اخبار اسلامية
أخر الأخبار

خطبتا صلاة الجمعة في جامع الرحمن بإمامة الشيخ سلام الربيعي

أقيمت صلاة الجمعة المباركة، بجامع الرحمن في المنصور/بغداد، بإمامة الشيخ سلام الربيعي.

 

وفيما يلي نص الخطبة الأولى، وتابعتها “النعيم نيوز”:

السَّلامُ عَلَيكِ يا مُمتَحَنَةُ، امتَحَنَكِ الَّذي خَلَقَكِ فَوَجَدَكِ لِما امتَحَنَكِ صابِرَةً، أنا لَكِ مُصَدِّقٌ صابِرٌ عَلى ما أتَى بِهِ أبوكِ وَوَصيُّهُ (صلوات الله عليهما) ، وَأنا أسألُكِ إن كُنتُ صَدَّقتُكِ إلاّ ألحَقتِني بِتَصديقي لَهُما، لِتُسَرَّ نَفسي، فَاشهَدي أنّي ظاهِرٌ بِوَلايَتِكِ وَوَلايَةِ آلِ بَيتِكِ (صَلَواتُ الله عَلَيهِم أجمَعينَ).

اضطلعت سيدة القيام المقدس بثنائية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهما جناحا الحركة الإصلاحية التي خاضت عباب صعوبتها بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ونهضت بأعباء مسؤوليتها إكمالاً للدور النبوي،  وامتداداً للدور العلوي جنباً لجنب مع أمير المؤمنين (ع).

وهو دور مشترك بين أعمدة خط الرسالة الإسلامية، توثقه لنا نصوص معتبرة ومنها: ما جاء في زيارة الجامعة الكبيرة: (وَاَمَرْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهَيْتُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَجاهَدْتُمْ فِى اللهِ حَقَّ جِهادِهِ حَتّى اَعْلَنْتُمْ دَعْوَتَهُ، وَبَيَّنْتُمْ فَرائِضَهُ، وَاَقَمْتُمْ حُدُودَهُ، وَنَشَرْتُمْ شَرايِعَ اَحْكامِهِ، وَسَنَنْتُمْ سُنَّتَهُ)، (تنظر زيارة الجامعة الكبيرة، مفاتيح الجنان، ص616، دار المرتضى).

روي عن الإمام الباقر (ع): (إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبيل الأنبياء ومنهاج الصلحاء فريضة عظيمة بها تقام الفرائض وتأمن المذاهب وتحل المكاسب ولايزال الناس بخير ما أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر)، (الكافي، الكليني، ج5، ص56).

ويمكن لنا ونحن نتأمل في قيمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قي القيام الفاطمي، أن نسجل عدة وقفات محورية في اضطلاع السيدة البتول (ع) بهذه الفريضة المقدسة في قيامها في وجه السلطة:

الوقفة 1:

تصدي الزهراء (ع) وهي تمثل قمة الهرم في المجتمع الإسلامي ، فهي المعصومة الكبرى، وابنة النبي صلى الله عليه وآله، وزوجة الإمام علي ع، وبيد زوجها المرجعية العامة للأمة، هذا يعطي زخماً دينياً وحركياً واجتماعياً لفريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من جهة، ويعطي صورة عن شجاعة القيادة وحكمتها وتصديها لمسؤوليتها الشرعية والأخلاقية من جهة ثانية، ويربي أبناء المجتمع على الشجاعة وقوة الإرادة والهمة العالية في تعلم المعروف والدعوة إليه، ونبذ المنكر ومواجهته من جهة ثالثة.

الوقفة 2:

وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر شامل للجميع، وكل بحسبه، ويتأكد الوجوب بالنسبة لمن هم في مقام القيادة الشرعية والروحية وهم الأنبياء والأوصياء والعلماء.

الوقفة 3:

السيدة الزهراء ع تصدت للمنكر السياسي المستند على  الانحراف العقدي، والذي تحول من مطامع فردية مشرعن لها زوراً وكذباً إلى حالة عامة رضخ لها الجميع وقبلوا بها، وسلموا لها خوفاً وطمعاً وتسليماً للواقع وكأنه صحيح، بحيث تحول هذا المنكر إلى معروف.

الوقفة 4:

إن الزهراء عليها السلام تؤكد في قيامها على امتثال وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر للجميع، وخصوصاً  من يتوقع منهم المبادرة لامتثال هذا الواجب وهم العلماء، لأنهم في موقع قيادة المجتمع، وهم حماة الدين، لذا ورد التأكيد والتشديد عليهم، قال تعالى: (لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الإثم) (المائدة: 63)

(وفي الكافي عن رسول الله ص، قال: إذا ظهرت البدع في أمتي فليظهر العالم علمه فمن لم يفعل فعليه لعنة الله)، (الكافي، الكليني،ج1،ص 5).

الوقفة 5:

تأكيد السيدة الزهراء عليها السلام على تصدي القيادة العليا للأمة لهذه الوظيفة، وتحركها بنفسها معلنة رفض المنكر السياسي والانحراف العقدي، تأكيد على أن القيادة المعصومة، ونيابتها العامة في زمان الغيبة الكبرى  وهم العلماء الفقهاء هي أكثر وعياً وتقديراً للمخاطر وعواقب الأمور، فقد يتصور غير العالم أن في هذا الأمر والنهي صلاحاً وتظهر النتيجة عكس ذلك، لأن العملية لها قيودها وشروطها وظروفها وستراتيجيتها وأمدها وأدواتها،
والعلماء هم أكثر فئات المجتمع حرصاً على المجتمع وعلى صلاح مسيرته، وصيانة دينه من أي انحراف، (قال تعالى: عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين روؤف رحيم) (التوبة: 128).

فيكون العالم هو صاحب المبادرة للقيام بهذه الفريضة، وهو الذي يحرك المجتمع باتجاهها، ويبين طرقها ومراحلها، ويعطي لأساليبها الغطاء الشرعي، والتقنين الفقهي الذي يضمن سلامة المقدمات لضمان سلامة النتائج.

الوقفة 6:

تصدي القيادة الفاطمية لمسؤولية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو كسر لحاجز الخوف الذي قد يستوعب قلوب الناس من ظلم السلطة التي فرضت رأيها بالقوة والحطب والنار، وهو مهم جداً في تحريك إرادة الأمة نحو الإصلاح والتغيير ومواجهة الظلم.

وختاماً في هذه القيمة الحركية نقول:

إن سيدة النساء ع في قيامها بالمسؤولية الشرعية وما تميز به من الوعي والشجاعة والحكمة وبعد النظر؛ ينجز علينا مسؤولية أكبر ونحن نعيش مفترقات طرق في زمن عصيب قيمياً، فنحتاج أن نجلس لنتحاور أكثر وأكثر كمتدينيين ومثقفين ووطنيين في وضع برامج، وانشاء مؤسسات للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبأطر علمية، وبرؤى مؤسساتية تعمل للإصلاح.

فلا يمكن أن يجتمع حب فاطمة وموالاتها وطلب شفاعتها مع ما انحدر إليه المجتمع من مفاسد وانحراف وانحلال بلغ مديات غير معقولة من فساد مالي تحول إلى ثقافة عامة، فأدى إلى تخريب مؤسسات الدولة وشمل حتى الخدمات الحيوية كالصحة والتعليم والقضاء والأمن ومن تجارة للمخدرات وإدمان عليها، إلى احتفالات الفسق والفجور إلى العلاقات المشبوهة بين الجنسين، مما أدى إلى كثرة حالات الطلاق والانتحار، وازدياد الصراعات العشائرية التي تخلف ضحايا وخسائر بالأموال وتغذيها أحياناً بعض الأحزاب المتنفذة للحفاظ على مصالحها، وانتشار الملاهي ومحلات بيع الخمور بشكل غير مسبوق وأصبحت متاحة حتى للصبيان وتمارس عملها بشكل علني وبحماية السلطة وبعض الجهات المتنفذة والتشكيك في العقائد الحقة والثابتة بل الاستهزاء بها والدعوات إلى نبذها وبشكل علني بلا حياء، ولا مراعاة لمقدسات المجتمع وحرماته.

فقد قالت الزهراء (عليها السلام): (إن كنت تعمل بما أمرناك وتنتهي عما زجرناك عنه فأنت من شيعتنا).

فلا بد من الانتفاض على الواقع المرير وأن نشمر عن سواعدنا ونقوم بوظيفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر للحد من هذه الظواهر المنحرفة، وأن نستحضر أحاديث الاستنكار للمتقاعسين عن هذه الواجبات كالحديث المروي عن الإمامين الباقر والصادق عليهما السلام: (وَيْل لقوم لا يدينون الله بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) وبئس القوم قوم يعيبون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

بسم الله الرحمن الرحيم

إنا أعطيناك الكوثر …”.

 

 

لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا في موقع التلغرامالنعيم نيوز

ولمتابعتنا على موقع فيسبوك يرجى الضغط أيضا على الرابط التاليالنعيم نيوز

كما يمكنك الاشتراك أيضا على قناتنا في منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا علىقناة النعيم الفضائية

ولا تنسى أيضا الاشتراك في قناتنا على موقع الانستغرامالنعيم نيوز

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى