اخبار اسلامية
أخر الأخبار

خطبة صلاة الجمعة في قضاء السنية بإمامة الشيخ مؤيد الشافعي

أقيمت صلاة الجمعة المباركة، بجامع الإمام موسى الكاظم (ع) في قضاء السنية/محافظة الديوانية، بإمامة الشيخ مؤيد الشافعي.

 

وفيما يلي نص خطبة صلاة الجمعة، وتابعتها “النعيم نيوز”:

الخطبة الأولى بعنوان: (هدم القبور .. خطوة في منهج التطرف والتكفير)

قد يستغرب الكثيرون أنه كيف ولماذا عمد الوهابيون إلى هدم قبور الأئمة (ع) في البقيع وتركوها أراضي جرداء سوى أحجار كتب عليها أصحاب القبور، والملايين من المسلمين وخصوصاً أتباع آل البيت الكرام يستشيط غضباً حينما تمر عليه هذه الذكريات الأليمة لا سيما ونحن نمر بظروف مشابهة في كثير من جوانبها بما حصل في ذلك اليوم إلا أننا نمر على البقيع وما حصل فيه من زاوية تاريخية وفكرية عقدية، إذ أن ما حصل في ذلك اليوم كان مخالفة صريحة لما ورد عن النبي الأكرم (صلوات الله وسلامه عليه وآله) وما صح عنه من أقوال وأفعال قام بها بنفسه لإحياء شعيرتين مندمجتين:

الشعيرة الأولى : هي زيارة القبور وما فيها من تذكر للموت ينتج الخشوع والخضوع والعودة إلى الله تعالى.

الشعيرة الثانية: هي زيارة قبور البقيع خصوصاً حيث دفن فيها الكثير من الصحابة الأجلاء ولا سيما شهداء بدر وسيدهم الحمزة (رضوان الله تعالى عليه) فقد ذكرت المصادر الإسلامية كما (ذكر البيهقي في سننه الكبرى وغيره بأنه كلما كانت ليلة عائشة من رسول الله صلى الله عليه وآله يخرج من آخر الليل إلى البقيع فيقول: «السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وآتاكم ما توعدون»، وذكر النسائي في سننه، كتاب الجنائز، باب زيارة قبور المشركين، وأبو داود في سننه في زيارة القبور، وبن ماجه في سننه في باب ما جاء في زيارة قبور المشركين: أن النبي صلى الله عليه وآله زار قبر أمه فبكى وأبكى من حوله.

بالإضافة إلى الأحاديث المتكاثرة التي تذكر بأن النبي (صلى الله عليه وآله) كان يعلم عائشة الدعاء عند زيارة القبور، ويقول: «أَمَرَني رَبّي أنْ آتي البَقيعَ وأستَغْفِرَ لَهمْ» ثم قالَ: إذا زُرْتُمُوهُمْ فقولوا: «السلامُ على أهْلِ الدّيارِ مِنِ المُؤمِنِين والمُسْلِمين يَرحَمُ اللهُ المُسْتقدِمِينَ مِنّا والمُسْتَأخِرِين، وإنّا إنْ شاءَ الله بكم لاحِقُون» (صحيح مسلم، ج 2، باب ما يقال عند دخول القبور، ص 64.).

وكانت مقبرة لكثير من الصحابة والتابعين …. فهدمت قبور البقيع وهي تحمل هذه الصبغة النبوية والاهتمام المبارك من قبل النبي الأكرم (صلوات الله وسلامه عليه) بالرغم مما تقدم من الكثير من النصوص التي تبين اهتمام النبي (صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله) بزيارة القبور وخصوصاً قبور أئمة البقيع.

ولعل سائلاً يتساءل عن فلسفة هدم القبور ولا سيما قبور أهل البيت (عليهم السلام) ما كان يحمل ذلل من معاني، سواء كانت تلك المعاني هي العلل أو كانت تلك المعاني هي الرسائل التي أرادوا إرسالها إلى العالم وإلى المسلمين خصوصاً، نريد أن نبحث جانباً مهماً منها وهي الفلسفة التي انطلقت منها تلك الفتاوى، الفتاوى من المراكز (العلمية) لتجيز أو لتلزم بهدم تلك القبور فقد صدرت فتوى الهدم من بفتوى من القاضي النجدي سليمان بن بليهيل، حيث أصدر فتواه المشؤومة في 8 شوال 1344 هـ، وما زالت إلى اليوم بدون بناء! بل تمادوا في غيهم وطغيانهم فحاولوا هدم قبر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، بحجة أن وجود القبر في المسجد حرام، والصلاة عنده حرام، وبناء القبة عليه حرام، والتوسل بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حرام!! لكنهم خافوا من نقمة المسلمين! وما زالوا مصرين على هذا الانحراف، فقد أفتى شيخهم ابن باز عدة فتاوى بوجوب هدمها، لكنه استعمل فيها التقية، وغلَّفها بجعلها عامة لكل القباب والبناء على القبور! قال في جوابه على سؤال رقم 116 من فتاويه: (يقول السائل: ما حكم البناء على القبر؟ وما الحكم لو كان البناء مسجداً؟

الجواب: أما البناء على القبور فهو محرم، سواء كان مسجداً أو قبة أو أي بناء، فإنه لا يجوز ذلك؟……والخلاصة أنه لا يجوز البناء على القبور، لا مسجد ولا غير مسجد ولا قبة، وأن هذا من المحرمات …. طرحت من أجل ذلك عدة أجوبة من خلال مراجعتي البسيطة لمن كتب مفسراً لما حصل من هدم للقبور الشريفة سواء قبور الأئمة (عليهم السلام) أو باقي الصحابة والأولياء في البقيع، فمنهم من قال إن هذا مبنى فقهي عقائدي أرادوا تطبيقه، ومنهم من قال أنهم أرادوا القضاء على بدعة يمكن أن تنمو وتتطور وهي زيارة القبور.

ومنهم من برر بصور مختلفة لكن لكل تبرير من هذه التبريرات ما ينفيه ليحوله إلى مجرد حجة واهية لا يستقيم لها أثر، والذي يبدو لي كما يبدو لكثيرين غيري يؤمنون بهذا التحليل أنه كان تعبير عن حالة تعتري كل حاكم ظالم وطاغ مستبد لا يريد لمعارضيه أن يكون لهم وجود فيحاول نفي وجودهم بأي صورة وهو ينفي الوجودات المادية لمعارضيه، لأنها تمثل أقطاب معارضة يمكن أن تحرك الآراء ضده كما حصل مع الزهراء (عليها السلام) حينما منعت من البكاء في المدينة بحجة أن بكائها يؤذي أهل المدينة وكأنها كانت تستعمل مكبرات صوت آن ذاك!!!!

لكن كان بكاء الزهراء (ع) يعبر عن ألم، ألم مشكلة، ألم نازلة، ألم مظلومية كبرى أبعد من كونها إمرأة أسقطت جنيناً أو بنتاً فقدت أباً وإنما وهذا البكاء سيبقي إثر هذه الأحداث حاضراً في أذهان الأمة مادام هذا الصوت موجوداً وقد ينطلق يوماً ما ليتخذ موقفاً أكبر، وأقل ما فيه من مخاطر وهو كبير أن هذا البكاء كلما طال أثار تساؤلات أكثر في أوساط الأمة.

فلا بد من محو هذا الصوت أو إبعاده عن الساحة السياسية فحصل ذلك وبنى علي بن أبي طالب بيتاً خارج المدينة سمي بيت الأحزان ليكون هو محطتها التي تبث فيها حزنها وتشهر فيها عن المها وظلامتها، والبعض الآخر من الحكام يحاول تصفية المعارضين بالنفي كما حصل مع أبي ذر الغفاري (رحمه الله)، ومنهم من لا يقبل بمجرد النفي بل لابد من القتل كما حصل لأمير المؤمنين (ع) ولعشرات بل مئات وآلاف من المؤمنين بخط علي (ع) ونهجه (ع) محاولة لإسكات هذا الصوت الصارخ من صور الحقيقة.

وما حصل في البقيع هو صورة أخرى معاصرة من هذه الصور المأساوية المتجذرة في التاريخ، حتى أبينا آدم (ع) ولم تكن تنطلق من الاعتقاد بحرمة البناء فوق القبور، فهذا لا يبيح لك أن ترتكب مجازر من أجل الاعتقاد بجواز البناء، مع العلم أن معك في نفس البلد من لا يؤمن بنبوة النبي الأكرم (صلوات الله وسلامه عليه)، ولم يسمح لك المشرع أساساً بالاعتداء عليه ولم تدفع بك عصبيتك وأنانيتك لمتابعته وتعذيبه، بل هناك من لا يعتقد بدين أو لا يلتزم بأي دين ويرتكب المحرمات وأنت كنت ولا زلت بعيداً عنه، فلم تحصل تلك الثورات التصحيحية تجاه المفاسد والانحرافات بل لم تتحرك تجاه اغتصاب الأراضي الإسلامية من قبل المحتلين الغزاة.. النهج ليس إسلامياً.

إذن هي ثقافة وانحراف تحولت بفعل فاعل إلى عقيدة يتوقف الإيمان عليها بل الإيمان بها يكون المرء كافراً وبها يكون مؤمناً رضياً، لكن الحقيقة أن هذه الثقافة ثقافة الإقصاء والإلغاء ليست من صميم الوحي الإسلامي، وإنما هي ثقافة تبنيها المصالح الفردية والأنانية المتكبرة المتعالية التي تريد أن ترتقي بشتى الحجج فوق الرؤوس حتى لو حطمت تلك الرؤوس فبفتاوى شرعية تطبع في دكاكين الفقهاء والوراقين، فهو ليس منهجاً إسلامياً، وليس منهجاً تحرك فقط في بلاد المسلمين، بل لقد كان ولا زال المسلمون في كثير من البلدان ضحايا لمثل هذا التفكير ولهذا الانحراف المسلح، لأن هناك من الشعوب العالمية في الشرق والغرب من يوجد فيها هذا النفس وتغلي في عروقها دماء التطرف وتخرج من جوفها رائحة القتل والإرهاب والتصفية، فلا تسمح للمعارض ولمن يختلف ولمن لا ينسجم أن يكون له وجود أو رأي أو حتى أثر وهذه منتشرة في عامة البلدان.

ومهما دعا الإنسان إلى الجهاد والمقاتلة أو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو إعلاء كلمة لا إله إلا الله لا يعني ذلك إلغاء وإقصاء ونفي وطرد من يخالف أو يرفض الإسلام، بل دعا الإسلام إلى الحوار والمجادلة بالحسنى وهو واثق وعلى يقين أن قوة ما موجود من طرح وبساطة الأسلوب تجعل المقابل يؤمن بحقانية الإسلام وما يدعوا إليه كونه ممثلاً شرعياً عن الله تعالى، فليس هذا المنهج منهجاً إسلامياً قط، نعم هناك دعم كبير من قبل مؤسسات عالميا لإظهار المتطرفين ممن يدعون الانتماء إلى الإسلام وتطبيق الشريعة حتى يوصف المسلمون جميعاً على أنهم متطرفون لأغراض كبيرة آنية ومستقبلية، حتى وصل الأمر لتصوير بعض المذاهب أنها متطرفة كمذاهب لا كأشخاص أو مجاميع”.

 

لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا على تلغرامالنعيم نيوز

لمتابعتنا على فيسبوك يرجى الضغط على الرابط التاليالنعيم نيوز

كما يمكنك الاشتراك على قناتنا على منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا علىقناة النعيم الفضائية

كما يمكنك أيضا الاشتراك بقناتنا على الانستغرامالنعيم نيوز

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى