اخبار اسلامية
أخر الأخبار

خطبتا صلاة الجمعة في الديوانية بإمامة الشيخ مؤيد الشافعي

خطبتا صلاة جمعة محافظة الديوانية قضاء السنية جامع الامام موسى الكاظم ( ع ) ليوم ٩ / ٢ / ٢٠٢٤م , الموافق ٢٨ رجب الاصب ١٤٤٥هج , بإمامة فضيلة الشيخ مؤيد الشافعي دام عزه

 

وكانت الخطبة الأولى لصلاة الجمعة تحت

عنوان ( لا تهجروا القرآن والقراءة )

شعوراً من سماحة المرجع الشيخ اليعقوبي (دام ظله) بأهمية القراءة في إبراز إنسانية الإنسان وصقل شخصيته وبناء المجتمع الصالح، وخطورة إعراض الناس عن قراءة الكتب النافعة .

واحتفاءً بنزول أول آية من القرآن الكريم تحمل الأمر بالقراءة في قوله تعالى (اقْرَأْ) وأول قَسمٍ الهيٍ في القرآن الكريم (والقلمِ) فقد دعا سماحته الى اعتبار يوم المبعث النبوي الشريف في السابع والعشرين من رجب (يوم القراءة العالمي) لتذكير الأمة بمسؤوليتها عن تنفيذ هذا الأمر الالهي المبارك.

يقول سماحته دام ظلُّه حول قوله تعالى(عَلَّمَ بِالْقَلَمِ): (… أي علّم البشر الكتابة واستعمال القلم أو بمعنى أنه تعالى علَّمهم ما لا يعلمون بواسطة القلم والكتابة وهو ابرز حدث في تاريخ البشر ولولاه لما تكاملت الحضارات ولما انتقلت العلوم واستفادت الامم من إنجازات غيرها، ولا تستطيع أُمة أن تتقدم وتبني حضارة إذا لم تُحسن الاستفادة من الكتاب والقلم. وبلغ تعظيم القلم الى مستوى القسم به (ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ) (سورة القلم / 1) .

أهمية القراءة

تعد القراءة من أهم الوسائل للارتقاء العقلي، والإثراء العلمي والفكري والمعرفي، والاطلاع على أفكار وآراء وتجارب ومنجزات العقل البشري عبر التاريخ.

والقراءة تضيء العقل، وتطور الشخصية، وتثري الفكر، وتحفز التفكير، وتصقل المواهب، وتنمي القدرات، وتقوي الثقة بالنفس، وتوسع الأفق، وتجدد الأفكار، وتغير القناعات، وتزيد من المخزون العلمي عند الإنسان.

وقد عرف الإنسان القراءة منذ القدم، وهي تعتبر الفاصلة بين عصر ما قبل التاريخ، وعصر التاريخ، حيث بدأ تدوين (عصر التاريخ) باستعمال الإنسان الكتابة وممارسة القراءة، ومن هنا فتاريخ الإنسانية مقرون بتاريخ ظهور القلم والخط، وتعلم القراءة والكتابة.

ومن المعروف أن اختراع الكتابة قد ظهر في العالم العربي، وبالتحديد في بلاد ما بين النهرين، إلا أن التراجع الحضاري الذي أصاب الأمة الإسلامية قد أثّر على كل مناحي الحياة، ومنه الحياة العلمية والثقافية والفكرية والمعرفية.

أسباب العزوف عن القراءة

إنّ النّاظر في أحوال حياتنا المعاصرة يتلمّس حجم التّغيّرات التي حدثت في حياة النّاس وأنماط سلوكيّاتهم فيها، فبعد أن كان الكتاب خير صديقٍ للقارئ والمثقّف والمتعلّم، وبعد أن كانت المكتبات معلمًا من أهمّ معالم الحَضارة الإسلاميّة، أصبح النّاس في عصرنا الحاضر يبتعدون شيئًا فشيئًا عن القراءة والمطالعة، وأصبحتَ ترى المكتبات في بلادنا خاليةً تشكو قلّة المُرتادين، فما هي أسباب ظاهرة قلّة المطالعة والقراءة في العصر الحاضر؟ ويمكن اجمالها فيما يأتي:

