مقالات
أخر الأخبار

سوق الناخبين

كتب د. علاء هادي الحطاب :

 

حضرت قبل عام تقريبا مجلس عزاء لإحدى الشخصيات السياسية، وصادف ان جلس الى جانبي رجل متوسط العمر، وكان الحديث عن الانتخابات المبكرة “يفور” في قدور المطبخ السياسي، وبدأ الرجل يحدثني عن انجازاته وقدراته فكلما مرت شخصية سياسية قال الرجل انه ساعد النائب الفلاني في “ضمان ” الف او الفي صوت له في الانتخابات الأخيرة، وعدد لي مجموعة من أعضاء مجلس النواب الذين وفرّ لهم “صاحبنا” أصواتاً أسهمت بإيصالهم الى قبة البرلمان، لكنهم – والحديث له – لم يلتزموا بوعودهم له بتعيين مجموعة من ذويه واقربائه، واكساء لمجموعة من الشوارع وغيرها من الوعود الانتخابية، وختم الرجل شكواه انه في الانتخابات المقبلة سيطلب ضمانات اكثر من المرشحين لتنفيذ وعوده مقابل تهيئة أصوات لهم.

ها قد وضعت التكهنات اوزارها بشأن اجراء الانتخابات او تأجيل وحسم الأمر إنها ستجري في موعدها المحدد، وهنا بات ينشط مرة أخرى مجموعة ممن يدعون كذبا انهم وجهاء قومهم وشيوخ عشائر في اللعب على اكثر من مرشح لتوفير أصوات انتخابية له مقابل حفنة من المال، حتى اصبح الأمر اشبه بسوق انتخابية رائجة لهم، فقد زاد عددهم وتنوعت اساليبهم وهم يرمون شباكهم في بازار المرشحين ليصطادوا المغفلين منهم والباحثين عن الأصوات بلا برامج صادقة ووعود قابلة للتنفيذ، وهذا البازار اصبح مكشوفا للجميع، فلا الناخب سيصدق مع بائع صوته ولا المرشح المشتري يثق بالصوت المشترى والبائع يعرف جيدا انها مجرد عملية بيع وشراء لا ضمانات فيها، بل الكذب والخداع أساسها.

الأمر إن دل على شيء فإنما يدل على تراجع قيمي كبير في المجتمع يسهم فيه الجميع المواطن والمسؤول والوجيه او شيخ العشيرة من أجل فتافيت من المال والطعام والوعود، وما عدا ذلك كذب وخداع يمارسه هؤلاء فيما بينهم، وهنا نحتاج الى استراتيجية فاعلة، وقانون رادع، وتوعية مجتمعية، لمحاربة هذه الظاهرة التي إن استمرت في استفحالها فإنها ستتحول الى واقع سيشوه الممارسة الديمقراطية المتمثلة بالانتخابات ويحيلها الى سوق للخديعة والكذب والنفاق ويقلل ثقة الناخب مستقبلا بكل هذه الممارسة وما ينتج عنها من مؤسسات وسلطات.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى