوجستية للبناء. مع العلم أن الكثير من سكان العشوائيات هم عاطلون عن العمل او هم دون خط الفقر. فهو ملف شائك ومتعلق بأزمة السكن وملفي البطالة والفقر وهي ملفات تستوجب معالجتها مهنيا ودستوريا ووضع الحلول الناجعة لها ولو مؤقتا، بالاستعانة بالتجارب العالمية والخبرات المعروفة بكفاءتها من ذوي الاختصاص ومراكز البحوث والدراسات للتوصل الى نتيجة مرضية لأطراف العقد الاجتماعي قبل الشروع بالهدم والازالة.
وجوب المعالجة المهنية أولا وقبل كل شيء فقد تكون الازالة بداية لمشكلات مستجدة، تكون اخطر من العشوائيات نفسها لا تستطيع الجهات المختصة السيطرة عليها لا سمح الله.
لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا على تلغرام: النعيم نيوز
كما يمكنك الاشتراك على قناتنا على منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية