
كتب أحمد طالب الرفاعي: لا أعتقد أن هناك امتيازات قدمت للمستثمرين في أي بلد، مثلما قدمت في العراق الذي فتح الباب على مصراعيه أمام الشركات والأفراد المستثمرين، من خلال الإعفاء من الضرائب والرسوم لمدة 10 سنوات من تأريخ بدء التشغيل التجاري، وزيادة سنوات الإعفاء من الضرائب والرسوم مع زيادة نسبة مشاركة المستثمر العراقي، لتصل إلى 15 سنة، وكذلك توظيف عمال أجانب عند الحاجة والحصول على إعفاء جمركي لمدة 3 سنوات للموجودات المستوردة لحساب المشروع الاستثماري، وغيرها ممن الامتيازات.
كما فتحت الدولة العراقية الباب على الاستثمار في الأراضي التابعة للدولة، مع الأخذ بنظر الاعتبار الفرق بين القانون المدني وقانون الاستثمار وقانون بيع وإيجار أموال الدولة، فالأخير يقرر الحد الأعلى لمدة المساطحة خمس وعشرين سنة غير قابلة للتجديد، بينما القانون المدني وقانون الاستثمار يجعل الحد الأعلى لمدة المساطحة ٥٠ سنة قابلة للتجديد.
لكن الخطأ الجوهري الذي سقطت فيه الدولة العراقية، أن الاستثمار في العراق أتى على حساب تخريب البيئة الطبيعية في العراق، من خلال فتح الاستثمارات في المساحات الخضراء التي تتميز بها البيئة العراقية الخصبة، وكانت نتيجة هذا الأمر المساهمة بتقلص المساحات الخضراء في بغداد وعدد من المحافظات وغياب الأحزمة الخضراء عن المدن، مما ساهم في ارتفاع درجات الحرارة وسهولة اختراق العواصف الترابية للمدن والقصبات العراقية.
هذا فضلاً عن أن مشاريع الاستثمار أثرت بشكل كبير في البنية التحتية للمدن في العراق وخاصة بغداد، فعلى سبيل المثال أن المشاريع الاستثمارية للمجمعات السكنية في بغداد وبعض المحافظات، تعتمد في تزويدها بالطاقة والمجاري والماء من البنية التحتية القديمة للمدن، وليس تخصيص بنية تحتية جديدة خاصة بها، مما يؤثر في كفاءة هذه البنية وتأثيرها تأثيراً مباشراً على الأهالي، لأنها ستشكل عبئاً إضافياً عليها.
نعم يمكن أن نبرر للقائمين على الملف الاقتصادي في البلد من هذا الخطأ، أن امتيازات الاستثمار سنت في وقت كان الوضع الأمني في العراق يشوبه القلق بسبب العمليات والهجمات الإرهابية، مما دفع العراق إلى وضع هذه الامتيازات للمستثمر من أجل إقناعه للاستثمار في العراق.
لكن العراق اليوم من أكثر الدول في المنطقة استقراراً من الناحية الأمنية، وإن الشركات الاستثمارية في العالم تتمنى العمل في العراق بسبب هذا الاستقرار، وهذا ما يؤكد الحاجة الكبيرة والملحة على تعديل قانون الاستثمار، بحيث يكون قانوناً رصيناً يأخذ بنظر الاعتبار مصلحة الدولة والمواطنين على حد سواء، وكذلك يساهم بتطوير البنى التحتية لا أن يكون عبئاً عليها.
وعليه، فإن العراق يحتاج بشكل كبير على تشجيع الاستثمار في المناطق الصحراوية، ومثلما يعمل اليوم على بناء مدن صناعية، عليه أن يفتح الاستثمار لبناء مدن زراعية في محيط المدن العراقية وخاصة العاصمة بغداد، من أجل ضمان عدة مكاسب للبلد اقتصادياً بتطوير الزراعة وتنشيط السياحة وإيجاد مصدر جديد لميزانية البلد من خلال المنتوجات الزراعية، وحتى من الناحية الاجتماعية فإن هذا الأمر يسهم بتقليص البطالة والقضاء عليها، من خلال فتح فرص إضافية للعمل.
وحتى هذا الأمر يسهم باستقرار الوضع الأمني أكثر وأكثر، كونه سيستقطب الشباب الذين سيشعرون بقيمتهم بالإنتاج للبلد ولأنفسهم، وبالتالي فإنه سيجنبهم من الانخراط في عصابات الجريمة المنظمة أو التفكير بتعاطي المخدرات نتيجة البطالة التي يعيشون في ظلها.
لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا على تلغرام: النعيم نيوز
لمتابعتنا على فيسبوك يرجى الضغط على الرابط التالي: النعيم نيوز
كما يمكنك الاشتراك على قناتنا على منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية
كما يمكنك أيضا الاشتراك بقناتنا على الانستغرام: النعيم نيوز