  • ١. سهولة الحصول على المعلومات؛ فقد فتحت الشّبكة العنكبوتيّة أمام النّاس آفاقاً واسعة، وأتاحت لهم أدوات متعدّدة سهلة كي يحصلوا على المعلومة التي يريدونها بأسرع وقتٍ، وأقل جهدٍ ممكن، كما مكّنت تطبيقات التّواصل الاجتماعي المُختلفة النّاس من تبادل المعلومات والرّسائل التي تحوي العلوم والمَعارف والأخبار المختلفة، ممّا أحدث تغييرًا في أنماط القراءة والمتابعة عند النّاس.
  • ٢. الانشغال بالعمل لتأمين الوضع المعاشي؛ من سمات العصر الحديث الذي نعيش فيه قلّة وقت الفراغ المُتاح للنّاس؛ فالعامل يذهب إلى عمله مبكّرًا ولا يعود إلاّ متأخرًا، حتّى يتسنّى له تأمين احتياجات عيشه في ظلّ ظروفٍ اقتصاديّة صعبة، وتحدّياتٍ كثيرة، ولذلك فقد جعل النّاس الكسب أولويّة لهم في الحياة، بينما أصبحت القراءة والمطالعة أمرًا ثانويًّا، وربما هامشيًّا بسبب تلك التّغيّرات في أنماط الحياة, روي عن الإمام الصادق (ع) أنه قال: (قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) أُفٍّ لرجلٍ-وفي رواية لكل مسلم- لا يُفَرِّغ نفسه في كل جمعة لأمر دينه فيتعاهده ويسأل عن دينه) .
  • ٣. الانشغال بوسائل التسلية والمتعة؛ كوسائل التواصل الاجتماعي، على حساب زيادة الوعي الثقافي، وعدم وجود وقت كافٍ عند الشباب للقراءة والمطالعة بسبب اللهو الزائد ولالتزامهم بواجباتهم الأكاديمية على حساب المطالعات الخارجية التي تنمي ثقافتهم وتثري معلوماتهم العامة، وتجعل عقولهم أكثر توقدًا.
  • ٤. العزوف عن القراءة الهادفة؛ على الرغم من ازدياد عدد المطبوعات بمختلف أشكالها في العالم ، إلا أن هناك عزوفاً واضحاً عن القراءة الهادفة، لانصراف الشباب لقراءة الصفحات الخاصة بالرياضة، والفن، والأدب الشعبي، والأشعار، والروايات، والألغاز على حساب قراءة كل ما هو مفيد.

القرآن والقراءة

وقد أولى الإسلام عناية خاصة بالقراءة، فأول آية نزلت في القرآن الكريم كانت كلمة ﴿اقْرَأْ﴾ في قوله تعالى: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ﴾ ، وفي هذه الآيات الشريفة دلالة عميقة وإشارة كبيرة إلى أهمية القراءة في الارتقاء بالإنسان والمجتمع، وصناعة التقدم العلمي والحضاري للأمة.

قال الشهيد الثاني زين الدين العاملي (رضوان اللَّه عليه) «اعلمْ أنّ اللَّه سبحانه جعل العلم هو السبب الكلّيّ لخلق هذا العالم العُلويّ والسُّفليّ طُرّاً، وكفى‏ بذلك جلالةً وفخراً، قال اللَّه تعالى‏ في محكم الكتاب- تذكرةً وتبصرةً لُاولي الألباب-: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَ مِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ وَ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ عِلْماً﴾ ، وكفى‏ بهذه الآية دليلًا على‏ شرف العلم، لاسيّما علم التوحيد الذي هو أساس كلّ علم ومدار كلّ معرفة».

وهذا يدل دلالة واضحة على أن الإسلام يولي القراءة والكتابة، واكتساب العلم أهمية كبيرة، لأنه الأساس في كسب الدنيا وربح الآخرة، يقول أمير المؤمنين : «اكتَسِبوا العِلمَ يُكسِبْكُمُ الحَياةَ»، وعنه (ع) : «العِلمُ حَياةٌ».
وعلى الإنسان الواعي أن يقرأ وألا ينقطع عنها إذا ما أراد كسب الحياة والنجاح والتميز والإبداع، خصوصاً وأن الحصول على أي كتاب في هذا العصر بات أمراً سهلاً للغاية.

ففي حين كان العالم والباحث عن الكتاب سابقاً يقطع الفيافي ويخاطر بحياته لمشقة السفر على الدواب ويتحمل المشاق والصعوبات الكثيرة من أجل الحصول على كتاب، أصبح الحصول على أي كتاب في زماننا أمراً في غاية السهولة واليسر، بل ويمكنه حيازة آلاف الكتب بضغطة زر في هاتفه أو حاسوبه الشخصي، وما على الإنسان إلا أن يقرأ ويطالع ما يشتهي من كتب ومصنفات.

الرسول الأكرم(ص) والحثُّ على القراءة
كان رسول الله (ص) يدعو إلى تعليم المسلمين الكتابة والقراءة، فقد اعتبر أن العلم هو أساس كل خير، فقد روي عنه أنه قال: «العِلمُ رَأسُ الخَيرِ كُلِّهِ، والجَهلُ رَأسُ الشَّرِّ كُلِّهِ».

وظل هذا الاهتمام بالقراءة وطلب العلم والمعرفة توجيهاً دائمياً من قبله (صلَّى الله عليه وآله) فقال أيضاً: (إذا أتى علي يوم لا أزداد فيه علما – يقربني إلى الله – فلا بارك الله لي في طلوع شمسه – شمس ذلك اليوم) , وقال الإمامُ عليٌّ : «العِلمُ أصلُ كُلِّ خَيرٍ، الجَهلُ أصلُ كُلِّ شَرٍّ».
وأما ما يتعلق بقراءة القرآن فاعتبر رسول الله(ص ) أن قراءته ترتقي بالإنسان في الدنيا والآخرة، فقد روي عنه أنه قال: «يقالُ لِصاحِبِ القرآنِ: اقرَأ وَارقَ ورَتِّلْ كما كنتَ تُرَتِّلُ في دارِ الدنيا، فإنّ مَنزِلَتَكَ عندَ آخِرِ آيَةٍ كُنتَ تَقرَؤها»، وعنه قال: «يقالُ لصاحِبِ القرآنِ إذا دَخَلَ الجَنّةَ: اقرَأْ وَاصعَدْ، فَيَقرَأُ ويَصعَدُ بكُلِّ آيَةٍ دَرَجةً حتّى‏ يَقرَأَ آخِرَ شي‏ءٍ مَعهُ مِنهُ» .
وفي سيرته المباركة نجد هذا الموقف النبوي الذي يدل على اهتمامه بتعليم المسلمين القراءة.

وهو موقف فداء الأسرى في بدر؛ فقد كان رسول الله يطلب من الأسرى الذين يرغبون في إطلاق سراحهم أن يقوموا مقابل ذلك بتعليم عشرة من المسلمين القراءة والكتابة، وفي هذا دلالة قوية على عناية الرسول الأكرم بمسألة القراءة، لأن أية أمة لا يمكنها الارتقاء والتقدم والرقي من دون العلم والمعرفة.

وفي موقف آخر كان رسول الله يزوج الرجل على أن يكون مهر المرأة تعليمها سورة أو آية من القرآن الكريم، وفي هذا أيضاً دلالة أخرى على عنايته بالتعليم والقراءة.
ولهذا استطاع الرسول الأكرم أن ينتقل بأمة العرب من الجهل إلى العلم، ومن التخلف إلى التقدم، ومن الحضيض بين الأمم إلى الارتقاء العلمي والحضاري، وأن تكون الأمة الإسلامية في طليعة وصدارة تلك الأمم في فترة زمنية قصيرة.

وقد غرس رسول الله حب القراءة واكتساب العلوم والمعارف في قلوب وعقول المسلمين، وكان من ثمار ذلك تأسيس المكتبات الإسلامية التي أنشئت في التاريخ الإسلامي، وكانت من أعظم المكتبات وأكبرها ولقرون طويلة مثل: مكتبات بغداد، القاهرة، المدينة المنورة، دمشق، النجف، القدس، غرناطة، قرطبة، وغيرها من المكتبات الكبيرة والغنية بمختلف أنواع الكتب والمصنفات والموسوعات العلمية.

لماذا نقرأ ؟

للقراءة الجادة والمنهجية والمركزة فوائد عديدة، نجملها في النقاط التالية:

  • ١. حتى يكون القارئ إنساناً حقيقياً وفاعلاً مرضيَّاً عند الله عزَّ وجلَّ , يقول سماحة المرجع ( دام ظلُّه) : ( فعلى كل شخص أن يقرأ ويصاحب الكتاب وكل مصادر المعرفة الأُخرى ويتزود منها ليكون إنساناً بمعنى الإنسان الحقيقي لا الشكلي وليكون حياً فاعلاً في المجتمع، ولينسجم مع متطلبات الفطرة التي تنزع نحو الكمال، وليحظى برضى الله تبارك وتعالى ويتأسى برسوله (صلى الله عليه وآله وسلم).
  • ٢. لأن القراءة مصدر للعلم والمعرفة: تعد القراءة المنهجية أو التخصصية من المصادر المهمة لاكتساب العلوم والمعارف، فهي من أهم مصادر التعلم الإنساني وأوسعها في كسب مختلف العلوم ومعرفة الأفكار على تنوعها وتعدد مشاربها، ولذلك تشجع الدول المتقدمة على عادة القراءة، وحث الناس على المطالعة، وإيجاد البيئة المناسبة المشجعة لحب القراءة والمطالعة, وقد جعلت بعض الدول الشهر الخامس من الاشهر الميلادية شهراً للقراءة وبدعم من وزير ثقافتها.
  • أما الإدمان على القراءة غير المنهجية فقط كالقراءة من خلال مواقع التواصل الاجتماعي والتطبيقات الحديثة كالواتساب فقد تعطي الإنسان بعض المعلومات والأفكار ولكنها عادة ما تكون مشتتة وغير منهجية وغير موضوعية، وغير رصينة علمياً بخلاف القراءة الجادة والواعية والمركزة.
    ولأن القراءة المنهجية تعد مصدراً ومفتاحاً للعلم، لا غنى للباحث عن العلم والحقيقة من القراءة الجادة، وكلما قرأ المرء أكثر اكتسب من العلوم والمعارف والحقائق ما فيه إثراء وإغناء لفكره وثقافته، وزيادة لوعيه ونضجه العقلي.
  • ٣. تنمية الشخصية: تساعد القراءة الواعية على تنمية شخصية الإنسان، وتطوير ذاته، كما أنها تزيد من النضج والرشد العقلي عنده، وتفيد في صقل طاقاته ومواهبه، وتزيد من مخزونه العلمي والفكري، وتؤدي إلى الاستفادة من خبراته الحياتية والعملية.
    والإنسان القارئ يكون مثقفاً وواعياً، ولديه القدرة على التحاور مع الآخرين، والتثاقف معهم، والتناقش بثقة مع المثقفين والمفكرين؛ بخلاف الإنسان الذي لا يقرأ، أو يقرأ نادراً حيث يفتقر لمؤهلات القدرة على الحوار والنقاش والجدل.
  • ٤. الشعور بالمتعة والراحة: تعطي القراءة شعوراً بالمتعة والراحة، وقد جرّب مَن صاحًبَ الكتاب وتولّع بالقراءة أيّ أُنسٍ وسعادةٍ يحياها برفقة الكتاب حتى لا يشعر احياناً بما يجري حوله وتمر عليه الساعات دون ان يدري وكأنه في روضة غنّاء ضمّت كل ما تهفو اليه النفس وتلذ به العين، وكان بعض العلماء يطرب اثناء أُنسه بالكتاب ويقول: أين الملوك وابناء الملوك من هذه اللذات، ومعه حق فما قيمة اللذات الجسدية التي يبحث عنها المترفون من لذة القراءة ومطالعة الكتاب
    ومن جهة أخرى تمنع القراءة من الملل والسأم والنكد، وتساعد على ملء الفراغ، وتمنع الشعور بالعزلة والوحدة والاكتئاب والقلق، وفي نفس الوقت يكتسب القارئ فوائد أدبية وعلمية ومعرفية متنوعة

ومن هنا دعا سماحته الجهات الدينية والفكرية والثقافية لوضع برامج عمل وخطط وفعاليات تعبوية لإحياء هذه المناسبة، وان لا تقتصر على الانماط المتعارفة, كإقامة معارض الكتب والمسابقات لأحسن كتاب او اصغر قارئ او إهداء الكتب للناس في الأماكن العامة او إصدار النشرات التي تحث المجتمع على القراءة وعلى ماذا يقرأ ونحو ذلك.

نسأل الله تعالى أن يوفقنا لأن نكون أمة (اقْرَأْ) كما أرادنا الله تبارك وتعالى فنبني عقولنا ونطهر قلوبنا بفضل الله تعالى

 

لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا على تلغرامالنعيم نيوز

لمتابعتنا على فيسبوك يرجى الضغط على الرابط التاليالنعيم نيوز

كما يمكنك الاشتراك على قناتنا على منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا علىقناة النعيم الفضائية

كما يمكنك أيضا الاشتراك بقناتنا على الانستغرامالنعيم نيوز

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى