اخبار اسلامية
أخر الأخبار

خطبتا صلاة الجمعة في المنصور بإمامة الشيخ عادل الساعدي

أقيمت خطبتا صلاة الجمعة المباركة، بجامع الرحمن في المنصور، بإمامة الخطيب الشيخ عادل الساعدي.

 

وفيما يلي نص خطبتي صلاة الجمعة، وتابعتهما “النعيم نيوز”:

الخطبة الأولى

قال تبارك وتعالى { إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَ النَّهارِ وَ ما خَلَقَ اللَّـهُ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ } (يونس – ٦)

من الجميل أن يحب الإنسان علماً ما تعلمه، ومن ثم يبدع فيه، أحد العلماء الذي أحب علمه كارل ساغان عالم الفيزياء الأمريكي أحب علم الفيزياء، وأحب أن يوظفه للناس وأن يستفيدوا منه بأبسط الطرق، هذا العالم نظر إلى الكون بعين فيزيائية وقال لِمَ لا أضع تقويماً كونياً على غرار التقويم السنوي للإنسان، عمر الكون وكما هو مقدر في الأبحاث العلمية أنه يصل إلى (13.800) ثلاثة عشر مليار وثماني مائة مليون سنة، وقسم مراحل نشوء الكون موزعة على سنته الكونية، فابتدأ الكون من منتصف ليلة يناير (كانون الثاني) بما يسمونه الفيزيائيون بالانفجار الكوني الهائل.

– 14 ثانية بعد منتصف الليل بدأ تكوين الهيدروجين وانخفاض الحرارة لاتحاد الالكترونات والبروتونات وتكون البلازما

– ال 10 من يناير (كا2) أول احتراق للنجوم بعد 300 مليون عام من الظلمة

– ال 13 من يناير بداية ظهور المجرات الصغيرة

– ال 15 من مارس (آذار) ظهور مجرة درب التبانة

– في نهاية أغسطس (آب) ظهور الأرض والشمس والنظام الشمسي

– ال 25 من ديسمبر (كان الأول) ظهور الدينصورات

– ال26 من ديسمبر ظهور الثدييات

– ال27 من ديسمبر ظهور الطيور

– ال28 من ديسمبر ظهور الزهور والثمار

-ال 30من ديسمبر انقراض الديناصورات

– قبل 8 دقائق من توقيتك الحالي ظهرت البشرية

– قبل 14 ثانية من توقيتك الحالي ظهرت الحضارات

– قبل 5 ثواني من توقيتك الحالي ولد المسيح بن مريم

– قبل 4 ثواني من توقيتك الحالي ولد محمد صلى الله عليه وآله وسلم

– خلال الثانية السابقة ظهرت العلوم المتطورة وحصلت الثورات و الحرب العالمية والأولى والثانية ووصل الإنسان للفضاء.

إذا كنت محظوظ بالعيش لمدة 109 سنوات، فإنها تقدر ب ربع ثانية في هذا التقويم الكوني “لا شيء تقريباً”.

حسب تقويم “ساغان” الكوني فإن يوم واحد في تقويمه يساوي ٣٧ مليون سنة عادية، أي أن ماضينا، حاضرنا ومستقبلنا كلها على الخط الزمني حاصلة في يوم أو أقل.

ولكن حينما نرجع إلى القرآن الكريم والذي سبق ساغان بأربعة عشر قرن، وضع تقويماً للكون، ولكن القرآن رأى أن السنة كثير إنما الخط الزمني للخلق هو أسبوع لا غير، قال تبارك وتعالى { اللَّـهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ ما لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَ لا شَفِيعٍ أَ فَلا تَتَذَكَّرُونَ } (السجدة – ٤).

ثم بين تبارك وتعالى في سورة فصلت بإشارةٍ أن الحياة ابتدأت باليوم الرابع من الخلق، قال تعالى { قُلْ أَ إِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَ تَجْعَلُونَ لَهُ أَنْداداً ذلِكَ رَبُّ الْعالَمِينَ (٩) وَ جَعَلَ فِيها رَواسِيَ مِنْ فَوْقِها وَ بارَكَ فِيها وَ قَدَّرَ فِيها أَقْواتَها فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَواءً لِلسَّائِلِينَ (١٠) } فصلت [٩-١٠] فلا بشرية إلا بعد أن دبت فيها الحياة، فأنبت الأشجار والثمار وتحركت الحيوانات وتوالدت لتكون قوت الإنسان. الطريف أن كلا التقويمين أشارا إلى أن الأرض وفاعليتها كانت بعد مضي ثلثي المدة، فساغان أشار أن الأرض خُلقت في الشهر الثامن من السنة، والقرآن أشار لها في اليوم الرابع من ستة أيام.

ما الفائدة من بحث التقويم الكوني؟ وما نستفيد منه؟

الفائدة الأولى: نتعرف على امتداد الخط الزمني للخلق الذي استمر هذه المدة الطويلة فتتجلى لنا قدرة الله تبارك وتعالى وعظيم إبداعه، هذا الكون الساحق الذي يبلغ القطر المرصود منه أفقياً اثنين وتسعين مليار سنة ضوئية وفي حدود المنظور منه يوجد في هذا القطر ترليونا مجرة، والقرآن يؤكد لنا والعلم يثبت حقيقةَ أن الكون يتوسع بامتداده الأفقي، قال تبارك وتعالى { وَ السَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ وَ إِنَّا لَمُوسِعُونَ } (الذاريات – ٤٧) وعمر الزمن الافتراضي ثلاثة عشر مليار وثمانمائة مليون سنة أن لم يكن أكثر، فما قيمة عمر الإنسان الذي يعيش بمعدل من 60 – 80 سنة في الغالب التي تساوي عند كارل ساغان أقل من ربع ثانية، أما في القرآن فهي مساوقة للعدد الصفري، فعلى ما يتكبر ابن آدم وهو الذي يعيش مذ خلقه الله وآدم وما قبلهما بثانية فإن اليوم في القرآن يساوي مائتي مليار سنة تقريباً.

الفائدة الثانية: قد تحل بعض الإشكالات التي يستشكل بها البعض لما ورد في الحياة البرزخية أو في الحياة الدنيا حينما كانوا أحياء، قال تبارك وتعالى { قالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ (١١٢) قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَسْئَلِ الْعادِّينَ (١١٣) } المؤمنون [١١٢-١١٣] فتأتي الإجابة إن هذا لكثير، فقال تبارك وتعالى { قالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ } (المؤمنون – ١١٤).

الفائدة الثالثة: إذا رجعنا لتقويم كارل ساغان لوجدنا أن ولادة البشرية قبل ثماني دقائق، وقبل أربعة عشر ثانية قامت الحضارات حضارة وادي الرافدين ووادي النيل والرومان واليونان وغيرهم رغم بعدها عنا زماناً ما هي إلا قبل دقائق، وليس بيننا وبين ولادة نبينا الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) ليست أكثر من أربع ثواني، وأما قبل ثانية أي خلال الثانية السابقة ظهرت العلوم المتطورة وحصلت الثورات والحرب العالمية والأولى والثانية ووصل الإنسان للفضاء واحتل العراق واندلعت حرب روسيا على أوكرانيا، وسيمتد الزمن بنا وربما مليارات أخرى، الفائدة التي أؤكد عليها في ثانيةٍ واحدةٍ وفي أقل منها قرآنياً احتوت على تاريخ وشعوب بلغت أعدادها مليارات المليارات ربما، وشهدت ثقافاتٍ متعددةً ونظماً اجتماعيةً وسياسيةً متعددة، نعجز عن دراستها جميعاً لو خصص أحدنا عمره كله لما أحاط بها، وقد تمتد البشرية إلى يوم القيامة أو عند انتهاء شعوب الأرض فقد تبلغ ملياراتٍ أخرى من السنين لكنها تبقى في يومها السادس، وفق مقياس القرآن الذي يساوي اليوم الآن مائتي مليار سنة في حينها، وقد تبقى المعمورة بشعوبها عمراً يبلغ ترليون سنة ستمر خلاله شعوب وثقافات أكثر من التي فصلت بيننا وبين نبي الله آدم عليه السلام، ورغم هذا العمر وهذا التلون، يقول رسولنا الأكرم محمد (صلى الله عليه وآله): { حلال محمد حلال إلى يوم القيامة، وحرام محمد حرام الى يوم القيامة} فما أعظم نبينا، وكما يقول السيد الشهيد الصدر الثاني ليس القرآن هو المعجزة الحقيقية، بل هذا الحديث الذي ينطوي على قوانين وقواعد لنبينا الاكرم ستبقى خالدة ومتماهية مع المجتمعات مهما امتدت ومهما تنوعت واختلفت.

الفائدة الرابعة: قد يحل هذا التقويم السنوي أو الأسبوعي، بعض الإرباك الوارد في روايات المعصومين التي تتحدث عن أخبار آخر الزمان أو علامات ما قبل الظهور فهي تذكر أحداثاً متسلسلة، قد يصعب الربط بينها فبعضها تسبق ظهور الإمام وأخرى مرتبطة بالعهد العباسي وغيره، فالمعصوم ناظر إلى الأحداث والزمن تقريباً معدوم لديه لأننا نعيش بأقل من ثانية، فلا يلحظ الزمن فيها لذا جاء بعد كل حادثة أو مجموعة منها فتختم الرواية ب(توقعوا الظهور).

الفائدة الخامسة : إذا كان الكون المنظور بهذه السعة الهائلة، والتي لم يكتشف العالم المتقدم بكل إمكانياته المتطورة إلا جزءاً ضئيلًا جداً من الكون وسماء الدنيا بلغت مساحة قطره كما ذكرناه ثلاثة وتسعين مليار سنة ضوئيةً، وكل ما نزل إليها من السماء وما يخرج من أكمامها، والتي أسماها تبارك وتعالى بالحياة الدنيا، قال عنها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة، ما سقى الكافر منها شربة ماء} جناح البعوضة لا قيمة له ولا يساوي شيئاً، وأن قياس الدنيا إلى الآخرة فهي قياس المنتهي إلى اللامنتهي، وهذه النسبة رياضياً تساوي صفر.

فلماذا أيها الأحبة ؛ نركض وراء وهم وسراب مهما دام نعيمها فهو زائل، ويَعِدُّ العقلاء بيع الغالي بثمن رخيص من أمور الدنيا سَفَهاً وجنون ، فكيف بنا ونحن نبيع الآخرة بالدنيا، قال تبارك وتعالى {ما عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ ـ أي الدنيا وهي المنتهية ـ وَ ما عِنْدَ اللَّـهِ ـ أي الآخرة وهي اللامنتهي ـ باقٍ وَ لَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (٩٦) مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً وَ لَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (٩٧) } النحل [٩٦-٩٧]

نسأل الله أن لا يجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا، ويجعلنا ممن علموا فعملوا، وممن عنهم رضي الله عنهم ورضوا عنه.

الخطبة الثانية

ورد في الحديث عن ابن بزيع، عن صالح بن عقبة، عن أبيه، عن الباقر، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أفضل العبادة انتظار الفرج.

يعتبر زمن غيبة المعصوم عليه السلام عن أمته من الأزمنة الصعبة على المؤمنين، لما فيه من انقطاع الإمام المرشد عنهم هذا أولاً، ويكون محلاً للبلاء والابتلاء ثانياً، إذ تكثر فيه الفتن على عباده. إن المتتبع لأزمنة الأنبياء والأئمة على الرغم مع وجود القائد الموجه والهادي عن الضلال، مع ذلك تجدُ كثيراً من الناس قد ضلوا وشكوا، بل وارتدوا عن دينهم حتى كفروا، أما في زمن الغيبة نرى الكثير من الناس رغم قساوة الظروف وشدة الفتن واحتلاكها، إذ يصعب فيها التمييز بين الحق والباطل، نجد من المؤمنين ممن ثبت على دينه وإيمانه، فتراه وقوراً في الهزاهز صبوراً عند البلاء، لذا حباهم الله بعظيم الأجر، فالله جلَّ وعلا، أنصف من أن يساوي في الثواب بين من عاش مع من جعل له دليلاً بمن لا مرشد له ولا موجه، وقد تواترت الروايات التي تبين حقيقة إيمانهم في زمنٍ صعبٍ زادهم فيه أجراً، ومن خلال روايات أهل البيت عليهم السلام يتبين لنا سمات عصرهم، ومن سماته وظروف المؤمنين فيه:

1. الحيرةُ وعدم الثبات

من أهم سمات عصر الغيبة وقوع الناس في حيرتهم، يصعب فيها تَقَبُل إمامٍ غائبٍ تربو غيبته على عشرة قون لزماننا هذا، والله العالم إلى ما ستمتد حتى يظهر، حينها لا يثبت عليها إلا مَنْ امتحن الله قلبَهُ للإيمان، روى الشيخ الطوسي (رحمه الله) بسندٍ صحيح عن الأصبغ بن نباتة قال: أتيت أمير المؤمنين عليه السلام فوجدته ينكت في الأرض، فقلت له: (يا أمير المؤمنين مالي أراك مفكراً تنكت في الأرض، أرغبةٌ منك فيها؟. فقال: لا؛ والله ما رغبت فيها، ولا في الدنيا يوماً قط؛ ولكني تفكرت في مولودٍ يكون من ظهري الحادي عشر من وُلدي، هو المهدي الذي يملأها عدلاً وقسطاً، كما ملئت جوراً وظلماً؛ يكون له حَيرة وغيبة، تضلّ فيها أقوام، ويهتدي فيها آخرون)

2. شيوع الفتن والضلالات واختلاف الرايات

من سمات عصر الغيبة تكثر فيه الفتن باسم الدين وتعدد التيارات، من أقصى اليمن إلى الشمال، إذ تظهر في زمن الغيبة تيارات تتوزع من أقصى الشمال إلى أقصى اليمن وكلها تيارات دينية فضلاً عن غيرها ومن اتباع أهل البيت فضلاً عمّا سواهم، ممن يشكك بأصل وجوده، إلى مَنْ يدعو إلى نفسه زوراً وبهتانا أنه المهدي عليه السلام، روى الصدوق بإسناده عن المفضل بن عمر عن الإمام الصادق عليه السلام قال: سمعته يقول: (إياكم والتنويه، أمَا واللهِ لَيغيبنَّ إمامُكم سنيناً من دهركم، ولتُمحَّصُنَّ حتى يُقال: مات، أو هلك، بأي وادٍ سلك؛ ولتدمعنَّ عليه عيون المؤمنين، ولتكفأنَّ كما تكفأ السفن في أمواج البحر، ولا ينجو إلا من أخذ الله ميثاقه، وكتب في قلبه الإيمان، وأيّده بروح منه، ولَتُرفَعَنَّ اثنتا عشرة راية مشتبهة، لا يدرى أي من أي. قال: فبكيت. فقال لي: ما يبكيك يا أبا عبد الله؟ فقلت: وكيف لا أبكي وأنت تقول: تُرفع اثنتا عشر راية مشتبهة لا يدرى أي من أي، فكيف نصنع؟ قال: فنظر إلى شمس داخلة في الصفة؛ فقال: يا أبا عبد الله! ترى هذه الشمس؟ قلت: نعم. قال: والله، لأمرنا أبينُ من هذه الشمس).

3. شدة الابتلاء الذي يمر به المؤمن

بينت الزهراء عليها السلام ، أهمية الإمامة ووجود الإمام في الأمةِ والتفافها عليه، فالإمام محور حركة الأمة، قالت عليها السلام (وَطاعَتَنَا نِظاماً لِلمِلَّةِ، وَإمامَتنَا أَماناً لِلفُرْقَةِ) وبينت الابتعاد عنه وقوع الأمة بالفتن التي لا تنتهي إلا بسيل الدماء وقتل الناس بعضهم بعضا، فقالت عليها السلام (أما لعمري لقد لقحت، فنظرة ريثما تنتج، ثمّ احتلبوا ملأ القعب دما عبيطا، وذعافا مبيدا، واطمئنّوا للفتنة جأشا، وأبشروا بسيف صارم، وسطوة معتد غاشم، وبهرج‌ دائمٍ شامل، و استبداد من الظالمين) وهذه الفتن لا ينجو منها إلا أنجاه الله واعتصم به فيسعد، ولا يسقط فيها إلا مَنْ ركن إلى شهواته وآثر الدنيا على الآخرة فيشقى، روى الصدوق بإسناده عن منصور قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: (يا منصور أن هذا الأمر لا يأتيكم إلا بعد إياس، لا والله لا يأتيكم حتى تميّزوا، لا والله لا يأتيكم حتى تمحّصوا، ولا والله لا يأتيكم حتى يشقى مَن شقي ويسعد مَن سعد) وإن أشد ما يبتلى في زمن الغيبة هو المؤمن ، وما يجري على أحدٍ كما يجري عليه .

ثواب المؤمن في زمن الغيبة

وأمام هذه الاختبارات الصعبة يختلف الأجر على قدر البلاء، فكما ورد في الحديث إنما مثل المؤمن كمثل كفتي ميزان كلما زيد في إيمانه، زيد في بلائه، وبزيادة البلاء يزداد الأجر وعلى قدره، ومن عظيم الأجر لأهل زمن الغيبة، منه:

1. كمال الدين وتمام اليقين

ـ عن حماد بن عمرو، عن الصادق، عن آبائه عليهم السلام قال: قال النبي صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام: يا علي! واعلم أن أعظم الناس يقينا قوم يكونون في آخر الزمان، لم يلحقوا النبي وحجب عنهم الحجة فآمنوا بسواد في بياض.

2. المؤمن الحق مع الامام وان كان في غيبته

ـ عن السندي عن جده قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام ما تقول فيمن مات على هذا الامر منتظرا له؟ قال: هو بمنزلة من كان مع القائم في فسطاطه ثم سكت هنيئة ثم قال: هو كمن كان مع رسول الله صلى الله عليه وآله –

3. الثبات على الايمان بالإمام، كالجهاد بين يديه

ـ عن عبد الحميد الواسطي قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: أصلحك الله والله لقد تركنا أسواقنا انتظارا لهذا الامر حتى أوشك الرجل منا يسأل في يديه، فقال: يا عبد الحميد أترى من حبس نفسه على الله لا يجعل الله له مخرجا بلى والله ليجعلن الله له مخرجا، رحم الله عبدا حبس نفسه علينا، رحم الله عبدا أحيى أمرنا قال: قلت فان مت قبل أن أدرك القائم، فقال: القائل منكم: إن أدركت القائم من آل محمد نصرته كالمقارع معه بسيفه.

4. الثبات على الإيمان أفضل من الشهادة

عن عمرو بن ثابت قال: قال سيد العابدين عليه السلام: من ثبت على ولايتنا في غيبة قائمنا أعطاه الله أجر ألف شهيد مثل شهداء بدر واحد.

5. أجر العبادة في زمن الغيبة، غير أجر العبادة في زمان ظهوره.

ـ عن عمار الساباطي قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: العبادة مع الامام منكم المستتر في السر في دولة الباطل أفضل؟ أم العبادة في ظهور الحق ودولته مع الامام الظاهر منكم؟ فقال: يا عمار الصدقة في السر والله أفضل من الصدقة في العلانية، وكذلك عبادتكم في السر، مع إمامكم المستتر في دولة الباطل أفضل، لخوفكم من عدوكم في دولة الباطل وحال الهدنة، ممن يعبد الله في ظهور الحق مع الامام الظاهر في دولة الحق وليس العبادة مع الخوف في دولة الباطل مثل العبادة مع الامن في دولة الحق.

