نرمين المفتي
بعث أحد المسؤولين عن التحقيق في فاجعة جبلة التي تسببت بمقتل 21 شخصاً، بينهم طفل في اليوم السابع من عمره وآخر جنين في بطن أمه، برسالة اطمئنان من موقع الجريمة الى أقرباء الضحايا! ربما كان يقصد بأن التحقيق سينتهي بالتوصل الى جميع المتورطين بالجريمة وانزال القصاص العادل بهم، ولكن العراقيين كلهم بحاجة الى رسالة اطمئنان، خاصة أن هذه الجريمة الوحشية أعادت باصرار الى الذاكرة المآسي التي تسبب بها (المخبر السري).
وكان من بين العشرات التي يبلغ عنهم مخبر واحد بالكاد شخص واحد يستحق القصاص، بينما يصرف اهالي الباقين الابرياء كل ما يملكونه للمحاميين من جهة وللابتزاز من جهة اخرى لإخراجهم من التوقيف. وبين محاولات الاهالي، دخل الكثير من الموقوفين في عداد المفقودين.. ولم نسمع بانزال العقوبة بمخبر سري بتهمة البلاغ الكيدي وان تسبب بتدمير أسر بأكملها، رغم أن قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 وفي مادتيه 243 و244 يعاقب مرتكبي جريمة البلاغ الكاذب وبموجب القانون رقم 15 لسنة 2009 تم تعديل المادتين لتصبح عقوبة الإخبار الكاذب بذات عقوبة الجريمة المخبر عنها كذبا. وعلى العكس، كان ذلك المخبر محميا وجميع معلوماته الشخصية سرية.. ورغم ان المكافأة التي يستلمها المخبر السري كانت غير مجزية الا أن (الإخبار السري) أصبح مهنة! وغالبا مربحة جدا من خلال الابتزاز.
إنَّ فاجعة جبلة لا بدّ وأن تفتح ملفات استغلال المناصب، الامنية خاصة، في الابتزاز والانتقام.. ولا بد من الجواب على السؤال: هل يكفي ابلاغ شفهي او حتى تحريري من دون ادلة ملموسة، في تحريك قطعات أمنية نحو (هدف) معين؟ أذكر في لقاء للصحفيين مع رئيس هيئة النزاهة السابق، الدكتور حسن الياسري، أشرت شخصياً الى ملف الأبنية المدرسية التي هُدمت بذريعة الاعمار وتركت مهدومة، وسألني عن الدليل الملموس، وكان جوابي إن العين دليلٌ كافٍ، وقال إن التحقيقات لا تتعامل مع (العين).. إذاً، كيف تتعامل أجهزة امنية مع بلاغ من دون دليل، وأن تعاملت من باب الحذر والاستباق، فالمفروض أن يكون هذا التعامل من خلال تشديد المراقبة على الشخص المبلغ عنه ومتابعته حتى التوصل الى أدّلة والقبض عليه متلبسا، او مهاجمته من باب الدفاع عن النفس، إن بادر ذلك الشخص الى مهاجمة القوات الأمنية.
لا بدَّ للتحقيق في فاجعة جبلة أن يضع النقاط على الحروف في فتح هكذا ملفات، الإخبار الكاذب والابتزاز واستغلال المنصب وانزال القصاص بمرتكبيها ليبعث المسؤولون برسالة اطمئنان الى العراقيين كافة، وترقد أرواح ضحايا الفاجعة بسلام، لأنها كانت السبب في حماية الآخرين من هكذا جرائم بشعة.
وملاحظة أخرى في هذه الفاجعة وهو الخبر الذي تمَّ نشره بأن (ارهابيا) قتل (13) ومن ثم تم تعديل الرقم الى (18) من أفراد أسرته وانتحر! ونشرت صورة المجني عليه (رحيم الغريري)، لتؤكد بعض وسائل الاعلام مع نشر الخير أن اسم (الارهابي) كان ضمن قوائم الارهاب.. ما حدث جريمة على مختلف الأصعدة: جريمة جنائية مع سبق الإصرار والترصد، جريمة اخلاقية من خلال فبركة الخبر الكاذب وجريمة اخلاقية أخرى من خلال نشر الصورة والتأكيد على أن اسمه كان ضمن قوائم الارهاب.
إنَّ فاجعة جبلة تضع المسؤولين أمام مهمة كبيرة، وأن يواجهوا انفسهم اولا والبحث عن الأسباب التي جعلت استخدام قوة مفرطة سهلا جدا ازاء شخص قطعا لم يكن يملك ترسانة يواجه بها القوة المكلفة بالقبض عليه.
وبانتظار نتائج التحقيق وانزال القصاص العادل بكل الذين تسببوا بابادة أسرة بأكملها وكان بين افرادها الاطفال والنساء.
لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا في موقع التلغرام: النعيم نيوز
لمتابعتنا على موقع فيسبوك يرجى الضغط أيضا على الرابط التالي: النعيم نيوز
كما يمكنك الاشتراك على قناتنا في منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية
لا تنسى أيضا الاشتراك في قناتنا على موقع الانستغرام: النعيم نيوز