مقالات
أخر الأخبار

عبد الزهراء الناصري يعلّق بردّ تفصيلي على كاتب مقال (جوانب اجتماعية مهملة في مقترح تعديل قانون الأحوال الشخصية رقم ١٨٨ لسنة ١٩٥٩) 

علق عبد الزهراء الناصري، بردّ تفصيلي على كاتب مقال (جوانب اجتماعية مهملة في مقترح تعديل قانون الأحوال الشخصية رقم ١٨٨ لسنة ١٩٥٩).

 

أولاً- قول الكاتب (أثار مقترح تعديل قانون الأحوال الشخصية المرقم 188 لسنة 1959 موجة من الانتقادات الواسعة التي عبرت عن الرغبة بالتمسك بالقانون الساري بدون تعديلات).

التعليق:

أ- هذا الكلام فيه مجانبة للواقع فإن عدد المعترضين محدود جداً ومقتصر على عدد من منظمات المجتمع المدني المعروفة بدعم الجندر وبعض النسويات اللواتي يتحركن بدواعٍ معروفة للمنصف، وأهمل الكاتب متعمداً الإشارة إلى شرائح اجتماعية واسعة أيّدت تعديل القانون وطرح القانون الشرعي، ليكون أحد خيارات المواطنين في تنظيم أحوالهم الشخصية.. والإنصاف يقتضي الإشارة إلى الحقائق دون تحيز مسبق !!.. بل نستطيع القول إن الشخصيات والتجمعات التي ظهرت بفعاليات متعددة تأييداً تعبر عن تمثيل شعبي واسع مثل وكلاء المراجع الكرام وخطباء المنابر وفضلاء الحوزة وأساتذتها الذين يمثلون ويعبرون عن مواقف أغلبية المجتمع، وفعالية واحدة ظهرت في وسائل الإعلام أقامها أساتذة وفضلاء الحوزة تجاوز عددهم كل المتظاهرين والمتظاهرات المعارضين للقانون الشرعي في عموم العراق.. مع ملاحظة أن المؤيدين للقانون الشرعي فيهم حيثية نوعية ممثلة للمجتمع بخلاف المعارضين الذين يمثلون أنفسهم فقط.

ب- والفارق المهم بين موقف المؤيدين لتعديل القانون وموقف المعارضين له، أن المؤيدين أجازوا للمعارضين أن ينظموا أحوالهم الشخصية وفق القانون الوضعي العلماني النافذ ولم يجبروهم على الاحتكام للقانون الشرعي المراد إقراره، بينما يصرّ المعارضون العلمانيون على إجبار المتدينين على تنظيم أحوالهم الشخصية خلاف معتقداتهم وقناعاتهم الشرعية والفكرية ..فأي الفريقين أليق بوصف المدنية واحترام اعتقاد المخالف ومراعاة الخصوصية الشخصية للمواطن العراقي !؟

ثانياً- قول الكاتب في وصف القانون العلماني الوضعي النافذ (ليس لأنه أفضل القوانين، وإنما لأنه أفضل المتداول والمستخدم.).

التعليق:

أ- هذا اعتراف من الكاتب بأن القانون الوضعي النافذ ليس أفضل القوانين، وأن فيه قصوراً وعدم قدرة على تلبية الحاجات التشريعية في مجال الأحوال الشخصية.

ب- ويقول إن القانون الوضعي أفضل المتداول والمستخدم .. وفي هذا القول تضليل واضح، فإن القانون الذي يخالف عقيدة (٩٦٪؜) من الشعب العراقي ويجبرهم على التزامه دون خيار آخر، لايعبر إلاّ عن منهج إكراه وإجبار لملايين المواطنين على مخالفة معتقداتهم ومتبنياتهم الفكرية، فكيف يكون أفضل المتداول وهو يُلغي حرية الإنسان ويعطّل قناعاته الفكرية من التعبير عن مضامينها بإجراءات وأنظمة منسجمة مع دين وعقيدة المواطن!؟

ج- القول بأن القانون أفضل المستخدم متفرع على وجود قوانين أخرى مخالفة له طبّقها المجتمع فتوصل الكاتب بعد المقارنة بين تطبيقهما إلى أن ذلك أفضل، ومن المعلوم أن القانون الوضعي ينحصر تطبيق وتنظيم أحوال المواطنين الشخصية به، فكيف توصل إلى أنه أفضل المستخدم … وقوله هذا (مصادرة على المطلوب) كما يعبرون، وفرض تقييمات مسبقة دون الاحتكام لنتائج تطبيق القانون الموازي الآخر!!

د- نذكر أمثلة سريعاً على تنافي القانون الوضعي مع العدالة والإنصاف منها:

1. القانون الوضعي العلماني يمنح حق الحضانة للأم لغاية (١٥) سنة من عمر الولد حتى لو تزوجت، وممنوع مبيت الولد عند أبيه ولو ليلة واحدة طيلة مدة حضانته عند أمه الممتدة إلى (١٥) سنة.

2. فقط يسمح القانون الوضعي للأب بمشاهدة أولاده لمدة ساعتين في الأسبوع- في أحسن الأحوال –  طيلة مدة الحضانة التي تمتد (١٥) سنة لدى الأم، وفي ذلك إضرار بالولد وبالوالد معاً، ومنع الوالد من ممارسة وظيفته في  النظر في شؤون المحضون وتربيته وتعليمه.

3. نفس تلك القرارت الظالمة نصت على (إذا كان المحضون في سن الرضاعة فيُحكم بمشاهدته في دار والدته أو مكان قريب منها مراعاة لمصلحته، وأن تكون المشاهدة مرة واحدة في الشهر ولمدة ساعتين …).

4. إن القانون الوضعي العلماني النافذ يظلم المرأة كما في نص المادة (٢٤) منه، فلو امتنع الزوج عن الإنفاق على زوجته ظلماً وتعسفاً منه لمدة خمس سنوات، فإن القانون يلزمه بدفع نفقة لمدة سنة واحدة ولا يحسب لها نفقة السنوات الأربع تلك، بينما تنص أحكام الشريعة على احتساب النفقة لها طيلة تلك السنوات الخمسة ديناً في ذمة الزوج.

5. وفق أحكام الشريعة لاتسقط نفقة الزوجة بمخالفتها لحق زوجها مؤقتاً لحالة غضب أو خلاف مع زوجها، وإنما تسقط إذا كانت المخالفة – أي النشوز -حالة مستمرة وثابتة.

بينما يدل القانون الوضعي العلماني النافذ في المادة (٢٥) الفقرة (٢) بمفهوم المخالفة لها فإنه يعتبر الزوجة ناشزاً ولا تستحق النفقة إذا امتنعت عن مطاوعة زوجها ولم يحدد فترة لذلك بل أطلق العبارة فتشمل حتى الحالة المؤقتة مثل اليوم واليومين … فأي القانونين أكثر إنصافاً ورعاية للمرأة يا دعاة حقوق المرأة!؟

6. القانون الوضعي العلماني النافذ ينص على أنه في حالة التفريق القضائي وطلاق الزوجة الناشز، فإنها ملزمة بردّ ما قبضته من مهرها المعجل ويسقط مهرها المؤجل، إذا كان التفريق قبل الدخول. وإذا كان التفريق بعد الدخول فيسقط المهر المؤجل، وقد يكون المهر المؤجل مساوياً لثلاثة أرباع مجموع المهر، ومع ذلك يحكم القانون الوضعي على الزوجة بردّه إلى الزوج بينما يحكم الفقهاء بعدم سقوط المهر بالنشوز.

7. القانون الوضعي العلماني النافذ ينص على سقوط نفقة الزوجة إذا امتنعت عن السفر مع زوجها بدون عذر شرعي حتى لو كان السفر قصيراً مثلاً ثلاثة أيام …. ومع ذلك يقول العلمانيون إن القانون الوضعي النافذ أفضل قانون في المنطقة … بينما قلنا أن سبب سقوط النفقة شرعاً هو أن تكون حالة النشوز مستمرة وثابتة.

8. القانون الوضعي النافذ في المادة (٢٩) منه ينص (إذا ترك الزوج زوجته بلا نفقة وثبت لدى المحكمة أنها ليست ناشزاً فإن القاضي يحكم لها بالنفقة من تاريخ إقامة الدعوى … وقد تكون المدة بين تاريخ ترك الزوج زوجته بلا نفقة وتاريخ إقامتها للدعوى أشهر عديدة، فإن القانون الوضعي لايحتسب لها نفقة في ذمة الزوج وهي ليست ناشزة … بينما الشريعة تحكم بثبوت النفقة في ذمة الزوج من أول أيام تركه الزوجة بلا نفقة …. فأي القانونين أكثر إنصافاً للزوجة ويحفظ حقوقها؟

9. المادة (٣٠) من القانون الوضعي النافذ ينص على أن الزوجة إذا كانت معسرة وأذن لها القاضي بالاستدانة لتوفير نفقتها بعد أن تركها زوجها وامتنع ظلماً عن الإنفاق عليها، فالدائن الأجنبي بالخيار في المطالبة من الزوج أو الزوجة … وهذا خلاف كون نفقة الزوجة في ذمة الزوج خصوصاً وأن الفرض استحقاق الزوجة للنفقة !! وإذا قيل أن الزوجة ترجع على زوجها وتأخذ مقدار المال الذي سددته للدائن فهذا خلاف الفرض كون الزوج تركها واختفى أو تغيّب، والإنصاف يقتضي أن تتحمل الدولة تسديد ذلك الدين المشروع، وليس مجرد منح الإذن لها بالاستدانة، فإنها تستطيع الاستدانة دون إذن القاضي، فما ثمرة إذن القاضي لها بالاستدانة مع أن تسديد الدين في عهدتها وذمتها !؟

10. تنص المادة (٩) من قانون الأحوال الشخصية لسنة (١٩٥٩) على (لا يحق لأي من الأقارب أو الأغيار إكراه أي شخص ذكراً كان أم أنثى على الزواج دون رضاه ويعتبر عقد الزواج بالإكراه باطلاً إذا لم يتم الدخول) وبمفهوم المخالفة فإن هذه المادة تعتبر هذا الزواج الذي وقع بإكراه الأنثى صحيحاً إذا حصل الدخول وإن بقيت غير راضية به … فهل يوجد ظلم للمرأة أكثر من هذا !؟  بحيث يجيز القانون إكراهها على الزواج ويعتبره زواجاً قانونياً إذا تمّ الدخول (وهو عملية اغتصاب في الواقع).

11.في القانون الوضعي إذا لم يبذل الزوج لها نفقتها فتعتبر ديناً في ذمة الزوج عن مدة لاتزيد على سنة واحدة من وقت إمتناعه عن الإنفاق عليها بينما ينص الفقه الجعفري على إنه إذا لم يبذل الزوج لها نفقتها تكون ديناً ثابتاً في ذمته بدون تقييد بتلك المدة.

12. ينص الفقه الشيعي على أنه إذا كان للميت ورثة منحصرين بأخت أو أخوات الميت مع أعمام ذكور للميت  فتذهب جميع التركة إلى أخوات الميت ولا يجوز إشراك غيرهن من أعمام  الميت الذكور في الاستحقاق … بينما يجيز القانون الوضعي النافذ إشراك أعمام الميت الذكور مع أخت الميت المتوفى في الإرث.

13. ينص الفقه الشيعي على أنه إذا كان للميت ورثة منحصرين ببنت واحدة أو بنات الميت مع أخوة ذكور للميت  فتذهب جميع التركة إلى بنت الميت أو بناته مع تعددهن ولا يجوز إشراك غيرهن من أخوة الميت الذكور في الاستحقاق … بينما يجيز القانون الوضعي النافذ في بعض تطبيقاته إشراك إخوة الميت الذكور مع بنت المتوفى في الإرث !!

ثالثاً- قول الكاتب (كان واضحاً من مضمون الصفحتين اللتين قدمتا للموافقة عليها أن واضعيها لم يكلفوا أنفسهم محاولة التعرف على الجوانب الاجتماعية المرتبطة بمقترح التعديل، والنظر إلى ما يمكن أنْ يترتب على أية تغييرات مقترحة فيها).

التعليق:

أ- إن التعديل استند إلى مواد دستورية عديدة (المادة ٤١، المادة ٢، المادة ١٧) والدستور قد حظي بموافقة الأغلبية السكانية للمجتمع العراقي، وهذا تعبير واضح أن الجانب الاجتماعي معروف وواضح أنه منسجم مع التعديل ومطالب به ومريد له).

ب- مواقف مراجع الدين الكرام منذ عام تشريع القانون العلماني الوضعي كانت واضحة بالحكم عليه أنه يخالف معتقدات ودين المجتمع العراقي المسلم، وكل رسائل الفقهاء العملية  توضح مخالفة القانون الوضعي لدين المسلمين، ومن الواضح أن المراجع هم ضمير الأمة والمعبرين عن تطلعاتها، والمجتمع مقتنع ودون إكراه بقيادتهم والرجوع إليهم في كل تفاصيل حياتهم فضلاً عن تنظيم أحوالهم الشخصية.

ج- ومن المهم الإشارة أن القانون المنسجم مع قناعات المجتمع أو أغلبيته قد لايتطلب تظاهرات أو فعاليات اجتماعية لإعلان تأييده باعتبار أن السير بإجراءات تعديل القانون منسجم مع تطلعاتهم، ومن يعارض القانون هو الذي يلجأ للتظاهر والنقد والاعتراض، وقد شاهدنا مظاهرات المعترضين على القانون الشرعي التي حصلت يوم الخميس الماضي – ورغم التحضيرات والدعوات لها – لم تتجاوز أكثر من مائة متظاهر ومتظاهرة في كل عموم العراق.

رابعاً- ويقول الكاتب أن بعض المعترضات قد تعرضت إلى التنمر وإساءات للنساء العراقيات، وأن بعض المحاميات تعرضت للإهانة.

التعليق:

أ- إن القياس على ردود أفعال فردية وتعميمها لكل مواقف المؤيدين للقانون الشرعي خلاف الإنصاف والموضوعية.