اعلموا أن من صلى منكم صلاة فريضة وحداناً مستتراً بها من عدوه في وقتها فأتمها كتب الله عز وجل له بها خمسة وعشرين صلاة فريضة وحدانية، ومن صلى منكم صلاة نافلة في وقتها فأتمها كتب الله عز وجل له بها عشر صلوات نوافل، و من عمل منكم حسنة كتب الله له بها عشرين حسنة، ويضاعف الله تعالى حسنات المؤمن منكم إذا أحسن أعماله، ودان الله بالتقية على دينه، وعلى إمامه وعلى نفسه، و أمسك من لسانه. أضعافا مضاعفة كثيرة إن الله عز وجل كريم.

قال: فقلت: جعلت فداك قد رغبتني في العمل، وحثثتني عليه، ولكني أحب أن أعلم: كيف صرنا نحن اليوم أفضل أعمالا من أصحاب الإمام منكم الظاهر في دولة الحق ونحن وهم على دين واحد، وهو دين الله عز وجل؟.

فقال: إنكم سبقتموهم إلى الدخول في دين الله وإلى الصلاة والصوم والحج وإلى كل فقه وخير، وإلى عبادة الله سرا من عدوكم مع الامام المستتر، مطيعون له، صابرون معه، منتظرون لدولة الحق، خائفون على إمامكم وعلى أنفسكم من الملوك تنظرون إلى حق إمامكم وحقكم في أيدي الظلمة، قد منعوكم ذلك واضطروكم إلى جذب الدنيا وطلب المعاش، مع الصبر على دينكم، وعبادتكم وطاعة ربكم، والخوف من عدوكم، فبذلك ضاعف الله أعمالكم فهنيئا لكم هنيئا، قال: فقلت: جعلت فداك فما نتمنى إذا أن نكون من أصحاب القائم عليه السلام في ظهور الحق؟ ونحن اليوم في إمامتك وطاعتك أفضل أعمالا من [أعمال] أصحاب دولة الحق؟ فقال: سبحان الله أما تحبون أن يظهر الله عز وجل الحق والعدل في البلاد ويحسن حال عامة الناس، ويجمع الله الكلمة ويؤلف بين القلوب المختلفة، ولا يعصى الله في أرضه، ويقام حدود الله في خلقه، ويرد الحق إلى أهله، فيظهروه حتى لا يستخفي بشئ من الحق مخافة أحد من الخلق؟ أما والله يا عمار لا يموت منكم ميت على الحال التي أنتم عليها إلا كان أفضل عند الله عز وجل من كثير ممن شهد بدراً وأحداً فأبشروا.

اللّهُمَّ ثَبِّتْنِا عَلى دِينِكَ ما أَحْيَيْتَنِا، وَلا تُزِغْ قَلوبنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنِا، وَهَبْ لنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهّابُ. صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلى اَّل مُحَمَّدٍ، وَاجْعَلْنِا مِنْ أَتْباعِهِ وَاحْشُرْنِا فِي زُمْرَتِهِ، وَوَفِّقْنِا لأَداءِ فَرْضِ الجُمُعاتِ وَما أَوْجَبْتَ عَلَيَنا فِيها مِنْ الطّاعاتِ وَقَسَمْتَ لأهْلِها مِنَ العَطاءِ فِي يَوْمِ الجَزاءِ. إِنَّكَ أَنْت‌َ العَزِيزُ الحَكِيمُ”.

إن أصدق القول وأبلغ الموعظة، قول الله تبارك وتعالى { إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ الْإِحْسانِ وَ إِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَ يَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَ الْمُنْكَرِ وَ الْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ }”.

 

 

لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا في موقع التلغرامالنعيم نيوز

ولمتابعتنا على موقع فيسبوك يرجى الضغط أيضا على الرابط التاليالنعيم نيوز

كما يمكنك الاشتراك أيضا على قناتنا في منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا علىقناة النعيم الفضائية

ولا تنسى أيضا الاشتراك في قناتنا على موقع الانستغرامالنعيم نيوز

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى