أقيمت صلاة الجمعة المباركة، بجامع الجوادين (ع) في حي الإسكان مركز محافظة الديوانية، بإمامة السيد حيدر العرداوي.
وتطرق السيد العرداوي، في الخطبة الأولى وتابعتها “النعيم نيوز”، إلى “الآية الكريمة قال الله تعالى: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللهِ}، في العاشر من شهر رمضان المبارك، وفي السّنة العاشرة لبعثة رسول الله (ص)، كانت وفاة أمّ المؤمنين السيّدة خديجة بنت خويلد زوجة رسول الله”، مضيفاً “ونحن سنتوقّف عند هذه الذّكرى التي آلمت قلب رسول الله (ص)، وتركت أثراً في قلوب المؤمنين، لنشير إلى الموقع الّذي بلغته السيّدة خديجة عند رسول الله (ص) وفي مكّة، وإلى الدّور الرسالي الذي قامت به”.
وتابع: “فقد بلغت السيدة خديجة موقعاً كبيراً في قلب رسول الله (ص) عبّرت عنه زوجته عائشة، فقالت: (كان رسول الله (ص) لا يكاد يخرج من بيته حتى يذكر خديجة، فذكرها يوماً من الأيام، فأدركتني الغيرة، فقلت: هل كانت إلّا عجوزاً؟! وقد أبدلك الله خيراً منها. فغضب حتى اهتزّ مقدم شعره من الغضب، ثم قال: لا والله ما أبدلني الله خيراً منها؛ آمنت بي إذ كفر النّاس، وصدّقتني إذ كذَّبني الناس، وواستني في مالها إذ حرمني النّاس، ورزقني الله منها أولاداً إذ حرمني أولاد النّساء.. فقالت عائشة: فقلت في نفسي، والله لا أذكرها بسوء أبداً)”.
وأكمل السيد العرادوي: “وقد روي أن رسول الله (ص) كان إذا ذبح الشّاة أو أُتي له بهديّة، كان يقول اذهبوا إلى بيت فلانة، فإنها كانت صديقة لخديجة، أو إنها كانت تحبّ خديجة. فقد كان رسول الله حريصاً على أن يكرِّم حتى صديقاتها وفاءً لها”، مردفاً بالقول: “أما الموقع الذي بلغته في مكّة، فقد كانت من كبار التجّار فيها، لها تجارتها الكبيرة الواسعة إلى الشّام، وقد كوَّنت من وراء تجارتها الواسعة ثروة عظيمة، وكانت تلقب بالحكيمة والطاهرة لرجاحة عقلها وطهارتها”.
وأضاف: “وهي تعرفت إلى شخصية رسول الله (ص) عن قرب حين سافر في تجارة لها، من خلال حديث غلامها الّذي كان واكب النبيّ في هذه الرحلة، وأخبرها عن جميل صفاته وحسن خلقه وأمانته وصدقه.. وهذا دفعها إلى أن تختاره زوجاً لها من دون غيره من أشراف مكّة الذين تهافتوا على طلب يدها، رغم فقره (ص) وقلّة ذات يده، وقد عبَّرت عن سبب خيارها لرسول الله (ص) بقولها له: (يا بن عمّ، إني قد رغبت فيك لشرفك في قومك، وأمانتك وحسن خلقك، وصدق حديثك ونصرتك للمظلوم)”.
وأوضح السيد العرداوي، “لقد عاشت السيّدة خديجة مع رسول الله (ص) حياةً ملؤها المودّة والرّحمة والاحترام، وهي لم تشاركه سبل العيش فقط، بل شاركته تأمّلاته وأسئلته حول الوجود والإنسان والمجتمع، ونقده للسّائد والموروث، ولعبادة الأصنام وللظّلم وللممارسات التي كانت في الجاهليّة”.
وبيّن: “ولما نزل الوحي على رسول الله (ص) في غار حراء، كانت السيدة خديجة أوَّل من آمنت به، ووقفت معه وساندته في ذلك، لما كانت تعرفه من صفات وخصائص ومزايا تؤهّله لهذا الدور، وقد قالت له يومها عندما جاء إلى بيته وهو مهموم بحمل أعباء الرّسالة، وأخبرها بما أوحى به الله إليه، قالت له: (والله لا يخزيك الله أبداً؛ إنّك لتصل الرّحم، وتصدُقُ الحديثَ، وتَحمِل الكَلَّ، وتَكسِبُ المعدومَ، وتَقري الضّيف، وتعين على نوائب الحقّ)”.
وأشار السيد العرداوي، إلى أن “السيّدة خديجة اختارت بإرادتها أن تعيش مع رسول الله حياةً صعبةً شاقّة لا تعيشها أمثالها ممن يمتلكن ما تملك من مالٍ وشرفٍ وجمالٍ، عندما كان رسول الله (ص) يرمَى بالحجارة وتوضَع الأشواكُ في طريقِهِ ويتّهم بالسّحر والجنون، ويعاني ويتألم، وتحمّلت هي الأذى والهجران والقطيعة من قريش عندما قاطعوها وفرضوا على نساء قريش أن لا يزرنها أو يشاركنها في مناسباتها، بعدما كانت مهوى أفئدتهنّ ويتمنّين اللّقاء بها”، متابعاً: “حتى إنهم ضغطوا على أزواج بناتها حتى يطلّقوا زوجاتهم، وهنّ زينب ورقيّة وأمّ كلثوم، إمعاناً في أذى رسول الله (ص)، فطلِّقت آنذاك رقيّة وأمّ كلثوم، فيما رفض زوج زينب طلاقها”.
ولفت، إلى أن “السيّدة خديجة صبرت على كلّ ذلك، وكان أبرز مواقف صبرها، حين قرّر زعماء قريش معاقبة بني هاشم، عشيرة رسول الله، وحاصرتهم في شعب أبي طالب، لمساندتهم لرسول الله (ص)، ووقوفهم معه، هذا الحصار الذي استمرّ لثلاث سنوات، وقد تحالفوا آنذاك على وثيقة ملزمة لكلّ قريش، تنصّ على أن لا يبيعوهم ولا يشتروا منهم ولا يزوِّجوهم ولا يتزوَّجوا منهم ولا يكلِّموهم ولا يؤووهم، حتى يسلّموا لهم رسول الله (ص)، أو يرفعوا أيديهم عن نصرته وحمايتهم له”.
وقال السيد العرداوي، “يومها، كانت السيّدة خديجة عند أهلها، لكنّها أبت أن تترك رسول الله (ص) وأصحابه يعانون من دون أن تشاركهم، والتحقت به، لتتحمَّل معه ومع المسلمين الحصار، ولتعاني ما عاناه المسلمون، وبذلت في ذلك كلّ ما كان لديها من مال لشراء الطّعام للمحاصرين، وبأضعاف ثمنه، من أجل أن تخفِّف من وقع الحصار، حتى قال حينها رسول الله (ص): (ما نفعني مالٌ قطُّ مثل مال خديجة). وكان لهذا الحصار أثر كبير في اعتلال صحّتها، ومن ثم وفاتها بعده”.
وذكر: “لذا، حزن رسول الله (ص) عليها كثيراً، وحزن معه المسلمون الذين وجدوا فيها الأمَّ الحنون التي عاشت أمومتها مع كلّ واحد منهم، وقد سمي عام وفاتها بعام الحزن، لما أصابه من فقد خديجة كسندٍ له، بعدما كان قبلها فقد سنداً كبيراً له في دعوته، وهو عمّه أبو طالب”.
ونوه السيد العرداوي، إلى أنه “لقد كانت السيِّدة خديجة مثالاً للمرأة الواعية والرساليَّة التي كانت بحقّ شريكة رسول الله (ص) في أصعب المراحل التي عاشها، حين حملت معه أعباء الرّسالة، وقدَّمت التضحيات لأجلها، وكانت له سنداً وركناً وثيقاً، وهي بذلك استحقَّت الكرامة من الله سبحانه وتعالى، كرامة السَّبق للإسلام والإيمان، بعد أن حظيت بزواجها من خير خلق الله محمّد المصطفى (ص)، فكانت ممن قال الله عنهم: { وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ * فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ }، وقال: {لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُو }”.
وأوضح، أنه “وقد ورد في الحديث، أنّ الله سبحانه وتعالى بعث جبرائيل إلى النبيّ (ص) وهو بغار حراء، وقال له أن يقرأ عليها السّلام من ربّها، وأن يبشِّرها ببيت في الجنَّة من قصب لا صخب فيه ولا نصب، وقد ارتأت المشيئة الإلهيَّة أن يكون من نسل خديجة كلّ الطّهر الذي تمثّل بالزَّهراء والأئمة (ع)، ممن أذهب الله عنهم الرِّجس وطهَّرهم تطهيراً. وإليه أشار الإمام الصَّادق (ع) عندما قال: (إنَّ الله تعالى جعل خديجة وعاءً لنور الإمامة)”.
وختم السيد العرداوي، بالقول: “فلنتوجّه إليها بتحايانا ونقول: السّلام عليك يوم ولدت، ويوم سبقت إلى الإسلام، ويوم انتقلت إلى رحاب ربِّك، ويوم تبعثين حيّةً، ويوم تحصلين على ما وعدك الله من جنّة من قصب لا صخب فيها ولا نصب”.
لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا على تلغرام: النعيم نيوز
لمتابعتنا على فيسبوك يرجى الضغط على الرابط التالي: النعيم نيوز
كما يمكنك الاشتراك على قناتنا على منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية
كما يمكنك أيضا الاشتراك بقناتنا على الانستغرام: النعيم نيوز