ب- بعض المعترضات على القانون صدرت منهن إساءة للمرأة العراقية وكرامتها بشكل مستفز، مثل تلك التي تقول (إذا حكم القانون بحق الحضانة للأب فإني سوف أحرق ابني ولا أعطيه لأبيه) فهل تعتقد حضرتك أن هذه المرأة نموذج يستحق الاحترام والدفاع عنها وهي بهذه الوحشية والمشاعر القاسية !! وأخرى تقول (أقتل ولا أعطي ولدي لأبيه) فهل هذه النماذج أمهات صالحات!؟ وهل يفتخر حضرتك بالدفاع عن هذه النساء المملوءة قسوة وغلظة ولا تكترث لحياة فلذة كبدها – ولدها – لأنها تريد تفريغ عقدها النفسية ضد زوجها السابق!.

ج- وبعض من عارض القانون هو الذي أساء ونشر تضليلا وتدليساً ونسبه إلى أحكام القانون الشرعي وادعى أموراً لايتضمنها القانون، فلماذا لم ترصد مثل هذه المخالفات الأخلاقية وغياب الموضوعية في الخصومة والاختلاف، اليس المفروض أن تنقل المشهد بكل تفاصيله ومن جانب طرفي الاختلاف لكي نقتنع بأن منشورك منصف ويستحق الاستماع إليه !.

رابعاً- قول الكاتب (بل كان لظهور ما سمي بـ “الكتلة النسوية” الرافضة لمقترح التعديل في مجلس النواب العراقي، التي تكونت من ثلاثين نائبة تقريباً من مجموع (97) نائبة من مختلف الكتل والجماعات السياسية المنضوية تحت قبته صدى طيباً كسب لهن التأييد والاحترام لتحركهن المسؤول.)

التعليق:

أ- قد اعترف كاتب المقال بأن عدد النائبات المعترضات على القانون لا يتجاوز  (٣١٪؜) من مجموع كل النائبات الإناث في البرلمان وتقل نسبتهن عن (١٠٪؜) من مجموع أعضاء البرلمان الكلي، وهذا دليل آخر على أن المعارضين للقانون الشرعي أقلية صغيرة جداً، ومن المعلوم أن البرلمان يعكس التمثيل المجتمعي للبلاد.

ب- بل إن المتابع يرى أن بعض النائبات المعترضات في الأيام الأولى لطرح مقترح التعديل تبدّل موقفهن وظهرن في لقاءات تلفزيونية يدافعن عن القانون الشرعي للأحوال الشخصية، وهذا يدلل على أن كثيراً من التضليل والمكر الذي نشره المعارضون للقانون الشرعي والتدليس الذي مارسوه قد انكشف كذبه وانفضح خداعه !

خامساً- يقول كاتب المنشور تجميلاً وتحسيناً لموقف المعترضات على القانون (برغم شراسة ما تعرضن له من إساءات أقلها الابتعاد عنهن، والامتناع عن دعمهن ابتداءً من زملائهن في العمل ومروراً بطيف واسع من المشتغلين في المؤسسة الأكاديمية والمؤسسات الثقافية والأدبية الأخرى.)

التعليق: هنا يعترف بأن المعترضات على القانون قد فقدت تأييد زميلاتهن في العمل والدائرة، وهذا الأسلوب من المقاطعة لهن حضاري وديمقراطي، فكيف تصفه بالشراسة والإساءة لهن !؟ ثم يقول إن الشخصيات الأكاديمية والمؤسسات الثقافية والأدبية لم تؤيد موقف المعترضات على القانون، وهذا يكشف أن عينة المجتمع ونخبه الأكاديمية والثقافية مع تعديل القانون ويرفضون موقف المعترضات، فأراد الكاتب أن يحتسب إيجابية لحراك المعترضات المحدود والمنبوذ من قبل المجتمع العراقي ونخبه ومفكريه ومثقفيه فاعترف بأن المعارضين للقانون أقلية ولا يمثلون طليعة المجتمع الأكاديمية والثقافية!.

سادساً-  يقول الكاتب إن القانون الجديد الذي أتاح الخيار للمواطن بتنظيم أحواله الشخصية موجود ومعمول به في القانون الوضعي الذي يخير عند عقد الزواج اختيار المذهب الذي ينظم أحوال المواطن الشخصية…

التعليق: لماذا إذن أنت معترض ولماذا تثار الاتهامات والفبركة على القانون المعدل إذا كان هو نفس مضمون القانون الوضعي النافذ! هذه طريقة تلجأون إليها لمحاولة خداع المؤيدين لتشريع القانون الشرعي لثنيهم عن دعمه وإسناده خصوصاً بعد أن شاهدتم سعة التأييد نوعاً وكماً من المجتمع العراقي المسلم… وإلاّ لوكان القانون الجديد المعدل نفس مضمون القانون الوضعي النافذ لأكتفيتم بالجواب إن هذا تشريع لأمر موجود تشريع ينظمه وكفى!!.

سابعاً- ومن غريب ما يعترض به الكاتب أن نفس القانون الوضعي النافذ يسمح بتشريع قانون خاص، وهذه الحجة لصالح المؤيدين للتعديل وليس لصالحك، فإنه مستند آخر يُضاف إلى المواد الدستورية التي ذكرناها في فقرة سابقة إجازت تنظيم الأحوال الشخصية وفق قانون غير القانون الوضعي العلماني النافذ !.

ثامناً-يقول كاتب المقال (يدعو مقترح التعديل إلى قبول عقود الزواج التي تم تحريرها خارج المحكمة وهو الأمر الذي يعاقب عليه القانون الحالي)

التعليق: إذا كان القانون المعدل يسمح بإبرام العقد من قبل الفضلاء المخوّلين من القضاء والمؤسسة الدينية فهذا الإجراء يكون مستنداً للقانون؟

تاسعاً- يقول كاتب المقال (لا شك إن التلاعب بهذا النص القانوني والسماح بقبول عقود الزواج خارج المحكمة سيعرض آلاف العراقيات، ولأجيال قادمة إلى هضم الحقوق وابتذالها)

التعليق: وهذا كلام غير صحيح، فإن القانون المعدل يشترط فيمن يبرم  العقد من قبل فضلاء الحوزة أن يكون مؤهلاً علمياً وأخلاقياً وأمانة ويخوّل من قبل نفس القضاء العراقي أو المؤسسة الدينية التي تحظى بمقبولية وثقة لا تدانيها مقبولية  في أي جهة أو مؤسسة أخرى، وأن جميع المستندات والمتطلبات الثبوتية والصحية المطلوبة في إبرام عقود الزواج لابد من توفرها، ويدقق القاضي بعد ذلك على توفرها قبل المصادقة عليها … فكيف تقول بضياع حقوق النساء والرجال بعد كل هذه الإجراءات الصارمة !

عاشراً – يقول كاتب المقال (؟كما أنه سيساهم بإنشاء نظام ظل ينافس القضاء الرسمي الوطني الذي يؤدي وظيفته بأمانة، ويفتح بوابات التحايل والتزوير في تحرير عقود الزواج من قبل أشخاص لا يحملون المؤهلات الكافية، ويحاولون مزاحمة أصحاب الخبرة والكفاءة من قضاة ومحامين.)

التعليق:

أ- لن ينافس أحد القضاء العراقي بعد نفاذ القانون الشرعي لأنه يشترط مصادقة القاضي الرسمي، ولن يسمح بأي تحايل وتزوير لأن من يبرم العقود هم فضلاء الحوزة الذين تتم تزكيتهم من المؤسسة الدينية وتخولهم بذلك أو يخولهم القضاء الرسمي نفسه بذلك، واتهامك هذا يطال حتى القضاء الرسمي وتشكيك منك بالقضاء الرسمي، والمؤهلات العلمية والمهنية والأخلاقية والأمانة مشروط في القانون توفرها فيمن يبرم العقود، واطمئن فإن فضلاء الحوزة لن يزاحموا المحامين في شغلهم!. لأن القانون لم يتطرق أصلاً إلى وظيفة المحاماة ولم ينقل صلاحياتهم إلى غيرهم، فلماذا تدّعي إسناد مضامين للقانون الشرعي ليست من مواده ولا من مضامينه ؟!

حادي عشر- يقول الكاتب (وبذلك سيؤدي مقترح التعديل إلى حالات من الانقسام المجتمعي التي لا تحمد عقباها. لعل أحد أهم واجبات المشرع المسؤول العمل على تمتين سلطة القضاء الوطني وتعزيزها وتفادي المساس بهيبتها لتسيير أمور الناس الأمر الذي سيعود على المجتمع بالسلامة والأمان والاستقرار.أما التحرك بخلاف ذلك فإنه يطرح عشرات التساؤلات بشأن المغزى والفائدة المرجوة، والغرض.)

التعليق:

كأنه يشير تلميحاً إلى الانقسام الطائفي، وهذه الشبهة باطلة للأسباب الآتية:

أ. القانون ليس هو الذي أوجد أو أنشأ التعدد الديني أو المذهبي في العراق بل التعدد موجود منذ مئات السنين وواقع راسخ، والناس هم الذين أختاروا إعتناق دين أو مذهب بحريتهم وخيارهم.

ب. قبل صدور القانون الوضعي النافذ سنة 1959م كان العراقيون ينظمون أحوالهم الشخصية في محاكم وهيئات شرعية وفق مذاهبهم ودياناتهم ومن المعلوم ان تعايش العراقيين في تلك الفترة كانت في أعلى درجات الانسجام والوئام والأخوة فلو كان إختلاف طريقة تنظيم الاحوال الشخصية وفقاً للدين أو المذهب يصّدع الوحدة الوطنية لشاهدنا في تلك الفترة آثار التصدع وتوتر العلاقات وهو غير موجود أكيداً بل رسوخ التعايش والاندماج هو السمة البارزة في تلك الفترة.

جـ . إن حفظ الخصوصية الشخصية وتوفير الفرصة لالتزام الفرد بعقيدته ومبانيه الفقهية وحفظ الهوية الشخصية  بما لايتعدى على الآخرين من معالم الدولة المدنية والمجتمع المتحضر ويؤدي لترسيخ الانتماء للبلاد. إذ يشعر المواطن عندها إن هذه الدولة تحترم فكره وعقيدته.

بينما يؤدي إجبار المواطن للاحتكام في سلوكياته الشخصية خلاف معتقداته للشعور بالغبن والاستياء ويربك علاقته بالدولة ويراها عندئذ تسببت بغبنه وتجاوزت حريته الشخصية.

د. قبل طرح القانون الجعفري كان الشيعة يحتكمون عملياً لآراء فقهائهم في تنظيم سلوكياتهم الشخصية ولا يلتزمون بمواد القانون الوضعي التي تخالف آراء فقهائهم وفتاواهم ومشروع القانون يحاول تنظيم هذا الالتزام في مؤسسات الدولة بعيداً عن الحالة العرفية ولايؤدي لتغيير واقع إجتماعي ، فقط ينظم التزاماته ضمن سياقات ودوائر الدولة ليس أكثر.

هـ . إن سبب التوتر الطائفي هو منهج التكفير الطاريء والوافد على ثقافة وإلتزام العراقيين بعد عام 2003م والشواهد على ذلك إنتشار التزاوج بين العراقيين المسلمين قبل وفود هذه الثقافة التكفيرية بينما سعت نفس تلك الثقافة لصيرورة العلاقة بين أبناء الشعب الواحد الصراع والقتل المتبادل.

و. كرّر ادعاءه بأن القانون يمس بالسلطة القضائية الرسمية وقد أجبنا على ذلك بالنفي ونؤكد أن تعديل القانون لا يتضمن إنشاء محاكم شرعية بموازاة القضاء الرسمي وإنما يتم تنفيذ أحكام القانون الشرعي للأحوال الشخصية من نفس قضاة المحاكم المختصة التابعة لمجلس القضاء الأعلى.

ثاني عشر: يقول الكاتب مدعياً (وكأن مقترح التعديل أختزل مشكلات النساء العراقيات بفكرة “الزواج،هو الحل”، والزواج المبكر على وجه التعيين. وبسبب الافتقار لأي مراجعة علمية أو استشارة اجتماعية ظهر واضحاً أنّ المشتغلين على مقترح التعديل لا يحيطون علماً بالكثير من الحقائق الاجتماعية التي تظهرها نتائج البحوث والدراسات الاجتماعية التي يمكن أن تعيق إمكانات التطبيق للقانون، وتجعل منه حبراً على ورق)

التعليق : هذا إدعاء من الكاتب لا دليل عليه فلم يتضمن مقترح تعديل القانون عمراً مبكراً للزواج، والفقه الإسلامي يشترط مجموعة شروط لإبرام عقد الزواج منها رشد المرأة والرجل ونضجهما العقلي وقدرتهما على تمييز المصلحة من المفسدة  واستعدادهما البدني ورضا الرجل والمرأة ورضا أب المرأة وموافقته التي تضيف عامل ترشيد لاختيارها وكذلك مصادقة القاضي الرسمي على عقد الزواج … ويدّعي أن مقترحي القانون لا إحاطة لهم بالحقائق والدراسات الاجتماعية، وكأن الاطلاع عليها موهبة احتكرها كاتب المقال !!.  وفاته أن يراجع الأحاديث الشريفة ومنها الحديث عن الرسول صلى الله عليه وآله (مابني في الإسلام بناء أحب إلى الله من الزواج) فالزواج بناء يتطلب أسس متينة وراسخة تضمن ديمومة الحياة الزوجية واستقرارها وصمودها بوجه المعوقات أو التحديات، وليس الزواج في قناعتنا نزوة عابرة يا كاتب المقال، بل هو تأسيس لأسرة صالحة تكون نواة المجتمع الصالح السعيد …

ثالث عشر – يقول كاتب المقال (تفاخر الدول بالقدرة على سن قوانين تحظى بالدعم والمشاركة الشعبية وليس قوانين معزولة، ومختلف عليها)

التعليق:

أ- ونحن نقول لابد من المشاركة الشعبية في سنّ القوانين وهي تأخذ طريقين الأول انتخاب ممثلين لهم في البرلمان، والثاني فعاليات المجتمع ومطالباته بالطرق السلمية الحضارية بايصال صوته للبرلمان لتشريع القوانين التي يريدها، والحملة الشعبية الواسعة المطالبة بتعديل قانون الأحوال الشخصية العلماني الوضعي ومنح الخيار للمواطن بتنظيم أحواله الشخصية ممتدة منذ تاريخ تشريع هذا القانون الوضعي سنة ١٩٥٩ .. تقدمت المطالب المرجعيات الدينية في النجف الأشرف والفعاليات الاجتماعية والثقافية ونخب ومفكري ومثقفي المجتمع، ولازالت مستمرة بالمطالبة، على عكس نسبة المعارضين للقانون الشرعي فإنهم أقلية صغيرة في البرلمان باعترافك، وأعداد محدودة جداً من النسويات الذين لم تتجاوز مظاهراتهم في كل العراق أكثر من مائة فرد !

ب- أما قولك لابد أن تكون القوانين غير مختلف عليها، فهذا نقض عليك لأن نفس القانون الوضعي العلماني لسنة ١٩٥٩ هو قانون مختلف عليه بل إن معارضيه اكثر من مؤيديه نوعاً وكماً، فلماذا تدافع أنت عن قانون مختلف عليه إذن ؟!

ج- إن كل الديمقراطيات القائمة في العالم والتي تدعي جنابك أن المجتمعات تفخر بها غالباً ما تقر قوانين بالأغلبية وليس بإجماع برلمانات دولها، وهذا دليل على أن كلامك غير واقعي.

رابع عشر – يقول كاتب المقال (تؤكد الدراسات الاجتماعية أن هناك علاقة طردية بين الزواج المبكر وارتفاع معدلات الطلاق. أي، أنه كلما زاد عدد الأفراد المتزوجين بسن مبكرة، كلما كانوا أكثر ميلاً للطلاق للتخلص من أعباء اجتماعية وفردية لم يتهيؤا لها جيداً. لا توفر الجهات الرسمية مثل الجهاز المركزي للإحصاء أو مجلس القضاء الأعلى بيانات عن أعمار المطلقين ولكن يمكن الاستدلال على ذلك من خلال ارتباط موضوع الطلاق في العراق بالحضانة وإشكالاتها. لا يعاني الأشخاص المتقدمون بالسن من مشكلة الحضانة عند الطلاق بسبب تقدم سن الأبناء وربما تحررهم من الأعباء العائلية لتأسيس عوائلهم الخاصة بهم)

التعليق:

أ- لم يذكر لنا الكاتب ماهو معيار الزواج المبكر؟ فإذا كان القانون الوضعي النافذ يجيز زواج المرأة والرجل بعمر (١٥) سنة بموافقة الوالدين والقاضي .. فهل يعتبر هذا الزواج مبكراً؟ وقد أقرّه وأجازه القانون الوضعي النافذ الذي وصفه كاتب المقال في مقدمة مقاله بأنه أفضل المتداول والمستخدم.! فإذا كان القانون الوضعي الذي يؤيده هو ويدافع عنه يجيز الزواج المبكر وتداعياته التي هو يدعيها فلماذا يندفع بحماسة للدفاع عن هذا القانون؟

ب- هو يربط بين الزواج المبكر وزيادة حالات الطلاق بتبرير يذكره

يعم كل المتزوجين حديثاً وفي بداية حياتهم الزوجية سواء كانوا بعمر مبكر أم بعمر متأخر !

ج- ومن أغرب كلامه أنه يعترف بعدم وجود إحصائيات من وزارة التخطيط ومجلس القضاء الأعلى ويقول (لا توفر الجهات الرسمية مثل الجهاز المركزي للإحصاء أو مجلس القضاء الأعلى بيانات عن أعمار المطلقين) فكيف حكمت وجزمت إذا لم تتوفر لديك إحصاءات وأنت أكاديمي يفترض أن تستند تقييماتك لمعطيات رقمية من الجهات المعنية!

د- ثم يبدأ باطلاق التكهنات والتحليل الظني بدعوى أن الطلاق مرتبط بالحضانة، ومادامت توجد دعاوى حضانة  في المحاكم فيستنتج أن نسب طلاق الزواج المبكر أكثر، وهذا غير صحيح لأنه أيضاً في حالة الزواج بعمر متأخر وحصول الطلاق في السنين الأولى من الزواج يكون موضوع الحضانة حاضراً بسبب صغر عمر الأولاد، بل حتى مع حصول طلاق زوجين تزوجا بعمر متأخر وامتدت علاقتهم الزوجية لسنين طويلة فقد يكون لديهم أولاد بالغين لايكونون موضوعا للحضانة وآخرين صغار يكونون موضوعا للحضانة …. اما   عدم وجود موضوع الحضانة في المطلقين الكبار فقد يكون بسبب طول مدة زواجهم فيكون أولادهم بالغين لاتحصل دعاوى حضانة حولهم باعتبار أن الأولاد البالغين يتخذون قرارهم بالالتحاق مع الأب أو الأم أو غيرهم من الأقارب وفق القانون العراقي.

خامس عشر – يقول كاتب المقال (يمنح القانون الحالي الأمهات حق حضانة الطفل ابتداءً حتى سن العاشرة بالتساوي بين الذكور والإناث، ويسمح بتمديد فترة الحضانة إلى سن الخامسة عشرة لكلا الجنسين أيضاً. ويعطى الأولاد حق الاختيار بعد تلك السن، ليعيش مع أي من أبويه، أمه أو أبيه. وهذه قسمة عادلة ضمنت للأمهات اللواتي يرتبطن ارتباطاً عضوياً بأنجالهن حقاً طبيعياً ومعنوياً وأخلاقياً وهو الأمر الذي تقره كل النواميس والعقائد والأخلاقيات الإنسانية في العالم.)

التعليق:

أ- ولم يذكر كاتب المقال قرار مجلس قيادة الثورة المنحل قرار رقم (٦) لسنة ١٩٩٢ النافذ حالياً الذي ينص على (يسمح للأب مشاهدة أولاده لمدة ساعة أو ساعتين فقط كل أسبوعين في أحد مقرات الاتحاد العام لنساء العراق ). فأي عدالة وإنصاف تتحدثون ؟تحرمون الطفل من مشاهدة أبيه طيلة الشهر إلاّ (٨) ساعات فقط !

ب- ولم يذكر كاتب المقال أن المادة (٥٧) من القانون الوضعي تنص على (الأم أحق بحضانة الولد وتربيته حال قيام الزوجية وبعد الفرقة ما لم يتضرر المحضون من ذلك) … يعني حتى في حالة استمرار الحياة الزوجية فإن الأم تكون أحق بتربية الأولاد، ويلغى دور الأب في تربية الأولاد إذا كان للأم رأي آخر !!

ج- ولم يذكر كاتب المقال أن نفس المادة (٥٧) من القانون الوضعي تنص (ولا تسقط حضانه الأم المطلقة بزواجها ..)  وهذا النص يجعل الأولاد تحت رعاية رجل غريب ويعيش معه طيلة أيام الأسبوع، بينما يُحرم الأب من مشاهدة ابنه إلاّ ساعات معدودة في الأسبوع !.

د- أجرى النظام البعثي المجرم تعديلات على القانون الوضعي رقم (١٨٨) في الأعوام ( ١٩٧٨)، (١٩٨٦)، (١٩٨٧). تضمنت عدم جواز مبيت الأولاد ولو ليلة واحدة عند أبيهم ماداموا في حضانة الأم التي قد تمتد إلى أن يبلغ عمر الولد (١٥) سنة، فيُحرم الأب كل هذه الفترة من مبيت أولاده عنده ولو مرة واحدة !!

هـ- ومع كل هذه المظالم في موضوع الحضانة يقول كاتب المقال ( وهذه قسمة عادلة ضمنت للأمهات اللواتي يرتبطن ارتباطاً عضوياً بأنجالهن حقاً طبيعياً ومعنوياً وأخلاقياً ) فحرمان الأب من مبيت أولاده عنده ولو ليلة واحدة طيلة (١٥) سنة يعتبره كاتب المقال قسمة عادلة، والغريب أنه يدعّي أن ذلك حق أخلاقي ومعنوي !!.

و- وعجبي لا ينقضي من قول كاتب المقال أن أحكام الحضانة هذه (وهو الأمر الذي تقره كل النواميس والعقائد والأخلاقيات الإنسانية في العالم.) … فإن الدين لايقرّ هذا الظلم للأب ولنفس الأولاد الذين يحرمون من مشاهدة أبيهم كل الأسبوع الاّ ساعات معدودة وفي أماكن مثل المحكمة او دوائر التنفيذ ! ويمنعون من المبيت عند أبيهم ولو ليلة واحدة طيلة (١٥) سنة من عمر الأولاد …. فلا أدري ما هو المعيار الذي يؤمن به صاحب المقال في تقييم الأمور، فيجعل القبيح حستاً، ويجعل الحسن قبيحاً.؟

سادس عشر – يقول كاتب المقال (كما إنّ منح الأم حق الحضانة من حيث المبدأ لا يصادر سلطة الأب أو يلغي حقه في متابعة شؤون الأولاد. يحتفظ الأب بحق المشاهدة والمعايشة وله أمر تزويج الابن أو البنت،وله أيضاً أن يستشار بشأن السفر والانتقال للعيش في هذه المدينة أو تلك أو خارج البلاد، وإن كان لفترة قصيرة.)

التعليق:

أ- يدّعي كاتب المقال أن منح حق  الحضانة للأم إلى أن يبلغ الأولاد عمر (١٥) سنة لا يلغي حق الأب في النظر في شؤون المحضون وتربيته وتعليمه ! كيف وهو الأب لايستطيع أن يشاهد أولاده إلاّ ساعات معدودة كل أسبوع، ولايحق له أن يبيت أولاده عنده ولو ليلة واحدة .. فهل يشرف على شؤونهم وتعليمهم من خلال (النت والواتساب)؟

ب- ويقول كاتب المقال وللأب أمر تزويج الابن أو البنت، فنقول إذا كان الابن أو البنت معزولاً عن التواصل مع أولاده حتى بلوغهم (١٥) سنة ولم تحصل بينه وبينهم لقاءات مطولة بشكل مستمر – وهو ما يمنعه القانون الوضعي النافذ – فكيف تحصل قناعة للاولاد بتقييمات واراء أبيهم في مثل هذا الموضوع المهم والمصيري ! بل قد نجد انفصال وتقاطع كامل بينه وبين تفكير أولاده … ولعل هذه الأحكام في القانون الوضعي تدلل على تهافت واضح وعدم انسجام بين مواد القانون والغابات المطلوبة، وإلاّ كيف يستقيم الأمر ويجتمع في حالة منع الأب من لقاء أولاده ليلة واحدة في بيته ثم تسند إليه صلاحية الأمر بتزويجهم !

ج- وبخصوص قول كاتب المقال إن الأب يستشار (بشأن السفر والانتقال للعيش في هذه المدينة أو تلك أو خارج البلاد، وإن كان لفترة قصيرة.) فمن المعلوم أن الاستشارة غير ملزمة، إضافة إلى أن محكمة التمييز قضت بجواز سفر الأولاد مع الأم (الحاضنة) خارج العراق بعد استحصال إذن المحكمة وليس موافقة أو إذن الأب !.

سابع عشر – سابع عشر – يقول كاتب المقال (يجادل بعض المتحاملين خطأً على الضد من هذه الحقوق التي يقرها القانون لكلا الأبوين كما لو كان عدواً شخصياً للمرأة إذ لا يستحي من الادعاء بأن أحد أسباب ارتفاع معدلات الطلاق في العراق يتمثل في اطمئنان الأمهات على حقهن بالحضانة. وهذا ادعاء كاذب ومصطنع من حيث أنه يمكن الجزم أنْ لا وجود لامرأة مستعدة للتضحية بحياتها الزوجية والعائلية. كما أنه لا وجود لامرأة تتزوج وهي تضع أمر الطلاق أو تستسهله نصب عينيها).

التعليق:

أ- نتفق معك أنه يندر أن تفكر المرأة او الرجل قبل الزواج بتبييت النية للطلاق، ولكنك تأتي بدعاوى واتهامات غير صحيحة فإن المؤيدين لتعديل قانون الأحوال الشخصية لم يذكروا من دواعي ومبررات مطالبتهم بالتعديل هذه المقولة ! وكذلك لم يُذكر في الأسباب الموجبة لمقترح التعديل هذه المقولة، فمن أين جئت بها .؟

ب – ولكن هذا لا يعني التأشير على وجود ظلم واضح في موضوع الحضانة بأحكام القانون الوضعي العلماني يشمل الأب والأولاد ذكرناه في فقرات سابقة فلا نعيدها، وهي كافية مبرراً للمطالبة بالتعديل ورفع الظلم والإضرار الواقع على الأب والأولاد .. وأذكركم بالآية الكريمة ((لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده)) والتي تمثل قاعدة في تنظيم العلاقة بين المحضون ووالديه، تنهى عن الإضرار بالولد وبالوالدة وبالوالد.

ثامن عشر – يقول كاتب المقال (كما إن معدلات الطلاق التي تقدر بـ 23٪ من عدد حالات الزواج المسجلة أمام المحاكم العراقية لعام 2022 حسب إحصاءات وزارة التخطيط العراقية ليست أعلى من معدلات الطلاق في دول الجوار كما في دول الخليج العربي وتركيا وإيران لأسباب ترتبط بالتغير الذي أحدثته المرأة وتخلف في مواكبة هذا التغير من قبل الطرف المقابل، الرجال.).

التعليق :

أ- ان الحرص على استقرار أوضاع العوائل العراقية يستدعي دراسة كل الأسباب الثابتة والمحتملة التأثير في زيادة نسبة الطلاق إلى هذه المستويات المخيفة، ومنها الاقتصادية والاجتماعية ومراجعة القانون الذي يحكم وينظم الزوجية وأحكام الطلاق، وهذا منهج علمي مطلوب يتتبع كل الأسباب المحتملة في زيادة نسبة الطلاق، فلماذا الجزم بتبرئة القانون والقطع بعدم مدخليته ولو على نحو جزء العلة واحد الأسباب خصوصاً مع ما ذكرناه في الفقرات المتقدمة من أحكام غير عادلة واضحة التأثير على استقرار العائلة.

ب- كأن كاتب المقال يدرك لاشعورياً بمدخلية القانون الوضعي النافذ ولو بنحو جزء العلة بزيادة نسبة الطلاق المقلقة بدليل أنه يحاول التخفيف والتقليل من تداعيات نسب الطلاق المرتفعة بذكر الدول المجاورة وأنها كذلك تحصل فيها نسب مقاربة للطلاق الواقع في العراق !

ج- ويعلل كاتب المقال ارتفاع نسب الطلاق بحصول التغير الذي أحدثته المرأة وعدم مواكبة التغير من قبل الرجل، وكما يمكن أن يكون عدم مواكبة الرجل هو السبب، كذلك يمكن أن يكون عدم توازن المرأة والتعامل بعقلانية مع هذه التغيرات التي أشار إليها الكاتب هي السبب في زيادة نسب الطلاق، فلماذا يرجح كفة اعتدال المراة ويلقي باللوم والتقصير على الرجل مع عدم استناده لدراسات اجتماعية وبيانات معدّة من قبل جهات تخصصية في الموضوع، وإن كان هذا النقاش ليس هو جوهر الموضوع في التعديل ولكن أردنا بيان أن الكاتب يطلق العنان لنفسه في إرجاع الظواهر وربطها بأسباب ويجزم بترابطها دون مستند علمي ودراسات موضوعية من جهات رسمية.

د- ولو يراجع كاتب المقال أسباب التفريق القضائي التي أجاز القانون الوضعي العلماني الطلاق وفقاً لها، لأدرك أنها أحد أسباب تزايد نسب الطلاق، مثال ذلك يحق لها المطالبة بالتفريق القضائي في حالات الإضرار ومنها (عدم تهيئة الزوج لزوجته بيتاً شرعيا يتناسب مع حالة الزوجين الاجتماعية والاقتصادية، إذ لم يعلّق الحكم على حالة الزوج الاقتصادية فقط بل جعل معها شأنية الزوجة الاجتماعية كسبب اخر وهو مدخل لإحداث الخلاف حول تحقق شرط البيت الملائم لها اجتماعياً، وكذلك جعل القانون ابتعاد البيت عن محل وظيفة الزوجة مبرراً للمطالبة بالتفريق القضائي باعتباره يسبب الإضرار لها ، وهو مفهوم فضفاض ينفذ منه الخلاف بين الزوجين، وكذلك جعل القانون من مصاديق الإضرار والتعسف بالزوجة إذا كانت اثاث بيت الزوجية ليست ملكاً له وإن كان الأثاث مناسباً وملبياً لبيت الزوجية ولكنه ملك لوالد الزوج وأباح له التصرف به مطلقاً.

هـ – في تصريح ذكرته وكالة الأنباء العراقية بتاريخ (٢٠٢٤/٦/٩) فقد حددت محكمة الأحوال الشخصية في الرصافة أن أسباب تزايد الطلاق هو وسائل التواصل الاجتماعي والجانب الاقتصادي، وأشارت إلى أن منظومة القيم الاجتماعية العراقية في صراع دائم مع القيم الأخرى … وهو اعتراف بأن القانون الوضعي الذي يخالف أحكام الشريعة الإسلامية التي تمثل جوهر القيم للمجتمع العراقي أحد أسباب زيادة نسب الطلاق.

و- لايشترط القانون الوضعي حضور شاهدين عدلين عند إيقاع صيغة الطلاق من قبل الزوج، وفي ذلك تسهيل غير مبرر في إيقاع الطلاق، على العكس من حكم الشريعة الذي اشترط حضور شاهدين عدلين وهي عملية تتطلب وقتاً للبحث عنهما وتحصيلهما، وحيث أنهما عادلان  ملتزمان بأحكام الشريعة عملياً ومتقيدان بسلوكهما وفق تعاليمها فإنهما سيكونان عامل تأخير يمنع حصول الطلاق لأي سبب كان أو لمجرد مشاكل عائلية بسيطة وعابرة، بل يمتنعان عن الحضور إذا وجدا فرصة للإصلاح وبذلك يحولان دون انعقاد الطلاق وصحته شرعاً.

تاسع عشر- يقول كاتب المقال (على الصعيد العملي والواقعي تتمثل واحدة من علامات الجهل بالظروف الاجتماعية من قبل المتحمسين لمقترح التعديل في السن عند الزواج. لم يأخذ هؤلاء بنظر الاعتبار أنّ السن عند الزواج في العراق يبلغ(25 سنة) بحسب المجموعة الإحصائية السنوية لعام 2022. يعني هذا أن السن عند الزواج للنساء العراقيات متأخر وهو أعلى من السن عند الزواج في بلدان أوروبية وأمريكية. تسلط هذه المعلومة المهمة الضوء على جوانب متعددة لما يجري واقعاً في المجتمع منها أن العائلة العراقية عموماً، والعائلة الحضرية خصوصاً تهتم بتعليم فتياتها لتمكينهن من قيادة حياة زوجية ناجحة. )

التعليق:

أ- وهذا تناقض آخر منه فإن نفس القانون الوضعي النافذ يجيز الزواج بعمر (١٥) سنة، ومع ذلك يقول هو أن معدل عمر الزواج يبلغ (٢٥) سنة – على عهدته – بمعنى أن السماح بالزواج المبكر من قبل القانون الوضعي لم يؤثر على خيارات وقناعات الناس بالزواج في أعمار متأخرة عن السن القانوني الأدنى المسموح به قانوناً … وكذلك الحال عند تشريع القانون الشرعي للأحوال الشخصية فإنه لايعارض قناعات الناس ولايلزمهم بمخالفتها إذا أرادوا تأخير الزواج بما يزيد على السن القانوني والشرعي الأدنى.

ب- ويقول إن معدل عمر الزواج هذا الذي نقله عن إحصائية يفوق أعمار الزواج في أوروبا وأمريكا، بسبب حرص العوائل العراقية على تعليم فتياتها لتمكينهن من قيادة حياة زوجية ناجحة.- كما يزعم – ولا أدري هل أن تعليم الفتيات في أوروبا وأمريكا ودراساتهن متخلّف مثلاً حتى يقدمون على الزواج في أعمار أدنى من أعمار زواج العراقيين والعراقيات !؟ إن استدلاله هذا يدل على إمكانية الجمع بين الزواج المبكر وإكمال التعليم والدراسة الجامعية لأن أوروبا وأمريكا لم ينأخر ركبها العلمي وتطورها الصناعي والتكنولوجي مع ازدياد الزواج المبكر فيها قياسا بالعراقيين كما نقل هو ذلك .

عشرون – يقول كاتب المقال (وهو يعني أيضاً أن هناك شحة في عدد الذكور الشباب المؤهلين للزواج الناجح كما يستدل من ارتفاع نسبة العاطلين عن العمل في سن الزواج (15-24) والتي تقدر حسب وزارة التخطيط بـ 32٪ للذكور و62٪ للإناث لعام 2020. تسلط هذه الإحصاءات الضوء على ارتفاع أعداد الذكور من كبار السن ممن يتزوجون بنساء أصغر منهم سناً، أو حتى الزواج لمرة ثانية أو ثالثة. وعليه، لن تساهم الدعوة للزواج المبكر بزحزحة هذه المشكلة البنيوية بل تزيدها تعقيداً. )

التعليق: تجد الاضطراب والتهافت واضحاً في كلامه!

أ- يدعي شحة في عدد الذكور المؤهلين للزواج الناجح بسبب البطالة، وهذا سبب اجتماعي اقتصادي لا علاقة للقانون الشرعي للأحوال الشخصية به، وإنما وظيفة الدولة معالجة البطالة.

ب- إن ارتفاع البطالة في سن الزواج الذي يحصره بين ( ١٥-٢٤) عاماً ، هو أمر متوقع فان هذا العمر يكون فترة دراسة في أغلبية حدود سنواته المذكورة، ولا أحد يقول بلزوم زواج من لم تتهيأ له فرص نجاح الزواج ومنها العمل والوظيفة وإن كان القانون الوضعي النافذ نفسه يسمح لهم بالعمر في هذا الزواج، ونفس كلامك في فقرة سابقة يذلل على ما نقول حينما قلتَ إن معدل عمر الزواج هو (٢٥) سنة على الرغم من سماح القانون الوضعي بالزواج بعمر (١٥) سنة … فلا جديد في مقولتك هذه.

ج- ويدعي أن الإحصائية تشير إلى ارتفاع أعداد الذكور من كبار السن ممن يتزوجون بنساء أصغر منهم سناً، وهذا لا دليل فيه على أمر خاطيء ، فلعل فرق السن بين الزوجين ٣ سنين أو ٤ سنين، ويصدق عليه أن الزوج أكبر سناً والزوجة أصغر سناً، فقد يكون الزوج بعمر (٢٤) والزوجة بعمر (٢٠) ومع ذلك يصدق قول الإحصائية أن الأزواج الذكور أكبر من الأزواج الإناث.

د- ومن قال إن الدعوة إلى الزواج المبكر هي من لوازم إقرار القانون الشرعي للأحوال الشخصية؟ أليس القانون الوضعي العلماني النافذ يسمح بالزواج المبكر ومع ذلك فإن معدل الزواج – حسب الإحصائيات التي نقلتها على عهدتك – يبلغ (٢٥) سنة !

واحد وعشرون – يقول كاتب المقال (يمكن أن يضاف إلى ذلك امتناع الفتيات عن الزواج بأول طالب زواج بسبب الرغبة والمقاييس التي يضعنها في حساباتهن. هذه أمور لم يهتم بها المشرع، وربما لم يطلع عليها.زد على ذلك انخفاض مستوى التعليم في المجتمع وميل الفتيات إلى متابعة التعليم مما يحد من فرصهن للقبول بطالب الزواج منهن.)

التعليق:

أ- الاضطراب في أفكاره واضح، فإن امتناع الفتيات عن الزواج بسبب المقاييس التي تضعها هذه الفتيات لم يصنعها المشرع الداعي للقانون الشرعي للأحوال الشخصية، فإن كانت تلك المقاييس صحيحة ومشروعة وعقلائية فإنها تستحق التأييد، وإن كانت مقاييس غير عقلانية فواجب الجميع التوعية والتثقيف على تركها وعدم اعتمادها معياراً في قبول الزواج أو رفضه.

ب- اما استمرارهن في إكمال دراساتهن فهذا حق إنساني مكفول لها، ونحن نشجع على التعليم لكلا الجنسين وتعميق الوعي وارتفاع منسوب الثقافة والتحصيل العلمي للذكور والإناث معاً، ولكنك قيل قليل ذكرت َأن دولاً متقدمة علمياً وصناعياً وتكنولوجياً مثل أوروبا وأمريكا يحصل فيها الزواج المبكر دون أن يؤثر على التقدم العلمي.

ج- ومن قال لك أن القانون الشرعي يمانع من إكمال الفتاة دراستها وتحصيلها العلمي، بل على العكس من ذلك فإن بعض الوظائف والمهن المهمة لحفظ النظام الاجتماعي تتطلب تصدي النساء لهم مثلاً دراسة الطب بتخصصاته الكثيرة ومهنة التدريس والتربية والتعليم في جميع مراحلها حتى الجامعية منها وغيرها … وإذا إرادت الفتاة واقتنعت أن تجمع بين الزواج وإكمال تحصيلها العلمي فليس لك ولا لي أن نتدخل في قرارها، وإذا شاءت تأخير الزواج حتى تكمل تحصيلها العلمي فليس في القانون الشرعي للأحوال الشخصية ما يمنعها من ذلك.

الثاني والعشرون – يقول كاتب المقال (غاب عن ذهن المتحمسين لمقترح التعديل الذي يحث على الزواج المبكر من بين ما يحث عليه ارتفاع معدلات موت الأمهات عند الولادة والتي تصل إلى (46) لكل (100) ألف ولادة حية على الصعيد الوطني حسب إحصاءات وزارة التخطيط لعام 2021. وهذا معدل عال وخطير يرتفع بمديات خطيرة على مستوى المحافظات ليسجل أعلاها في محافظة ذي قار (76)، النجف (71) ميسان (70) وبغداد (68)، إلخ. وهذه طبعاً واحدة من نتائج الزواج المبكر إذ لا تقاوم الأمهات الشابات عبء الحمل صحياً ومعيشياً إلى جانب الافتقارللخدمات الصحية المتاحة واللازمة لهن مما يعرضهن للموت)

التعليق:

أ- إن نسبة وفيات الأمهات عند الولادة التي نقلها كاتب المقال تشمل كل النساء في عمر الإنجاب الممتد من (١٥-٤٩) سنة حسب تصنيفات وزارة التخطيط والصحة العراقية، فكيف عرف أن نسبة الوفيات في الأمهات اليافعات – على حد تعبير وزارة التخطيط – الممتد أعمارهن بين (١٥- ١٩) سنة  هي الأكثر من بين مجموع الأمهات مابين عمر (١٥-٤٩) سنة … ما هو إلا رجم بالغيب، أو أنها دعوى بدون دليل حاول التشبث بها لنقد القانون الشرعي للأحوال الشخصية.

ب- يعلم الأطباء أن من أسباب وفاة الأم عند الولادة وجود أمراض سابقة لدى الأم مثل ارتفاع ضغط الدم والسكر وأمراض القلب، ومن الواضح علمياً أن نسب إصابة الإنسان بهذه الأمراض تزداد مع تقادم العمر وليس في مقتبل العمر.

ج – الغريب أن كاتب المقال نقل نسبة وفيات الأمهات عند الولادة لسنة (٢٠٢١) بينما لم ينقل نسبة عام (٢٠٢٢) التي كانت ( ٢٦ حالة وفاة لكل مائة ألف ولادة ) وهذا الأسلوب يدل على عدم الموضوعية في نقل مؤشرات التقييم، علماً أن نسبة وفيات الأمهات في أمريكا لنفس السنة ٢٠٢١ كان (٦٩ وفاة لكل مائة ألف بين النساء السود) و (٢٦ وفاة لكل مائة ألف بين النساء البيض)

د – أحد أهم أسباب زيادة نسبة وفيات الأمهات عند الولادة عدم المواظبة والالتزام ببرامج خدمة الرعاية الصحية .. وفي تقرير وزارة التخطيط فإن نسبة الملتزمات ببرنامج خدمة الرعاية الصحية للحوامل كانت (٥٣٪؜) فقط سنة ٢٠١٦، وفي سنة (٢٠٢١) كانت ( ٧٣٪؜)  … وإهمال الرعاية الصحية للحوامل يزيد احتمال خطورة وفاة الأم عند الولادة سواء كانت الأم في عمر (١٦) سنة أو كانت في عمر (٣٠) سنة.

هـ-  بمراجعة تقرير وزارة التخطيط المنشور على موقعها فإن معدل الولادات عند اليافعات (١٥-١٩) سنة ويقصدون الأمهات التي بهذا العمر كان (٥٠) حالة ولادة من مجموع (١٠٠٠) حالة ولادة لكل أعمار الأمهات … وهذا يعني أن نسبة ولادات الأمهات اليافعات – على حد تعبيرهم – تشكل (٥٪؜) من مجموع ولادات الأمهات لجميع الأعمار … وهو يثبت أن نسبة الزواج المبكر المسموح بها قانوناً نسبة قليلة جداً بالمقارنة مع زيجات الأعمار التي تترواح بين (١٩- ٤٩) سنة …. وهكذا أبطلنا وبالأرقام دعواكم بأن أسباب وفاة الأمهات عند الولادة يعود للعمر المبكر للزواج؟ وباحتساب نسبة وتناسب مابين ولادات الأمهات اليافعات وغيرهن من الأمهات يستنتج أن نسبة وفيات الأمهات عند الولادة تكون هي الغالبية في غير الأمهات اليافعات.

و- ونذكر مثالاً آخر يبطل فرضية كاتب المقال التي تربط  بين سماح القانون بالزواج المبكر وبين زيادة معدلات وفيات الأمهات عند الولادة، إذ يسمح القانون البحريني بزواج الفتاة بعمر (١٦) سنة بعد إذن المحكمة الشرعية ومع ذلك فإن نسبة وفيات الامهات عند الولادة في البحرين عام (٢٠٢٠) لم تتجاوز (١٦) حالة لكل مائة ألف ولادة.

ز- ومثال آخر يفند فرضية كاتب المقال بالربط بين الزواج المبكر وزيادة معدل وفاة الأمهات عند الولادة، فإن القانون الجزائري يحدد عمر (١٩) سنة للزواج، وتشير إحصائياتهم الرسمية إلى أن معدل عمر الزواج هو (٣١) سنة للنساء ، و(٣٥) سنة للرجال، ومع ذلك فإن نسبة وفيات الأمهات عند الولادة بلغت عام ٢٠٢٠ (٧٨) حالة وفاة لكل مائة الف ولادة … وهو يزيد خمسة أضعاف تقريباً عن نسبة وفيات الامهات عند الولادة في البحرين على الرغم من الزواج المبكر في البحرين أعلى حصولاً و معدل عمر الرجل عند الزواج في البحرين هو (٢٧) عاماً خلال العام المذكور بينما يبلغ معدل عمر المرأة (٢٤) سنة خلال نفس ذلك العام.

ح- ويقول كاتب المقال (الافتقار للخدمات الصحية المتاحة واللازمة لهن مما يعرضهن للموت) وهذا سبب عام يشمل الزواج المبكر للنساء والزواج المتأخر في العمر، وترى أن صاحب المقال يحاول التحشيد لأفكاره الخاطئة بالغث والهزيل من الأدلة والشواهد !.

الثالث والعشرون – يقول كاتب المقال (تساهم حالات الزواج المبكر بزيادة حجم السكان حيث تمتد فترة الإنجاب لفترة طويلة في الوقت الذي لا يظهر المجتمع بمؤسساته الصحية والتعليمية والخدمية الأخرى قدرة على مواكبة متطلبات الزيادة السكانية. يتزايد المجتمع العراقي بمعدل (3) من (4) أي ما يقدر بـ (85٪) وهذا معدل زيادة سريع ويعني من بين ما يعنيه أن المجتمع العراقي يستطيع مضاعفة حجمه كل عشر سنوات. وهذه مشكلة خطيرة أخرى تقف بمواجهة بقاء الخدمات والإمكانات اللازمة لاستقبال هذه الأعداد الجديدة من البشر،تراوح في مكانها.)

التعليق :

أ- ان كاتب المقال يعترض على زيادة نسبة النمو السكاني مطلقاً سواء نتجت عن زواج مبكر أو متأخر، لأن زيادة الإنجاب ممكن أن تحصل حتى في الزواج المتأخر، فهي تابعة لرغبة الزوجين، فقد يقلل أزواج بعمر مبكر إنجابهم ويزيد أزواج بعمر متأخر من إنجابهم …

ب- لاعلاقة للقانون الشرعي بزيادة النمو السكاني لأن القانون الوضعي النافذ يسمح بالزواج المبكر. وقد نقلنا لك إحصائيات وزارة التخطيط التي تذكر أن نسبة الولادات من الزيجات المبكرة تساوي (٥٪؜ ) من مجموع ولادات الزيجات وهي نسبة قليلة جداً.

ج -وإن كان ما طرحه الكاتب في هذا المقطع لا ربط به بالقانون الشرعي للأحوال الشخصية ولكننا سنجاريه ونناقشه في فكرته الداعية لتقليل النسل …… فنقول إن الزوجين إذا أنجبا اثنين من الأولاد فإنهما لم يزيدا في المجتمع شيئاً لأن الاثنين بدل الاثنين فلا زيادة على المدى البعيد، وتوجد حالات نقص في المجتمع لأن كثيراً منهم يموتون في عمر الطفولة أو الصبى أو الشباب قبل الزواج بالموت الطبيعي أو الحوادث، وقد يتزوج أزواج ولا ينجبون أو ينجبون دون العدد، فيحصل نقص في المعدّل يسده إنجاب الولد الثالث، ويتحقق التكثير بالولد الرابع.

د- نفس الدولة الغربية والصناعية الكبرى حاولت إقناع الشعوب بتحديد النسل وتقليله لكنهم أصيبوا بكارثة حيث بدأ عدد السكان ينخفض وارتفع عدد المسنين في المجتمع، وهذا خلاف ما تدعو له من زيادة الإنتاجية وتنمية الاقتصاد الذي يحصل بأفراد يتمتعون بحيوية ذهنية وبدنية تتطلبها أنشطة الصناعة وتقدّم الخدمات والتنمية الاقتصادية.

هـ- ولجأت بعض الدول الإسلامية لسياسة تقليل الإنجاب لمنع الانفجار السكاني – كما قيل – الذي اعتبر السبب في ارتفاع نسبة البطالة وانخفاض مستويات التعليم ونوعية المعيشة، حيث أن معدل النمو تجاوز الذروة بما يقدر ب (٣،٢٪؜) … لكن بعد عشرين عاماً أظهرت الإحصاءات أن معدل الأطفال المولودين لكل إمرأة يصل إلى أقل من (٢٪؜) الذي يعتبر الحد الأدنى المطلوب في الدول الصناعية لتجنب الانخفاض في عددٍ السكان… فتراجعت عن قرارها بتحديد النسل.

و- إن أقوى الموارد التي تمتلكها الدول هي الموارد البشرية، خذ الصين مثلاً فان سكانها تجاوز المليار وثلاثمائة مليون نسمة، واقتصادها في نمو مضطرد أقلق الدول الصناعية الكبرى.

ز- إن التقارير العالمية بينت مجموعة مشاكل اجتماعية وأخلاقية ترتبت على قرارات تحديد النسل في بعض الدول التي اتخذتها ومن ذلك زيادة حالات الإجهاض القسري ووأد البنات، وعدم التوازن بين الجنسين، فهل يجوز بمعيار العدالة أن تعيش أنت مقابل قتل نفس محترمة بريئة ؟ هذه عقلية جاهلية ومنهجية أنانية قاسية لا تفكر إلاّ بصاحبها وتهمل التفكير بغيرها من أبناء البشر .. تعساً لحضارة تحاول معالجة وإدارة اقتصاد بلدانها بقتل النفوس المحترمة وإجهاض الأجنة البريئة !.

ح- وقد تراجعت بعض الدول الصناعية الكبرى كالصين مع عدد سكانها الهائل عن قرار تحديد النسل عام ٢٠١٥ وأصدرت قراراً يسمح بإنجاب كل عائلة طفلين بعد أن كانت تمنع إنجاب أكثر من طفل.

ط- وقد تم الطعن في سياسة الطفل الواحد وتحديد النسل لانتهاكها حق الانسان في تحديد حجم الأسرة المناسبة للفرد وفقاً لتصريح عام ١٩٦٨ الصادر عن المؤتمر الدولي لحقوق الإنسان الذي ينص على (للآباء حق إنساني أساسي في أن يقرروا بحرية ومسؤولية عدد أطفالهم ومدى المباعدة بين الولادات).

ي – إن معدل النمو السكاني العراق يبلغ (٢،٥٪؜) تقريباً، وهو مقارب لحفظ توازن المجتمع والحيلولة دون شيخوخته، وهذه نسبة النمو مع وجود القانون الوضعي العلماني النافذ الذي يجيز الزواج المبكر، ومع ذلك لم يحصل خلل في توازن النمو السكاني !.

الرابع والعشرون – يقول كاتب المقال (يسمح مقترح التعديل بانتهاك حقوق النساء المستضعفات في المجتمع وفي مقدمتهن، بنات الفقراء. إذا ما علمنا أن نسبة الفقر في العراق تقدر رسمياً بـ 30٪ يمثلون الأشخاص الذين يعيشون دون خط الفقر فإن هؤلاء سيكونون أول ضحايا مقترح التعديل. عوضاً عن الدعوة لتقديم المعونة للعوائل الشابة التي لديها فتيات وفتيان دون سن الرشد فإن التشجيع على الزواج المبكر سيساهم بإدامة دورة الفقر. معروف أن الفقراء يزوجون بناتهم لأبناء الفقراء، وسينجب هؤلاء ويدخلون في دورة المعاناة المتوقعة التي تجعل الفقر أمراً لا خلاص منه، يتوارثونه جيلاً بعد آخر.)

التعليق:

أ- لم يوضح كاتب المقال كيف ينتهك القانون الشرعي للأحوال الشخصية حقوق بنات الفقراء؟ خصوصاً وقد كررنا الجواب عليه أن القانون الوضعي العلماني يسمح بزواج البنت بعمر (١٥) سنة، فيكون قانونكم العلماني هو الذي ينتهك حقوق بنات الفقراء – إذا جاربناك في التفكير ولن نجاريك – ويقول الكاتب إن بنات الفقراء سوف تتزوج من فقراء أيضاً ويدوم فقرهم، ومن الواضح أن زواج الرجل الفقير مبكراً اصعب من زواج المرأة الفقيرة لأن كلفة الزواج المالية تترتب على الزوج، وهذا ما يجعل كثير من الرجال الفقراء يتأخرون في الزواج لحين تيسّر أمورهم المالية !
وإذا كنتَ تقصد أن أهل البنت الفقراء يزوجونها لشخص فقير مثلها فماذا ينتفعون وماذا تنتفع بنتهم من مثل هذا الزواج المبكر مادام أنه لايحسّن أحوالهم ولا أحوال بنتهم الاقتصادية والمعيشية؟، ولو إنك قلتَ أن الفقراء يزوجون بناتهم لأغنياء تحسيناً لأحوالهم المالية لكان يمكن تصديقه – وإن كنّا لا نؤيد سلوك الأهل هذا السلوك وتزويج بناتهم للفائدة المالية – وإذا كان تزويج الأب لبنته خلاف مصلحتها أو يقود للإضرار بها فإن القانون الشرعي يسقط ولايته ولا يعتبر إذنه وموافقته في زواج البنت نافذاً، بل يعتبر إذنه لاغياً وباطلاً عديم الأثر.

ب- كأن الكاتب يريد على طول الخط عدم زواج الفقير من الفقيرة وإن كانت أعمارهم تتجاوز الثلاثين سنة، لأنه يقطع بأن حياتهم ستكون فقراً يتوارثونه الأجيال، وهذا غريب منه وخلاف الملاحظ والمشاهد، فكم من فقير وفقيرة تفوقوا بدراستهم وتحصيلهم العلمي وتغيّرت ظروفهم الاجتماعية والمعيشية، .. وإذا مشينا مع طريقة تفكير الكاتب في عدم زواج الفقير من الفقيرة، فإن الرجال الفقراء لابد أن يبقوا بلا زواج حتى نهاية حياتهم لأن النساء من بنات الأغنياء لا يرضين بالزواج من فقير خوفاً من توارث أبنائهم الفقر كما يدّعي كاتب المقال، وكذلك النساء الفقيرات لأن الأغنياء إذا أخذوا بنهج كاتب المقال وتفكيره فإنهم سيمتنعون عن الزواج من إمرأة فقيرة.

ج- نحن نعتقد أن الزواج سبب فاعل لتحصيل الرزق وتحسين المعيشة لأن الرجل يجد نفسه أمام مسؤولية مباشرة بالإنفاق على زوجة وأولاد، فيكون الزواج محفزاً على العمل والسعي لتحصيل معيشة كريمة له ولعياله.

د- بينما تشجع  الشريعة الإسلامية الرجل الميسور الحال على زواج الإمرأة الفقيرة مادامت عفيفة تحفظ الرجل في نفسها، وتشجع التبت ميسورة الحال والأهل على الزواج من الرجل مادام حسن الأخلاق والدين وناضج العقل وإن كان فقيراً … فالقانون الشرعي لا يعتمد في تحقيق غاياته بسعادة البشر بمجرد الإلزام والوجوب، بل يربي اتباعه ومعتنقيه على أخلاق وصفات كمالية تجعلهم يندفعون لتطبيقه، وهو ما يفتقد له القانون الوضعي العلماني المقتصر على نصوص قانونية جامدة لا تجد طريقا سالكاً لقلوب الأفراد، فلذلك يتحايلون عليه ويخالفونه مادامت الرقابة غائبة عنهم.

هـ- وبعبارة أخرى إن القانون الشرعي كما يمنع في نصوصه الآباء من تزويجهم لبناتهم زبجات غير صالحة لهن ولا تحقق مصلحتهن، ويسقط ولايتهم ويلغي أثر موافقتهم على الزواج الضار بالبنت، فإن القانون يربي الأب على رعاية مصلحة بنته وابنه ويعده بالثواب الجزيل والنعيم الدائم إذا أحسن رعاية الأمانة وحافظ على مصالح بناته وأبنائه .. وهذا العامل التربوي يفتقده القانون الوضعي العلماني.

الرابع والعشرون : يقول كاتب المقال ( تتداخل مع دورة الفقر ظاهرة ارتفاع معدلات انتحار النساء الشابات المتزوجات الفقيرات والتي تم رصدها في دراسة ميدانية للباحثة نجلاء كامل. خلافاً للتوقعات التقليدية التي تفترض أن المتزوجات والمتزوجين أكثر استقراراً من النواحي الاجتماعية والنفسية، وأقل ميلاً بالتالي إلى الانتحار فقد بينت الدراسة التي أجريت على عينة من النساء المتزوجات الشابات في مدينة الصدر ارتفاع حالات الانتحار بينهن. في حالة معينة على سبيل المثال، يطلب من الشابة المتزوجة حديثاً إخلاء الغرفة التي تزوجت بها قبل أشهر لتزويج أخو العريس. تشكو البنت إلى أهلها. يشيرون عليها بالبقاء، والتحمل لأنهم لا يستطيعون تحمل عبئها مما يضعها أمام قرار الانتحار، بلا تردد. تدخل الحمام. تصب النفط على رأسها، وتشعل النار. لا أحد يستطيع انقاذها لأنها أغلقت باب الحمام من الداخل. هذه واحدة من الأمثلة التي ينقلها البحث الميداني في العراق. لا تنتحر الفتاة أو المرأة التي تحظى بالعناية والرعاية والاهتمام، انما ينتحر من لا يجد له / لها مكان آمن ومطمئن في هذا العالم.)

التعليق:

أ- يدّعي كاتب المقال ارتفاع حالات الانتحار بين المتزوجات الشابات الفقيرات ويستشهد بحالة إمرأة دليلا يدّعيه على إثبات ظاهرة ! وهذا معيار غريب جداً، فإن إثبات ظاهرة يتطلب أرقام وإحصاءات من الجهات الرسمية المختصة وتأييد من الجهات الطبية والصحية بإثبات سبب الموت كونه انتحاراً، وليس إطلاق ادعاءات ودليلها حالة فردية – مع تعاطفنا ودفاعنا عن كل مظلوم وخصومتنا لكل ظالم –

ب- الانتحار لايقتصر وقوعه على المتزوجة الشابة الفقيرة، بل حصل من قبل ضباط كبار، وتجار كبار، وطلاب مدارس، وموظفين، وشخصيات اجتماعية معروفة، فهل نستطيع تعميم سببه على كل شريحة ينتمي إليها الشخص الذي  أقدم على الانتحار ونقول أن الانتحار ظاهرة في كل هذه الشرائح..

ج- ومن الأدلة الواضحة على خطأ استنتاج كاتب المقال أن نفس هذا القانون الوضعي الذي يجيز زواج الشاب والشابة الفقراء كان معمولاً به في زمن تسعينيات القرن الماضي حيث تعرض البلد الى حصار اقتصادي ظالم تسبب بفقر وصعوبة معيشة الأغلبية الساحقة للعراقيين، ومع ذلك لم تسجل حوادث انتحار كما هو حاصل في السنوات الأخيرة لا في شريحة المتزوجات الشابات أو طلاب المدارس الذين يخفقون بتحقيق آمالهم الدراسية، ولافي بقية شرائح المجتمع، مما يعني أن عوامل جديدة برزت وأثّرت في تزايد وقوع حالات الانتحار لدى أغلب شرائح المجتمع، وليس هو الزواج المبكر فإنه كان موجوداً ومسموحاً به قانونياً.

د – إذا يلاحظ المراقب الموضوعي حوادث الانتحار ويقارن وقوعها في السنوات الأخيرة وتزايدها وتوزعها على شرائح اجتماعية عديدة مع ضعف نسبة وقوعها في تسعينيات القرن الماضي مع ملاحظة صعوبة الظروف الاقتصادية والسياسية والاجتماعية في تلك الفترة يستطيع التوصل إلى أسباب هذه الظاهرة ووفودها من خلال الثقافة الغربية المادية التي غزت بلدان المسلمين وبلدنا العراق بسبب اتساع الاتصال وسهولته بواسطة التقنيات الحديثة، فضعف العقيدة والتدين وحلول الثقافة المادية المجردة عن المعنويات سبب أساسي لتزايد لظاهرة الانتحار في المجتمع عموماً، ولايمكن انكار وجود عوامل مساعدة على تزايد وقوع الانتحار مثل الجانب الاقتصادي المتردي، وضعف دور التربية الاسرية السليمة وغياب دور مؤسسات الدولة المهنية بمعالجة مناشيء سلوك النزوع نحو الانتحار.

هـ- ووقوع حالات الانتحار من قبل الزوج أو الزوجة شاباً كان أو أكبر في العمر يحصل ليس بسبب الوضع الاقتصادي حصراً بل جراء مشاكل عديدة أحدها الاقتصادية، وكذلك فإن احتمالية وقوع المشاكل وعدم الانسجام والنفرة بين الزوجين ليس منحصراً بالزوجين الشابين فقط .. وبمتابعة سريعة للحوادث يتضح لك ما قلناه.

و – الملاحظ على كاتب المقال أنه يحلل الحوادث والوقائع الاجتماعية وفق قناعة مسبقة يطوّع فيه المعطيات والشواهد لتأييد فكرته، وليس السير مع المعطيات والشواهد بتحليل علمي محايد فيتقبل ما تقود إليه تلك المعطيات من استنتاج إو تقييم، وهو المنهج الذي يفترض أن يسلكه الباحث الموضوعي عن الحقيقة.

ز- ومن المؤيدات لصحة تحليلنا أن العراقيين كانوا يعيشون ظروفاً غاية في القسوة من الناحية الأمنية وكثرة الاعتقالات التعسفية التي مارسها النظام ضد مئات آلاف المواطنين طيلة فترة حكمه الجائر، وإدخال البلاد في حروب عبثية يُساق فيها الشباب إلى تلبية نزوات طاغية مستبد رغماً عنهم وإكراهاً لهم، وتعرض الشعب لحصار اقتصادي شديد القسوة ومستوى معيشي تحت خط الفقر لغالبية العراقيين، ومضايقات في الحريات الشخصية وانتهاك الكرامات ومحاربة لهم في أفكارهم ومعتقداتهم التي يؤمنون بها، بحيث أصبح العراق في زمن حكم البعث وصدام المجرم كالسجن الكبير بمقاسات منهج قمعي دموي ديكتاتوري، ومع ذلك لم تكن حالات الانتحار موجودة بشكل يلفت الانتباه بسبب ندرتها …

الخامس والعشرون: يقول كاتب المقال (يتمثل دليل آخر على استشراء الفقر في العراق بارتفاع معدلات وفيات الأطفال الرضع والتي تسجل (22) لكل ألف من السكان. وهذا معدل عالي جداً إذا ما قورن بما لا يزيد عن (2) أو (3) في بعض البلدان المتقدمة. ترتفع معدلات وفيات الأطفال الرضع إلى مديات خطيرة على مستوى المحافظات حيث تبلغ أعلاها في دهوك (41)، بابل (34)، النجف (29)، ديالى (28) وتنخفض إلى (5) في السليمانية، و(11) في الأنبار. تسلط معدلات وفيات الأطفال الرضع ممن تقل أعمارهم عن العامين ضوءً مهماً على الحالة المعيشية والاقتصادية للأمهات من حيث أنها تظهر مدى اكتمال صحة الأم، ومدى توفر الخدمات الصحية اللازمة لها والحالة الاجتماعية التي تحظى بها. في ضوء هذه الحقيقة لنا أن نتوقع زيادة في معدلات وفيات الأطفال الرضع في حال زادت أعداد الفتيات المتزوجات بسن مبكرة. )

التعليق:

أ- يدّعي الكاتب وجود ارتباط بين الفقر وارتفاع وفيات الأطفال الرضع، ويستدل على وجود الفقر بوقوع الوفيات بين الأطفال الرضع … وهذ تكلّف منه فان معرفة الفقر وتشخيصه أوضح من هذا الاستدلال والتنظير ! وإذا كان الفقر أحد أسباب الوفاة لدى الرضع فهو غير مختص بالزواج المبكر، فكذلك يمكن أن يكون الأزواج في سن متقدمة من العمر وتكون حالتهم الاجتماعية والاقتصادية صعبة وفيها ضيق شديد، فدليله أعم من مدعاه وأشمل للحالة التي ذكرها ولغيرها فلايصلح أن يكون سبباً منحصرا بالزواج المبكر مادام أنه موجود في الأزواج بعمر متأخر كذلك.

ب- ويدّعي كاتب المقال وجود ترابط بين معدلات وفيات الاطفال الرضع ومستوى الخدمات الصحية  التي تحظى بها الأم، وهذا صحيح ويشمل فترة الحمل وما بعد الولادة ولكن تأثير هذا العامل غير مختص بالنساء المتزوجات بعمر مبكر، بل يشملها ويشمل غيرها ممن تتزوج بعمر متأخر، فنقص وتردي الرعاية الصحية يؤثر سلباً على جميع الأمهات …

ج- وبمراجعة دراسة الأستاذ (هيزا محمد نور محمد) بإشراف الأستاذ الدكتور فاطمة علي عبد العاطي والأستاذ الدكتور محمد عبد الفتاح فودة في الإقليم سنة (٢٠١٥) أظهرت الإحصاءات أن معدل الوفيات حديث الولادة للرضع من ام عمرها اقل من (٢٠) سنة بلغت (٢١ وفاة لكل الف حالة ولادة) بينما بلغت في الأمهات بعمر (٢٠-٢٩) سنة عدد حالات وفيات الرضع (٢٠) وفاة لكل ألف حالة ولادة، وبلغت في الأمهات بعمر (٣٠-٣٩ ) سنة عدد وفيات حديث الولادة (٢١وفاة لكل ألف حالة ولادة) وترى النسبة بين النساء المتزوجات دون سن العشرين وما بعد سن العشرين متساوية تقريباً، وتزداد نسبة وفيات الاطفال الرضع في الأمهات بعمر أكثر من (٤٠) سنة إذ بلغت ( ٢٦ وفاة لكل ألف حالة ولادة)

د- وفي نفس الدراسة أعلاه فان معدل الوفيات ما بعد حديث الولادة بلغت في الأمهات دون سن (٢٠) سنة أقل من ٧ وفيات ( ٦،٩٤ وفاة لكل ألف حالة ولادة) بينما بلغت الوفيات في الأطفال الرضع ما بعد حديث الولادة في الأمهات في عمر (٢٠- ٢٩ ) سنة أكثر من ٧ وفيات (٧،٥٩ حالة وفاة لكل الف ولادة) وبلغت الوفيات في الأمهات بعمر (٣٠-٣٩) سنة (٦،٧ وفاة لكل الف حالة ولادة ) ومن يقارن بين الارقام يجد إما تساوي نسبة الوفيات في الرضع، أو أن النسبة أقل في الامهات بعمر دون (٢٠) سنة .

هـ- تقرير وزارة الصحة العراقي لسنة ٢٠١٩ المنشور على موقع الوزارة يبين أهم عشرة أسباب للوفيات الرضع، تشكل نسبة (٧١٪؜) من أسباب وفيات الرضع منها الاضطرابات التنفسية، والتشوهات الخلقية والأمراض الجرثومية وهذه الأسباب الثلاثة بمجموعها تشكل (٥٣٪؜) من أسباب الوفيات لدى الرضع … وهي غير مرتبطة بعمر الزواج لا من قريب ولا من بعيد .

السادس والعشرون: يقول كاتب المقال (سكانياً وطبياً يلاحظ أن قدرة المرأة على الحمل السليم الذي تستطيع القيام به يبدأ بعد بلوغها العشرين من العمر. على المدى البعيد، تعرّض حالات الحمل المبكر في أحسن الأحوال النساء لأمراض الشيخوخة المبكرة ومن أهمها هشاشة العظام ووجع المفاصل إلى جانب زيادة الإجهاض لضعفهن وعدم تهيؤهن بدنياً.).

التعليق:

أ- سلامة الحمل للمرأة في عمر معين يكتشف من مؤشرين مهمين الأول انخفاض نسبة وفيات الأمهات عند الولادة وكذلك انخفاض نسبة وفيات المواليد الرضع، وذكرنا مثالاً للمؤشر الأول يدلل على انخفاض نسبة وفيات الأمهات عند الولادة في بلد بينت الإحصاءات الرسمية فيه أن معدل عمر الزواج للنساء كان  (٢٤) سنة و كانت نسبة وفيات الأمهات عند الولادة فيه لم تتجاوز (١٦) وفاة لكل مائة ألف حالة ولادة، بينما بلغت نسبة وفيات الامهات عند الولادة في بلد آخر معدل عمر زواج النساء فيه (٣١) سنة بلغت وفيات الأمهات (٧٨) وفاة لكل مائة ألف حالة وفاة، علماً أن العمر القانوني الأدنى للزواج في البلد الذي تقل نسبة وفيات الأمهات عند الولادة فيه كان (١٦) سنة، بينما كان العمر القانوني الأدنى في البلد الذي ارتفعت فيه معدلات وفيات الأمهات عند الولادة كان (١٩) سنة

ب- ونقلنا في فقرات سابقة إحصاءات عن دراسة علمية أثبتت بالأرقام أن معدل وفيات الأطفال الرضع كانت أقل في الأمهات التي يقل عمرها عن (٢٠) سنة أو مساوي لعدد وفيات الرضع في الأمهات التي يزيد عمرها على (٢٠) سنة، فيثبت بالمؤشرات العلمية الطبية ان عمر العشرين سنة ليس هو الأكثر سلامة لحمل النساء بالمقارنة مع عمر دون العشرين سنة.

ج –  مرة أخرى يدّعي كاتب المقال دون دليل أو معطيات علمية بأن سن الحمل السليم يبدأ من العشرين عاماً … ولا أدري كيف ولماذا اختار هذا السن دون غيره مثلا (١٨) او (١٩) او (٢٠) سنة … ولو نسأل الأطباء وأهل الاختصاص هل تحصل لدى المرأة في سن العشرين تغيرات فسيولوجية أو هرمونية أو يكتمل نضج جهاز أو عضو بدني لديها في هذا العمر دون غيره ؟ والجواب العلمي لمن درس علم الطب والعلوم المرتبطة به يدرك جيداً أن كلام كاتب المقال لاقيمة علمية له مطلقاً.

د-الدراسات الطبية تقرر أن حمل المرأة مع تقدم العمر (٣٥) سنة يقود إلى مضاعفات صحية على الأم وعلى الجنين، ومن تلك المضاعفات زيادة خطر الإصابة بمرض السكري الحملي وما يترتب عليه من مخاطر حدوث ولادة مبكرة والمضاعفات التي قد تصيب المولود بعد ولادته. ويزداد خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم مع تقدم سن المرأة الحامل.

ومن مخاطر الحمل في سن متأخر ولادة طفل بوزن أقل وخديج مع مشاكل صحية معقدة، وتزداد احتمالية اصابة الاطفال المولودين لأمهات اكبر سناً بامراض صبغية معينة مثل متلازمة (داون)، وتزداد مخاطر الإجهاض التلقائي وولادة الجنين مبكراً مع التقدم في السن، وتشير الدراسات الطبية عند بلوغ المرأة منتصف الثلاثينات تقل عدد البويضات وجودتها، ويصبح تخصيب البويضات أصعب من ذي قبل .

هـ- تتناقص عدد البويضات مع تقدم النساء في العمر، والبويضات المتبقية لدى النساء تكون أكثر عرضة لوجود كروموسومات غير طبيعية، ومع تقدم المرأة بالعمر تكون أكثر عرضة للاصابة التي يمكن أن تؤثر على الخصوبة مثل (الأورام الليفية الرحمية، وبطانة الرحم المهاجرة).

و-إن سبب هشاشة العظام عند النساء تزداد بعد انقطاع الطمث، وليس بسبب حمل المرأة والإنجاب كما ادّعى كاتب المقال، لأن هرمون الاستروجين ينقص أو ينعدم افرازه لدى المرأة بعد انقطاع الطمث، .. ولذلك تزداد خطورة الإصابة بمرض هشاشة العظام عند النساء بعد سن اليأس .. وكما ترى يترافق هذا السبب مع عدم قدرة المرأة على الحمل والانجاب …

ومن أسباب هشاشة العظم لدى النساء:

هو فشل المبايض المبكر الذي يتسبب بعدم إطلاق البويضات بانتظام من المبيضين وعدم إنتاج كمية كافية من هرمون الاستروجين المسؤول عن الحفاظ على صحة العظام … وهذا السبب كما ترى يترافق مع عدم قدرة المرأة على الحمل والانجاب !

ز- إذا كنتَ تعتقد بان المراة غير مهيئة للحمل السليم قبل سن العشرين، فلماذا تدافع عن القانون الوضعي العلماني النافذ الذي يجيز زواج المرأة بعمر (١٥) سنة؟

ح- الدول المتطورة علمياً وبحثياً في حقل الطب الانساني لم تتفق مع مقولتك هذه واجازت قوانينها زواج المرأة دون العمر الذي ذكرته انت !

ونذكر لك أمثلة على عمر زواج البنت دون ما تريد انت من دول متقدمة في الطب والبحث العلمي:

1. في سنة ٢٠٢٣ رفض مجلس شيوخ ولاية فرجينيا الغربية التصويت على رفع سن الزواج إلى ١٨ سنة للفتيات، وقرر الإبقاء عليه عند سن ١٦ سنة.

2. تشير إحصاءات منظمات أمريكية إلى أن العديد من الولايات تسمح بشكل قانوني بزواج الاطفال في سن ١٣ عاماً، ناهيك عن وجود استثناءات حسب تقرير مجلة (إيكونوميست البريطانية).

3. وبحسب تقارير ودراسات نشرتها مواقع عالمية فإن القانون في ولاية (نيو هامشير) يحدد سن الزواج للفتيات (١٣) سنة، وللذكور (١٤) سنة.

4. حتى عام (٢٠١٧) كانت جميع الولايات الخمسين الأمريكية تسمح للفتيات دون سن (١٨) بالزواج، ولكن منذ عام ٢٠١٨ حظرت ٦ ولايات أمريكية الزواج قبل سن ١٨ عاماً.

5. في تقرير لمجلة ( إيكونوميست) البريطانية تقول إن ظاهرة زواج الفتيات بهذه الأعمار تنتشر عند العلمانيين والملتزمين دينياً على حد سواء، ويرى المؤيدون لزواج الأطفال – حسب تعبير التقرير – أنه يخفض نسب الولادات خارج إطار الزواج (أولاد الزنا) ويقلل عدد الامهات التي يعشن على الرعاية الاجتماعية (باعتبار أن من أقام العلاقة معها وانجبت منه طفلا يتركها) إذ لايوجد إلزام قانوني عليه في هذه العلاقة غير القانونية !

6. لحد سنة ٢٠١٧ كان سن الزواج في ولاية نيويورك يبلغ (١٤) سنة !.

7. ولاية ميسوري الأمريكية تسمح بزواج الفتيات بعمر (١٥) سنة بموافقة أحد الوالدين، مما جعلها مقصداً لمن يريد الزواج بهذا العمر – حسب وسائل إعلام أمريكية -.

8. نقلت تقارير مختصة أن (١٤) ولاية أمريكية إضافة إلى واشنطن العاصمة، تمنح قوانينها كتبة المقاطعات (مسؤولي المقاطعات) بدلاً من القضاة سلطة إصدار تراخيص الزواج للفتيات دون سن ١٨ عاماً.

السابع والعشرون : يقول كاتب المقال (وهناك شريحة النساء المعيلات لعوائلهن والأمهات الوحيدات. مما يؤسف له فإنّ المجموعة الإحصائية الصادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء لا توفر بيانات في هذا الصدد ولكننا نعرف أن هذه الشريحة واسعة بل وآخذة في الاتساع من حيث العدد وأعمار الأفراد فيها لأسباب لا تخفى على حليم. ستكون هذه الشريحة الاجتماعية المستضعفة بحكم الفقر والحاجة قضمة أخرى يبشر مقترح التعديل بتقديمها للراغبين في قضمها.)

التعليق:

أ- كيف ستكون شريحة النساء المعيلات لعوائلهن والامهات الوحيدات قضمة – على حد تعبيره – للراغبين في قضمها، فإن كانت المرأة التي يقصدها الأرملة أو المطلقة المعيلة لأولادها ، فالقانون أيضاً يشترط نفس الشروط والضوابط المطلوبة في زواج الإمرأة الشابة الباكر من رضا المرأة وإبرام عقد الزواج من قبل المخوّل شرعاً وقانوناً من قبل القضاء الرسمي أو ديوان الوقف وبعد ذلك تصادق محكمة الأحوال الشخصية الرسمية على العقد بعد التأكد من توافر أركان العقد وشروطه وانتفاء الموانع في الزوجين، ولا أدري لماذا يعارض كاتب المقال زواج هذه الشريحة من النساء بعد أن ادّعى هو ابتلائهن بعضهن بمعاناة ظروف الفقر والحاجة مع ضمان حقوقهن وتثبيت عقود زواجهن في المحكمة المختصة الرسمية بعد التحقق من توافر كل الشروط الشرعية والقانونية !

فهل يرى الحل ببقاء هذه النساء بدون زواج !؟ ولماذا يحكم عليهن بالمنع من الزواج وتحصيل الاستقرار النفسي والعائلي وإعانة الزوج الحديد لها في التغلب على معاناتها والمشقة التي تواجهها وهي وحيدة في تحمل مسؤولية إعالة أولادها ؟

وهي حرة وعاقلة تمتلك قرارها وتستطيع تمييز مشروع الزواج الذي ينفعها وينتج استقرارها واستقرار أولادها من الزواج غير المناسب.

ولا ينقطع استغرابي من اعتراضه في هذا المقطع من كلامه، ولكنه يحاول تحشيد الادعاءات والمزاعم المفتقرة للدليل والواضحة البطلان لغرض الاعتراض على القانون الشرعي فقط .

ب- وفات كاتب المقال أن القانون الوضعي العلماني في المادة الثالثة – يجيز للرجل الزواج بأكثر من واحدة إذا كان المراد الزواج بها أرملة ولا يحتاج هذا الزواج الثاني إلى إذن القاضي ولا يتوقف على الكفاية المالية للزوج لإعالة أكثر من زوجة، بل حتى شرط الخوف من عدم العدل بين الزوجات يسقط في هذه الحالة استناداً للمادة الثالثة – الفقرة السابعة … فهذا القانون الوضعي الذي تدافع عنه يجبز الزواج بأكثر من إمرأة إذا كان المراد الزواج بها أرملة حتى مع عدم تحقيق العدالة بين الزوجات وعدم كفاية الزوج المالية .. فأي القانونين هو الذي يجعل المرأة قضمة – على حد تعبيرك – !؟

بينما يوجب القانون الشرعي اقامة العدالة بين الزوجات حتى وأن كانت أرملة ويوجب العدالة في الإنفاق الواجب عليه تجاهها وتلبية حقوقها الزوجية الواجبة !!. وأن لا يميل ظلماً في تعامله على إحدى زوجاته ويعتبر ذلك إثماً وذنباً ومنقصة أخلاقية، وإذا قصّر في الانفاق الواجب  فان النفقة تكون في ذمة الزوج يسددها للزوجة حال تيسّر اموره المالية بغض النظر عن كون الزوجة باكراً حين إبرام عقد الزواج أو كانت أرملة.

الثامن والعشرون – يقول كاتب المقال (مما لا شك فيه فإن قبول عقود الزواج خارج المحاكم ستجعل من المرأة “سلعة بائرة” ما أن تتزوج فيما لا تضير الرجل الذي يمكن له أنْ يتزوج مرة ثانية وثالثة ورابعة.)

التعليق: وهذا كلام كذب أيضاً، فقد ذكرنا في الفقرة السابقة من الأجوبة أن عقد الزواج يتم إبرامه من قبل مخّولين شرعاً وفانوناً يخولهم القضاء الرسمي أو ديوان الوقف وتصادق المحكمة المختصة على عقود الزواج بعد ان تتحقق من توافر اركان العقد وشروطه وانتفاء الموانع في الزوجين، ومن أركان العقد وشروطه رضا المرأة المتزوجة ورشدها وموافقة أبيها ويكتسب العقد صفة الرسمية بعد مصادقة محكمة الأحوال الشخصية الرسمية … فاتهامك هذا (أن المرأة ستكون سلعة بائرة) إهانة لنفس الزوجة الراضية بتمام إرادتها بعقد الزواج وإهانة لأبيها وانتقاص لغيرته وكرامته، وكذلك ينطوي اتهامك هذا على تطاول على المحكمة، فكيف تصدّق المحكمة المختصة على زواج من هذا النوع !!؟

السابع والعشرون : يقول كاتب المقال (وهناك شريحة النساء المعيلات لعوائلهن والأمهات الوحيدات. مما يؤسف له فإنّ المجموعة الإحصائية الصادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء لا توفر بيانات في هذا الصدد ولكننا نعرف أن هذه الشريحة واسعة بل وآخذة في الاتساع من حيث العدد وأعمار الأفراد فيها لأسباب لا تخفى على حليم. ستكون هذه الشريحة الاجتماعية المستضعفة بحكم الفقر والحاجة قضمة أخرى يبشر مقترح التعديل بتقديمها للراغبين في قضمها.)

التعليق :

أ- كيف ستكون شريحة النساء المعيلات لعوائلهن والامهات الوحيدات قضمة – على حد تعبيره – للراغبين في قضمها، فإن كانت المرأة التي يقصدها الارملة او المطلقة المعيلة لأولادها، فالقانون أيضاً يشترط نفس الشروط والضوابط المطلوبة في زواج الإمرأة الشابة الباكر من رضا المرأة وإبرام عقد الزواج من قبل المخوّل شرعاً وقانوناً من قبل القضاء الرسمي او ديوان الوقف وبعد ذلك تصادق محكمة الاحوال الشخصية الرسمية على العقد بعد التأكد من توافر أركان العقد وشروطه وانتفاء الموانع في الزوجين، ولا أدري لماذا يعارض كاتب المقال زواج هذه الشريحة من النساء بعد أن ادّعى هو ابتلائهن بعضهن بمعاناة ظروف الفقر  والحاجة مع ضمان حقوقهن وتثبيت عقود زواجهن في المحكمة المختصة الرسمية بعد التحقق من توافر كل الشروط الشرعية والقانونية !
فهل يرى الحل ببقاء هذه النساء بدون زواج !؟ ولماذا يحكم عليهن بالمنع من الزواج وتحصيل الاستقرار النفسي والعائلي وإعانة الزوج الحديد لها في التغلب على معاناتها والمشقة التي تواجهها وهي وحيدة في تحمل مسؤولية  إعالة اولادها ؟

وهي حرة وعاقلة تمتلك قرارها وتستطيع تمييز مشروع الزواج الذي ينفعها وينتج استقرارها واستقرار اولادها من الزواج غير المناسب.

ولا ينقطع استغرابي من اعتراضه في هذا المقطع من كلامه، ولكنه يحاول تحشيد الادعاءات والمزاعم المفتقرة للدليل والواضحة البطلان لغرض الاعتراض على القانون الشرعي فقط.

ب- وفات كاتب المقال أن القانون الوضعي العلماني في المادة الثالثة – يجيز للرجل الزواج باكثر من واحدة اذا كان المراد الزواج بها أرملة ولا يحتاج هذا الزواج الثاني الى اذن القاضي ولا يتوقف على الكفاية المالية للزوج لاعالة اكثر من زوجة ، بل حتى شرط الخوف من عدم العدل بين الزوجات يسقط في هذه الحالة استنادا للمادة الثالثة – الفقرة السابعة … فهذا القانون الوضعي الذي تدافع عنه يجبز الزواج باكثر من امرأة اذا كان المراد الزواج بها أرملة حتى مع عدم تحقيق العدالة بين الزوجات وعدم كفاية الزوج المالية .. فأي القانونين هو الذي يجعل المرأة قضمة – على حد تعبيرك – !؟

بينما يلزم القانون الشرعي اقامة العدالة بين الزوجات حتى وان كانت ارملة وان لا يقصر في الانفاق الملائم لحفظ كرامتها وتلبية جميع حقوقها واحتياجاتها ، واذا قصّر في ذلك فان النفقة تكون في ذمة الزوج يسددها للزوجة حال تيسّر اموره المالية بغض النظر عن كون الزوجة  باكراً حين ابرام عقد الزواج او كانت أرملة .

الثامن والعشرون – يقول كاتب المقال ( مما لا شك فيه فإن قبول عقود الزواج خارج المحاكم ستجعل من المرأة “سلعة بائرة” ما أن تتزوج فيما لا تضير الرجل الذي يمكن له أنْ يتزوج مرة ثانية وثالثة ورابعة.)

التعليق: وهذا كلام كذب أيضاً، فقد ذكرنا في الفقرة السابقة من الاجوبة ان عقد الزواج يتم إبرامه من قبل مخّولين شرعاً وفانوناً يخولهم القضاء الرسمي او ديوان الوقف وتصادق المحكمة المختصة على عقود الزواج بعد ان تتحقق من توافر اركان العقد وشروطه وانتفاء الموانع في الزوجين ، ومن اركان العقد وشروطه رضا المرأة المتزوجة ورشدها وموافقة أبيها ويكتسب العقد صفة الر سمية بعد مصادقة محكمة الاحوال الشخصية الرسمية … فاتهامك هذا ( ان المرأة  ستكون سلعة بائرة ) اهانة لنفس الزوجة الراضية بتمام ارادتها بعقد الزواج واهانة لأبيها وانتقاص لغيرته وكرامته ، وكذلك ينطوي اتهامك هذا على تطاول على المحكمة ، فكيف تصدق المحكمة المختصة على زواج من هذا النوع !!؟

التاسع والعشرون: يقول كاتب المقال (تتمثل القضية الأخرى الخطيرة التي يبشر بها مقترح التعديل بالاعتراف بالزواج المؤقت (زواج المتعة والمسيار) الذي يفتح بوابات واسعة للانهيار الأخلاقي والخيانات الزوجية. إلى جانب الجوانب القيمية والمعنوية والأخلاقية والمتاعب النفسية التي تخلقها زيجات من هذا النوع فإنّ الاعتراف بالزواج المؤقت الذي يمتد – من دقائق إلى عقود من الزمن – سيساهم بزيادة عدد المواليد غير الشرعيين والذين سيوسعون من طبقة الأشخاص مجهولي النسب في مجتمع لا يسمح بمعالجة إشكالات التبني، ويفرض شروطاً صعبة إن لم تكن تعجيزية على الأفراد المستعدين لذلك. وهناك حالات الإصابة بمرض العوز المناعي (الإيدز) الذي تسجل المجموعة الإحصائية زيادة في أعدادها. يمكن للاعتراف بالزواج المؤقت بكل ما ينطوي عليه من عشوائية وابتذال وتكتم تفرضه الضغوط الاجتماعية السائدة أن يساهم بزيادة أعداد المصابين فيه والذين يشكلون خطورة مؤكدة على قريناتهم ومن يقرب إليهن.)

التعليق:

أكاذيب كثيرة وأباطيل واضحة تضمنها هذا المقطع من كلام الكاتب

أ- هل اطّلع كاتب المقال على المدونة الفقهية ووجد فيها مواد تختص بالزواج المؤقت، أم هو تكهن ورجم بالغيب ؟

ب- بغض النظر عن تضّمن مدونة القانون للزواج المؤقت أو عدم تضمّن القانون له، فإننا نجيب على أكاذيب كاتب المقال دفاعاً عن الشريعة الإسلامية فنقول: يشترط في عقد الزواج المؤقت نفس شروط الزواج الدائم بما فيها شرط موافقة وإذن الأب، فكيف يرضى الأب بان تكون ابنته طرفاً في خيانة زوجية ! في مجتمع معروف بغيرته وحرصه على حماية عرضه الى حد التضحية بالنفس في سبيل صيانة الشرف .

ج- ومع عدم موافقة أب المرأة على عقد زواج ابنته المؤقت فلايصح عقد الزواج المؤقت ويكون فعلاً محرماً شرعياً.

د- يعترض  الكاتب على العقد الشرعي للزواج المؤقت المشروط بعلم وموافقة أب المرأة المتزوجة والتزامها بالعدّة الشرعية كما هو حال الزواج الدائم بعد انفصالها  عن زوجها ولم نسمع منه اعتراضاً على القانون العراقي النافذ الذي لم يجرّم بنصوص صريحة ممارسة الرجل والمرأة للزنا اذا كان الرجل والمرأة بالغين السن القانوني وارتكبا فاحشة الزنا برضاهما .. فأي القانونين أولى بالنقد والاعتراض؟

علماً أن القانون العراقي النافذ عاقب بنصوص صريحة ممارسة الزنا فقط في حالة ما اذا ارتكب من قبل رجل متزوج او من امرأة متزوجة ، او اذا ارتكب مع انثى لم تبلغ السن القانوني وان كان برضاها.

هـ-ويتطاول كاتب المقال ويفتي من عندياته – وهو علماني لا يعنيه الالتزام بالأحكام الشرعية والفقهية كثيراً – بان الزواج المؤقت غير شرعي .. ومن الواضح أن حكم القرآن الكريم والسنة الشريفة للنبي محمد صلى الله عليه وآله وأئمة أهل البيت عليهم السلام بحلية وجواز الزواج المؤقت بشروطه التي ذكرناها مما لايقبل الإنكار، بل حتى غير الشيعة يعترفون بأن الزواج المؤقت كان مشروعاً في زمن الرسول صلى الله عليه واله وزمن أبي بكر وفترة من زمن عمر بن الخطاب الذي حرّمه برأيه الشخصي مخالفاً القرآن الكريم وسنة الرسول الأكرم محمد صلى الله عليه وآله… والقرآن والرسول أحقّ بالاتباع من غيرهم خصوصاً إذا صدر من اولئك الغير مخالفات واضحة لاحكام الدين .

وقد روي عن حبر الأمة عبد الله بن عباس حيث يقول (ما كانت المتعة الاّ رحمة من الله تعالى يرحم بها أمة محمد ولولا نهيه – يعني عمر بن الخطاب – لما احتاج الى الزنى إلاّ شفا) .

و- من أحكام زواج المتعة ان تعتّد الزوجة بعد نهاية أجل عقد الزواج المؤقت بحيضتين أو خمسة وأربعين يوماً إن كانت لا تحيض وهي في سن من تحيض … واذا مات الزوج وهي في اثناء المدة لحقتها عدة الوفاة ومقدارها اربعة اشهر وعشرة ايام … وترى ان نفس الاجراءات والاحكام المفروضة في الزواج الدائم التي تمنع اختلاط الانساب تجري في الزواج المؤقت صيانة لطهارة المولد ومنعاً للمواليد غير الشرعيين .

ز- الأصل في تنظيم العلاقة الزوجية أن تأخذ صيغة العقد الدائم فهي اكثر استقرارا وتنسجم مع البناء العائلي الدائم، والزواج المؤقت كالحل الثانوي لمعالجة المشكلة الجنسية في اطار شرعي قانوني يرتب التزامات متبادلة على طرفي عقد الزواج منعاً لمن لا تسعفه الظروف وتساعده على الزواج الدائم من الانزلاق الى الزنى والعلاقات الجنسية المنفلتة غير المنضبطة وماينتج عنها من اختلاظ الانساب والولادات غير الشرعية والوقوع في دائرة التمرد على القانون والشرع.

فهو كالزواج الدائم في تركيز الالتزام المقدس في بناء العلاقة الزوجية والتقيّد برباط العلاقة مع الشريك الشرعي والقانوني وتجنب الانحلال واقامة العلاقات المفتوحة دون قيود وشروط وضوابط تحمي المجتمع من نتائج العلاقات الجنسية المتمردة على الشرع والقانون

ح-ويبدو أن كاتب المقال لو سمع مقترحاً يتضمن نفس فكرة الزواج المؤقت من فيلسوف او عالم اجتماع غربي لتجاوب معه ودافع عنه ، إمّا ان يأتي الحل من الاسلام فموقفهم العناد والاعتراض والتشويه !
وادعو كاتب المقال ان يراجع كلمات الفيلسوف البريطاني الدكتور (برتراند رسل) الذي اقترح فكرة مشابهة للزواج المؤقت، فيقول (فهناك فترة طويلة يقضيها الشباب بين سن البلوغ وبين سن الزواج  لم يحسب لها حسابها في التربية القديمة ،  وهذه الفترة هي فترة النمو الجنسي والرغبة الجامحة، فهل نسقط هذه الفترة من نظام المجتمع الانساني )، ثم يجيب هو نفسه الفيلسوف ( رسل ) فيقول ( اننا اذا اسقطناها من الحساب فنتيجة ذلك شيوع الفساد والعبث بالنسل والصحة بين الشبان والشابات ) ثم يطرح الدكتور ( رسل ) حلاً فيقول ( وإنّما الرأي ان تسمح القوانين في هذه السن بضرب من الزواج بين الشبان والشابات لا يؤودهم  بتكاليف الاسرة ولا يتركهم لعبث الشهوات والموبقات وما يعقبه من العلل والمحرجات ) – راجع المصد الفلسفة القرآنية للعقاد –
وقد سمّى الدكتور ( رسل ) هذا النوع من الزواج العقيم او الزواج بغير اطفال واراد به ان يكون عاصماً من الابتذال ومدربا على المعيشة المزدوجة قبل السن التي تسمح بتأسيس البيوت  ( المصدر : الفلسفة القرانية العقاد ، نقلاً عن كتاب ( الزواج المؤقت للعلامّة  المرحوم السيد محمد تقي الحكيم ).

ط- سئل عبد الله بن عمر  والسائل رجل من الشام عن الزواج المؤقت فقال ( هن حلال ) فقال له الرجل الشامي ( ان أباك قد نهى عنها ) فقال عبد الله بن عمر ( أرأيتَ ان كان ابي نهى عنها …. أنترك السنّة ونتبع قول أبي )

الثلاثون: يقول كاتب المقال (وهناك ظاهرة بيع الأبناء من قبل الآباء … أن الإجراءات العقابية التي يقرها القانون لا تحل المشكلة بل تزيدها إرباكاً. يقضي القانون في هذه الحالة بحبس الشخص الذي ارتكب جريمة بيع أحد أبنائه مما يساهم بمضاعفة مصاعب العائلة دون التساؤل عن الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي أدت به إلى ذلك.

التعليق: نتفق على أهمية معالجة الظواهر المنحرفة بطريقة تزيل الأسباب والعلل التي تقف خلفها، وعدم الاكتفاء بالمعالجات العرضية الظاهرية وأن لاتكون المعالجات مضرّة تنتج مفاسد أكثر من تحقيقها لمصالح أفراد الأسرة، ولكنكم تناقضون أنفسكم في هذا الميدان، فتدعون لتشريع قانون العنف الأسري بصيغة تحاسب وتعاقب الأب الذي يمارس مسؤولياته ووظيفته بتأديب الأولاد وترشيد سلوكهم وحمايتهم من الوقوع في ممارسات الانحراف والرذيلة فتريدون فرض عقوبة الحبس على الأب لمجرد قيامه بوظيفته التي يكلفها حكم الشرع والعقل السليم والضمير الحي النظيف في رعاية وتربية وتأديب الأولاد وتكون النتيجة والأضرار نفسها فتفقد الأسرة معيلها ومراعي شؤونها، في حين أن الفرق واضح بين جريمة الأب ببيع ابنه -وهي تعبر عن قسوة بالغة من قبل ذلك الأب  -وبين ممارسة الأب دوره التربوي وترشيد سلوك أولاده وتقويم أخطاءهم ومنع انحرافهم، ومع ذلك تطالبون بحبس الأب الحريص على استقامة أولاده وتربيتهم بدعوى (العنف)، وتطالبون بإلغاء عقوبة الحبس عن ذلك الأب القاسي الذي يبيع أولاده!.

 

لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا على تلغرامالنعيم نيوز

لمتابعتنا على فيسبوك يرجى الضغط على الرابط التاليالنعيم نيوز

كما يمكنك الاشتراك على قناتنا على منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا علىقناة النعيم الفضائية

كما يمكنك أيضا الاشتراك بقناتنا على الانستغرامالنعيم نيوز

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى